 |
-
الرماح الخطية ...في الشعر
الخط:
يقول الحموي : الخط بفتح أوله وتشديد الطاء، في كتاب العين الخط أرض تنسب إليها الرماح الخطية ؛ فإذا جعلت النسبة اسماً لازماً قلت خطية ولم تذكر الرماح، وهو خط عمان، وقال أبو منصور: وذلك السيف كله يسمى الخط، ومن قرى الخط القطيف والعقير وقطر، وقلت أنا: وجميع هذا في سيف البحرين وعمان، وهي مواضيع كانت تجلب إليها الرماح القنا من الهند فتقوم فيه وتباع على العرب، وينسب إليها عيسى بن فاتك الخطي أحد بني تيم الله بن ثعلبه وكان من الخوارج الذين كانوا مع أبي بلال مرداس بن أدية.
2. وفي لسان العرب : «...، قال أبن سيده: والخط سيف البحرين وعمان، وقيل: بل كله سيف خط، وقيل: الخط مرفأ السفن بالبحرين تنيب إليه الرماح».
3. يقول : الخط: موضع باليمامة، وهو خط هجر، تنسب إليه الرماح الخطية، لأنها من بلاد الهند فتقوم به.
4. الخط بفتح أوله، وتشديد ثانية، ساحل ما بين عُمان إلى البصرة، ومن كاظمة إلى السَحْر، قال سلامة بن جندل:
حتى تُركْنا وما تُثْنى ظَمَائِننـا يَأخُذْنَ بِي سَوًّدِ الخَطَّ فالُّلوبِ
وقيل الخطّ: قرية على ساحل البحرين، وهي لعبد القيس، فيها الرماح الجياد، قال أحمد بن محمد الهروي: إنما قيل الخط لقرى عمان لأن ذلك السَّيف كالخط على جانب البحر بين البدو والبحر. وقال أبن الأنباري: يقال لسيف البحرين خطَّ ؛ ولا ينبت بالخط القنا، ولكنه مرسى سفن القنا، كما قيل دارين، وليس بدارين مسك، ولكنه مرفأ سُفُن الهند .
والخط يطلق أحياناً على الساحل وأحياناً يطلق على المدينة وهي القطيف.
شيئاً من الرماح الخطية:
الرمح: أحد الأسلحة القديمة والأساسية التي أستخدمها العرب قبل وبعد الإسلام،وكان الرمح يلازم السيف في كثير من المواقع ويطلق عليه أيضاً القنا وجمعها قنا وقنى وقنوات، واستخدم الرمح في الصيد والحروب. لقد اشتهرت الرماح الخطية شهرة واسعة في منطقة الخط وخارجها حتى أصبح الشعراء يتغنينا بها في الشجاعة والقوة والتصويب...
الرمح: جمعه رْمَاح وأرْماح،ورجل رمّاح: صانع للرماح ومتخذ لها وحرفته ، والرامح: الحامل له والرمح سلاح حربّي تقليدي عريق، ويختلف طول الرمح، والطويل منها يسمى المطرح أمّا قصيرها فهو المطرد وهو الذي يستخدم في الصيد عادة ، ويصنع الرمح من فروع الأشجار الصلبة اللدنة.
والرماح الخطية تثقف في الخط وليست بمنبت للرماح فيذكر أبن منظور
الخط مرفأ السفن بالبحرين تنسب إليه الرماح، يقال: رمح خطي، ورماح خطية على القياس وعلى غير القياس، وليست الخط بمنبت للرماح ولكنها مرفأ السفن التي تحمل القنا من الهند كما قالوا مسك دارين وليس هنالك مسك ولكنها مرفأ السفن التي تحمل المسك من الهند. وقال أبو حنيفة: الخطي الرماح، وهو نسبة قد جرى مجرى الاسم العلم، ونسبة إلى الخط خط البحرين وإليه ترفأ السفن إذا جاءت من أرض الهند وليس الخطي الذي هو الرماح من نبات أرض العرب، وقد كثر مجيئه في أشعارها، وقال الشاعر في نباته:
وهل ينبت الخطي إلاّ وشيجـه وتغرس إلاّ في منابتها، النخل
والخَطَّي تنسب إلى العلم وأحياناً تنسب إلى الرمح المنسوب إلى الخط.
