[shr71=http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2006/6/thumbnails/T_ed05569d-a557-466c-8862-4ff9de60fc0e.jpg]هلهولة للحياة[/shr71]بعد موت الزرقاوي
ماهر عثمان الحياة - 09/06/06//

لا بد أن التساؤل نفسه خطر ببال مئات الألوف من العراقيين والعرب: على من سيلقى اللوم الآن، بعد مقتل «ابو مصعب الزرقاوي» مساء الاربعاء في قرية هبهب قرب بعقوبة، في المجازر الارهابية اليومية المتمثلة في السيارات المحشوة بالمتفجرات والعمليات الانتحارية التي تستهدف المدنيين من دون تمييز، وفي الارهاب المدفوع بالنعرات الطائفية والمذهبية؟ انه سؤال وجيه لأن الاميركيين والمسؤولين العراقيين بالغوا الى حد كبير في قدرات ذلك الرجل وتنظيمه الذي غير اسمه منذ تشرين الاول (اكتوبر) 2004 من «التوحيد والجهاد» الى «تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين».

صحيح ان تنظيم الزرقاوي قتل ذبحاً عدداً من الرهائن الاجانب واعلن مسؤوليته عن هجمات انتحارية كثيرة في العراق وعن ثلاثة تفجيرات انتحارية في ثلاثة فنادق في العاصمة الاردنية اسفرت عن 60 قتيلاً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005. وقد اعطى الزرقاوي صورة وحشية عن نفسه وعن تنظيمه من خلال الطابع الارهابي الصرف لعملياته.

وما أن أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي صباح امس نبأ مقتل الزرقاوي مع سبعة من رفاقه بينهم امرأتان، حتى قتل 15 شخصاً على الاقل وجرح نحو ثلاثين في انفجار قنبلتين في بغداد. ومن المؤكد ان تنظيم الزرقاوي سيضعف وقد يذوي تماماً بعدما بات مخترقاً ومكشوفاً وغاب قائده الذي ربطه بتنظيم «القاعدة» وهيأ له التمويل. ولكن موت الزرقاوي وما قد يحدث لتنظيمه لن يكون لهما تأثير في درجة نشاط ووتيرة عمليات قوات المقاومة العراقية الرئيسة ضد الاحتلال الاميركي.

ان موت الزرقاوي علامة طريق تدخل الاحزاب والتنظيمات السياسية والقيادات الدينية العراقية في اعسر امتحان لها منذ الغزو الاميركي الذي اطاح نظام صدام حسين. والسؤال الصعب والوحيد في هذا الامتحان هو: هل ستعمل القوى المذكورة على انهاء الحرب الاهلية والطائفية وهي في بدايتها لتتجه في الوقت ذاته نحو ترسيخ حكم مستقر قائم على اجماع وطني يجدول انسحاب القوات الاجنبية ويبرمج اعادة بناء العراق، ام ستسمح للمارد الطائفي الشرير بالبقاء خارج قمقمه؟

ان الادارة الاميركية باتت تستعجل خروج قواتها المحتلة من المستنقع العراقي بسبب ازدياد المعارضة في الولايات المتحدة للحرب في العراق ولكنها لا تستطيع ان تخرج منه بينما هو مجزأ وحافل بالاقتتال الطائفي الذي ساعدت عن قصد أو غير قصد في اثارته، إذ أن أي خروج مفاجئ ستكون عواقبه وخيمة لا للعراقيين وحدهم، وإنما بالنسبة الى المنطقة برمتها والمصالح الاميركية. وعلى الاميركيين ان يعيدوا حساباتهم في هذا البلد الذي فككوا فيه بنية الدولة فانهارت واصبحت «ساقطة» رغم وجود هياكل حكم ستظل تعتبر وهمية ومحروسة وموجهة اميركياً الى ان تثبت استقلالها بالعمل على وقف الحرب الاهلية والطائفية التي اشعلها وجود الاحتلال وقراراته وتصرفاته العشوائية.

وسيكون مؤتمر الوفاق المقرر عقده في بغداد برعاية الجامعة العربية في الثاني والعشرين من الشهر الجاري مناسبة جيدة لاطلاق رئيس الوزراء المالكي مبادرته للمصالحة الوطنية واطلاق السجناء السنة الذين يقرب عددهم من 40 الفاً ويحتجزون من دون محاكمة منذ فترات طويلة. ولا يحتاج اطلاق هؤلاء السجناء الى مشروع قانون عفو وطني قد يختلط الوصول اليه بالبيروقراطية والخلافات، اذ ان كل ما يتطلبه اطلاق السجناء هو اتخاذ اجراءات قضائية سريعة بتوجيه تهم اليهم واثباتها او التحقق من عدم ثبوتها واطلاق الابرياء.

ان الانجراف نحو الحرب الاهلية لا يمكن وقفه الا باجراءات حاسمة وسريعة لاستعادة الثقة بين قوى مقاومة الاحتلال والاحزاب والقوى المشاركة في الحكومة الحالية وتلك الباقية خارجها.

ومهما طال امد الاحتلال فانه لا بد ان يرحل يوماً ما. اما اهل العراق فسيبقون في عراقهم والأحرى بهم ان يتصالحوا ويتوافقوا على جعل بلدهم آمناً لأنفسهم وابائهم وبناتهم.


<h1>بعد موت الزرقاوي</h1>
<h4>ماهر عثمان الحياة - 09/06/06//</h4>
<p>
<p>لا بد أن التساؤل نفسه خطر ببال مئات الألوف من العراقيين والعرب: على من سيلقى اللوم الآن، بعد مقتل «ابو مصعب الزرقاوي» مساء الاربعاء في قرية هبهب قرب بعقوبة، في المجازر الارهابية اليومية المتمثلة في السيارات المحشوة بالمتفجرات والعمليات الانتحارية التي تستهدف المدنيين من دون تمييز، وفي الارهاب المدفوع بالنعرات الطائفية والمذهبية؟ انه سؤال وجيه لأن الاميركيين والمسؤولين العراقيين بالغوا الى حد كبير في قدرات ذلك الرجل وتنظيمه الذي غير اسمه منذ تشرين الاول (اكتوبر) 2004 من «التوحيد والجهاد» الى «تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين».</p>
<p>صحيح ان تنظيم الزرقاوي قتل ذبحاً عدداً من الرهائن الاجانب واعلن مسؤوليته عن هجمات انتحارية كثيرة في العراق وعن ثلاثة تفجيرات انتحارية في ثلاثة فنادق في العاصمة الاردنية اسفرت عن 60 قتيلاً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005. وقد اعطى الزرقاوي صورة وحشية عن نفسه وعن تنظيمه من خلال الطابع الارهابي الصرف لعملياته.</p>
<p>وما أن أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي صباح امس نبأ مقتل الزرقاوي مع سبعة من رفاقه بينهم امرأتان، حتى قتل 15 شخصاً على الاقل وجرح نحو ثلاثين في انفجار قنبلتين في بغداد. ومن المؤكد ان تنظيم الزرقاوي سيضعف وقد يذوي تماماً بعدما بات مخترقاً ومكشوفاً وغاب قائده الذي ربطه بتنظيم «القاعدة» وهيأ له التمويل. ولكن موت الزرقاوي وما قد يحدث لتنظيمه لن يكون لهما تأثير في درجة نشاط ووتيرة عمليات قوات المقاومة العراقية الرئيسة ضد الاحتلال الاميركي.</p>
<p>ان موت الزرقاوي علامة طريق تدخل الاحزاب والتنظيمات السياسية والقيادات الدينية العراقية في اعسر امتحان لها منذ الغزو الاميركي الذي اطاح نظام صدام حسين. والسؤال الصعب والوحيد في هذا الامتحان هو: هل ستعمل القوى المذكورة على انهاء الحرب الاهلية والطائفية وهي في بدايتها لتتجه في الوقت ذاته نحو ترسيخ حكم مستقر قائم على اجماع وطني يجدول انسحاب القوات الاجنبية ويبرمج اعادة بناء العراق، ام ستسمح للمارد الطائفي الشرير بالبقاء خارج قمقمه؟</p>
<p>ان الادارة الاميركية باتت تستعجل خروج قواتها المحتلة من المستنقع العراقي بسبب ازدياد المعارضة في الولايات المتحدة للحرب في العراق ولكنها لا تستطيع ان تخرج منه بينما هو مجزأ وحافل بالاقتتال الطائفي الذي ساعدت عن قصد أو غير قصد في اثارته، إذ أن أي خروج مفاجئ ستكون عواقبه وخيمة لا للعراقيين وحدهم، وإنما بالنسبة الى المنطقة برمتها والمصالح الاميركية. وعلى الاميركيين ان يعيدوا حساباتهم في هذا البلد الذي فككوا فيه بنية الدولة فانهارت واصبحت «ساقطة» رغم وجود هياكل حكم ستظل تعتبر وهمية ومحروسة وموجهة اميركياً الى ان تثبت استقلالها بالعمل على وقف الحرب الاهلية والطائفية التي اشعلها وجود الاحتلال وقراراته وتصرفاته العشوائية.</p>
<p>وسيكون مؤتمر الوفاق المقرر عقده في بغداد برعاية الجامعة العربية في الثاني والعشرين من الشهر الجاري مناسبة جيدة لاطلاق رئيس الوزراء المالكي مبادرته للمصالحة الوطنية واطلاق السجناء السنة الذين يقرب عددهم من 40 الفاً ويحتجزون من دون محاكمة منذ فترات طويلة. ولا يحتاج اطلاق هؤلاء السجناء الى مشروع قانون عفو وطني قد يختلط الوصول اليه بالبيروقراطية والخلافات، اذ ان كل ما يتطلبه اطلاق السجناء هو اتخاذ اجراءات قضائية سريعة بتوجيه تهم اليهم واثباتها او التحقق من عدم ثبوتها واطلاق الابرياء.</p>
<p>ان الانجراف نحو الحرب الاهلية لا يمكن وقفه الا باجراءات حاسمة وسريعة لاستعادة الثقة بين قوى مقاومة الاحتلال والاحزاب والقوى المشاركة في الحكومة الحالية وتلك الباقية خارجها.</p>
<p>ومهما طال امد الاحتلال فانه لا بد ان يرحل يوماً ما. اما اهل العراق فسيبقون في عراقهم والأحرى بهم ان يتصالحوا ويتوافقوا على جعل بلدهم آمناً لأنفسهم وابائهم وبناتهم.</p>
</p>