جريدة انتهاكات كربلاء من الصحف الحديثة الصدور في الوسط الكربلائي، ولكنها مع
ذلك تمكنت في الفترة الوجيزة لصدورها، والأعداد القليلة التي صدرت منها، ان
تستحوذ على استقطاب واهتمام واسعين ملحوظين لما مثلته وما حملته من كشف
للأوضاع الخدمية المتدنية التي تعاني منها.
وقد تفاجأنا بتوقفها عن الصدور دون سابق إنذار أو معرفة للأسباب.
مراسل موقع نون الخبري طرح بضعة تساؤلات لرئيس تحريرها الشيخ جلال الحسناوي
والذي أعطانا نبذة تعريفية عن الجريدة وتوجهاتها وطبيعتها، فقال:
* إن جريدة انتهاكات كربلاء تصدر عن مؤسسة الإنسان الثقافية لناشطي حقوق
الإنسان، وهذه المؤسسة مستقلة من الناحية المالية والسياسية، حيث أنها تحتضن
بعض العناصر التي تؤمن بالعمل الإنساني، وأنها قدمت الكثير إلى مدينة كربلاء
المقدسة حتى تكللت جهودها الثقافية إلى إصدار جريدة باسم انتهاكات كربلاء،
وهذه الجريدة جاءت نتيجة نقاش وتحاور مع العاملين في المؤسسة تمخض عن كيفية
الإصدار ونفقاته، وبفضل الله تعالى هناك البعض من التجار الذين يكنون الحب
والولاء إلى هذه المدينة المقدسة عندما طرحنا عليهم فكرة إصدار هذه الجريدة،
قدّموا يد العون والمساعدة لتفعيل هذا المشروع الثقافي، وبالفعل تم إصدارها
وهي تعكس الشارع الكربلائي، بيد أننا لاقينا بعض المصاعب في عملنا، لاسيما
أنها لسان حال المظلومين كما هو مشهود من اسمها، وهي من ألفها إلى ياءها تتحدث
حول الانتهاكات في هذه المدينة المقدسة، وبطبيعة الدور الحضاري الذي نخوضه،
فإننا واجهنا اعتراضات وتوجسات من بعض الجهات، من خلال ردود الأفعال التي كانت
تصلنا تباعا، فمثلا بعض الجهات اعترضت على تسمية الجريدة بهذا الاسم وتساءلوا
هل من المعقول أن هذه المدينة المقدسة تنتهك، فكان جوابنا على أن واقع الإنسان
الكربلائي الذي يلفه الفساد والروتين الإداري هو الذي كرس فينا تلك العزيمة،
وكيف لا ينبض فينا عرق ونحن نرى أن حرمة الإنسان التي هي بلا شك أعظم من حرمة
الكعبة تنتهك في وضح النهار ولا حياة لمن تنادي، إضافة إلى ذلك ليس مرادنا من
هذا العنوان أن نعمق الجرح بقدر ما يهمنا من رصد واقع الانتهاك الذي يصيب
الإنسان الكربلائي ووضع الحلول الناجعة لتضميد الجراحات وتخفيف العبء عن
المواطن المسكين، رغم أن بعض المسؤولين يزعم أننا نتكلم عليه، والحقيقة التي
لا غبار عليها أننا نطرح الانتهاكات من أية جهة صدرت ولا نخاف في هذا السبيل
لومة لائم، إضافة إلى أننا لمسنا في الآونة الأخيرة أن البعض غير القليل من
المسؤولين في الدوائر الحكومية يتصور بان الدائرة التي يخدم وأكررها ثانية
يخدم فيها هي ملكا شخصيا له وهذه مغالطة يجب الالتفات إليها.
* سمعنا أن الجريدة قد تعرضت إلى تهديدات وأنها ستتوقف عن الإصدار فما صحة هذا
الخبر، وهل بالإمكان معرفة تلك الجهات؟
* حقيقة بعد أن سبرنا غور ملفات الفساد الإداري والمالي، وما يعانيه المواطن
الكربلائي من انتهاكات، علماً أننا وحدنا في الميدان ومع الأسف لم نلمس أي
تعاون من أية جهة حكومية على الإطلاق، بل حتى عندما نمارس عملنا ونذهب للتغطية
الإعلامية لحالة معينة، نواجه اعتراضات من قبل المسؤولين في تلك الدائرة، فعلى
سبيل الفرض في عددنا الأخير كان هنالك تحقيق حول المدارس وما تعانيه من إهمال
وواقع التدريس في المدينة، وبعد أن أكملنا التغطية الإعلامية والتصوير في إحدى
المدارس، تفاجئنا بان الكادر التعليمي في هذه المدرسة قد تعرض إلى تحقيق مفاده
لماذا تسمحون إلى جريدة انتهاكات كربلاء أن تصور هذه المدرسة وتجري لقاءات مع
المسؤولين فيها!؟ كل ذلك جرى لئلا ترصد بعض الخروقات التي يحاول البعض التعتيم
عليها، وهذه محاولة لإسكات الصوت الهادر الذي يدافع عن مقدرات الشعب بكل ما
أوتي من قوة، فضلا على التهديدات التي تصلنا تباعا من خلال الهاتف والانترنيت
ومن خلال الرسائل التي ترمى على باب المؤسسة، وأقولها على مضض أن بعض
المسؤولين يود إرجاعنا إلى سياسة تكميم الأفواه، وربما هي طبيعية لأولئك الذين
تحولوا بين عشية وضحاها من المركزية المطلقة إلى الديمقراطية المطلقة، بيد أن
هذه السياسة هي سحابة صيف سرعان ما تنقشع عن سماءنا بفضل الطيبين من أبناء
المدينة، إلى جانب ذلك هناك نقطة مهمة يجب الالتفات إليها، وهي أننا لسنا بصدد
التشهير بالمسؤولين من خلال ما ننشره في جريدتنا، بقدر ما هي معالجة الخروقات،
لغرض تقديم الأفضل لهذه المدينة المقدسة التي عانت الكثير من الحيف والقهر في
النظام البائد، نعم قد يقول البعض أن كربلاء أفضل من المحافظات الأخرى، وأنا
اتفق معه في ذلك ولكن أود أن أحافظ على هذه النسبة، وأتقدم أكثر وهذا من حقي
كمواطن يرغب أن تلتحق بلاده بمصاف الدول المتحضرة.


* ما هو موقف الجهات الشعبية والرسمية من التهديدات التي تعرضت لها الجريدة ؟
* إضافة إلى ما ذكرت أن بعض الجهات تريد إخماد هذا الصوت حتى لا تنكشف عوراته،
والحقيقة التي لا مناص من ذكرها أننا لم نر أية بادرة من قبل الجهات المسؤولة
في المحافظة للتعامل بجدية واضحة بشأن هذا الملف، ومنهم من يريد أن يجامل حتى
لا يدخل في خضم الصراع، ويكون بمنأى عن تداعياته، والكثير راجعنا وذكر أنه
متعاطف مع سياسة الجريدة في هذا المضمار، وبالفعل أن ثمة ملفات أخذت طريقها
إلى النشر، وللأسف أقولها أن بعض الجهات استغلت العلاقات الاجتماعية التي
تربطنا بها فطفقت تحاول أن تؤثر علينا من هذا الجانب، في التغاضي عن أي خرق أو
أي انتهاك يصدر منهم، بيد أننا ويشهد الله على ما أقول لا نجامل في هذا
الموضوع إطلاقا، ولا تأخذنا في الله لومة لائم، وكل إنسان مقرب إلينا إذا كان
عمله صحيح والعكس بالعكس، فهذه سياسة جريدتنا وبسبب هذه الضغوط ارتأت أسرة
جريدتنا التوقف عن إصدارها، علما أن هناك أسباب أخرى لا نستطيع الآن البوح
بها.

أنا سعيد بما لقيته من رد فعل جماهيري وكذلك من بعض الشخصيات في الشارع
الكربلائي، وبالفعل فقد وصلتنا بعض الوفود وأبدت امتعاضها عن توقف هذا
الإصدار، وأعطونا الوعود بإرجاعه إلى سابق عهده، وقدموا لنا الدعم المعنوي مما
شحذ فينا الهمم لاستئناف الإصدار، لكن للأسف الشديد لم نر أي رد فعل من أية
دائرة حكومية ولو باتصال هاتفي، يبدو أن التهديدات التي انتهت بإغلاق الجريدة
قد راقت لهم، فأصبحوا في غمرتهم فرحين.
ومن المعلوم أن الجهات التي تطلق التهديدات إلى هذه الجهة أو تلك لا تذكر
اسمها، وأنها تعمل في الظلام شأنها في ذلك شأن خفافيش الليل، المهم أن هذه
التهديدات لا تخيفنا، ولا أنسى أن أقدم جزيل شكري وتقديري إلى جريدة الإعلام
العراقي في موقفها المشرف، وكذلك جريدة كربلاء اليوم الزميلة لنا في مجال
العمل لكن تقيمها يبقى أنها جريدة تمثل مجلس المحافظة، إلا أن الأستاذ غالب
الدعمي رئيس تحرير جريدة كربلاء اليوم ذكر أن سبب توقفنا هو انحسار الدعم
المالي، وذكر بان جريدة كربلاء اليوم مستعدة لنشر ملفات المفسدين التي لا
تستطيع جريدة انتهاكات كربلاء التعرض لها، وأنا بدوري أقدم له الشكر والتقدير
وأقول له لدي ملف إذا استطاع أن ينشره فأكون له من الشاكرين، وهذا الملف خاص
بدائرة مجاري كربلاء، إلا أنني أقول أن هناك مزايدة وتخبط إضافة إلى ذلك لو
أننا أخذنا ما تنشره جريدة كربلاء اليوم من أحداث وأخبار فأن سياستها لا تخرج
من دائرة الانحياز الى المجلس سيما أن رئيس تحريرها هو عضو مجلس المحافظة،
وبالنتيجة أن هذه الجريدة تعبر عن رأي المحافظة، ومع هذا أقول لو أراد أن يقف
عند الحقيقة لكان عليه زيارتنا والإطلاع بنفسه عن سبب إيقاف الجريدة، وبالرغم
من كل التحفظات أنني احترم وجهة نظرهم وأكن لهم كل الاحترام وأتمنى لجريدتهم
وأسرة تحريرها المزيد من التقدم والازدهار.

* إن التوقف عن إصدار الجريدة يعتبره البعض هو فشل أو هزيمة فما هو رد الشيخ
جلال الحسناوي على ذلك ؟
* ليس من المعيب على الإنسان أن يعترف بخطئه، حيث أنني اعترفت بفشلي في انتهاج
الطريقة المثلى في معالجة المشاكل التي تعج بها دوائرنا، خصوصاً حالة
الاستبداد التي ضربت بأطنابها في نفوس بعض المسئولين، ولكن الذي يشحذ الهمم
التفاعل مع الجريدة التي نجحت في تعريف الشارع الكربلائي وشخصت أين تكمن
الحقيقة؟ وبدأت تطالب بالتغيير نحو الأفضل، وهذا الأمر أعطانا حافزاً في إرجاع
نشر الجريدة في القريب العاجل.
* كلمة أخيرة للشيخ جلال الحسناوي؟
* أتقدم بشكري وتقديري إلى كل من وقف مع جريدة انتهاكات كربلاء حيث أن هذه
الجريدة لا تمثلني شخصيا بل أنها تمثل واقع مدينة كربلاء.
كما أحب أن أوجه كلمة إلى كافة المسؤولين في مدينة كربلاء بأن هذه الجريدة
التي توقفت عن الإصدار، فهذا لا يعني أنها فشلت في عملها بيد أنها فشلت في
كيفية إقناع المقابل في تقبل وجهة نظرها.
كما أوجه شكري إلى مجلس أعيان كربلاء لمواقفهم الجلية الواضحة وبقية الجهات
التي أعطتنا حافزا معنويا لمواصلة مسيرة الإصلاح والتصدي لكل انحراف مهما كانت
مسوغاته ومهما كانت تبريراته.