الكراهية الامريكية



كتابات - فاروق يوسف



كراهية امريكا للعرب معروفة غير أنها تظل مفاجئة بتجلياتها القبيحة. مع كل فعل جديد من افعالها العدوانية جديد نتساءل: أالى هذا الحد تكرهنا امريكا؟ قد يقال أن الكراهية ليست فكرة سياسية، فالمصالح هي التي تدير سوق السياسة اللاخلاقي، غير أن ما يجري مع العرب (ضدهم بالتحديد) لا يكفي التفكير السياسي لتفسيره. من المؤكد أن امريكا تحتقر الانظمة العربية الخانعة والمدعومة من قبل امريكا نفسها، ولكن سلوك امريكا لا يلحق الضرر إلا بالشعوب المنكوبة بتلك الانظمة. امريكاعن طريق ذلك السلوك الاجرامي تعلن للشعوب العربية صراحة انها ماضية قدما في مشروع الابادة. وهو مشروع يهدف الى تحويل العرب الى قطيع من العبيد. على العرب أن يختاروا بين العبودية وبين الابادة. وهي معادلة تحظى برضا ومباركة وحماسة كل الانظمة العربية، من غير استثناء. للدلالة على ذلك يمكننا أن نلقي نظرة على ما يجري في العراق منذ أكثر من ثلاث سنوات وفي لبنان منذ أن بدأ العدوان الاسرائيلي. العراق الامريكي صار مختبرا لشتى أنواع الذبح والتجويع والاذلال والحرمان والضياع والتجهيل. بلد يقع خارج التاريخ المعاصر ولا تمت حياة سكانه الى معنى الحياة بصلة، هو في حقيقته قبر واسع، بالرغم من انه نظريا وواقعيا يقع ضمن مفهوم الحماية الامريكية، ذلك لانه محتل من قبل القوات الامريكية وكان موعودا بالانوار. اما في لبنان فان الوقائع والتصريحات الامريكية أكدت بما لا يقبل النقاش أن اسرائيل تنفذ هناك خطة لابادة شعب ذلك البلد وتدمير بنيته المدنية والعودة به الى عصور الظلام. امريكا هذه المرة لا تظهر تعاطفها مع الجريمة الصهيونية بل تدعو الصهاينة الى ابادة أكبر عدد من السكان المدنيين وحرمان لبنان من سبل العيش. بالرغم من ان لبنان هو بكل المقاييس واحة الديمقراطية الوحيدة في ليل الاستبداد. البعض يعتبر السلوك الامريكي المعادي للبنان مفارقا لكل منطق سوي، وهذا صحيح، لكن لو عدنا الى المختبر الدموي في العراق فاننا سنكون على يقين من أن امريكا لا ترى مستقبلا لحياة الشعوب العربية إلا في ظل الخراب، وهي تعادي كل فكرة تدعو الى حياة كريمة في ظل مبادئ العدالة والديمقراطية والحرية. امريكا لا ترى فينا شعوبا تستحق ذلك النوع من الحياة، لذلك فانها لا تكتفي بنهب ثرواتنا بل تبيدنا، إذا ما تأكد لها أننا نسعى في اتجاه الحرية، وهو ما يدفع لبنان والعراق ثمنه الان وفي المستقبل. امريكا تكرهنا شعوبا، اما ما يقوله الشيوعيون العراقيون وزعماء العصابات الطائفية فما هو إلا نوعا من النفاق والانتهازية المريضة.