ذكر محلل سياسي مطلع بالشأن الإيراني أن السياسة الإيرانية تنطلق من مركزية الشأن الإيراني في اي تحرك سياسي وعسكري. وأن بقاء النظام الإيراني بعيداً عن أي ضربات عسكرية قد تجهز على منجزات الجمهورية الإسلامية في المجالات الإعمارية والسياسية والعسكرية يعتبر مسألة جوهرية في طريقة التفكير الإستراتيجي الإيرانية. وبعد تجربة حرب مرة مع النظام العراقي البائد، وتدرك ايران وحتى على مستويات أكثر قادتها تشدداً أنها غير مستعدة أن تدخل في مواجهة عسكرية جديدة تدمر ما بنته على مستويات الإقتصاد والبنية التحتية التي صنعتها ايران خلال الفترة المنصرمة. وبالتالي فقد تركزت محورية التعامل الإيراني على استخدام استراتيجية الأذرع الطويلة، والنهايات الميتة. وقد ذكر المحلل السياسي بمجال تحرك ايران في فترة الثمانينيات عندما استغلت بعض الحركات السياسية في لبنان والعراق والخليج من الوسط الشيعي الذي زرعت داخله خلايا مخابراتية وتثقيفية ايرانية كي تقوم بعمليات من شأنها الضغط على القوى الغربية وحلفاء صدام الذين كانوا يدعمون نظام صدام في تلك الفترة.
واشار المحلل إلى حزب ا... تحول إلى إحدى الأذرع الطويلة التي أنشأتها ايران لخلق جبهة بعيدة جداً عن حدودها على الأرض اللبنانية للضغط على القوى الأميركان على وجه الخصوص من خلال الضغط على اسرائيل (ذراع أميركا الطويلة أيضاً). لكن ايران البراغماتية جداً لا تتحرك مثل الكثير من الواقع الشيعية التي تتأثر بالشعار والجملة والتظاهرة. بل أن ايران مستعدة (كما أثبتت التجربة مع القضية العراقية) مستعدة أن تقدم حزب ا... على طبق من ذهب إذا تطلب الأمر، خصوصاً في حالة حصول ايران على تنازلات تعتبرها استراتيجية في تدعيم النظام الإيراني، وتعهدات بأنها لن تتعرض الى اعتداء خصوصاً إذا وصلت الا مور إلى طريق يهدد الواقع الإيراني، ويهدد مصالحه الإستراتيجية. وحينئذ تحتم الظروع التخلص من الذراع الطويلة من أجل سلامة الجسد.
وفي وسط الضجيج والصياح والتظاهرات والتهديدات الإيرانية، فإن ملامح التضحية بحزب ا... من قبل ايران باتت بحكم المؤكدة، خاصة مع اقتراب حسم الملف النووي الإيراني في هذا الشهر وبالتحديد بعد ما يقارب العشرين يوماً تقريباً. ولا يدرى على وجه الدقة ما هي المكاسب التي حصلت أو ستحصل عليها ايران مقابل قرار انهاء وجود حزب ا... كتنظيم مسلح متواجد في لبنان. وإن كانت بعض الشخصيات النافذة تتحدث عن السماح لإيران بإنشاء صناعة نووية وتعهد بعدم ضربها في المستقبل.
ويفهم الأميركان والإسرائيليون جيداً أن الحرب هي حرب مع ايران قبل أن تكون مع حزب ا..، وأن الوقت هو الوقت المناسب للتخلص من حزب ا...، من خلال وضع ايران الحرج من خلال برنامجها النووي.
وكما تثبت التجربة السابقة مع الإيرانيين، فإن مصلحة ايران هي فوق كل اعتبار، ورغم الشعارات والمبادئ والإستعراض، إلا أن ايران ستضحي بحزب ا... في خاتمة المطاف. واختتم المحلل كلامه بالقول أن السياسة وأروقتها لا تعرف المبادئ. خاصة إذا تحولت غرف المباحثات السياسية إلى مسالخ، ومعارض للجثث والركام.