هناك مدن في بلاد الخط اشتهرت ببيع الرماح وبعض تلك المدن نسبت إليها ومن تلك المدن:
1. الخرصان: جمع خرص، وهو الرمح اللطيف: قرية بالبحرين سميت لبيع الرماح، كما سميت الرماح الخطية بالخط، وهو موضع بالبحرين أيضاً . ويرى الجاسر «بأن قرية الخرصان تقع غرب واحتي الأحساء والقطيف حيث العيون والجوف».
وفي لسان العرب «الخِراصُ والخَرصُ والخِرْصُ والخُرْصُ: سنانُ الرمح وقيل: هو الرمح نفسه، قال حميد بن ثور:
يَـعَـضَّ منـهـا الظَّـلِـفُ الدَّئـيَّـا عَضَّ الثّقافِ الخُرُصَ الخَطَّيَّا
وقيل هو رمح قصير يتخذ من خشب منحوت وهو الخَرِيصُ
والخرص: كل قضيب من شجرة، وجمعه خرصان، قال:
تَرَى قِصَـد المُـرَّان تُلْقَـى كأنّـه تذرُّعُ خِرصانٍ بأيدي الشَّواطِبِ
ومن هذا الأصل تسميتهم الرمح الخرص، قال أحد الشعراء:
عــــــضَّ الثّقـــــافِ الخُـــــرُصَ الخـــــــــطَيَّا
وهنا دراسة لمجموعة من الأبيات الشعرية لبعض من الشعراء القدماء سجلوا أهمية الرماح الخطية في شعرهم:
1- يقول عنترة بن شداد في قصيدته التي تبلغ عشرين بيتاً وهي من البحر الوافر:
بِأَسمَرَ مِن رِماحِ الخَطَّ لَدنٍ وَأَبيَـضَ صـارِمٍ ذَكَـرٍ يَمـانِ
أشهر شعراء وأبطال بني عبس في الجاهلية وأحد مصاحبي السلاح لأنه فارس قومه وبطل قبيلة، يقول مفتخراً هنا بأنه يجيب من استغاث به حين أنطلق على فرسه بسيفه ورمحه الذي عبّر عنه في البيت السابق بصفة من صفاته وهي «أسمر» ولينٍ ليكون طوع يد صاحبه وهوس مصنوع في الخطّ. وكذلك أعان المستغيث به بالسيف الذي عبّر عنه أيضاً بصفة من صفاته وهي «أبيض» قاطع يماني وهو بهذا يعقد مقابلة بين الرمح الخطي والسيف اليماني.
2- يقول الأعشى في قصيدته التي تبلغ ستة وستين بيتاً وهي من البحر البسيط:
أَصـــابـــهُ هِــنــــدُوانــيّ فَــأقــصَـــدَهُ أَو ذابِلٌ مِن رِماحِ الخَطّ مُعَتدِلُ
يفتخر الشاعر في قصيدته بقومه ومن ضمن فخره بهم وصفهم بالفروسية، حتى أن عميد القوم لا يقوى على مواجهتهم إذ يصيبه السيف الهندي أو أحد الرماح الخطية المصنوعة في الخط، الذي يتميز بالدقة والقوة لأنه يابس بالإضافة لكونه مثقفاً معتدلاً لذلك يصيب الهدف بدقة.
ويلاحظ في أن الشاعر جعل الفاعل في القتل السيفَ أو الرمحَ ولم يسند الفعل إلى المقاتلين «قومه».
3 يقول أبن المعتز في قصيدته التي تبلغ أربعة عشر بيتاً من البحر الطويل:
إِذا لَبِسـوا مِـن ذا الَحديـدِ غَـلائِـلاً وَهَزّوا رِماحَ الخَطِّ حُمراً عُقودُها
في قصيدته يمدح أبن المعتز يصفهم بالبطولة ويصف معسكرهم وخيولهم ثم يصل إلى بيت الشاهد حيث يصف لباسهم أثناء استعدادهم للحرب فهم يلبسون القلائل تحت ثيابهم وهي من الحديد، بعد هذا يهزّون الرماح الخطية التي ما زالت محافظة على لونها الأحمر ليدل الشاعر بها على كثرة القتل بها، وجعل الشاعر في البيت وسيلة الحفظ الذي يقوم به الليل للمجد السيوف المشرفية والقنا «الرماح» ثم جاء في هذا البيت ليخص رماح الخطّ بالذكر.
