في ظل تناقض الفضائيات الإخبارية بتعريفها «للشهيد»
الوطن الكويتية
نورا جنات ـ الوطن
المتابع للأحداث السياسية الساخنة والدامية الجارية على الساحة اللبنانية من خلال شاشات الفضائيات الاخبارية والعربية يقع في حيرة من أمره، والحيرة ليست بسبب اختلاف وتناقض الأخبار العاجلة والتي تنفرد بها كل قناة عن أخرى، ولكنها ناتجة عن اختلاف كل قناة بتكييفها لمصطلح (الشهيد) بحسب توجهاتها السياسية ربما.
ومن ينصت بانتباه للأخبار في قنوات الجزيرة والعربية والسورية وتلفزيون الكويت وقناة المنار التابعة لحزب الله وغيرها من قنوات أخرى من تلك التي تبث شريطا اخباريا دائما أسفل الشاشة سيلمس الفرق.
فما نعرفه تماما.. أن الشهيد وفقا للضوابط الشرعية هو المسلم المكلف الطاهر الذي قتله أهل الحرب أو البغي أو قطاع الطرق أو وجد في المعركة وبه اثر القتل، وكذلك من مات من المسلمين في قتال الكفار و(بسببه).
ولكن في عرف القنوات الفضائية الوضع مختلف، فقناة الجزيرة الاخبارية ترى أن الفلسطينيين فقط هم الشهداء أما اللبنانيون فهم (قتلى)، وتتفق معها قناة العربية أيضا على ذلك.
أما التلفزيون السوري وبالطبع قناة المنار أيضا فهم يؤكدون على ان كل اللبنانيين الذين لقوا مصرعهم مؤخرا في غارات اسرائيلية هم (شهداء).
(ايلاف) تبث اخبارا عن مصرع مقاتلين من حزب الله ومقتل عدد من اللبنانيين.
في حين تنعى بيانات حزب الله الرسمية مقتل اثنين من (شهدائها المجاهدين)
المحطات الاخبارية العالمية التي تبث باللغة العربية على شبكة الانترنت مثل سي ان ان عربية وبي بي سي عربية تشير للضحايا اللبنانيين بالقتلى ولا تستثني الفلسطينيين أيضا من ذلك فهم في أخبارها قتلى وليسوا شهداء.
وعندما أعلن في الكويت عن وفاة المواطنين الكويتيين عبدالله بن نخي ونجله حيدر، نقل التلفزيون الكويتي هذا النبأ المحزن بتأكيده على استشهاد هذين المواطنين في غارة اسرائيلية، في حين ان تلفزيون الكويت ذاته ما زال يتخبط في تكييف هذا الوصف والمتابع لشريط الأخبار في تلفزيون الكويت سيقرأ خبرا عن (مقتل 18 مدنيا لبنانيا بينهم 9 أطفال حرقا في قصف استهدف سكانا نازحين من جنوب لبنان) وبعدها بخمس دقائق سيقرأ خبرا عن محاولات من قبل السفارة الكويتية لنقل جثماني الشهيدين الكويتيين !! الأمر الذي يطرح تساؤلات مشروعة عدة: أليست ساحة القتال واحدة ؟ واللبنانيون والكويتيون توفوا في ارض واحدة وأسباب وطرق واحدة !! الغريب في الموضوع ان شريط الأخبار في تلفزيون الكويت لا يتمسك بمبدأ واحد، فقد بث يوم أمس أخبارا عن استشهاد عدد من اللبنانيين أيضا في غارات متفرقة !!
أما وكالة الأنباء الكويتية كونا، فلا تتفق مع تلفزيون الدولة الرسمي، لأنها تصف اللبنانيين بالضحايا أو القتلى ولم تسبغ عليهم لفظ (شهداء) أما الفلسطينيون الذين يلقون حتفهم في صراع مع الكيان الصهيوني فهم شهداء كما تذكر كونا - وهو أمر لا خلاف عليه طبعا - وتتفق كونا مع تلفزيون دولة الكويت بخصوص شهادة المواطنين الكويتيين في لبنان - وهو أمر أيضا لا نختلف عليه - ولكنه يجعلنا نتساءل عن سبب عدم اسباغ اللقب ذاته على أشقائنا اللبنانيين الذين يلقون مصرعهم يوميا في حوادث دامية مشابهة، ولا يمكننا أن نبرئ ساحة الصحافة المحلية أيضا لأن بعضها يمارس الخطأ ذاته، ولا ينبغي على القارئ أن يستغرب اذا ماقرأ وفي صفحة واحدة أنباء عن استشهاد عدد من اللبنانيين وانباء أخرى عن (مقتل) لبنانيين آخرين على بعد 100 متر فقط من أولئك الذين أعلن عن استشهادهم!!