الشرق الأوسط - الثلاثـاء 03 ذو الحجـة 1426 هـ 3 يناير 2006 العدد 9898

البنتاغون يستعين برجال دين سنة في العراق للمساعدة في البرنامج الدعائي

شركة أميركية قدمت خطة تحت عنوان «فرّق تسد» للوصول إلى رجال الدين


واشنطن: ديفيد كلاود *

قدمت شركة متعاقدة مع وزارة الدفاع الاميركية «البنتاغون» لصحف عراقية أموالا لقاء نشر مقالات ايجابية كتبها جنود أميركيون، وقامت ايضا بدفع مبالغ مالية لعلماء دين سنة في العراق مقابل المساعدة في عملها الدعائي، وفقا لما قاله عاملون سابقون وحاليون.
وقد طلبت وزارة الدفاع من مؤسسة لنكولن غروب، وهي شركة للعلاقات العامة تتخذ من واشنطن مقرا لها، في أوائل عام 2005، تحديد أسماء رجال دين يمكنهم المساعدة على توجيه رسائل بوسعها ان تقنع السنة في محافظة الأنبار التي ينتشر فيها العنف، بالمشاركة في الانتخابات ورفض التمرد، وفقا لما قاله موظف سابق
.

وأضاف هذا الموظف انه منذ ذلك الحين كلفت الشركة ثلاثة أو أربعة من العلماء السنة، بتقديم النصح وكتابة تقارير للقادة العسكريين حول محتوى الحملات الدعائية. ولكن الوثائق ومسؤولين تنفيذيين في شركة لنكولن قالوا إن صلات الشركة مع زعماء الدين وعشرات من الشخصيات العراقية البارزة تهدف ايضا الى ممارسة نفوذ في الأوساط العراقية لصالح وزارة الدفاع بما في ذلك الجيش.

وقال بيج كريغ، نائب الرئيس التنفيذي في لنكولن، في مقابلة معه «[B]لقد اقمنا صلات مع رجال الدين(سنة)[/ B]. والتقينا مع مسؤولين حكوميين محليين ورجال أعمال محليين. ونحن بحاجة الى اقامة علاقات واسعة وعميقة بما فيه الكفاية لتمكيننا من التعرف على مختلف مناحي المجتمع». ورفض مناقشة المشاريع المحددة للشركة مع الجيش أو الزبائن التجاريين.

وقال كريغ «لدينا موظفون خبراء في الشؤون الدينية والثقافية. ونحن نلتقي مع طائفة واسعة من الناس للتعرف على افكارهم. ولا يريد معظم الناس الذين نلتقي بهم في الخارج التعويض ولا يحتاجونه، وانما يريدون الحوار».

وتظهر السجلات المالية الداخلية للشركة ان لنكولن أنفقت حوالي 144 ألف دولار على البرنامج في الفترة من مايو (ايار) حتى سبتمبر (ايلول) الماضيين. ومن غير الواضح كم من هذه الأموال ذهب الى رجال الدين، الذين لم يمكن التعرف على هوياتهم. وتعتبر هذه الكمية حصة صغيرة من العقود التي تبلغ قيمتها عشرات الملايين والتي تلقتها لنكولن من الجيش لتنفيذ «عمليات معلوماتية» ولكن المسعى يتميز بحساسية كبيرة.

ويعتبر رجال الدين السنة متنفذين الى حد كبير داخل الأقلية السنية التي هي في صلب التمرد.

وقد خضع كل واحد من رجال الدين الى فحص دقيق قبل ان يرشح للمشاركة في البرنامج لضمان أنه غير متورط في التمرد، وفقا لما قاله موظف سابق اشترط عدم الاشارة الى هويته، لأن عقد لنكولن مع وزارة الدفاع يحظر على العاملين مناقشة نشاطاتهم.
وتحفظ هويات رجال الدين السنة سرا، لمنع المتمردين من ممارسة أعمال انتقامية بحقهم، ولم يسبق ابدا أن أخذوا الى كامب فكتوري، وهي قاعدة اميركية خارج بغداد، حيث يعمل موظفو لنكولن مع موظفي الجيش. ورفض الكولونيل باري جونسون، المتحدث باسم الجيش الأميركي في بغداد، التعليق. وبعد الكشف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ان الجيش استخدم لنكولن لنشر مقالات كتبها جنود أميركيون في صحف عراقية، أمرت وزارة الدفاع بإجراء تحقيق قاده أدميرال البحرية سكوت فان بوسكيرت.

وقال الجنرال جورج كيسي، القائد الأعلى في العراق، ان تقييما أوليا أعد بعد فترة قصيرة من الكشف عن حملة معلومات الجيش، توصل الى أن الجيش «يعمل في اطار سلطاتنا والإجراءات القانونية المناسبة». وقال عدد من مسؤولي وزارة الدفاع ان الأدميرال فان فان بوسكيرك أنهى تحقيقه، ولكن لم يعلن عن نتائج ذلك.

وسعت لنكولن أخيرا الى الحصول على مصادقة من الجيش على جعل الزعماء الدينيين السنة واحدا من عدد من «افراد الجمهور المستهدف»، في المسعى الدعائي في العراق. وأشارت خطة لشركة لنكولن تحت عنوان «فرّق تسد» قدمت في أكتوبر( تشرين الاول) الماضي الى قيادة العمليات الخاصة في تامبا، التي تشرف على العمليات المعلوماتية في الخارج، اشارت الى أن الوصول الى رجال الدين مسألة حيوية في اطار تقليص الدعم السني للتمرد.

وقالت الشركة في الاقتراح الذي استعرضت «نيويورك تايمز» نسخة منه ان «رجال الدين يمارسون نفوذا كبيرا على الناس في مناطقهم وغالبا ما يكون رجال الدين هم الذين يحفزون الناس على العنف وعلى دعم قضية المتمردين».

وقالت الوثيقة انه في بعض الحالات «قد تقدم الجماعات المتمردة للزعماء السنة تعويضا ماليا مقابل الولاء والدعم من جانبهم»، مضيفة أن رجال الدين مدفوعون «بالحاجة الى الاحتفاظ بالرعاية»، وكذلك «بالرغبة في الابقاء على السلطة الدينية والأخلاقية».

وقالت الخطة انه على خلاف الوضع في الكثير من دول الشرق الأوسط الأخرى، فان مواعظ الأئمة العراقيين، ليست خاضعة لسيطرة الحكومة، وهو ما يمكنهم من التحدث «من دون خوف من الانتقام».

وقالت قيادة العمليات الخاصة في تصريح لها انها لم تتبن خطة لنكولن، وانها اختارت اقتراح شركة تعاقد اخرى بدلا من ذلك. وعندما كلفت شركة لنكولن عام 2004 مستخدمة اسم «ايراكيكس»، فان هدفها المعلن كان توفير خدمات الدعم لتنمية الاعمال والتجارة والاستثمار في العراق.

ولكن سرعان ما انتقلت الشركة الى حرب المعلومات والعمليات السيكولوجية، وفقا لما قاله اثنان من موظفيها السابقين. وأضاف الموظفان ان الشركة منحت ثلاثة عقود جديدة من وزارة الدفاع قيمتها عشرات ملايين الدولارات.

* خدمة «نيويورك تايمز»