جذور و مظاهر المجتمع المدني في الفكر والمجتمع الاسلامي
عبدالمجيد الأنصاري
يذهب بعض الباحثين إلى أنه لا يصح البحث عن المجتمع المدني في الفكر والمجتمع العربي والاسلامي بناءً على أسباب، منها:
ـ أن الأبحاث التطبيقية عن المجتمع المدني في المجتمع العربي، انتهت إلى أنه ليس هناك مجتمع مدني بالمعنى القائم في الدول الغربية.
ـ أن المجتمع المدني نشأ من خلال نضال المجتمعات الغربية ضد السلطة التي كانت تجمع بين المدني والكنسي، بهدف الفصل بينهما، وهو المبدأ الذي يعارضه الاسلام، باعتباره نظاماً كلياً شمولياً.
ـ إن المجتمع المدني، يجد أساسه الأيديولوجي، في تفاعل ثلاثة أنظمة من القيم والمعتقدات: الليبرالية والرأسمالية والعلمانية، وهي لا تتفق مع القيم الاسلامية السائدة.
ـ إن الممارسات التي كانت تقوم بها البُنى والتشكيلات الاجتماعية، فيما يسمى بـ ((المجتمع الأهلي)) في التاريخ الاسلامي قبل ظهور الدولة القومية العربية، لا صلة لها بالمجتمع المدني، بلهي جزء من المجتمعات العشائرية والقَبَلية، وممارساتها أقرب إلى ممارسات المجتمع الإقطاعي في أوروبا في العصر الوسيط، والذي جاء مفهوم المجتمع المدني ليشكل رفضاً لها، ومحاولة لتجاوزها.
ـ يقوم المجتمع المدني على قيم نسبية تسمح بالاختلاف والتنوع، ولا توجد للمجتمع المدني، قيم مطلقة، حتى إن القيمة الأساسية للمجتمع المدني، وهي ((الحرية)) غير مطلقة بل لا بد من تقنينها إجرائياً، بينما قيم المؤسسات الدينية والأحزاب الاسلامية، مطلقة، وتقوم على حراسة قيم مطلقة.
وفي ضوء ما تقدم فإننا بحاجة إلى الإجابة عن تساؤلين:
ـ هل تستوعب أصول الاسلام وقيمه مبادئ وقيم المجتمع المدني (على ا لمستوى النظري)؟
ـ هل هناك مجتمع مدني أو شيء قريب منه، في الممارسة التاريخية العربية الاسلامية (على المستوى العملي)؟
1 ـ التأصيل النظري:
يحسن قبل الحديث عن التأصيل النظري للمجتمع المدني في الاسلام، التذكير ببعض مفاهيم وسمات المجتمع المدني، وهي:
ـ إن المجتمع المدني ـ حسب المفهوم الكلاسيكي ـ قد تبلور في سياق نظريات التعاقد كما نادى به فلاسفة العقد الاجتماعي إبان القرن الثامن عشر، تعبيراً عن المجتمعات التي تجاوزت حالة الطبيعة، وتأسست على عقد اجتماعي، وحد بين الأفراد، وأفرز الدولة في النهاية، فالمجتمع بهذا الاعتبار سابق على الدولة، ومصدر شرعيتها، ورقيبها.
ـ إن المجتمع المدني له سمات مشتركة، منها: الطوعية، والاستقلالية، والجمعية، والمؤسسية.
ـ إن المجتمع المدني يقوم على قيم، من أهمها: الاحترام والتسامح والتعاون والتكافل وحق الاختلاف والحرية.
فهل لهذه المفاهيم والقيم والسمات أساس في التطور الاسلامي للمجتمع المدني؟
يتبع