4- يقول المتنبي
تَحولُ رِماحُ الَخطَّ دونَ سِبائـهِ وَتُسبى لَه مِن كُلَّ حَيًّ كَرائِمُه
عُرف المتنبي باستخدام أسلوب المبالغة لتمييز شعره فقد زاد على من سبقوه في هذا بل صار مثالاً يحتذى فها هو في هذا النص يصور ممدوحه بالمثالية الذي لا يسبقه أحد في الفضل فالممدوح البطل يسبق جيشه وهو واحد لملاقاة أعدائه ومن ميزات هذا الممدوح أن رماح الخط على طولها لا تستطيع الوصول إليه لذلك هي في حكم القصيرة لأن عملها غير واصل إليه وكذلك بالنسبة للسيوف الهندية تكلُّ ولا تصل إليه.
والشاهد هنا أن الشاعر يسند القيام بحماية المحبوبة المشبب بها إلى رماح الخط التي تمنع سبيها مع أنها تميزت بحسنٍ لا مثيل له فيطمع فيها وفي سبيها لجمالها فالحاجز هو الرماح، بل لا تكتفي بذلك بل تسبي لها ليكون خدماً لديها.
فيقول المتنبي أعلموا أن رماح الخط لا تصل إليه، وأن السيوف تكل عنه إمّا لأنها تندفع دونه لعّزته ومنعته، وإمّا لأن هيبته تمنع الضارب والطاعن.
5- يقول أبن زيدون في إحدى قصائده التي تبلغ أبياتها إحدى وسبعين بيتاً من البحر الطويل:
تَحولُ رِماحُ الخَطَّ دونَ اِعتِيادِها وَخَيلٌ تَمَطّى نَحـوَ غاياتِهـا جُـردُ
أشهر شعراء الغزل في الأندلس أقترن أسمه باسم حبيبته ولاّدة بنت المستكفي الأميرة، وهنا يصف حبيبه التي أسماها ليلى ليمدح قومها أيضاً فحبيبته غير مبتدلة وقومها أباة حماة لا يستطيع أحد الوصول إلى حرائرهم وبناتهم لكنّ أبن زيدون لم يجعل الحامي في بيت الشاهد الأب أو الأخ أو القوم أو الفارس بل الأداة والوسيلة وهي الرماح الخطية التي تمنع أي أحدٍ من زيارة هذه المحبوبة.
إن أبن زيدون أندلسي المولد والنشأة وعاش في عصر أنتقل فيه الأندلسيون من مرحلة التقليد والمحاكاة للشرق إلى مرحلة الابتكار والإبداع لكنه مع ذلك يستحضر أداة حرب من الشرق وهي الرماح الخطية، وهذا يدل على شهرة الرماح الخطية من جهة، وتأثر الأندلسيين بالمشرق وثقافته من جانب آخر.
6- يذكر أبن حيوس في أكثر من قصيده في رماح الخط ومنها:
- في قصيدته التي تبلغ تسعة وستين بيتاً، وهي من البحر الكامل:
خَطٌّ رِماحُ الخَـــطَّ مِن خُدّامِهِ إِن رامَ ذَمراً أَو أَعَزَّ ذِمارا
هنا في هذا البيت وما قبله يربط بين الكتابة وبين ما يسطره الممدوح من مجد وملاحم ثم جعل في بيت الشاهد أداة الكتابة رماح الخط، وقد استخدم الشاعر الجناس التام إذا جانس بين الخط: الشيء المكتوب أو المرسوم وبين الخط: اسم الموضع، ثم قال بأن الرماح وكتابتها يأتمر بأمره لأنه من خدّامه في حالة الحرب والدفاع عن الأصل، ولوم الأعداء، ومع أن الشاعر أندلسي إلاّ أنه ذو علم وثقافة بالرماح الخطية وقد ذكرها في عدة مواقع من قصائده.
و أخيرا نقول: السلام على من غسله دمه ونسج الريح اكفانه والقنا الخطي نعشه و في قلوب من والاه قبره.....السلام عليك يا أبا عبدالله الحسين.
-
اسلام عليكم
عاشت ايدك اخوية موضوع كولش جميل بلتوفيق
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |