الجعفري ليس هو الأحسن بكل شئ.. ولكن قطعاً ليس هناك احسن من الإلتزام بالقانون

أرض السواد : حسين كاظم علوان



الأفضلية المطلقة على الآخرين لا يستطيع أن يقول بها أي انسان يحترم عقله، فكل انسان يمتاز على غيره بأمور وصفات، يمتاز غيره عليه بأخرى، ويبتعد البعض عن الموضوعية حينما يغالون، سواء بكيل المديح أو الذم، فالأحكام المطلقة لا مكان لها على مسرح العقلانية والموضوعية. احياناً ينسينا ( الغلو ) بطرفيه المتناقضين، حيث لا وسطية بينهما، ينسينا ما هو أهم وأخطر، ننشغل بالثانويات و نتجاهل الأساسيات، ننشغل بالأشخاص و لا نلتفت للمبادئ، فاذا ما حولنا ساحة الحوار الديموقراطي من ساحة يتم الحوار فيها بآليات ديمقراطية تحترم القانون والدستور الى ساحة يعلو فيها صوت الأهواء والمصالح الخاصة على صوت القانون والدستور، حين ذاك نكون قد رجعنا الى المربع الأول وفتحنا على انفسنا وعلى المستقبل الديمقراطي للبلد باباً تهرب من خلالها كل القيم الديمقراطية والقوانين الدستورية الى غير رجعة. فاليوم الجعفري وغداً غيره، وهكذا يستمر المسلسل متفوقاً بحلقاته على اطول المسلسلات ( المكسيكية )، وعندها نعض على اصابعنا – هذا إذا بقيت لدينا اصابع نعض عليها- ولا فائدة، فقطار الحياة لا ينتظر المتصارعين على بوابات الدخول.

اقول كم هو جميل لو اطلع السادة ( كبار القوم ) في العراق على التجارب الديموقراطية في العالم الذي سبقنا في هذا المضمار وبشكل جدي لغرض الإستفادة لا للتبجح والإستهلاك الإعلامي محلياً ودولياً، وبنفس الوقت انا واثق من ان الكثير من السادة ( علية القوم )، يعرفون الكثير عن ذلك، ولكن ما فائدة المعرفة من دون وجود استعداد ( تنازل ) جدي للتعلم من تجارب الآخرين، وهذه واحدة من اخطر مصائبنا، والتي سدت( النفاذية الحضارية ) بيننا وبين تجارب و حضارات العالم.

انا لا ادعي بان علينا ان نتجواز كل سلبياتنا التي لازمتنا على طول خط حياتنا بسهولة وسرعة، ولكن ليس من الإنصاف ان قضية واحدة ترجعنا الى ( الصفر) او دون ذالك، وهنا تتجلى عظمة الآليات الديموقراطية حينما يُحتكم اليها ويحترم قرارها، فبها نختصر الزمن ونحقن الدماء ونحافظ على سلامة الوطن والمواطنين