 |
-
هل صحيح لهذا السبب اطُيح بصدام؟
ما سر هذا الاصرار الأمريكي على مهاجمة العراق؟ تعددت الآراء. هل كما قيل لتدمير اسلحة الدمار الشامل؟ لم يظهر منها شيء. لماذا لم يهاجموا كوريا الشمالية التي تملك هذه الإمكانية؟ اقامة الديمقراطية في العراق؟ هل وصلنا تلك المرحلة التي تجود فيها دولة بدماء ابنائها المرهفين من اجل الديمقراطية في دولة متخلفة تبعد عنها آلاف الأميال؟ هل من اجل النفط؟ ولكن العراق لا بد له ان يبيع نفطه لأمريكا وغير اميركا بأسعار السوق. هل من اجل امن اسرائيل؟ ولكن هل يمكن للعراق حقا ان يهدد اسرائيل؟ اخيرا طرحوا فكرة اقامة نظام عالمي جديد يقوم على الحرية والشفافية وحقوق الإنسان يبدأ من العراق ويعم المنطقة؟ سمعنا ذلك في عهد جورج بوش الأب ايضا. ولماذا يبدأون به في العراق بدلا من فلسطين؟ وهل ننتظر مثل هذه المثل التقدمية تتبناها هذه الادارة المحافظة جدا في واشنطن؟
اخيرا وقع بيدي تقرير وصلني بالإيميل من شبكة انديميديا بثلاثين صفحة مدعمة بالوثائق والأرقام والمصادر. كتبه وليم كلارك. وجد هذا الباحث ان الدافع الأساسي لضرب العراق يعود الى النزاع بين اوربا وامريكا، وعلى وجه التحديد بين اليورو والدولار. اصبح العراق يهدد هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي الى الحد الذي جعل المؤسسة الأمريكية تقمع أي ذكر للموضوع في وسائل الاعلام بالنظر لخطورة الأمر. وهو ما يفسر غياب هذا العامل من المناقشات والطروحات التي غمرتنا خلال هذه الأزمة.
هذا النزاع بين الدولار واليورو حقيقة معروفة. من اسرار قوة الدولار اعتماده كعملة اساسية للنفط، البترو دولار. وجد وليم كلارك أن صدام حسين مارس اسلوبه المعتاد وهو استخدام الاقتصاد لخدمة السياسة وليس العكس(وهو المعتاد والمنطقي). قرر عام 2000 اعتماد اليورو وليس الدولار ثمنا للنفط العراقي. قاومت اميركا ذلك ولكنه نجح في المعركة وحول عشرة مليارات دولار من احتياطي النفط مقابل الغذاء الى اليورو وراح يتسلم الدفعات باليورو. ردفت حركته عوامل اخرى ادت الى تدهور سعر الدولار بنسبة 17% خلال السنة التالية فربح العراق من ذلك مبلغا طائلا بنسبة ذلك. اخذت ايران ايضا تفكر في ان تحذو حذو العراق وباشرت فعلا بتحويل احتياطياتها الى اليورو والتخطيط للتعامل بالبترو يورو بدلا من البترو دولار. قدرت صحيفة الأوبزرفر ان هذه التطورات ادت الى انتكاسة الدولار بنسبة الربع. اذا اقدمت ايران على الخطوة، وهو ما كان متوقعا، فسيغري ذلك الدول اعضاء الأوبك الى اتخاذ قرار اجماعي على التعامل باليورو. ولا شك انها قد تحذو حذو صدام باستخدام الاقتصاد لأغراض سياسية فتتحول الى اليورو من باب الضغط على امريكا بشأن المسألة الفلسطينية. صاحبت هذه التطورات دول اخرى فسعت للتعامل باليورو. تهديدات امريكا لايران تتعلق بشبح تحولها الى اليورو وليس لحيازتها اسلحة محظورة.
قدر الخبراء انه اذا تحولت منظمة الأوبك الى اليورو فإن الدولار سيهبط بنسبة 40%. رأى كلارك انه اذا حدث ذلك فسيفقد الدولار هيمنته على الاقتصاد العالمي ويودي بالاقتصاد الأميركي الى الوقوع في ازمة مشابهة لأزمة 1930. انها مسألة موت او حياة. يقول الباحث ان الخطوة الصغيرة التي قام بها صدام حسين في 2000 استصدرت حكم الاعدام عليه، فكان اول زعيم يموت بورقة نقدية. لا بد من الاطاحة به ووأد هذه المحاولة فورا. بالطبع سنرى مصداقية هذا الرأي عندما تتسلم حكومة جديدة زمام الحكم في بغداد. هل ستنقض قرار صدام حسين وتعيد النفط العراقي الى الدولار؟ اكتب هذا السؤال في مفكرتك يا سيدي القارئ.
يفسر لنا هذا التحليل كثيرا من الأمور. على رأسها تأتي هذه الصلابة التي ابدتها الدول الأوربية الكبرى، فرنسا والمانيا وروسيا في معارضة امريكا في ضرب العراق. يفسر ايضا تردد بريطانيا، حليفة امريكا في هذه الحرب، في الانضمام الى عملة اليورو. وفي الأسبوع الماضي رأينا كيف عقد وزراء دول اليورو ذلك الاجتماع الخاص في ما بينهم بما هز اعصاب العالم الأنغلوسكسوني. يرى الباحث ايضا ان خطورة هذا الموضوع بالنسبة للولايات المتحدة جعل السلطة وسائر المؤسسات الأمريكية ووسائل الاعلام تقمع أي ذكر له. ولهذا يبادر كمقدمة لبحثه الى التلويح بأنه انما ينشر هذا التحليل من زاوية وطنية اعتمادا على ما حذر منه توماس جفرسن، ابو الديمقراطية الأميركية، حين قال:
«اذا تطلع شعب الى الجهل والحرية فانه يتطلع لما لم يقع ولن يقع... لا يمكن للشعب ان يكون آمنا بدون المعلومات. اذا كانت الصحافة حرة، والمواطن قادرا على القراءة فعندئذ يكون الجميع آمنين».
منقـــــــــول
ابو نورس العراقي
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |