يأتي فرض حالة الطوارئ في البصرة كمحاولة من قبل رئيس الوزراء الجديد نوري المالكي لإحلال بعض النظام مجددا في جنوب العراق.

فلأشهر بعد الغزو اعتبرت المنطقة بقعة هادئة نسبيا في بلد يسيطر عليه الاضطراب.

وكانت العلاقات بين آلاف الجنود البريطانيين المتمركزين هناك والسكان الشيعة طيبة في الأعم.

غير أن الشهور القليلة الأخيرة شهدت تبدل الوضع.

فقد قتل تسعة جنود بريطانيين في الشهر الماضي وحده، فيما تعين إغلاق العديد من المساجد السنية وسط تصاعد الانقسامات الطائفية.

وترد تقارير عن توترات متصاعدة بين المجموعات الشيعية المختلفة والميليشيات وتتعلق بالسلطة السياسية واقتناص حصص من الثروة النفطية الهائلة للمنطقة.

كما تثور الكثير من المزاعم عن تدخل إيراني وراء ما يحدث.

وقد توجه المالكي الأربعاء إلى البصرة سعيا لتهدئة بعض الانقسامات المتنامية.

وفي خطاب رئيسي، قال رئيس الوزراء الجديد إن الأمن أولويته الأولى، والثانية، والثالثة، وإنه سيضع خطة للتعامل مع العنف.

ووعد المالكي بالضرب بيد من حديد ضد من وصفهم بالعصابات في البصرة والمسؤولين عن أعمال العنف.

"لافتة بارزة"
وفي وقت لاحق وخلال اجتماع بشيوخ العشائر والسياسيين المحليين والممثلين الأمنيين، أمر المالكي بإعلان حالة طوارئ لمدة شهر.


إذا تم نشر قوات إضافية فسيقل الضغط على القوات البريطانية
وسوف يتم نشر قوات إضافية من الجيش والشرطة في شوارع البصرة.

وستعمل تلك القوات على دعم العمليات الاعتيادية للشرطة والجيش - حيث ستقوم بنصب المزيد من نقاط التفتيش وتعقب الميليشيات المسلحة ونزع أسلحتها.

ومازال يتم بحث ما إذا كان سيتم فرض حظر للتجوال في المدينة.

والمثير للاهتمام أن مصدرا عسكريا بريطانيا قال لبي بي سي إنه لم يتم التشاور مع القوات البريطانية قبل اتخاذ تلك الخطوة، واصفا الأمر بأنه "حل عراقي لمشكلة عراقية".

كما وصفها أيضا بأنها تعد "لافتة بارزة"، ولكن السؤال هو ما المقصود من هذه اللافتة؟

فإذا كانت خاوية من المضمون - ولا تتعدى مجرد الكلام ولا عمل - فإن ذلك سيعقد الأمور على الجميع.

ولكن إذا تم فعلا نشر عدد ضخم من القوات الإضافية، التي يمكنها نزع أسلحة الميليشيات وإرساء النظام، فإن تلك اللافتة ستكون بمثابة أداة فعالة للحكومة الجديدة وستخفف من الضغط على الجنود البريطانيين الثمانية آلاف العاملين هناك.

كما سيكون هذا بمثابة الحافز المطلوب لإرساء الاستقرار في أجزاء أخرى من البلاد.

ولهذا فإن الاستراتيجية التي يقوم بها المالكي بمثابة مقامرة أمامها مهلة محدودة للنجاح أو الفشل.

وهناك الكثير من العوامل التي قد ترجح كفة الفشل أكثر منه النجاح، ولكن على الأقل أظهر المالكي أنه يعني ما يقوله حينما يتعهد بالحملة على العنف.
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/midd...00/5035784.stm