كركوك لكل العراقيين شاء من شاء وابى من ابى!
رياض الحسيني
كاتب صحفي وناشط سياسي عراقي مستقل
www.riyad.bravehost.com
كنت كغيري ممن يستشرقون قراءة المستقبل وذلك وفقا للاحداث المترابطة، فحذّرت شخصيا من تفاقم مايسمى "حالة كركوك" ووصفتها حينها بالقشة التي ستقصم ظهر العراق! ورغم مرور الايام والشهور على ذلك المقال الا انني لازلت اشك في ايجاد الحل الجذري لتلكم الحالة الا حينما تتظافر كل الجهود الخيرة وطبعا بعيدا عن المزايدات وعن احاديث الصالونات والموائد الحزبية الدسمة! هذا التشاؤم الذي يصيبني ويصيب اغلب المراقبين لتلك الحالة لايتأتى من فراغ بطبيعة الحال وانما ناتج من وحي المواقف المتشنجة لبعض الاطراف المعنية واخص بالذكر "الحزبية الكردية" منها زائدا على ذلك بعض المزايدات من قبل اطراف اخرى كان يكون نكاية بطرف اخر معني بالامر اكثر من غيره او استغلال ظرف ما او نتيجة المصالح الحزبية الضيقة والاستغلال الفئوي الشرس.
ايا كانت المنطلقات والمأخذ والطرق المستقيمة منها والملتوية فبالتالي نحن جميعا معنيون لحل تلك المشكلة بالطرق العقلانية طبعا ووفقا للحالة العراقية التي لايمكن فصلها عن "حالة كركوك" فالجزء يستمد قوته من الكل والكل لايكتمل الا بترابط الاجزاء. الوضع العراقي الاني يستوجب تظافر جهود الدوائر الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني وكل المكونات العرقية والطائفية لتصب في خدمة المواطن المسحوق لا ان تزيد الى معاناته رقما اخر. ومن هذا المنطلق فليس من المنطقي ولا من الوطنية بشئ ان تثار "حالة كركوك" لتكون شرط مساومات ومداولات بين بعض الاطراف الكردية وبعض من يتصيدون بالماء العكر املا في ايجاد من يسلخ كركوك من العراق كوطن ويسجنها في قلب كردستان ككيان!
بعض هذه الاطراف العاجزة تدّعي الوطنية طبعا وما فتأت تصدع رؤوسنا شعاراتها والتي في فترة من الفترات قد ظللت بعض البسطاء من الناس فانتخبوها املا في ان تكون عونا لاخوانهم الاخرين ممن يقفون معهم في ذات الخندق! ولان الكرسي واحد والملك عقيم فقد اصطف هؤلاء الانتهازيون ولانقول الخونة الى جانب قتلة الشعب العراقي والناطقين باسم الارهاب بل والداعمين له في وضح النهار. وتماشيا مع البيت الشعري العربي الشهير:
ان الزرازير لما طار طائرها توهمت انها صارت شواهينا
فقد كذّبت الكذبة وصدّقتها فظنت انه من الممكن ان تفاوض بعض الاطراف الكردية وتعدها بكركوك على طبق من ذهب! اما تلك الاطراف الكردية فلم تصدق الخبر فطارت عقولهم قبل كل شئ وظنوا ان الامر من السهولة يمكن ان يكون بازاحة الجعفري عن رئاسة الوزراء واستبداله بشخص اخر، بطبيعة الحال "ليس حبا بمعاوية وانما بغضا لعلي"، وهكذا "هنئ الله سعيد بسعيدة" وفقا للمثل العراقي الشعبي!
الغريب في الامر ان الاكراد يعلمون جيدا وتمام اليقين ان ما من عربي واحد فضلا عن التركمان سيعطي كركوك هبة للاكراد وان وعدوهم بذلك فمواعيد "عرقوب" معروفة للجميع! الحقيقة التي يجب ان تراها الاحزاب الكردية وتدركها ان كركوك ليس محط مساومة وليس ملكا للشيعة وحدهم وليس ملكا للسنة وحدهم كما انها ليس ملكا للاكراد او للتركمان. واذا ماصدق الاكراد في شعاراتهم التي تدعو الى التعايش السلمي العربي الكردي فكركوك ستكون خير شاهد وحكم لمصداقية مثل تلك الشعارات.
كركوك وبصوت عراقي وطني عال ملك للعراق وستظل ملجأ لكل العراقيين شاء من شاء وابى من ابى "فالى حيث القت رحلها ام عامر" على حد قول المثل العربي الشهير ايضا.