بسمه تعالى
أعتقد أن إعطاء سماحة السيد السيستاني "سدده الله " الضوء الأخضر للجماهير المؤمنة في التعبير عن غضبها في مسيرات ومظاهرات إحتجاجية , يشير إلى أن سماحته يدرك ويعي حجم الكارثة وفداحتها وعدم قدرة الشعب العراقي المؤمن على الصبر أكثر على هذه الجرائم التي ترتكب بحقه , ونفاذ صبره من الزمر الإرهابية التي طالت أصابعها النتنة كل شيء , ولا يعني هذا أن سماحته عاجز عن ضبط تحركات وتصرفات الجماهير المؤمنه , وإنفلات زمام الأمور من يده فيما لو امر سماحته بعدم التظاهر تفاديا لما قد يحدث من تصادم مع بعض رموز الإرهاب , بل السيد "حفظه الله " يريد من ذلك - أي ن أمره بخروج مسيرات منددة بهذا العمل - , أن يمتص غضب الشارع من جهة , بالسماح له - على الاقل - وهو في هذه الحالة من الغليان والغضب العارم , الذي قد يتسبب - لا سمح الله - في صدامات عنيفة بين الجماهير المؤمنه وبعض الزمر الإرهابية المندسة في صفوف السنه , ومن جهة أخرى يريد أن يوصل رسالة إلى بعض القوى السنية الإرهابية والمحرضة عل الإرهاب , مفادها أن الشارع بدأ يغلي وتجتاحهه حالة من الغضب والحنق الشديدين من هذه الأعمال القذرة , التي يروج لها البعض ويبررها بشكل أو بآخر , وأن هذه الجماهير مستعده في أي لحظة تأمر فيها المرجعية أمرها أن تزحف بكل قوتها وثقلها نحو أوكار الإرهاب في الرمادي والفلوجة والقائم وغيرها من "حضنة الإرهاب " , لتبيدهم عن بكرة أبيهم , ولا تبقي منهم باقية , لولا إلتزامها وإنصياعها - المنقطع النظير- لأوامر وإرشادات المرجعية العليا , فالسيد يريد أن يقول - فيما أحسب - , أن هذه الجماهير المؤمنه صبرها محدود , وإذا صبرت على المساس بها وهتك اعراضها وذبحها والتنكيل بها في الشوراع والأسواق وغيرها , فإنها لم ولن تصبر إطلاقاً على المساس بمقدساتها ورموزها العظمى , وأن إستهدافها ليس إستهداف للطائفه فحسب بل هو إستهداف لشخص الرسول "ص" , فاستهداف أبناءه وأحفاده بهذه الصورة البشعة هو إستهداف لذات رسول لله " ص" , وإستهداف هذه الرحمة الألهية هو إستهداف وقح لذات الله -عز وجل - , بالتالي هو إستهداف لكل المسلمين قاطبة بمختلف مذاهبهم بل هو إستهداف للبشرية جمعاء التي تؤمن بالله سبحانه وتعالى , فإذا كانت هذه الحشود الهائلة التي ضجت عن بكرة أبيها من أقاصي لعراق في الفاو إلى أربيل شمالا مرورا بالبصرة وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف فالكاظمية في بغداد , معبرة عن شجبها وإستنكارها لهذا العمل الجبان قد إكتفت اليوم بالتظاهرات والمسيرات , فإنها غدا لن تكتفي - جراء هذه الأعمال والجرائم الوحشية التي تقوم بها حثالة مارقة عن كل القيم الإنسانية وحتى الحيوانية منها -بذلك , بل ستتحرك بكل قوتها الجماهيرية العريضة مرددة " إما حماية مقدساتنا والعيش بكرامة أو الشهادة " , وحين يغض الشارع لمساس مقدس من مقدساته فمن الصعب جدا ضبط تصرفاته وتهدأته , غير أن هذه الجماهير المؤمنة والواعية والمدركة - بقيادتها المرجعية الفذة - تدرك جيدا أن هذه مُنية ومطلب الإرهابيين , في تفتيت الشعب العراقي وتمزيقه والزج به في حرب أهلية طاحنه لا تبقي ولا تذر , وتدرك أيضا أن الإنزلاق نحو هذا المنحدر ما هو إلا تحقيق لما تسعى إليه هذه الحثالة من إستهدافها لهذه الطائفة , وتحاول - رغم الجراحات الكثيرة التي أُثخنت بها والآلام التي تجرعتها والمصائب والمحن التي واجهتها - أن تتعالى عن كل ذلك , صابرة محتسبة مؤمنة بأن هذا هو قدرها , عارفة بأنها - كجماهير ولائية - , مطلوب منها الصبر والتحمل , فهي ربيبة المدرسة العلوية التي تأبى مهما حاول أرباب البعث والإرهاب أن تنجر نحو ما يخطط له الاعداء , مستحضرة في كل مأساة من مآسيها , واقعة الطف الأليمة . وما جرى على أهل بيت النبوة على يد زمرة من إرهابي ذلك العصر , من قتل وذبح وسبي بكت من هولها الأفلاك , لتقول بعيون تغمرها الدموع وبحرقة تختلج في الأعماق , أن اليد التي طالت ابن بنت رسول الله وذبحته من الوريد إلى الوريد , ومثلة بجثته الطاهرة كأبشع ما يكون به التمثيل , هي نفسها هذه اليد التي تفتك بنا , وهي نفسها اليد التي إمتدت لتلك القبة المذهبة وأبت إلا هدمها , ومَن هان في عينيه سبط رسول الله وحفيده , فكل ما دونه كائن من كان لا قيمة ولا حرمة له , قائلة "هذه الجماهير المؤمنة " :
" أن لا عيش ل"الأمويون والعباسيون الجدد " , كما سمتهم قناة الفرات , وأن اليوم هو يوم شيعة أهل البيت "ع" , مهما حاول البعثيين والزرقاويين تغيبه , وأن جحيم الإرهاب والقتل والتفجير سيأتي اليوم الذي تخمد فيه أنفاسه , ويلقى به في مزابل التاريخ وظلمة السجون جنبا بجنب نظام البعث الهالك , الذي أعتقد - واهما - أنه سيسود أبد الآبدين , فإذا هو أضحى بين عشية وضحاها جرذا حقيراً قد إختبأ في قبوا كالفأر , من الهلع والخوف من عدالة السماء, ليكون هو وغيره عبرة لمن يعتبر .
ولا يسعني أن الأحسائي الصغير , إلا أن أقف إكباراً وإجلالاً وإحتراماً لهذه الجماهير المؤمنة والواعية التي أثلجت صدورنا وصدور أئمتنا - كما أعتقد -,بوعيها وإدراكها لما يحاك لها وصبرها وتحملها لكل هذه المآسي والفجائع , وتمسكها - الرائع - بمرجعيتها وقيادتها الواعية هي الأخرى بما يجري حولها , وتلاحمها صفا واحداً مقابل هذه الأحداث المؤلمة .
فتحية إكبار نبعثها إلى أحبتنا الصابرين في العراق الحبيب , ملؤها الإعجاب والتقدير لهذا التلاحم والتماسك الإسطوري الرائع , الذي قلما نجد له مثيل في تاريخنا المعاصر التي تكالبت فيه قوى الشر على قوى الخير لتطفئ نور الله بإرهابها ف" يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون " والصداميون والزرقاويون وغيرهم من رموز الإرهاب .
فسلام عليك أيها الشعب الولائي المؤمن ,
وسلام عليكم أيها الممهدون حقاً لظهور مولانا صاحب العصر والزمان - أرواحنا لتراب مقدمه الفداء -
ورحمة من الله وبركاته .
نقلا عن الخادم الصغير