عباس الفرج * - 21 / 4 / 2006م - 4:07 م
لماذا تدفع الأقليات الشيعة في الدول العربية ثمن وصول الأكثرية الشيعية إلى السلطة في العراق؟
لطالما ظل هذا السؤال يدور بمخيلتي!!!
عندما انتصرت الثورة الإيرانية في أواخر السبعينات واستلم رجال الدين الشيعة مقاليد الحكم في طهران بعد إطاحة شاه إيران وتبني الحكومة الإسلامية الجديدة في إيران أيدلوجية تصدير الثورة وغيرها من تعقيدات الدول الإقليمية والعقد الطائفية الإسلامية التي أزمت المنطقة والتي لا أريد الخوض في تفاصيلها لأنها لوحدها بحاجة إلى تحليل عميق مع استشارة طبيب نفساني! دفع الشيعة في الجوار ثمن انتصار هذه الثورة باهظاً وبعملات مختلفة من الإقصاء والتكفير والعزل والاضطهاد والحرمان حيث نشأت أزمة الثقة بين هذه الأقليات الشيعية وحكوماتها... فلماذا حوسبت هذه الأقليات الشيعة من قبل حكوماتها منذ ذلك الحين؟
التاريخ يعيد نفسه بصورة أشرس واعنف واستطيع إلى حد ما تفسير هذه الشراسة على ارض العراق وذلك لعدم هضم الأنظمة المغايرة في المنطقة لفكرة وصول شيعة العراق إلى سدة الحكم لعدة أسباب منها أن الديكتاتور المخلوع كان سني المذهب وفي العراق توجد عدة طوائف يتقاسمون الوطن «مع أن التصعيد الطائفي جديد على مجتمع العراق واستيراده أمر جلي» كذلك العراق قطر عربي به مصادر ثروات عديدة والأهم أن العراق مركز قوى للمذهب الشيعي والذي قد ينافس يوماً قوة سلطة المذهب السني في المنطقة وذلك أن نجح العراقيون في العملية السياسية خصوصاً مع وجود حليف قوى داعم مثل أمريكا والذي كان ولا زال حليفاً قديماً لأكثر الأنظمة العربية السنية الحاكمة..
لذا فأن فكرة وصول المذهب الشيعي إلى سدة الحكم في العراق بالدبابة الأمريكية أمر يؤرق الحكومات السنية ويستفز ويستثير الشارع السني بالمنطقة على الخصوص والعالم الإسلامي على العموم وتعد ظاهرة التحالف الشيعي الأمريكي أمرا جديدً عليهم ولكن الذي لا افهمه لماذا يدفع الشيعة في كل الأقطار من العالم ثمن هذه العملية السياسية في العراق؟ فالعراق للعراقيين وهم وحدهم من يقرر ماذا يريدون كما قررت الحكومات العربية المسلمة المجاورة لهم من قبل ولا علاقة لبقية الشيعية في قرار الساسة العراقيين سواء كان خاطئاً أم صائباًً.
لو أخذنا لمحة سريعة على العالم الإسلامي من خلال وسائل الأعلام والمنتديات ومواقع الانترنت والنشرات الموزعة والبريد الالكتروني والندوات والنشاطات الاجتماعية وتصدير الإرهابيين وتصريحات القادة السياسية والمنبر الديني الخطابي لوجدنا حملة تصعيد طائفي ضد المذهب الشيعي وذلك بوصفهم بالمنافقين والخونة والحث على حربهم وقتالهم والتشديد على أن الشيعة اخطر من اليهود على الأمة الإسلامية!!
كل هذا سبب احتقاناً طائفياً قابلاً للانفجار ليعصف بالجميع حال حدوثه, لي بعض الأصدقاء القدامى الأعزاء من الأخوان السنة ولم نتطرق يوماً إلى الحديث الطائفي لاقتنعنا أن مثل هذا الحديث لا يولد سوى الفرقة والنفور, وبدون اتفاق جرت العادة على عدم التطرق إلى مثل هذه الأحاديث وبما أننا مجموعة أصدقاء نتراسل بواسطة البريد الالكتروني فقد لاحظت في الفترة الأخيرة تغير نوعية محتوى الرسائل إلى الكثير من الوعظ والتشدد الديني ثم بعد ذلك ربط الدين بالسياسة والحالة المزرية التي وصل لها الإسلام من أعدائه...
ما وددت قوله أن مثل تلك الرسائل الالكترونية تعتبر جزءاً من الحملة المنظمة لتكمل باقي الصورة للوصول إلى الهدف وذلك عن طريق المزايدة على الدين حيث يتم إشعال النزعة الدينية للشخص ومن ثم استمالته وبعد ذلك بث السموم وسلب عقلة وفكره عن طريق ذلك...
النظريات الحديثة للإصلاح لا تعتمد على إصلاح الفرد فقد تأخذ هذه الطريقة وقتاً طويلاً كما أنها لا تجذب الكثير حيث يميل الإنسان بطبيعته إلى الالتفاف والاحتواء كمجوعه كما أن القوة في الجماعة والقوة عامل جدب لذلك تعتمد النظريات الإصلاحية السليمة إلى إصلاح ألمجموعة وهذه فكرة ليست جديدة حيث عنى الإسلام بالأسرة كنواة للمجتمع وعناصر هذه الأسرة هم الإفراد, هذه النظرية تستخدم الآن في بث الاحتقان الطائفي بجانب قوة المغناطيس الديني لتكوين مجموعات ومن ثم العمل على بث الأهداف التنظيمية الموظفة مصلحياً من قبل الكيانات ألقائمة عليها بالإضافة إلى كل هذا هناك توظيف سياسي لتلك المجموعات وللأحداث فعندما يصفون الشيعة بالخونة وأنهم جاءوا لسدة الحكم على الدبابة الأمريكية فالحكومات العربية كلها تنعم بالاستقرار تحت حمى الدبابة الأمريكية إلا من رحم ربي مثل سوريا وهو نظام مهدد بالانهيار بسبب معارضته للسياسة والوصاية الأمريكية كذلك لبنان وذلك لوجود سلاح مقاومة حزب الله الذي يهدد إسرائيل, وحرب الخليج الثانية خير شاهد على ذلك وإذا كان عدم الخيانة للأمة الإسلامية والإسلام هو محاربة أمريكا فأول من شاهر بالعداء لأمريكا هي الدولة الإيرانية الشيعية ولم يرضى عنها الشارع العربي السني ولا حكوماته!! مع أنني لا استجدي عن مباركة احد ولكني استغرب من الازدواجية وسرعة التقلب والتوظيف السياسي وحالة الاستغفال التي يعيشها الشارع العام برغد في الدول الإسلامية!!
مع كل هذا مازلت أتساءل لماذا يدفع الأقليات الشيعية التي تعيش في الدول الإسلامية الثمن باهظاً؟
لماذا لا تدفع الأقليات الأخرى مثل المسيحيين في مصر أو لبنان ثمن وصول المسيحيين إلى سدة الحكم في الدول الغربية؟
لماذا لا يدفع المسلمون الأوربيون في الغرب ثمن تطرف الإرهابيين من المسلمين الذين يهددون شعوب هذه الدول بالقتل والتفجير دون منع الحكومات للمسلمين هناك من ممارسة طقوسهم؟
ومع أن الإسلام دين الرحمة والعدالة...إلا أن الحكومات الإسلامية والشارع الإسلامي مجردان من العدل والرحمة...
فلتحيى امة الشعارات الإسلامية...
ولتحيى أمة العدالة الإسلامية...