 |
-
العراقيون ينتقلون الى مرحلة البناء وممارستهم للديمقراطية بددت كل المخاوف
http://www.elaph.com:9090/elaph/arab...28165231179100
العراقيون ينتقلون الى مرحلة البناء وممارستهم للديمقراطية بددت كل المخاوف
الثلاثاء 17 يونيو 2003 05:38
حسين كركوش
قالت صحيفة فرنسية ان العراقيين بدءوا، ولم يمر سوى شهران على سقوط النظام البعثي السابق، ينغمرون في عملية إعادة بناء وطنهم بروحية عالية، وبممارسات ديمقراطية أفشلت توقعات الكثير من المحللين السياسيين.
وذكرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، المقربة من الأوساط الديغولية الحاكمة في فرنسا، في عددها الصادر اليوم الاثنين، السادس عشر من حزيران / يونيو، ان المراهنة على نشوب حرب أهلية، وتفكك العراق وحدوث صراعات بين التركيبة الموزائيكية للمجتمع العراقي، فشلت كلها، بل ان "الوحدة الوطنية العراقية لم تكن قوية، في يوم من الأيام، مثلما هي قوية في الوقت الحاضر" .
وأشارت لوفيغارو الواسعة الانتشار ان " ما من أحد في العراق كله، اللهم ما خلا المسؤولون الكبار السابقين في حزب البعث، لا يقر بان سقوط صدام حسين في التاسع من مارس / أبريل الماضي، خلق العديد من التغيرات الإيجابية في البلد ".
وقالت انه بعد انقضاء 35 عاما، هي حكم حزب البعث، فان العراقيين اصبح بإمكانهم، لاول مرة، " التعبير عن أفكارهم بحرية، وإمام الملأ " سواء عن طريق التظاهر اليومي في الشوارع، أو في التعبير عن مكنونات أنفسهم، بدون أي قيود.
وذكرت ان العراقيين بدءوا بممارسة الديمقراطية عن طريق اختيار، أو انتخاب، المجالس البلدية في العديد من المدن الفرنسية.
وورد في التقرير الذي نشرته الصحيفة الفرنسية، التي عرفت بمناهضتها للحرب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق: (بعد سنوات عديدة من السبات الثقافي والقمع السياسي، فان العراقيين بدءوا، شيئا فشيئا، بأخذ زمام أمور بلدهم بايديهم. فأنت تراهم في تقاطعات الطرق المزدحمة بالسيارات، يتطوعون دون مقابل، لتنظيم المرور، وتعويض النقص في عدد شرطة المرور. وفي بعض الأحياء السكنية، ينظم السكان دوريات حراسة لمنع عمليات النهب والسرقة. وداخل المساجد، يدعو الأئمة السكان الشيعة الى ممارسة نهج الاعتدال ورفض التطرف، ويطلبون منهم إعادة الأشياء التي تم نهبها سابقا.
وبعد مرور مجرد شهرين على دخول القوات الأميركية، فان الإدارات العامة والوزارات والمدارس والجامعات والمستشفيات، فتحت أبوابها من جديد. أما الأجور الشهرية للعاملين في الدولة، فقد تم دفعها.
لقد فكر العديد من المحللين بان سقوط صدام حسين سيقود الى تفكك البلاد، لكن شيئا من هذا لم يحدث. والمواجهات التي كان يتوقع حدوثها بين الأكثرية الشيعية والأقلية السنية، أو بين الأكراد في الشمال وبين التركمان المدعومين من قبل تركيا، لم تحدث ابدا.
العكس تماما، هو الصحيح. فالعراق يشهد هذه الأيام بالذات تناميا قويا في مشاعر الوحدة الوطنية العراقية، وهو تنامي يتطور يوما بعد اخر. والاتصالات بين المسؤولين الكرد والشيعة والسنة تزداد وتترسخ، باتجاه التأكيد على الحاجة لخلق عراق ديمقراطي وتعددي.
وبالرغم من الصعوبات، فان الخروج من الأزمة العراقية لا يمكن مقارنته بالخروج من الأزمة التي شهدتها كوسوفو عام 1999، بعد الحرب. فبالضد من مقاطعة كوسفو الصغيرة، حيث تعرض الالبانيون الى عمليات انتقام بعد دخول القوات الدولية، فان عمليات تصفية الحسابات بحق قدامى البعثيين تظل استثناء في العراق.
وفي شمال العراق، فان مدينة الموصل الاستراتيجية يمكن الاستشهاد بها باعتبارها النموذج في لعراق ما بعد صدام حسين. فقد اخذ هناك وجهاء الأحياء السكنية وشيوخ العشائر، زمام الأمور باديهم. والمليشيات التي تسير في شوارع المدينة ساهمت في منع عمليات السرقة والتقاتل بين المجموعات الاثنية المختلفة.
ولكن مدينة الموصل تظل استثناء في مدن العراق. فبعد ان حقق الأميركيون الانتصار بقوة السلاح، فانهم يتعثرون في إعادة الأمور الى نصابها السابق داخل جميع مدن العراق. إذ ما يزال التيار الكهربائي في بغداد، بعد مرور شهرين على دخول القوات الأميركية، لا يصل بشكل منتظم الى البيوت. ورغم طوابير الناس لشراء المحروقات قد تقلصت، لكنها لم تختفي نهائيا بعد.
وفي المقابل، فان عمل المصارف والمحلات التجارية والمصانع ما يزال يتعثر. والبطالة تصل الى 5. في المائة بين السكان، المشغولين، بشكل خاص، بقضية انعدام الامن. وهي قضية لم تكن مألوفة في حقبة الحكم الديكتاتوري.
يقول دبلوماسي غربي في بغداد: "عندما تمت تصفية النظام، فقد تمت معه تصفية الإدارات والجيش والخدمات العامة والشرطة. وهذا كله يتطلب زمنا لاعادة الأمور الى وضعها السابق". والأميركيون يعترفون بذلك. فهم تنقصهم القوات لاعادة الأمن الى جميع أنحاء العراق.
يقول لاعب الشطرنج العراقي المحترف والشاعر، ناصر حسن، ان (الفوضى) الحالية هي قضية نسبية. ويضيف قوله: "العراقيون يواجهون، منذ زمن، مشاكل يومية لا حد لها. والكثير منهم كان ينتظر ان تحل مشاكلهم بين عشية وضحاها. ولهذا فانهم يفرطون في ردود افعالهم. ولكن، هذه المشاكل ما هي إلا مشاكل عابرة. فالمهم هو، ما ربحناه توا، أي القضاء على حكم صدام، ونيل الحرية، وهو شيء لا يضاهيه أي ثمن في العالم ".
ولكن، ليس جميع العراقيين يتقاسمون هذا التفاؤل. فبعد مرور شهرين على دخول القوات الأميركية الى بغداد، فان الانتقادات تتزايد يوما بعد يوم. ففي هذا اليوم يتظاهر العسكريون ضد حل الجيش، وفي اليوم الآخر يتظاهر رجال الدين الشيعة مطالبين بتعجيل الاصلاحات.
وهذا الاستياء له طابع سياسي، ايضا. وهو استياء يصاحب التأخير في تشكيل حكومة عراقية. فانهيار النظام البعثي حرم البلاد من المؤسسات القادرة على ان تكون أساسا لسلطة جديدة. والأميركيون يعولون على انتظار تبلور وتماسك المشهد السياسي، قبل تشكيل حكومة مؤقتة.
وقد أعلن الحاكم الإداري الأميركي، بول برايمر، عن نيته لتشكيل مجلس سياسي مكون من 35 شخصا، لتخوفه من ان تكون الحكومة المؤقتة، في حال تشكيلها، تحت سيطرة العراقيين المنفيين الذين عادوا الى العراق، ولا يحظون بشعبية من قبل الناس.
