النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: نقطة في الافق

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    151

    افتراضي نقطة في الافق

    نقطة في الأفق
    جواد المنتفجي
    من المهم أن يكون لديه شيء ما يشغل فكره عند كل صباح لينسى تهيئات كوابيس كانت تراوده في احلامه وخصوصا في الليالي الاخيرة ، فبعض من رؤى البارحة مثلا اصبحت ترتسم امامه الآن على واجهات البيوت التي امست بنظره على شكل مكعبات اسمنتية صغيرة متناثرة هنا وهناك ، إما بنايات الدوائر المتواجدة في أطراف محلته فلم تعد غير هيئة اهرامات متباعدة فيما بينها وكانها في هول صحراء كبيرة متناهية الأطراف احرق لفيح حرارة الرمل فيها كل شيء.
    بعد كل تلك الاحداث ألتي مرت صورها في مخيلته منذ خروجه من البيت ، وريثما جلس على مكتبه في دائرته ، كان يدرك جيدا أن بعض من تلك الرؤى بدأت تنضج حينما لاح له بضع من سرابها تزحف نحوه لتكون على منأى منه ، فها هو لم يعد يتحكم حتى باجفانه التي غدت بين ثانية واخر راخية لتنسدل بهدوء على بؤبؤتي عينيه ، وحينما يصحو من غفوته تلك يدرك أن كل ما راه كان عبارة عن تهيئات لاشباح لا غير تكررت مرار قبل تناوله للقدح الشاي الذي اعتاد أن يفطر به كل صباح .
    حاول أن يرش ما تذكره على الحيطان التي ظلت مسودة منذ ان وضعت الحرب اوزارها بعد أن التهمت الحرائق نصفها ، كان كل شيء قد بدا ينمو أمام عينيه ليصبح حقيقة واقعية يتعايش بها ، وخصوصا عندما شاهد في زحام أحد الطوابير شخصا ما بدا وكانه يعرفه منذ زمن بعيد ، إذ لعبة الصدفة والحظ بان يجده ملتصقا بشباك مكتبه ، وعمل على أن يحفز كل جهوده وإمكانياته مع الموظفين في الدائرة من اجل انجاز معاملته بسرعة ردا لوفاء الصداقة والمعروف اللذين عاشا تحت خيمتهما لايام طويلة على مقاعد الدراسة في سالف عهدهما يوما ما ، بعدها حدته الرغبة لدعوته في اليوم التالي الى وجبة غداء في المطعم المجاور لدائرته تكريما لليوم الذي جمعهما سوية ثانية ، وفي نهاية سردالضيف لاخر مطاف من ذكرياتهما .. توقف الأول مذعورا عن تناول طعامه وقال ..
    -هل يتراءى لك شيء ؟
    رد الضيف بسخرية ..
    - كلا ! يبدو أنك قد أكثرت من الطعام ، وهذا ما أثر على نظرك .
    قال الأول وبعض من الخوف الشديد يتملكه...
    - كلا أنها لحقيقة ، أنظر هناك فوق الأفق .
    - وماذا يلوح لك ؟
    رد الأول بقلق ..
    - ظل عارم .. سراب يقبض على أنفاسي .
    - ومتى شعرت به ؟
    قال وهو ينادي النادل ليدفع الحساب ، وكان يتأهب لمغادرة المطعم..
    - في أخر يوم غبت فيه عني .. هيا لنفترق .
    رد الثاني مستفسرا بتعجب ..
    - هل جننت ؟ كيف تودعني ولم يتسنىّ لي معرفة أخر أخبارك بعد ؟
    - أنا وزوجتي بخير وسعادة ، ولا مجال لشرح تفاصيل اخرى ، هيا اذهب فالوقت أدركني .. وداعا !
    افترقا بسرعة ، متفادين أحدهما الأخر ، ولم يكمل الأول وجهته ؟
    ( 2 )
    بعد أربعين يوما ، وفي باحة الدار المكشوفة ، لف الثاني حول زحام المحيطين بارملة الأول التي بدأت على وقدة محياها امارات الحزن ، متخطيا بتحيته بعض الذين غادرهم منذ ايام الدراسة ، وفجأة توقف نزيف جوارحها المتدفق لدى رؤيته ، وراحت تنهال في رأسها طرائف مشاحناتهما عليها متى ما كانت تجمعهم مواعيد الالفة في مكان ما عند أروقة الكلية التي كانوا يدرسون فيها ، تقرب منها أكثر، وعلى مسافة كرسي بينهما ، جلس ليقدم عزاءه لها ، وأردف يهمس بأناة في أذنيها فيض كلماته العذبة بعد أن قالت له ...
    - أين كنت كل هذه الفترة ؟
    - لقد كان وقع خطوبتكما صدمة كبيرة عليّ مما دعاني ذلك إلى ترك الدراسة والرحيل إلى مدينتي للعمل هناك ، وهذا ما ذكرته لك في أخر رسالة .
    - لم يسعفني الوقت لقراءتها ، إذ شاءت الأقدار بان يعثر على هذه الرسالة ذات مرة في أحضان كتاب استعرته منه قبل زواجنا .
    قال مندهشا ..
    - وهل يا تراه قد علم بأمرنا ؟
    - صارحته بذلك منذ البداية .. قلت له عن كل شيء دار ما بيننا ، ولا تنسى أن ابتعادك عنا خدمنا كثيرا ، بعد أن أصر هو على حسم الأمر فيما بيننا ، ولزيادة معلوماتك أن خطوبتنا تلك لم تدم ألا لأيام معدودة ، إذ تزوجنا على إثرها بسرعة تحت دهشة الأقارب والأهل ، وأنت قل لي كيف التقيت به ؟
    - في اليوم التالي الذي فارق فيه الحياة بعد أن دعاني صدفة إلى وجبة غذاء .
    - وهذا ما أثار بالفعل استغرابي .. على أية حال لقد كان يذكر دنو أجله مرارا كلما أتينا بسيرتك فيما بيننا .
    - وكيف تنبأتما بذلك ، اقصد كيف علم بموته ؟
    -لا علم لي بذلك ، فهناك شعورا كان يتملكه ، بل ويبعث فيه الألم والخوف من كل شيء كلما تذكرناك !
    - وماذا أخبرك عني أيضا ؟
    - كان يؤكد على ذلك وفي مرات عديدة ، على أن أحدنا نحن الثلاثة سيلحق به بعد رحيله مباشرة .
    قال بتعجب ..
    - كيف ؟
    أشارت بإصبعها نحو الفضاء...
    - هل تبصر شيئا هناك ؟
    أدار بعينه باحثا عن ذلك في السماء ...
    - أين ؟
    - هناك انظر جيدا فيما خلف الأفق !
    -وماذا يتراءى لك أنت الأخرى ؟
    - هواجس مخيفة.. شيء ما بدأ يقبض على أنفاسي ويبعث في الغثيان .
    ثم استرسلت متلعثمة وبدون أن تترك له مجالا آخر ليكمل حديثه ..
    - هيا أرحل ..غادر هذا المكان حالا.. فأحدنا سيلحق به بعد ثواني !!
    رجعت قليلا إلى الخلف مسندة رأسها على تكية كرسيها وبدأت وكأنها تغط في نوم عميق ، إما هو فقد نهض من كرسيه بعد أن ارتجف قليلا ، حملق في وجوه الجميع ، وبهمة راح يتخطى الجالسين على الجانبين ..ثم انطلق مسرعا تحت ذهول الحاضرين ودهشتهم ، إلا انه اخفق في وصوله إلى الباب ، ولم يكمل هو الأخر وجهته ؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    168

    افتراضي

    جميل مشكورررررررررررررررررر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني