 |
-
النظام السوري .. والفرصة المتاحة.. قبل فوات الأوان-د. طالب الرمَّاحي
النظام السوري .. والفرصة المتاحة.. قبل فوات الأوان
د. طالب الرمَّاحي
لم يكن ماحصل في العراق مجرد حلم ، وإن كان أغلب العراقيين وما زالوا يعتبرونه حلماً ، فلم يدر في خلد أحدهم أن يوما ما سيكون فيه العراق بلا صدام ، فهذا الرجل قلب موازين حياتهم كلها ، واعدم فيهم القدرة على التفكير فيما حصل ويحصل ، والأسباب كلها يدركها العراقيون أكثر من غيرهم ، وأهون هذه الأسباب أن صدام قد مسك عنق الزجاجة في العراق ، وادخل الشعب العراقي في خيباب أمل متلاحقة أوشكت أن ترميه في مهاوي اليأس في الخلاص.
اليوم تحقق هذا الحلم ولا أريد أن اجتر كل الأسباب التي حولت حلم العراقيين الى حقيقة ، لكن أبرز هذه الأسباب هو التغيرات العالمية التي طرأت بعد أحداث 11سبتمر ، أعان تلك الأسباب اجتياح النظام العراقي للكويت ثم الطبيعة الإجرامية التي طبعت أخلاقية النظام العراقي ، كما أن حماقة رأس النظام وغباؤه السياسي سببا مضافا ، فهذه الأسباب هي الذرائع التي امتطتها الإدارة الأمريكية للإقدام على فعلتها في تحرير الشعب العراقي ، بل أن تلك الأسباب طبعت التغير بطابع الشرعية الدولية.
في هذه الأيام وبعد أن أعلن البنتاغون انتهاء العمليات العسكرية الكبرى في العراق ، وهذا مؤشر على تحقيق النصر كاملاً على النظام العراقي ، بدأ الحديث يتنامى حول النظام السوري ، وتواترت الاتهامات تترى على دمشق من قبل البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الدفاع ، وكل الاتهامات التي تطلقها هذه الدوائر الكبرى في الولايات المتحدة تتناول أمور في غاية الحساسية ، بل هي في مستوى الاتهامات التى كان يُتهم بها النظام العراقي طيلة الشهور الستة الماضية ، ولا أعتقد أن ذلك يحصل من قبل الأمريكين على سبيل مجرد التهديد، أو الضغوط من أجل تنازلات معينة كما يصور بعض المحللين السياسين ، بل أن وراء تلك التهديدات أهداف كبيرة مرسومة مسبقاً من لدن الإدارة الأمريكية ، وأعتقد أنه من الغباء الذي يوازي غباء الرئيس العراقي السابق إذا لم يتعامل النظام السوري معها بغير إسلوب الرئيس العراقي المهزوم ، وأعني أنه يتحتم على النظام السوري أن يأخذ بها مأخذ الجد وأن يبحث عن مخرج لما سيحصل قبل فوات الأوان.
وأعتقد أن ثمة مخرج واحد أمام النظام السوري للخروج من المأزق الذي سوف يجد نفسه غارقا فيه إذا ما أساء التصرف وأبطأ في اتخاذ التدابير الضرورية لتلافي مأساة أنا أرى أنها واقعة لامحالة ، وأن هذا المخرج هو الوحيد لا ثاني له وهو الإسراع في اتخاذ اجراءات سياسية حقيقية وإقامة انتخابات حرة ديمقراطية تشارك فيها كل الأحزاب السياسية في سوريا على حد سواء ، وعلى النظام السوري أن يثبت صدق نيته وحماسه للعالم من خلال اجراءات حقيقية غير مزيفة ولا شكلية كأن يدعوا مراقبين من دول أوربية للإشراف على تلك الانتخابات ، كما أن عليه أن يمهد لكل ذلك بدعوة مخلصة للأحزاب السورية بكل اطيافها وتوجهاتها الى المشاركة الفعالة في إنشاء مجتمع مدني ونظام تعددي، وأن يعلن إلغاء الجبهة الوطنية المعمول بها ، وخاصة أن حزب البعث يستحوذ على أكثر من ثلاثة أرباعها والربع الآخر يسير في ركاب الحزب الحاكم ، وهذا الأمر معروف لدى الجميع في داخل سوريا وخارجها من أمريكيين وغير أمريكيين .
وثمة أمر آخر لا يقل أهمية عما ذكرت من تغيرات ديمقراطية وانتخابات حرة ونزيهة ، وهو تغيير اسم حزب البعث ، فإن هذا الإسم أصبح بعد انهيار جناحه في العراق عبئاً على كل من ينتسب إليه ، فهذا الأسم ونتيجة لممارسات النظام العراقي قد اقترن بكل اشكال الجرائم التي تشمأز لها النفوس وتصاب بها الرؤوس بالدوار، ولعل التغيير هذا يصب في مصلحة النظام السوري بعد أن حصل ما حصل في المنطقة بسبب هذا الحزب .
إن الإجراءات أعلاه سوف تشكل انتصاراً للشعب السوري وانقاذا له من مأساة قد تحل به كما حلت بالشعب العراقي من قبل ، ولكنها سوف تجرد النظام الحالي الكثير من امتيازاته ، لكنها سوف تنقله من صف الأنظمة الشمولية المنبوذة الى صف الأنظمة الديمقراطية ، لكن السؤوال الذي ليس في وسعي أن أجيب عليه غي هذا المقال هو : هل يمتلك الأخوة في سوريا الشجاعة الكافية على الإسراع في عمل ذلك ؟.. وهل لديهم الاستعداد على التضحية من أجل الشعب السوري كي لا يقع الفأس في الرأس كما حصل للشعب العراقي ؟
20/4/2003
-
مشكور يا أخي وان شاء هذه الموضوع مكانها واحة مواضيع مرسلة عبر البريد .
وتبقى الواحة العامة للحوار
شكري وتحياتي لاراكسنتر وعاش سنترنا
صيهود لن يوقع ....
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |