 |
-
هل حمل السيد مقتدى الصدر معه رسالة تحذير من قيادة قوات التحالف إلى القيادة الإيرانية!
كتب سعد العميدي في ( إيلاف ) هذه المقالة ، وهو كاتب وسياسي مقيم في السويد :
اصبح من الواضح للقاصي والداني ما تبذله القيادة الإيرانية من مساع لتصدير نموذج الخيبة الإيرانية كطريقة للحكم إلى العراق مستغلة الانفلات الأمني والفراغ السياسي الذي تعيشه البلاد حاليا، وقد اتخذت هذه المساعي أشكالا عدة كتسريب مجموعات كبيرة من حرس الثورة الإيرانية ( سباه باسداران انقلاب اسلامي ) أو من مجموعات التعبئة الشعبية أحد أجهزة حرس الثورة ( بسيج سباه باسداران انقلاب اسلامي ) والذين دخلوا العراق برفقة بعض مجموعات المعارضة العراقية التي تتخذ من إيران مقرا لها.
لقد بدا واضحا للمراقب العراقي مدى التغلغل الإيراني وحجمه وذلك من خلال رفع شعارات إيرانية صرف أو حتى اللافتات التي رفعت وكانت مكتوبة بخط النسخ الفارسي أو من خلال المظاهرات التي كان يرتدي فيها المتظاهرون الأكفان مذكريننا بمشهد حراس الثورة وهم يفعلون ذلك إبان الحرب الإيرانية العراقية والتي دامت لثماني سنوات.
لقد باتت القيادة الإيرانية تشعر بالوضع الحرج الذي ألت إليه بسبب سياساتها القمعية تجاه أفراد الشعب الإيراني وبعد أن أصبحت قوات التحالف الأنكلو امريكي تقف على بعد عدة أمتار من حدودها وكذلك ازدياد السخط الشعبي داخل إيران مطالبا بإصلاحات اكثر جذرية كالتعددية السياسية وحرية إبداء الرأي وحرية الصحافة والأخطر من ذلك هو مطالبة القوميات الكبيرة غير الفارسية بحقوق قومية وثقافية وسياسية على قدم المساواة مع القومية الفارسية.
لقد فشلت كل الجهود الإيرانية السابقة لتثبيت موطئ قدم لها في أفغانستان على الرغم من الصفقات السرية التي عقدتها مع الإدارة الأمريكية وقوات التحالف التي قامت بطرد قوات طالبان والقاعدة وتشتتيهما والمجيء بحامد كارازاي كحاكم جديد لأفغانستان، لذلك نرى أن إيران قد كثفت جهودها حاليا و ركزتها على العراق في محاولة لزعزعة الوضع الداخلي وخلق الصعوبات أمام إعادة الحياة السياسية والاقتصادية إلى مجراها الطبيعي ولمنع قيام أي نظام ديموقراطي تعددي على مقربة من حدودها خوفا من سريان عدوى هذا النظام إلى الجماهير الإيرانية المكتوية بنيران حكم الملالي الذي لا يقل بطشا عن أي نظام توليتاري آخر.
ربما تكون قيادة قوات التحالف في العراق قد انتبهت إلى مساعي إيران التخريبية وجهودها لدفع بعض الموالين لها للسيطرة على سدة الحكم، لذلك نراها قد سارعت إلى تحذير القيادات الإيرانية من مغبة الاستمرار في هذه الأعمال وجاء اشد هذه التحذيرات لهجة على لسان السيد بول بريمر والذي قال وبالحرف الواحد (ان عملاء من النظام الايراني يسعون جاهدين لضرب عملية الديموقراطية واعادة الاعمار في العراق ) ( و اوضح ان طهران ابلغت تماما بموقف التحالف الاميركي البريطاني بالرغم من توقف اللقاءات السرية الاميركية الايرانية في جنيف ) ( واوضح بريمر "لسنا بحاجة كي نجلس في غرفة مظلمة في جنيف. يعرف الايرانيون ما يجب ان يقوموا به ونعرف ما قاموا به ويجب ان يتوقف هذا الامر" ).
كل ذلك يشير إلى أن طرفا ما قد حمل رسالة قوات التحالف إلى القيادة الإيرانية وابلغها بما هو مطلوب منها أن تفعله وكل الدلائل تشير إلى أن السيد مقتدى الصدر والذي ظهر بصورة مفاجئة في طهران ومن دون سابق انذار ربما يكون قد حمل هذه الرسالة خاصة وأن السيد الصدر من المطالبين بالزعامة الشيعية ورافضا أي دور للسيد محمد باقر الحكيم الموالي لإيران أو لغيره.
الأيام القادمة ربما ستحمل لنا الكثير من المفاجئات على صعيد التطورات السياسية داخل العراق وإيران لشعور الإيرانيين بالخوف مما قد تحمله لها الأيام من أخبار غير سارة وهي التي شعرت بالصدمة الكبيرة نتيجة اتفاق قوات التحالف مع مجموعة مجاهدي خلق المعارضة مما سمح لهذه الحركة بالتواجد قرب الحدود وهو ما قد يشكل تهديدا مباشرا للقيادات المحافظة في طهران، فهل ستلجأ القيادات المحافظة في طهران إلى التحالف مع بقايا فلول البعث ونظام صدام في محاولة لقطع الطريق على قوات التحالف لتهدئة الأمور و إعادة الأمن والاستقرار إلى العراق؟.
الدوائر القريبة من القيادات المحافظة في إيران بررت زيارة السيد الصدر إلى طهران بأنها مسعى ايراني يصب في مجرى الجهود الرامية إلى توحيد القيادات الشيعية وإجراء مصالحة من نوع ما بين السيد محمد باقر الحكيم والسيد مقتدى الصدر تسمح للأول بتمثيل شيعة العراق في صيغة مستقبلية للحكم، لكن التجربة السابقة للمعارضة العراقية والتي كانت تتخذ من إيران منطلقا لها تفيد بأن القيادة الإيرانية كانت على الدوام تحارب الجهود التي كانت تهدف إلى توحيد صفوف المعارضة الشيعية وكانت تسعى إلى إيجاد قيادات تابعة ومنصاعة لها وبشكل كامل وقد وجدت في الحكيم ظالتها، لذلك فإن ادعاءات تقريب وجهات النظر لا تصمد على ارض الواقع والأرجح أن الزيارة تمت لأبلاغ طهران بما يجب عليه فعله لتجنب سخط قوات التحالف عليها وهذه الزيارة تشابه إلى حد ما الزيارة التي قام بها السيد مسعود البارازاني زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني إلى النجف لأبلاغ بعض القيادات الإسلامية رسالة من قوات التحالف.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |