جريدة الصباح 15 حزيران 2006

تميم الحساني
الدكاكين أغلقتْ، وارت أحزانها خلف درفها ، سوق بعقوبة الذي كان يعج بالناس قبل عام صار موطن أشباح، شبح الموت .. القتل .. الاغتيال. يخيم على الناس والسوق والأشياء، من له حاجة .

من يريد التسوق يتلفت يمنة ويسرة، يخشى من اطلاقة غادرة تضع جمرتها في رأسه ، بين دكان وآخر ثمة دكان اقفلت درفه والدكاكين التي بينه تخص اناس يظنون بأنهم خارج حسابات القتل لكونهم ينتمون الى طائفة تناصر القتلة ، لكن الطلقات حين لاتجد لها اهدافا من الطائفة الأخرى تستأصل ارواحا تنتمي الى الطائفة الأخرى، فالأمر لايخص أو ينتمي الى طائفة ما بقدر انتمائه الى لغة القتل، والتسبب بازهاق اكبر عدد ممكن من الأرواح !! السيد المالكي .. يامن ملكت في هذه الحقبة من اوجاعنا تسنم المشهد السلطوي, نستحلفك بكل غال وعزيز عليك ان تنظر بعين الرحمة الى عذابات ومصابات ومآسي أبناء جلدتك ممن يذبحون ليل نهار، بينما القائم بأمرهم والذي يتسنم أعلى منصب في مدينته منشغل بكنز المال , بحجة أنه مفارق هذا المنصب بعد قليل . وهذا القليل قد يكون شهرا او عدة اشهر، وخلال هذه المدة ستزهق المئات من الأرواح، وهو لا يكلف نفسه سوى عقد الاجتماعات واصدار التعليمات .. واغلبها لاينفذ لأن من يقع عليهم واجب التنفيذ يعلمون بأن من يصدر الأوامر هو اشد خوفا وارتعابا منهم !! السيد المالكي، قد سبق وأن اطلعنا على تصريح للسيد المسؤول عن محافظة ديالى وهو يستنجد بالحكومة مدعيا بأنه لايملك سوى تسعة آلاف شرطي وثمانية آلاف جندي، ونحن كمواطنين بسطاء في محافظة ديالى نعلم جيدا بأن نصف هذا العدد لو عمل باخلاص واتصف بصفة المواطنة لغطى المدينة من أقصاها الى اقصاها، لكننا نعلم جيدا بأن الدور الوحيد الذي يقوم به رجال الشرطة او الجيش هو الظهور بعد كل حادث قتل او اغتيال وهؤلاء لايربو عددهم على العشرة او العشرين، فأين الباقي من الآلاف المؤلفة التي يتحدث عنها السيد المسؤول ، لاسيما أن الكثير من جرائم الاغتيال قد حدثت على بعد بضعة امتار من أماكن تواجد مفارز الشرطة لكنها ورغم استصراخ ذوي او اقرباء الضحايا يدعون بأن هذا ليس واجبهم !! فاذا كان موت مواطن او متابعة قتلة هذا المواطن ليس من واجب الشرطة فما هو واجبهم الحقيقي ؟! لاسيما أن الكثير من المواطنين يعلمون جيدا بتورط الكثير من أجهزة الأمن في موالات الارهاب ودعمه، وهم يعلمون ايضا بأن
الكثير منهم يتسلمون رواتبهم وهم قابعون في بيوتهم !! السيد المالكي الحال في ديالى وفي بعقوبة تحديدا يشي بحالة كارثية قد تتفجر في القريب العاجل، المدينة تتحول شيئا فشيئا الى مدينة اشباح، وقد تعطلت الكثير من المهن والأعمال بسبب كثرة الاغتيالات، ولا أحد يأمن على نفسه أو على اطفاله، لذا باتت أكثر العوائل أصالة في المدينة تغادر منازلها وأعمالها بينما يتسيد نفر من المتخلفين الجهلة على المكان، ولن يمر من الوقت الكثير حتى تتحول هذه المدينة المتحضرة الشفافة الجميلة الى قرية متخلفة تتحكم فيها بعض اللحى التكفيرية أو الصدامية التي تنامت في غياب السلطة . السيد المالكي يامن استبشر ابناء المدينة بقدومه كل الخير، نحن نستصرخك لا بل نستغيث بك الاستغاثة الأخيرة قبل ان يبلغ السيل الزبى وقبل ان تستعر شرارة الحرب الطائفية من مدينة مسالمة كمدينة بعقوبة وديالى بشكل عام، وعندها لن يكون لكل حكمتكم وقدرتكم على ادارة الأزمات اي طائل في تجنب الفتنة التي ستنتقل شرارتها سريعا الى باقي المدن . السيد المالكي تحت جمر صبرنا على مايحدث لنا ثمة بركان يوشك ان يثور ان يزلزل ان يدمر فهل لكم ان تصغوا الى صريف اسنان تحتك تحت ارض اضراسها؟!

http://www.alsabaah.com/paper.php?so...page&sid=24883