تفجيرات المزة.. فرقعة أعلامية
احمد كريم
حين وردت الانباء عن وجود تفجيرات في منطقة المزة مساء 27 من ابريل تردد وقتها، استنادا لافادة احد المراسلين الصحفيين المتسرعين والمثابر في نفس الوقت، بأنها غارات اسرائيلية تتعرض لها المدينة.
لكن بعد توارد الانباء وانجلاء الامر عن اطلاق نار وانفجار قنابل يدوية تجاه بناية فارغة تذكرت على الفور حادثة مشابهة اواسط الثمانينات في العراق ابان تكاثر عمليات خطف الطائرات والتي اخذت الشكوك السرية والعلنية فيها تتوجه لنظام صدام بوقوفه وراءها بالدعم المالي والاعلامي. فما كان من مخابرات نظام البعث العراقي الا اللجوء للعب دور الضحية حيث عمدت الى الطلب من احد السجناء السياسيين الذين صدر بحقهم توا حكم بالاعدام بانهم قد يعفونه من حكم الموت لو نفذ مايطلب منه. فقصوا عليه ان يمثل دور خاطف طائرة عراقية بمسدس سيسلمونه له في المطار وسيكون من ضمن الركاب الضباط الذين يحققون معه وعليه ان يطلب من طاقم الطائرة العراقية بالتوجه الى اسرائيل! اسرائيل؟ نعم اسرائيل ولاتسأل شيئا بعد ذلك لانها ستكون مجرد فرقعة اعلامية وسنتدخل نحن ونلقي القبض عليك ونعفيك من حكم الاعدام.
وهكذا وافق المحكوم بالاعدام على العملية ونفذ ماطلب منه بعد اسبوع تدريب فصعد بمعية ضباط المخابرات الى احدى طائرات الخطوط الجوية االعراقية المتوجهة لدولة اوربية وكانت مليئة بركاب اجانب وعرب وقليل من العراقيين لمنع السفر وقتئذ على الكثير من العراقيين. فما ان حلقت الطائرة وفك اركاب احزمة الامان حتى طلب احد الضباط من الخاطف المفترض باشارة من رأسه للقيام بعملية الخطف فتوجه الخاطف الى قمرة القيادة وشهر مسدسه قبالة الركاب صارخا بهم ان الطائرة مخطوفة ووجه مسدسه لرأس احدى المضيفيات وطلب من احد المضيفين التوجه للطيار لاخباره بضرورة التوجه الى اسرائيل. فما كان من احد الضباط الذين اصطحبوه للقيام بعملية الخطف الا الهجوم على الخاطف الذي لم يدر بخلده ان مسدسه خاليا وحرر منه المضيفة ليقتله بعدها ويتم اعلان انهاء عملية خطف طائرة الخطوط العراقية لاجبارها على التوجه لاسرائيل!
اقول تذكرت ذلك وأنا اتابع كلام احد المحللين السوريين من دمشق لاحدى الفضائيات بعد دقائق من ورود انباء التفجيرات واصفا العملية بأنها عملية ارهابية (دون ان يكون حاضرا او يشاهد شيئا) وان الجناة غير سوريين! ( ردا على عرض التلفيون الاردني لجناة سوريين ارهابيين قبل يوم من تفجيرات المزة كما يبدو) ثم لتكمل الحديث مراسلة تلك الفضائية من دمشق التي قالت يبدو ان اسلحة الجناة قد تم تسللها من العراق!! وللعلم ان ذلك المحلل الدمشقي وتلك المراسلة يعتبران من اقرب الصحفيين للاجهزة الرسمية الاعلامية والامنية.
بعد ورود الصور من المزة اتضح ان العملية ليست سوى هجوم بقنابل يدوية على بناية خالية مع تصريح امني سوري رسمي بأن العملية ليست سوى قيام بعض الجناة بعملية اطلاق نار عشوائية تسببت بقتل اثنين منهم وجرح اخرين جراحهم خطيرة!!
تصريح الناطق الرسمي السوري لم يجانب الحقيقة فالجناة هم من اجهزة امن الدولة السورية قاموا باطلاق النار على تلك البناية القريبة من منزل السفير البريطاني ليكون ليكون شاهدا ولم نر أي دم او صور الجناة القتلى او الجرحى. الذين ربما سيعلنون وفاتهم بعد قليل. او قد يعلنون فيما بعد عن القاء القبض على شبكة ارهابية مسؤولة عن احداث المزة؛ ليثبتوا للعالم الذي بات كله على علم بارسال افواج الارهابين الى العراق لاجل لبننته كي يبتعد الخطر عن النظام الذي بات الجميع من ضحاياه يتمنون ان تغزوهم اميركا لتخلصهم من حكم العشيرة الشبيه بعشيرة البعث العراقي البائد.

ahmedkarem_5@hotmail.com