¨
إيلاف>> أصداء إيلاف
لو فشل المشروع الأمريكي
GMT 6:30:00 2006 الجمعة 5 مايو
سالم اليامي
--------------------------------------------------------------------------------
غدا... لو فشل المشروع الأمريكي
هل حقا فشل المشروع الأمريكي في العراق كما يقول الإعلام العربي والمحللون العرب هذه الأيام ؟!
أم أن نفس الإعلام والمحللون العرب قد عادوا إلى إستراتيجيتهم الإعلامية والتحليلية التظليلية التي كانوا يمارسونها قبل وأثناء الحرب على العراق حينما كان الإعلام العربي بمحلليه الأشاوس يتعامل مع عقول الشعوب العربية بنفس الطريقة " الصحافية " التي تحلل الحرب وتنقل وقائعها عكس ما يحدث على ارض الواقع حتى استيقظت الجماهير العربية على صدمة السقوط السريع لرابع أقوى جيش في العالم ؟!
أيعقل أن تغامر دولة عظمى كأمريكا بكل مليارات الدولارات وعشرات القتلى والجرحى من جنودها لتخرج بكل سهولة دون أن تحقق غاية أو تقبض ثمنا غاليا ؟!
وما هو الثمن لو آمنا بالفشل الأمريكي في العراق.. ومن الذي سيدفع ذلك الثمن الباهض ؟!
من وجهة نظري المتواضعة المبنية على رؤية أدبية كعادتي في تحليل أمور السياسة والاقتصاد مثلما أتحدث في أمور الفكر والحب والأدب، أن أمريكا سوف تختار تنفيذ إحدى ( خطتين ) لا ثالث لهما، لتؤكد انتصارها وإنجاح مخططاتها التي أتت من اجلها، أو على الأقل لتأديب الذين جعلوها تفشل كما يقول الإعلام والمحللون العرب. علما أن مجيء أمريكا للخليج لم يكن وليد الصدفة وإنما يتضح انه بناء على إستراتيجية بعيدة المدى خطط لها منذ وقت طويل بانسجام تام بين الحزبين الكبيرين الذين يخططون للسياسة الأمريكية ويتبادلون أدوارها كل حسب رؤيته بالرغم من وحدة الهدف.
الخطة الأولى: أن توجه لإيران ضربات قوية تعيدها إلى القرون المظلمة وهو ربما مالاتتوقعه إيران مثلما لم يكن صدام حسين يتوقع الحرب عليه. مما سوف يدفع إيران أن تتخلى عن اللعب بأوراقها في الخليج وفلسطين ولبنان وتعود دولة لا يتعدى نفوذها عاصمتها طهران وبعض المدن الإيرانية، وربما تثير أمريكا نزاعات داخل إيران تشغلها لعقود من الزمن لتنسى حليفتها سوريا وكل المنظمات العربية المتعاونة معها. حينها سيخضع كل الذين فرحوا بفشل أمريكا في العراق وينقلب فرحهم إلى خوف من أمريكا طبقا للقول ( اضرب الذئب يستأدب الأسد ).
ولن يكون في مقدور أي دولة حينذاك أن تلعب دورا مناهضا لأمريكا وقد سقطت آخر القلاع القوية والمناهضة للمشروع الأمريكي وطموحاته المتعددة، وسوف يتحول الفشل الأمريكي كما يصوره الإعلام العربي إلى انتصار كبير يذكرنا بسقوط التمثال في ساحة الفردوس ببغداد.
الخطة الثانية: فإنه إذا حقا أصبح الفشل الأمريكي في العراق أمرا حتميا وتخشى أمريكا أن تتصادم مع إيران كيلا تصاب بالمزيد من الفشل. فليس لها من حل سوى تعويض الفشل بانتصار آخر يرتكز على خطط التقسيم في العراق والخليج التي قيل أنها أعدت مسبقا في دوائر الكونقرس الأمريكي، وقد تم تهيئة الشعوب العربية للمساعدة في انجاز ذلك المخطط عبر إثارة الفتن الطائفية والعرقية بتشجيع من العرب أنفسهم الذين جزأوا شعوبهم إلى أعراق وطوائف متناحرة تخدم سياسة أي غزو استعماري لبلدانهم، حتى أصبح المواطن العربي في بعض البلدان العربية يشعر بالنفور من الذين يشاركونه هوية الأرض والمواطنة، وقد ساعدت الأنظمة السياسية والتعليمية والإدارية على ترسيخ تلك الطائفية بين أبناء الوطن الواحد التي ربما كان يقصد بها فرض سياسة (فرق تسد ) لإشغال المواطنين بعضهم ببعض حتى تحل تلك الأنظمة مشكلاتها المتراكمة، فإذا بها تغرس شعورا بالمرارة والغبن لدى فئات المجتمع التي تم إقصاءها تحت مبررات طائفية عرقية ودينية ومذهبية متخلفة جعلها تفقد الثقة بينها وبين تلك الأنظمة من جهة ومع تلك الفئات الأخرى التي تم استخدامها لإقصاء الآخرين وزرع الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد.
وسياسة التقسيم تلك، هي التي سوف تساعد أمريكا على إنجاح مخططها الثانوي لو حقا فشل مشروعها الأصلي، وسوف يدفع العرب الثمن لكلا الخطتين !
لكن إنجاح المخطط الثاني: يحتاج إلى تحالف أمريكي إيراني سواء أكان تحالفا علنيا أو سريا، بحيث تتغاضى أمريكا عن مشروع إيران النووي مقابل إنجاح خطة التقسيم الذي يخدم كلا من أمريكا وإيران، بحيث تتحول بعض الدول العربية إلى دويلات صغيرة على غرار قطر والكويت والبحرين وتحت الحماية الأمريكية، مما سوف يسهل لأمريكا إنجاح مخططاتها السياسية كنشر الديمقراطية وقيم الحضارة الأمريكية التي سوف تجد قبولا كبيرا لدى شعوب الدويلات الناشئة التي تأسست بفعل غباء العقل السياسي الطائفي العربي الذي لم يوفق في بناء الدولة الحديثة التي لاتخضع لسيطرة فئة على بقية فئات الشعب الأخرى.
الدولة:التي تنطلق في حكمها من دساتير قوية تكفل للجميع حق العيش بحرية وكرامة واستقلال ذاتي يؤمن لهم الحق في التفكير الحر والإيمان الحر والاختيار الحر والمواطنة العادلة.
وسواء.. فشلت أمريكا أم انتصرت في مشروعها، ستكون النتيجة واحدة، والثمن الذي سيدفعه العرب هو نفس الثمن.
وكان الحل الأمثل للعرب: لو أنهم شجعوا المشروع الأمريكي في العراق الداعي إلى حكم ديمقراطي وعدم تشجيع بعض الفئات العراقية على الاقتتال مع أغلبية الشعب العراقي، ومن ثم الاستعداد للعيش في واقع عالمي جديد يشهد انتصارا حقيقيا لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وانبعاث الفكر الليبرالي الحر الذي انتصر على إمبراطورية كبرى كالاتحاد السوفيتي بعد صراع بارد استمر لأكثر من خمسين عاما.
ولو أدرك العرب حتمية التغيير في العالم الجديد لكان دخولهم فيه كفيلا بتحجيم الدور الإيراني في العراق والخليج، وكفيلا بمنع التقسيم الذي يهدد بعض الدول العربية المناهضة للمشروع الليبرالي الأمريكي، لأن الفئات التي اكتوت بنار الإقصاء والعزل في أوطانها لن تشعر بالأمان وسط واقع أفصح عن شيفونيته الاقصائية، ولن تشعر بذلك الأمان سوى تحت شروط الديمقراطية أو الانفصال وذلك ما سوف تلعب عليه أمريكا في حروبها القادمة مع من يناهض مشروعها الكبير كدولة " إمبراطورية " لن ترضى بانهزام مشاريعها بسهولة.
لذا.. فان من يعتقد أن المشروع الأمريكي في العراق والشرق الأوسط بشكل عام قد فشل، فلربما يكون على حق في اعتقاده، ولكن من يظن انه لو فشل المشروع الأمريكي فسوف يجير ذلك الفشل انتصارا للأطراف المناهضة للمشروع الأمريكي... فهو واهم!
لكن إيران.. ستكون المنتصر الوحيد، لو فشل المشروع الأمريكي دون أن يتم توجيه ضربة قاصمة لإيران.
أما العرب: فهم في كل الحالات خاسرون، وسوف يخرجون من هذه الحرب بلا ديمقراطية، وبلا وحدة شعوب، وسط أوطان مجزأة!
لأن ما تعده الأنظمة العربية لشعوبها: أن تتفتت، وتتنازع، وتبحث عن الانفصال.
ذلكم... رأيي، اكتبه لكم حسب الرؤية الأدبية.
وغدا... القريب ستدركون كلامي...
حينها ستصدقون الأدباء وتكذبون المحللين السياسين وان صدقوا..
لان الأدب " الهام"
والتحليل السياسي " تنجيم"
وغالبا ما يصدق الإلهام ويكذب التنجيم.
غدنا القريب.. ليس يوما.. ولا شهرا.. أو سنة.
فربما يحتاج إلى سنين أو عقود لكن فكر التقسيم قد بدأ ينغرس في النفوس ولم تغرسه أمريكا.. ولا إسرائيل..
بل: نحن الذين غرسناه في العقول النظيفة.. والنفوس الطاهرة
حتى تحول الغرس إلى جروح غائرة في الأعماق تنزف ألما..
لا تتحمله كرامة الأبي مهما كان الثمن الذي سوف يدفعه دفاعا عن كرامته المجروحة وحتى لو كان الحليف الذي سوف يقبض الثمن....شيطانا..
لكنه على الأقل: بالتحاف مع الشيطان، سيجد الجريح من يمنحه الحرية كي يداوي جراحه!!
سالم اليامي
salam131@hotmail.com