سلام الشماسي * - 21 / 4 / 2006م - 4:00 م

لقد هالني حجم الصدمة التي اصابت الشارع الشيعي من تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك وكأنه جاء بأمر جديد استحدثه بألمعيته المشهود لها في الازمات التي مرت على المنطقة، فأنا اعتبر حسني مبارك قد اقدم على البوح بما يعتمل في قلوب الكثير من المسؤولين العرب وجزء لا بأس به من الشارع السني بما فيه التيار السلفي.

فهذه التهمة التي تفوه بها حسني مبارك قديمة قدم الاسلام نفسه حيث اتهم الشيعة بقتل الخليفة الثالث عثمان بقيادة اليهودي المزعوم عبدالله بن سبأ اي ان ولاء الشيعة كان لليهود وليس للاسلام حسب الصورة التي رسمها المؤرخون المسلمون القدامى والذين كانوا في اغلبهم تحت رعاية السلطة آنذاك، بل اكثر من ذلك اتهم به الشيعة وافدح عبر الصاق جريمة التاريخ الكبرى والتي تتمثل في قتل سبط الرسول لترقيع الثوب الأموي المليء بالثقوب والشقوق وتوالت التهم مرورا بسقوط بغداد على يد المغول وعلى اثر ذلك تقلد الشيعة وسام العلقمية بامتياز الى يومنا هذا، ففي اثناء الحرب العراقية الايرانية كان الشيعة محط الاتهام بالعمالة للمجوس كما كان يصور الاعلام العربي ومازال وما لقاء الاعلامي تركي الدخيل بالشيخ الصفار وتركيزه على مسألة ولاء الشيعة لاوطانهم في دول الخليج الا دلالة واضحة على تجذر الفكرة في عقول الكثيرين في المنطقة العربية حيث ان التضليل الاعلامي الذي مورس بحق الطائفة الشيعية على امتداد وجودها التاريخي اصل هذه الاسطورة لتصبح من البديهيات لدى الانسان العربي.

ولكن الرئيس المصري اراد ان يسجل سابقة في تاريخه السياسي الحافل بالانجازات فهو قد لعب دور مرسال السلام للدول الكبرى في المنطقة وسفير النوايا الحسنة والنوايا كما يقول المصريين تسند الزير، ولكنه ليس الاول في تخوين الشيعة والتحذير من خطرهم فقد سبقه ملك الاردن والذي تمكن بحكمته من تشخيص هلال شيعي يلوح في السماء العربية، ففخامته وجلالته يستكملان المخطط بمعية الاعلام العربي ليشكلوا حملات تبشير لحروب اهلية محلية مصغرة وما العراق ولبنان الا خير مثل على ذلك. فان استجابت الجماهيرالعربية وهذا ما لا نتمناه، فستعيش في دويلات طوائف منقسمة على نفسها تأكل بعضها بعضا لتؤد اي محاولة للنهوض في مواجهة المشروع الذي تجري ارساء دعائمه على قدم وساق في العواصم الغربية.

ولو قرأنا التاريخ بتمعن في محاولة لاستنطاقه لوجدنا ان حملات التضليل الاعلامي ضد الشيعة تبلغ مداها الاقصى دوما في لحظات السقوط السياسي فهم افضل من يوضع ككبش فداء على مذبح المسؤولية لكي تواري الامة سؤاتها والتي ادت الى الازمات والكوارث التي حلت عليها ولا اعتقد ان احدا يلام بقدر مايلام الشيعة انفسهم لأنهم لم يخرجوا انفسهم من حالة ردة الفعل ليكون في موقع صنع الفعل، فالشيعة ليسوا بدعا من الامم والطوائف ففي كل طائفة رؤوس اموال يمكن توظيفها في خدمة هذه الطائفة فلم لا يكون للشيعة مثلا قنوات اعلامية كمحطات فضائية وصحف واذاعات ومجلات على مستوى عالي من الحرفية والامكانيات لتكون منافسة لاقوى المحطات الفضائية والقنوات الاعلامية الاخرى وتمتلك القدرة على توجيه وتغيير الرأي العربي العام لتبيين ماهية الشيعة عوضا عن مطالبة الغير باظهارنا على حقيقتنا وهذا بالطبع ليس هاجسه ان لم يكن متعمدا فيما يفعل من تشويه.