وهذا القرار لاقى قبولا سيئا، على السواء، من قبل القوى التي ظهرت من بين أنقاض النظام السابق، ومن قبل المنفيين. ان حلفاء واشنطن يشعرون اليوم بان الولايات المتحدة غدرت بهم، وهم يتهمون الأميركيين بالاستحواذ على الحكم. وحتى المؤتمر الوطني الذي يترأسه احمد الجلبي، الذي يعتبر رجل أميركا، فانه يتهم الولايات المتحدة بعدم الوفاء بعهودها التي قطعتها سابقا، بان تترك العراقيين يمارسون سيادتهم في إدارة شؤونهم، خلال المرحلة الانتقالية. ان النتيجة التي ظهر بها قادة القوى السياسية هي، ان " قوات التحرير " بدأ ينظر أليها ألان ك" قوات احتلال ".
وهناك عدم رضا سببه مشاكل التواصل مع الإدارة الأميركية المؤقتة التي اتخذت من القصر الجمهوري السابق، الذي كان يشغله صدام حسين، مقرا لها. فقد تحول القصر ألان الى قلعة حصينة يصعب الدخول أليها، تماما مثلما كان الأمر في عهد صدام.
ورغم انه لا يمكن الحديث عن فيتنام جديدة في العراق، إلا ان الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق تضاعف عددها، وأودت بحياة 18. أمريكيا، منذ سقوط النظام البعثي.
وهناك مناطق في العراق لا يجد داخلها الأميركيين ترحيبا. فمدينة الفلوجة، على سبيل المثال، التي تعتبر أحد القلاع السنية المحافظة، والتي كانت تضخ النظام بأعداد كثيرة من قادته المسؤولين، والتي ما يزال شيوخ العشائر فيها موالين لصدام، ما تزال تعارض الوجود الاميركي.
وهذا يحدث، ايضا، في الشمال وفي غرب بغداد، داخل ما يسمى ب"المثلث السني"، الذي تحول الى ملجأ للمخلصين لصدام.
يقول ابوهبة السعيدي، وهو إمام شيعي في مدينة صدام، واحد منظمي التظاهرات التي تقام باستمرار في بغداد، بأنه، هو ايضا، مناهض للاميركيين. ويبرر مناهضته بقوله : " نحن نطالب بانتخابات ديمقراطية. فنحن لم نستبدل نظام الطاغية بنظام استعماري ". لكنه يقول، انه "يعي جيدا" بأنه في "حال انسحاب القوات الأميركية من العراق، فان البلاد كلها ستغرق، تماما في اليوم الثاني لانسحابهم، داخل الفوضى".
ولكن، إذا كان صبر العراقيين قد بدأ ألان بالنفاد، فانهم، مع ذلك، متفقون على إعطاء الأميركيين فرص اخرى. ووفقا لاستطلاع للرأي اجري مؤخرا، فان ثلث العراقيين فقط يتمنون رحيل القوات الأميركية فورا. أما الثلثين الآخرين فقد عبروا عن قناعتهم بضرورة بقاء قوات الحلفاء داخل العراق، حتى يتم تشكيل حكومة شرعية، وتصبح الأوضاع مستقرة.
انه من المبكر جدا معرفة مستقبل الفترة الانتقالية في العراق. وفي التقرير الصادر من مجموعة الأزمة الدولية (think tank) المعروفة بصرامة وجدية تقاريرها، فقد ورد بان الإدارة الأميركية تسابق الوقت، في مسعاها لأصلاح، وبأسرع وقت ممكن، البنى التحتية المخربة، وإعادة الخدمات الضرورية، والاستعانة بوسائل إعلامية جديدة لمخاطبة السكان العراقيين بشكل افضل، وأعادة النظر في عملية تفكيك الجهاز البعثي في العراق، الذي ساهم في حرمان الوزارات من العديد من الخبراء. باختصار، البدء في تسليم السلطة للعراقيين.
وكما يقول دبلوماسي غربي في بغداد: "لنترك الزمن يمارس مفعوله. فمهما كانت نوع الحرب التي خاضها القوات الأميركية في العراق، فان الأميركيين مصممون على النجاح في العراق، مهما كانت الظروف".
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |