النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. افتراضي العرب: الانتقال الى كركوك في زمن "الرخاء"، ماذا في زمن الشدة؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ

    العرب: الانتقال الى كركوك في زمن "الرخاء"، ماذا في زمن الشدة؟

    لاستكمال احدى الخطوات التوسعية المتمثلة في ضرورة توفير مأوى لمئات الالاف من النازحين الى مدينة كركوك من مدن الشمال الاخرى (ومن البلدان المجاورة) من الذين يدعون كذبا وزورا انهم "مرحلون"، يتعرض العراقيين العرب الذين قدم النظام السابق لهم محفزات و تسهيلات للانتقال والسكن في كركوك وبناء احياء جديدة لاستيعابهم، يتعرضون اليوم لضغوط الترهيب والترغيب الكردستانية اللئيمة لاخلاء منازلهم وترك المدينة.

    ان من عاش وولد ونعم من خيرات كركوك في ايام "الرخاء" ثم في الشدة يتركها ويتخلى عن اخوانه "العزل" من عراقيي القوميات الغير كردية (مع احترامنا للشعب الكردي الشقيق) فانه ليس فقط لم ينصر الحق ولم يخذل الباطل، بل انه خذل الحق ... واسكن الباطل في بيته.

    اللهم عجل ظهور الامام المهدي الذي سيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا

    المجلس الشيعي التركماني
    Turkman Shiia Council
    www.angelfire.com/ar3/tsc
    tshiiac@yahoo.com
    الجمعة 24/7/1427 هـ - الموافق18/8/2006 م

    ملاحظة1: الكردستانية هي حركة عنصرية توسعية تسعى الى انشاء وطن قومي للاكراد في شمال العراق، باغتصاب اراضي القوميات الاخرى. وهي حركة متحالفة مع الصهيونية.

    ملاحظة2: ليس كل كردي كردستاني، كما انه ليس كل يهودي صهيوني (والامثال تضرب ولا تقاس). ففرق بين الكردي و بين الكردستاني.

    ملاحظة3: لقد كانت سياسة التعريب في محافظة كركوك موجهة ضد التركمان حصرا. فاثار واحياء وجوامع ومساجد وشوارع وقرى ومقابر المحافظة كلها تثبت ان كركوك تركمانية منذ مئات السنين، والى يوم سقوط النظام الصدامي.

    ملاحظة4: في ظل استمرار الهيمنة الكردستانية على مفاصل العراق السياسية والعسكرية والجغرافية، وما ينتج عنها من افساد للدولة العراقية، ستصبح مطالبة احد العراقيين مؤخرا بـ "حق العراق في الانفصال عن كردستان (وليس العكس)" مطلبا جماهيريا وضرورة للبقاء على قيد الحياة، كدولة وارض وشعب.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,321

    افتراضي

    كركوكيات ( هاتوا دليلكم )

    قضايا كردية معاصرة ... كركوك - الأنفال - الكرد وتركيا
    د. جبار قادر
    كركوك بين حقائق التاريخ ومزاعم السياسيين
    الفصل الأول
    كركوك ، تاريخ عريق وواقع مرير

    قد يبدو الحديث عن التاريخ البعيد في قضية معقدة ومتأزمة كقضية كركوك التي تعاني من آثارها الكارثية مئات الالاف من المدنيين ، نوعا من الترف الفكري الذي لا طائل منه . ولكن الذي يبرر تقديمي لهذه الورقة هو طلب القائمين على هذه الفعالية الثقافية - السياسية كي اقدم هذا العرض التاريخي السريع ، وحقيقة أنه يصعب فهم معضلات اليوم دون معرفة خلفياتها التاريخية . لذلك اتمنى ان لاتخلو هذه اللمحات الخاطفة من تاريخ كركوك الطويل من فائدة .
    شهدت سنوات العقد الأخير إهتماما لا بأس به بكركوك و نشر العديد من الكتب و الدراسات و المقالات التي غطت بعض الجوانب التاريخية و السياسية و الجغرافية و الأقتصادية لقضية كركوك ، لذا لم أجد مبررا في إيراد النصوص و المقتبسات المطولة من بطون الكتب و الدراسات بل سأشير و بإختصار شديد الى محطات تاريخية مهمة برأيي، وقد لا تكون كذلك بالنسبة للعديد من الحاضرين و القراء ، و سأكون سعيدا للأستماع الى مداخلاتكم و تعقيباتكم و إستفساراتكم .
    إذا وضعنا جانبا الحكايات الكثيرة و المتضاربة في تفاصيلها والتي ترويها الفئات المختلفة من سكان كركوك عن تاريخ مدينتهم و الأقوام التي شاركت في بناء هذه المستوطنة (الكوتية -الحورية - الميتانية) أو تلك التي سكنتها و سادت فيها، وهي قصص تغطي فترة تاريخية طويلة تمتد الى الألف الثالث قبل الميلاد وأحيانا الى أبعد من ذلك، وتجمع هذه القصص في طياتها أخبارا عن سلسلة من الأقوام والقبائل التي سكنت تلك المنطقة مثل ( اللولوبيين ، السوباريين ، الكوتيين ، الخوريين أو الحوريين ،الكاشيين ، الميتانيين ، الميديين وغيرهم من الأقوام التي لعبت فيما بعد دورا أساسيا في تكوين الشعب الكردي الحالي ، فضلا عن قوى دولية كبرى اغارت عليها و حكمتها سنينا طويلة لتخلف آثارا مهمة كالآشوريين و الساسانيين و السولوقيين و غيرهم)، أقول إذا تجاوزنا هذه الأخبار سنرى بأن التاريخ يشير الى أن عمر كركوك أكثر من خمسة آلاف سنة على أقل تقدير و هي بذلك واحدة من أقدم مدن المنطقة وبنيت شأنها شأن العديد من المدن الأخرى في العالم القديم على شكل قلعة على تلة كبيرة و أحاطت بها الأسوار من كل الجهات لصد هجمات القبائل و الجيوش المغيرة و كانت لها بوابات أربع . وتدلل الآثار التاريخية الغنية التي عثرت عليها قرب كركوك الى هذا التاريخ الطويل ودور المدينة والمنطقة في حضارة بلاد ما بين النهرين .
    وكانت كركوك خلال العصور الوسطى جزءا و في أكثر الأحيان مركزا لإقليم شهرزور، أحد أشهر إقاليم كوردستان الى جانب إقليمي الجزيرة و الجبال على مر العصور الأسلامية حتى أواخر العهد العثماني(1).
    ويهدف ممثلوا الفئات المختلفة من سكان المدينة من وراء تلك الحكايات والقصص والبحث في بطون كتب التاريخ الى الحصول على أكبر قدر ممكن من هذه الروايات أو مايسمونها ب(الشواهد والإثباتات )على تاريخية تواجدهم في المنطقة وتوظيف ذلك في الصراع السياسي الدائر بشأن الهوية التاريخية والقومية والثقافية للمدينة والمحافظة، متناسين في أغلب الأحوال حقيقة أن حقوق المواطنة و التمتع بالحريات الأساسية يجب أن لا تستند لا على القدم التاريخي للناس ولا على كثافتهم العددية ،رغم أهميتهما بطبيعة الحال في تحديد هوية المناطق قوميا أو ثقافيا .
    مع تفكك الدولة العباسية وسيطرة القبائل الرعوية المغولية والتركمانية تعرضت كركوك المدينة و المنطقة كغيرها من المدن والحواضر الشرقية الى حملات التدمير والنهب والفوضى السياسية على أيدي السلاجقة والمغول والأتابكة والقرقوينلو والآق قوينلو والصفويين والعثمانيين الى جانب صراعات الزعماء القبليين والإقطاعيين الكرد المحليين. نجمت عن هذه الصراعات الطويلة التي إستغرقت فترة زمنية تجاوزت ألفية كاملة ، حالة جد مريعة من الركود الإقتصادي و الإجتماعي و الثقافي .
    وجاء الإحتلال العثماني في النصف الأول من القرن السادس عشر ليكرس حالة التخلف والركود والنهب العثماني لأربعة قرون كاملة، شهدت المنطقة خلالها الويلات بسبب الصراع الطويل بين الدولتين العثمانية والأيرانية بخاصة خلال حملات الشاه عباس الأول (عام 1623) و بالأخص أثناء حملة نادر شاه و إحتلاله لكركوك (عام 1743 ) وإستعادة العثمانيين لها في عام (1746 ). لم يكن بالأمكان ان تمر هذه الحملات دون ان تترك آثارا كبيرة على البنى الأقتصادية والأثنية والأجتماعية في كركوك وتوابعها .
    ومنذ القرن الثامن عشر تحولت كركوك الى ساحة لصراع باشوات بغداد و شهرزور من أجل السيادة فيها . وهكذا يمكننا القول بأن كركوك لم تنعم على مدى قرون طويلة بالأمن والسلام . ولكنه ورغم السيطرة الشكلية العثمانية على كركوك خلال العصر الحديث، إلا أن السلطة الفعلية فيها و في غيرها من مناطق كوردستان كانت بأيدي الزعماء القبليين والأقطاعيين المحليين وبخاصة أمراء بابان وأردلان .
    لم تكن كركوك في العصور الوسطى سوى مجموعة من البيوت المحاطة بسور كبير على ربض بين قصبة داقوق ومدينة أربيل، أي أن داقوقا التاريخية، التي أصبحت فيما بعد قضاء تابعا لكركوك ومن ثم ناحية لتعود قضاء مرة أخرى ، كانت أكثر صيتا و أهمية من كركوك نفسها، بل أن الأخيرة ولغاية أواخر القرن أواخر الرابع عشر الميلادي غالبا ما كانت تتبع داقوق اداريا و اقتصاديا ، وكانتا على إتصال بأربيل وشهرزور وإمتداداتهما اوثق من إتصالهما بأية بقعة أخرى في المنطقة من جميع الأوجه(2 ).
    ورد إسم كركوك بصيغته الحالية لأول مرة في التاريخ في العهد التيموري في كتاب شرف الدين علي يزدي ( ظفر نامة ) الذي كتب في حدود سنة 1424 / 1425 م (3 ).
    ويبدو أن القلعة المحاطة بالأسوار بقيت لقرون طويلة المنطقة السكنية الوحيدة في المدينة ولم يتجاوز عدد بيوتها عند منتصف القرن السادس عشر المائة وسبعين بيتا وفق بعض الروايات التاريخية،كانت بيوت باشوات شهرزور حتى منتصف القرن التاسع من أبرز البيوتات التي كانت تضمها قلعة كركوك . وشهدت نفس الفترة التاريخية تقريبا ظهور البيوت و المحلات التجارية خارج القلعة ، إذ لدينا بعض الإشارات تعود الى عام 1548 عن حي إمام قاسم الكردي الشهير في كركوك الذي ضم آنذاك 21 دارا سكنية و شهد جامعه المعروف (جامع امام قاسم ) عمليات الترميم في الأعوام 1614 ، 1691 و 1894 . وشهدت بداية القرن الثامن عشر بناء تكية الشيخ عبدالرحمن التي تعرف بالتكية الطالبانية . كما تشير المصادر نفسها الى الكنيسة على التلة حمراء الى الشرق من القلعة على طريق كركوك- السليمانية الحالي (4).
    وكانت كركوك تدار بعد إستيلاء العثمانيين عليها بموجب نظام إقطاعي (دربكي) ، حيث يتولى (متسلم ) إدارتها مقابل رسوم مقطوعة، ولما ألغي نظام الحكم الإقطاعي عام 1840 ، أعيدت إدارة كركوك الى ولاية شهرزور وكانت كركوك مركزا لها . و في عام 1879 أصبحت هذه الولاية سنجقا أي متصرفية الحقت بولاية الموصل .
    من المناسب أن أشير هنا الى حقيقة تاريخية مهمة وهي أن لواء كركوك كانت تضم حتى نهاية الحرب العالمية الأولى أقضية كركوك، أربيل، رانية، رواندوز، كويسنجق وكفري وجميع توابع هذه البلدات . وفي عام 1918 فقط قام البريطانيون بفصل الأقضية الواقعة الى الشمال من الزاب ليكونوا منها لواء بإسم لواء أربيل. أي أن لواء كركوك كان يضم جميع أراضي كوردستان الحالية بإستثناء الأقضية الكردية التي كانت تتبع الموصل و التي شكلت منها عام 1969 محافظة دهوك وقضاء خانقين وتوابعه التي ألحقت بولاية بغداد لدوافع ترتبط أساس بأهمية موقعها الجغرافي في العلاقة مع إيران . وهكذا فإن إقليم شهرزور يعيش اليوم من دون عاصمته التاريخية . وتشير حقيقة إرتباط هذه المناطق إداريا بكركوك بل وإدارتها إنطلاقا من مركز كركوك الى الهوية التاريخية والجغرافية للمدينة والمحافظة التي يحاول الكثيرون تحريفها هذه الأيام لأغراض سياسية معروفة .
    يبدو أن كركوك شهدت توسعا لا بأس به في ظل حكم الأمارتين الكرديتين الأردلانية والبابانية. فقد أشار أوتير، أول سائح فرنسي زار المدينة في نيسان من عام 1735 و عاد إليها مرة أخرى عام 1739 ، الى مدينة كركوك بأنها كانت في النصف الأول من القرن الثامن عشر مدينة متوسطة الحجم و تقع في منطقة سهلية تتخللها التلال، ولها سور وقلعة حصينة ذات إنحدار حاد وعسير ، وتمر بأسفلها ساقية اسمها (خاصة،وهي كلمة كردية متداولة في منطقة كركوك تعني العذب أو الجيد وقد اشار هذا السائح الى ذلك بوضوح ) أي الماء العذب .
    وأشار بأن القلعة تعود الى عصور قديمة جدا، وكانت المدينة عندما زارها تتكون من قسمين:ضم القسم الأول القلعة وكان يعيش فيها عدد غير كبير من السكان، أما القسم الثاني فقد شكلته المنطقة المحيطة بالقلعة والتي كانت تضم المركز التجاري للمدينة. وأكد أوتير أيضا حقيقة كون كركوك عاصمة لباشالق " باشوية " شهرزور والتي إعتبرها جزء من كوردستان، و ضمت حكومة شهرزور برأيه 32 مقاطعة ، وكان يحد باشوية شهرزور كل من آذربايجان وبلاد بابان وبلاد بغداد والموصل وعمادية وحكاري، وذكر بأن باشا شهرزور جعل من كركوك محلا لإقامته (5).
    شهد القرن الأخير من عمر الدولة العثمانية صراعا كبيرا للسيادة على كركوك بين باشوات بغداد وشهرزور . فقد كان ولاة شهرزور يعينون من الباب العالي مباشرة ويديرون شؤون الولاية من مركزها كركوك بإستقلال تام عن سلطات باشوات المناطق المحيطة بها. لكن باشوات بغداد أخذوا يعينون رجالهم كمتسلمين في كركوك منذ منتصف القرن الثامن عشر. ولم يكن ذلك ليرضي باشوات شهرزور الذين لم يتخلوا عن حقهم في إسترداد عاصمة ولايتهم أبدا ومثلوا على الدوام تهديدا على سيطرة ولاة بغداد على كركوك . ربما يتساءل المرء هل للصراع الدائر حاليا على كركوك بين حكام بغداد و شهرزور علاقة بذلك الصراع القديم أم لا ؟ .
    لم تجذب كركوك إهتمام الرحالة الأجانب كثيرا ، فالرحالة القادم من عاصمة آل عثمان والمتوجه الى بغداد عن طريق الموصل أو العكس كان بإمكانه أن يمر على مسافة عدة من الكيلومترات غرب كركوك ، دون أن يمر بها أو يكتب عنها وذلك عبر طريق الموصل - قصر مشعان - تكريت - سامراء - بغداد ومن ثم الذهاب الى إيران عن طريق خانقين أو غيرها . وهكذا فإن كركوك لم تكن خلال عصر الرحلات مدينة مركزية في ذهن الرحالة و لا مركزا من الصعب أو الخسارة السياسية والإقتصادية أو المعلوماتية تفادي المرور به . بينما كان هناك طريق آخر يزيد حظ كركوك كمحطة رئيسية من محطات السفر ، وهو الذي يمر بوسط كوردستان، أي عبر السليمانية - سنه أو سنندج - همدان ومن ثم اصفهان وطهران إن كان المسافر قادما من بغداد أو الموصل أو عائدا اليهما (6).
    ومن هنا فإن المعلومات المتوفرة عن كركوك بالمقارنة مع المدن والحواضر الشرقية الأخرى التي مر بها الرحالة والتجار والمغامرين تبدو فقيرة ومبعثرة ،لا يستطيع معها الباحثون من رسم صورة عنها خلال القرون التي أعقبت الأحتلال العثماني .
    ولكن في المقابل فأن الطريق المار بكركوك قد جرى أستخدامه من قبل الجيوش المحتلة والقوى المختلفة في حملاتها العسكرية و صراعاتها الطويلة على مدى القرون للسيطرة على هذه المنطقة أو درء الأخطار عن نفسها ، الأمر الذي نجم عنه الخراب والدمار على مختلف الأصعدة السياسية ، الإقتصادية، الإجتماعية ، والثقافية التي لا تزال كركوك تعاني من آثارها المريرة .
    تشكل نهاية القرن الثامن عشر والنصف الأول من القرن التاسع عشر ( فترة التنظيمات العثمانية) لحظة تاريخية مهمة بالنسبة لكركوك و كوردستان برمتها. و يرتبط ذلك أساسا بتخلي الدولة العثمانية عن سياستها السابقة في كوردستان ، نقصد بها سياسة ترك إدارة المناطق الكوردية بأيدي الزعماء القبليين والأقطاعيين المحليين الكورد لقاء إرسال الأموال سنويا الى الباب العالي وتقديم المقاتلين أثناء الحروب والحملات العسكرية والخطبة بإسم السلطان في جوامع كوردستان اثناء صلاة الجمعة. وقد إتبعت الدولة العثمانية هذه السياسة في أغلب مناطق كوردستان منذ معركة جالديران 1514 بينها و بين الدولة الصفوية . ولكن مع التحولات الكبرى التي شهدتها أوروبا وإكتشاف الدولة العثمانية لحقيقة تخلفها عن الأولى وقيامها ببعض الإصلاحات بهدف بقاء سيطرتها على المناطق المختلفة، قررت اللجوء الى الإدارة المباشرة للمناطق الخاضعة لسيطرتها بما فيها كوردستان . وقد تركت تلك السياسات العثمانية في كوردستان على مدى قرون ثلاثة أثارا جد عميقة على الأوضاع في كوردستان ، فهي ساهمت من جهة على بقاء الكورد عنصرا سائدا في مواطنه ومحافظا على ثقافته المحلية ولغته، لكنها ساهمت من جهة أخرى في ترسيخ حالة التفتت والتشرذم القبلي والأقطاعي الى حد كبير الأمر الذي لا يزال يعاني المجتمع الكوردي من آثاره الإجتماعية والسياسة والأقتصادية والثقافية المدمرة الى يومنا هذا .
    وقدر تعلق الأمر بكركوك فإنها تحولت منذ منتصف القرن التاسع عشر الى مركز مهم للأدارة والجيش العثمانيين و تجنيد العساكر والموظفين الإداريين . ومع إستقرار الإدارة العثمانية وفئة الموظفين المدنيين والعسكريين فيها، بدأت عثمنة (أقرأ تتريك) جزء من السكان المحليين،لتبدأ بذلك عملية التغييرالديموغرافي القسري للسكان والتي ستصبح على مدى القرن والنصف التالي سمة رئيسية تصطبغ بها الحياة الإجتماعية والأقتصادية والثقافية والسياسية في كركوك المدينة و المنطقة (7) .
    رغم ذلك لا نجد حتى نهاية القرن التاسع عشر مصدرا مهما يشير الى تغييرات كبيرة في التركيبة الأثنية للسكان. وهنا يجب التنويه مباشرة الى أنه لا يمكن التعويل كثيرا على الأرقام الواردة في كتابات الرحالة والمصادر المختلفة لانها تستند في أغلب الأحوال على التخمين لأناس لم يقضوا في أكثر الأحيان سوى أيام معدودة في كركوك أو في احد توابعها ، لذا فإن الإختلاف و التناقض الكبيرين ينتابان هذه الأرقام و المعطيات الى حد كبير . ولعل كليمان الذي زار المدينة عام 1856 أول من يعطينا تخمينا لعدد وتركبية سكان كركوك الذين يقدرهم عددهم بحوالي 25 ألف نسمة ( من دون الجنود العثمانيين الذين كانوا يتمركزون فيها)، مؤكدا في الوقت نفسه أن الكرد يشكلون ثلاثة أرباع سكان كركوك (8) .
    من الجدير بالملاحظة أن أكثر الرحالة الذين مروا بكركوك و تحدثوا عن تركيبة سكانها لم يدخلوا الجنود و في أغلب الأحوال الموظفين المدنيين العثمانيين أيضا ضمن سكان المدينة ، بل عدوهم غرباء عنها سرعان ما يغادرونها بعد إنتهاء خدمتهم فيها ، بإستثناء من يتخلف منهم بسبب الروابط الإجتماعية أو المصالح الإقتصادية . فقد قدر المهندس الروسي يوسيب تشيرنيك الذي زار المدينة عام 1872 - 1873 بهدف دراسة إمكانية الملاحة في حوضي دجلة و الفرات ، قدر عدد سكان المدينة بين 12 - 15 ألف نسمة و أكد بأنهم جميعا من الكرد بإستثناء ( 40 ) عائلة مسيحية إعتبرهم خطأ من الأرمن . وهكذا نرى بأن التناقض تسود هذه المعطيات خاصة فيما يتعلق بعدد السكان و بقدر أقل قدر تعلق الأمر بتركبيتهم الأثنية . و يحدد شمس الدين سامي ، وهو مؤلف عثماني معروف من أصول ألبانية و من رواد الأدب التركي الحديث، في مصدر معتبر هو قاموس الأعلام العثماني عدد سكان كركوك ب 30 الفا في منتصف العقد الأخير من القرن التاسع عشر مؤكدا في الوقت نفسه بأن الكرد يشكلون ثلاثة ارباعهم (9) .
    سيشهد القرن العشرين أكبر عملية عبث بالديموغرافيا في كركوك على أيدي الحكومات العراقية المتعاقبة لتصل الى مرحلة التطهير العرقي بأبشع صوره على يد نظام صدام حسين ولتنحسر نسبة الكرد في كركوك الى 48 % في أواخر العهد المكلي و أقل من ذلك بكثير في العقود اللاحقة. لقد ساهمت ثروة كركوك النفطية في تعميق هذه التغييرات الديموغرافية، فقد تحولت المدينة الى مركز جذب مهم للسكان بعد إستخراج النفط فيها منذ منتصف الثلاثينات و بلغت الزيادة السكانية فيها نسبا عالية جدا بسبب الهجرة المستمرة اليها من مناطق الطرد السكاني. فقد بلغ عدد سكان مركز قضاء كركوك عام 1947 (67756 ) شخصا،كان أكثر من 18 ألفا منهم من مواليد الألوية الأخرى، بينما وصل هذا الرقم الى حوالي 20 ألفا حسب إحصاء عام 1957 بينهم عدد من مواليد الدول العربية أيضا .
    من المفيد أن نشير هنا الى أنه وبعد إنقضاء أربعة عقود كاملة من زوال الحكم العثماني عن العراق كان لا يزال في مركز قضاء كركوك 1353 شخصا من مواليد تركيا حسب إحصاء عام 1957. ويؤكد الرقم الأخير حقيقة طالما حاولت جهات عديدة أن تنكرها لأسباب غير منطقية ونقصد بها سياسة إسكان الموظفين المدنيين والعسكريين الترك في المدينة من قبل سلطات الإحتلال البريطاني بعد هزيمة الدولة العثمانية وإحتلال الأنجليز للمدينة(10 ). لقد برر
    البريطانيون الأمر بحاجتهم الى اولئك الموظفين و الأستعانة بهم لإدارة امور اللواء . لقد استغل الأنجليز هذا الأمر بطريقة كانت تهدف دوما الى تهميش السكان الكرد في المدينة و اضعاف دورهم في ادارتها و في الحياة الأقتصادية و السياسية و الثقافية فيها بسبب مطالبة الكرد انذاك بالدولة الكردية المستقلة . استمرت عمليات الهجرة الى كركوك خلال العقود التي اعقبت ذلك باعداد كبيرة وتشير المصادر الى أن عدد المهاجرين الى كركوك خلال 1947 - 1957 فقط بلغ 39 الف مهاجر(11) .
    وهناك حقيقة أخرى لا يخلو منها مصدر معتبر او مرجع رصين و هي إعتبار كركوك ضمن أراضي كوردستان قبل وبعد قيام الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي. إذ تشير الموسوعة البريطانية الى أن مدينة كركوك تقع عند أقدام جبال زاكروس في كوردستان العراق(12) . كما تشير الموسوعة الفرنسية الكبرى الى أن كركوك تعد من أهم المدن في كوردستان الجنوبية وتتمتع بأراض خصبة و تصلها المصادر المائية المختلفة (13 ) .
    خلال العقود الأربعة الأخيرة ومع تنامي حملات التعريب وحملات الأنفال والتطهير العرقي تنامت الدعوات والمحاولات لفصل كركوك عن محيطها الجغرافي و الثقافي الطبيعي من خلال الإجراءات القسرية وتشويه حقائق التاريخ و الجغرافيا . لقد أثبتت تجارب التاريخ فشل مثل هذه المحاولات والدعوات في كركوك و في غير كركوك . في المقابل أظهر سكان كركوك الأصلاء كما كبيرا من التسامح والروح الإنسانية النبيلة لقبر جميع المحاولات التي كانت تهدف الى تحويل مدينتهم الحضارية الى ساحة للصراع و العنف و البربرية .
    الهوامش و المصادر :
    *) ورقة قدمت في ندوة كركوك بلندن بتاريخ 24 أيلول 2005 .
    1. للمزيد من المعلومات في هذا الباب يراجع : J.H.Kramers & Th.Bois ,Kirkuk, The Encyclopaedia of Islam,new edition. Vol.V. Leiden 1986.PP.144-147. : د.كمال مظهر أحمد،كركوك و توابعها - حكم التأريخ و الضمير ، ج1 ، بلا.م ، ص 5-26 .
    2. . د.كمال مظهر أحمد ، المصدر نفسه ، ص 19 .
    3. Kramers J.H, Th.Bois, Kirkuk , The Incyclopaedia of Islam. vol.V, p.144
    4. صبحي ساعتجي ، شذى التاريخ في أحياء كركوك ، إيلاف 14 تموز 2005 .
    5. ج. أوتير ، رحلة الى تركيا و بلاد فارس ، باريس 1748 ، ص150 ؛ نقلا عن : د.هلكوت حكيم ، كركوك في كتابات الرحالة الفرنسيين ، في كتاب : كركوك مدينة القوميات المتاخية ص 143 .
    6. د.هلكوت حكيم ، المصدر نفسه ، ص 141 -142 .
    7. للتفاصيل راجع مقالنا المطول: كركوك : قرن و نصف من التتريك و التعريب ، المنشور في (الملف العراقي ) ،العدد 99 ، اذار 2000 ، ص 42-46 ؛وكذلك بحثنا الموسوم ، السياسات الحكومية في كركوك خلال العهد الملكي (1921 - 1958 ) ،في كتاب: كركوك ، مدينة القوميات المتآخية ،لندن 2002 . ص 151- 189 .
    8. أ . كليمان ، رحلة الى كوردستان العثمانية ، من كركوك الى رواندوز ، مجلة كلوب ، باريس 1866 ، المجلد الخامس .ص 199 ، نقلا عن د.هلكوت حكيم ، نفس المصدر ، ص 143 .
    9. للتفاصيل راجع دراستنا : التكوين الأثني لسكان كركوك ( خلال الفترة 1850 - 1958 ) ، في كتاب : كركوك مدينة القوميات المتاخية ، ص 256-272 .
    10. وزارة الداخلية ، مديرية النفوس العامة ، المجموعة الإحصائية لتسجيل السكان لسنة 1957 مطبعة العاني ، بغداد 1963 ، للوائي السليمانية و كركوك - ، ص 241.
    11. الدكتور أحمد نجم الدين ، أحوال السكان في العراق ،القاهرة 1970 ، ص 109 ، نقلا عن : الدكتور نوري طالباني ، منطقة كركوك و محاولات تغيير واقعها القومي ، ط2 ، بلا.م،1999 ص 49.
    12. Encyclopaedia Britannica, Kirkuk
    13. الموسوعة الكبرى،الجزء 31 ، تور 1885 ، ص 485 ،نقلا عن د. هلكوت حكيم ،المصدر نفسه، ص 142 .








    shad-kurdistan@hotmail.com

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    المشاركات
    230

    افتراضي

    المهندس الاستشاري / سلام ابراهيم كبة**

    تعتبر اواسط آسيا مواطن التركمان هاجروا منها على موجات متعاقبة الى مختلف البلدان . ودلت الابحاث التاريخية على وجودهم في العراق منذ عهد السومريين وتلتهم الموجات التي استقرت واعتنقت الاسلام بعد اجتيازها نهر جيحون . وسادت العلائق القبلية أراضي التركمان حيث لم تجمعهم دولة قوية ... وتفرقت الشعوب التركمانية جراء الحروب والغزوات الاجنبية الى مناطق عديدة منها العراق فوصلت موجاتهم ميديا 800 سنة ق.م. ويمكن تحديد هجرتجم في العهد الاسلامي 673 ميلادية ، فدخلوا جند الاسلام في عهد الدولة البويهية ... وتأسست الامارات والأتابكيات التركمانية في الموصل واربيل و كركوك وجبل حمرين وشيراز حتى عام 1258 ميلادية ودخول المغول الى العراق. وكان والي خراسان عبد الله بن طاهر يرسل الى العراق 2000 تركي في السنة من مختلف مدن تركستان تنفيذا لأوامر الخليفة .... وفي سنة 138 هجرية ارسل الوالي الفضل بن يحيى البرمكي 20000 مقاتل تركي الى العراق لأستخدامهم في الجيش العباسي. وفي عهد ابو جعفر المنصور عينت لهم محلات سميت بالحربية نسبة الى حرب بن عبيد الله صاحب شرطة بغداد . وانشأ المعتصم لهم في سامراء اسطبلات الخيول ، وكانت قبيلة ختلان التركية تشرف عليها .
    قصد بتعبير التركمان الذي اطلق لأول مرة في القرن الحادي عشر بالترك الذين استوطنوا فارس والعراق وآسيا الصغرى والبلدان الاخرى. وتعود ارهاصات اللغة التركمانية الى القرن (13) الميلادي والى الشاعر علي (1235) ميلادية ، وراحت تستقل منذ ذلك الحين شيئا فشيئا وتكتسب ملامحها وخصوصياتها ويتكلم بها شعوب في العراق وسوريا والأردن وتركمانستان واوزبكستان وافغانستان وايران وتركية ...... والأوغوزية هي التركمانية الاصلية دخلت العراق عبر السلاجقة . والتركمانية العراقية وسط بين العثمانية والآذرية المتداولة في أذربيجان . واتخذت لهجة كركوك الفصحى كلغة للآداب والثقافة التركمانية في العراق ، وهي تختلف قليلا عن لهجات داقوق وطوزخورماتو وتلعفر وقره تبه وخانقين والتون كوبري.
    كانت ايران مسرحا لتصادم القبائل الرحالة التركمانية في القرنين الرابع عشر والخامس عشر .... وقامت فيها الدعاية الواسعة لصالح الحركة الصفوية ، وهي حركة دينية سياسية . ترسخت هذه الحركة في القبائل التركمانية وادت الى تأسيس السلالة الصفوية ! عام 1501 ميلادية وتوج الشاه اسماعيل الاول في تبريز . واعلن اسماعيل المذهب الشيعي الامامي مذهب رسمي للدولة ، وكلف موظفا اسماه الصدر للسهر على نقاوة العقيدة . وظلت الامامية دين ايران الرسمي . وبقي التمجيد لفارس الملوك العظام . ومع توطن واستقرار العشائر العراقية الرحل وامتهانها ممارسة الزراعة في القرن التاسع عشر تفتتت الأتحادات العشائرية القديمة وتغير التوازن بين الجماعات المتوطنة والرحل .... وتغلغل المذهب الشيعي داخل العشائر ، ومنها التركمانية ، عبر زيادة الانتاج الزراعي والتجارة بسب الاحتكاك مع التجار الشيعة ( وكانت الشيعية هي المهيمنة على التجار العرب ) . وبذلك ازدادت تراتبية وسلطة المؤسسة الهرمية الحاكمة ضمن العشائر وظهرت شخصيلت اجتماعية – اقتصادية ودينية بين العشائر . وباتت النخبة الشيعية هي المسيطرة على الموارد . كان تشيع العشائر العراقية المتوطنة بالطرق السلمية ، وتحقق التوسع التنظيمي السياسي الشيعي سلميا . وعلى النقيض من التفاعل الوثيق بين تجار البازار والعلماء الشيعة في ايران فأن التجار الشيعة في العراق لم يكونوا على استعداد لضخ الموارد المالية لدعم المؤسسة والمرجعية الدينية ! كانت تلك هي سمات الجنوب العشائري العراقي ومحافظات الفرات الاوسط والعشائر التركمانية المتوطنة والكرد الفيلية ... أما عشائر اقليم الجبال الكردية والتركمانية والآشورية والعربية فقد كانت سيطرة العثمانية عليها ضعيفا ، لأنه اقليم تميز بولاياته ذات الاستقلال الذاتي ولم يحصل داخلها التمايز الواضح بين الرحل والمتوطنة ، وكان امتهانها التجارة احيانا لم يدفعها للأحتكاك المباشر مع التجار الشيعة .... اي بعبارة أخرى بقي الاقليم بعيدا عن المرجعيات الشيعية العراقية والأيرانية . وهو اقليم امتاز بوعورة تضاريسه وبقاءه فترات اطول قبل تأثره بالمعتقدات السائدة آنذاك ... اي ان تغلغل المعتقدات المحيطة كان ابطء ... الا ان الطرق الصوفية والباطنية الاسلامية امتلكت جذورها عند الكرد الجبليين .
    في اول دستور للدولة العراقية عام 1925 جاء ان العرب والأكراد والتركمان شركاء في الوطن. وساهم التركمان في انتفاضة تلعفر ضد الأنكليز ( انتفاضة قاج قاج ) كما جرى قمعهم بقسوة أعوام 1924 و 1946 من قبل السلطات الملكية والأنكليز وأرتكبت بحقهم المذابح. أصدرت الحكومة العراقية عام 1931 قانون رقم (74)_ قانون اللغات المحلية. وتقرر اجراء المعاملات والمحاكمات في المناطق التي فيها أغلبية تركمانية وعلى رأسها اربيل وكركوك باللغة التركية ! اما الدراسة في المدارس التي يؤمها التركمان فبالتركمانية…وفي عام 1959 حاول اعداء الشعب العراقي زرع بذور الفتنة والشقاق في كركوك . وفي 1963 شن البعث العراقي حملاته الشوفينية على التركمان . .. في الوقت الذي واصل فيه نادي الاخاء التركماني ممارسة نشاطاته بفضل جهود الزعيم عبد الله عبد الرحمن في مقره في العيواضية ببغداد آنذاك حتى استشهاده في 16/1/1980 حيث اعدمه البعث الفاشي مع رفاقه . كما ان المنظمة الوطنية الديمقراطية التركمانية بقيادة عزت الدين قوجوه قاتلت الى جانب ثوار كولان في السبعينات والثمانينات . ولم ينج التركمان من غضب دكتاتورية صدام التي أعدمت اكثر من 500 شابا تركمانيا من الإسلاميين ودمرت مدينة تسعين وقرية بشير . وبعد انتفاضة آذار سنة 1991 توسع التعليم بالأحرف اللاتينية والعربية في المدارس التركمانية بالإقليم الجبلي وتوسع الأعلام السمعي والمرئي والمقروء لتتفتح الآفاق الرحبة في الاستنهال من ثقافات الشعوب الناطقة باللغة التركية والتي يربو تعدادها على 200 مليون نسمة في العالم التركي.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    المشاركات
    230

    افتراضي

    أدارة كركوك عبر التاريخ


    أعده : نجات كوثر اوغلو

    نزح السومريون من موطنهم اواسط اسيا الى ميزوبوتاميا " بلاد ما بين نهرين " من سنة 4000ق.م الذين صنعوا في ميزوبوتاميا " العراق " الحضارة والمدنية في تاريخ الانسانية 1.

    وان الغموض يكتنف نشأة كركوك " قلعة كركوك " في العصر السومري لأن اقدم ذكر لها يرجع الى عهد السومرية " عصر فجر السلالات " 2600 ق.م " . وذكرت في المصادر التأريخية ان آرابخا " كركوك " قد تميزت في العهد السومرية ، بازدهار العمران واتساع مركزها . واهم ما كان يتميز به هذا العصر ، ظهور المدن المستقلة الذي أصطلح على تسمية بعصر دويلات المدن City state وعلى هذا نشاهد ان العراق في العصر السومري مقسماً على عدة دويلات ، وكانت كل مدينة دولة قائمة بنفسها تتألف من مدينة وبضع قرى باراضيها وبساتينها يحكمها استشارياً مجلس المواطنين العام الذي يتألف من مجلس المسنين . والمتقدمين من كبار رجال الاسر والعشائر ومجلس الشباب القادرين على حمل السلاح . وعلى هذا الاساس ان كركوك كانت مدينة مستقلة بحد ذاتها في العصر السومري 2.

    فقد ذكرت المصادر الأشورية أن " آرابخا " القديمة " كركوك الحالية " كانت مركزاً لعبادة الاله " آدد " آله الرعد والامطار . وحين اجتاحها الجيوش الاشورية 1400 ق.م. شاهدت في وديانها النيران المتأججة " النار الازلية " كما ورد ذلك مخطوطاً على مسلة النصر التي اقامتها ملك بابلي غير معروف ، والذي ذكر فيها فتح آرابخا " كركوك " بهذه الكلمات " (دخلت آرابخا وقبلت اقدام الاله آدد واعدت لتنظيم البلاد 3 . )

    واتبع حمورابي نظاماً مركزياً ربط جميع حكامه به وحدد صلاحياتهم ، والنصوص تشير الى الموظفين متنوعي التخصص ، فهناك مجلس المسنين وحكام المقاطاعات وجباة الضرائب ومسؤلوا المدن والمشرفون على الاملاك الملكية ومسؤول الشرطة ومسؤول التجار .. الخ . حيث كان البلاد مقسمة الى عشرين مقاطعة لكل منها حكومة محلية مسؤولة امام الملك في بابل .

    وفي سنة 642 م تم فتح منطقة كركوك وضواحيها من قبل المسلمين في عصر الخليفة عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) بقيادة اياس بن غنام . حيث تطورت الادارة في العصر الاسلامي ، اذ قسم الخليفة العراق الى منطقتين اداريتين هما ولاية البصرة وولاية الكوفة ، وجعل كل ولاية مستقلة عن الاخرى تتبعها اثنا عشرة وحدة ادارية مقسمة الى وحدات اصغر . فأصبحت كركوك في بداية العصر الاسلامي الاول مدينة متواضعة ليست لها اهمية تذكر 4 .

    لم يتوطد حكم البويهيون في شمالي العراق بصورة عامة وكركوك بصورة خاصة .

    وفي سنة 447 هــ / 1055 م دخل طغرل بك السلجوقي مع جيشه بغداد ورافقه موجة كبيرة من قبائل الغز " اوغوز " او التركمان وسمي المؤرخون هذه الطائفة بالغز العراقية 5 . وسكنوا منطقة كركوك واستوطنوا مع اقرانهم التركمان الذين استوطنوا واسسو مدينتهم كركوك منذ عصر فجر السلالات 2600 ق. م. في عصر السومري الذين نزحوا من تركستان الى ميزوبوتاميا " العراق " كما ذكرنا اعلاه 6 .

    اتبعت الدولة السلجوقية اسلوب اللامركزية في الحكم وذلك عن طريق منح اقطاعات الى الامراء او القواد وتشكيل هذا الامير امارة تكاد تكون مستقلة في اكثر الاحيان وانتشرت اتابكيات وامارات تركمانية متعددة في اماكن مختلفة من الامبراطورية السلجوقية .

    وامارة قفجاق هي واحدة من هذه الامارات التي تأسست في كركوك . وبقيت لفترة طويلة على مسرح التاريخ السلجوقي . واتخذ قفجاق بن ارسلان طاش التركماني مؤسس الامارة ، مدينة كركوك مركزاً للأمارة حتى سقوطها سنة 587 هـ / 1191 م على يد مظفر الدين گوگبورى حاكم اربيل . وقد دخلت كركوك في مملكة اربل " اربيل " .

    وقامت الدولة الايلخانية في سنة 656 هـ / 1258 م واصبحت كركوك ضمن ادارة الايلخانيون . ولكن لم ينال المدينة من اعمال عمرانية التي قام بها الايلخانيون في العراق ، ولاسيما في عهد الايلخان السابع غازان محمود " 1295 هـ / 1304 م "

    وبعدها تأسست الدولة الجلائرية التركمانية سنة 814 هــ / 1337 م ، ودخلت كركوك ضمن الدولة الجلائرية ، ودام حكمهم في كركوك " العراق بصورة عامة " حتى استيلاء تيمور لنك على بغداد .

    وفي سنة 796 هـ / 1394 م ، دخل تيمورلنك مع قواته مدينة كركوك وداقوق . وقدم حاكم داقوق وكركوك الامير قزل مير علي اويرات ولاءه الى تيمور مع حكام المدن والقلاع المجاورة . ونعم تيمورلنك اهالي المدينة واكرمهم ووزع عليهم الهدايا والاموال.7

    وفي سنة 814 هـ / 1410 م دخلت ادارة كركوك ضمن حكم دولة القره قوينلو وهم احدى القبائل التركمانية التي حكمت العراق الى سنة 1467 م . وفي عهدهم سميت بلدة كرخيني بـ"كركوك " وذلك وجدت لاول مرة في هذه العهد نصوصاً تاريخية لحوادث جرت في كركوك فذكرت فيها تارة اسم " كرخيني " وتارة اسم " كركوك " مع ان الحوادث لم تتبدل والمواقع نفسها8 . فالتركمان هم الذين اطلقوا تسمية كركوك على مدينتهم .

    قامت دولة الاق قوينلى في العراق سنة 872 هـ / 1467 م ،واق قوينلى : فهي احد القبائل التركمانية هاجرت من مواطنها تركستان امام المغول في اواخر القرن الثالث عشر .

    استطاع مقصود بك بن اوزون حسن " حسن الطويل " سنة 1469 م من فتح بغداد . وبعدها اصبحت ادارة كركوك تابعة لدولة الاق قوينلو . ونال شيأًًًًً من الاستقرار والعناية .

    حيث يقول العلامة الدكتور مصطفى جواد " اما دور التركمان القره قوينلى ثم الاق قوينلى فقد اختلطت قبائل هؤلاء بسكان المناطق الواقعة في الشمال الشرقي من العراق وفي شمال العراق واكثرهم من الترك وكان اختلاطهم بالشعب مستمراً ، بحيث لم يعد من التركمان اليوم من يستطيع ان ينفي عن نفسه بانه قره قوينلى او اق قوينلى ولا ان يثبت ذلك وقد كان هؤلاء من التركمان رحالة وراء المواشي طالباً للكلأ . وقد سنحت لهم الفرص للاستيلاء على العراق واذربايجان والجزيرة والمدن التي امضوها في الحكم كانت كافية لامتزاجهم بالشعب وبجماعتهم من التركمان الذين سبقوهم لاتخاذ العراق والجزيرة وطناً لهم9.

    وفي عام 914 هــ / 1508 م دخل العراق تحت نفوذ وادارة الدولة الصفوية في الاساس هم اسرة تركمانية صوفية ، تنتسب الى الشيخ صفي الدين المتوفي عام 734 هـ / 1334 م واشتهر هذا الشيخ في اردبيل بامتهان للطريقتها الصفوية واستغل اسماعيل الصفوي حالة الفوضى والتمزق في حكومة الاق قوينلو وبسط حكمه على جميع انحاء العراق . واصبحت كركوك ضمن ادارة الصفويون حتى دخول السلطان سليمان القانوني بغداد في 24جمادى الثانية من سنة 941 هـ / 1534 م وبدأ الحكم العثماني في العراق .

    وبعد استيلاء العثمانيين على العراق وضعوا تقسيماً ادارياً جديداً سمي بنظام الولايات (وتعني " ايالة " اكبر وحدة في الامبراطورية العثمانية . اما السنجق تعني وحدة ادارية اصغر من الايالة محدودة الرقعة ، وكان على السنجق مير لواء الذي عليه ان يقدم اثناء الحرب عدداً من الجند حسب دخل اقطاعه الخاص ) التي تتبعها " السناجق " وتتالف كل ولاية من الوالي وموظفيه . حيث قسم العراق الى خمس ولايات ، بغداد – الموصل – البصرة – شهرزور – والاحساء . واصبحت كركوك مركز ولاية شهرزور10 . واستبدلت اسم شهرزور الى كركوك في 25 شعبان 1310 " 14 مارت 1893 " بسبب وقوع التباس في تشابه الاسم بين سنجق زور الواقعة في سوريا .

    ويرأس الجهاز الحكومي فيها الوالي ، وغالباً مايكون برتبة الوزير ، ووالي بغداد له صلاحيات اوسع من الولاة الاخرى . والولاة كانوا مستقلين عن الباشا في بغداد ، الا عند ما كانت تصدر الاوامر السلطانية بالتعاون والتأزر بين الاطراف المذكورة . وقد كانت تدخل بغداد في شؤون الولاة في بعض الحالات مثل ظهور الفتن والعصيان وما ذلك من الحوادث الشبيهة .

    وقد حدثت فيما بعد في اواخر العهد العثماني تبدلات فرعية في هذه التقسيمات . إذ قسم العراق الى ثلاث ولايات رئيسية وهي بغداد – الموصل – البصرة . فأصبحت كركوك في سنة 1892 تابعة لولاية الموصل .

    وفي سنة 1894 والادوار بعدها كانت كركوك احدى سناجق ولاية الموصل المتكونة من اقضية اربيل ، صلاحيه ، كوى سنجق ، راوندوز ، ورانيه .

    وجاء في سلنامة الموصل لسنة 1310 هـ " 1893 م " بان سنجق كركوك ورد باسم شهرزور والوحدات الادارية كانت بهذا الشكل :

    سنجق شهرزور : ا- النواحي التابعة للمركز وهي : التون كوبرى ، ملحة " الحويجة " ، شوان ، كيل ، داقوق .

    ب- الاقضية هي : راوندوز . ج- صلاحيه ، والنواحي التابعه له هي قره تپه ، طوزخورماتو .

    د- قضاء اربيل متكونة من النواحي سلطانية وذزه بي . هــ - قضاء كوى سنجق .

    و- قضاء رانيه .

    وفي سلنامة الموصل لسنة 1312 هــ، كانت الوحدات الادارية لسنجق كركوك بهذا الشكل :- مركز كركوك والنواحي التابعة لنفس المركز اللواء هي التون كوبرى ولها 30 قرية ، داقوق ولها 12 قرية ، شوان لها 100 قرية ملحه ولها 23 قرية وكيل ولها 50 قرية .

    والاقضية الملحقة لكركوك وهي 1- قضاء راوندوز والنواحي التابعة لمركز قضاء هي ناحية برادوست وله 64 قرية وديره حرير وله 40 قرية وبالك له 60 قرية .

    2- قضاء اربيل ، والنواحي تابعة له دزه يي ، قوش تبه ، وسلطانية .

    3- قضاء صلاحية " كفرى " والنواحي التابعة له ، طوزخورماتو وقره تبه .

    4- قضاء كوى سنجق ، وناحية شقلاوه تابعة له .

    5- قضاء رانيه .

    وفي سنة 1902 كانت النواحي التابعة لمركز كركوك وهي ناحية نفس كركوك تازه خورماتو ، التون كوبرى ، كيل ، وناحية شوان ، ومن مجموع 348 قرية تابعة للواء هناك 133 قرية تابعة لنفس مركز كركوك .

    وكان حكام كركوك يلقبون بــ" المتصرف " وعند غياب المتصرف عن السنجق كان يتولاها المتسلم و" المتسلم هو الموظف الاداري الذي يتولى مقاليد الامور عند عزل الوالي او المتصرف ريثما يعد الحاكم الجديد لحين " . وكان تعيين المتصرف والمتسلم ، يقترن بادارة السلطان العثماني ويدار الحكم حسب النظام الاقطاعي ، فكانوا يعطون رسوماً مقطوعة الى والي بغداد . وقد استطاعت كركوك خلال حكم المتسلميين ان تستقل استقلالاً تاماً عن والي بغداد11 . كانت الايالات تتجزّأ الى وحدات شبيهة بوحدات القرن التاسع عشر ، فان حدود البقاع القبائلية المعروفة على مر الزمن او المقاطعات الوراثية او الوديان او مصبات الانهار والجداول اصبحت حدوداً للنواحي والاقضية . حيث يقول لونكريك صاحب كتاب اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث في صفحة 95 " ان مدينة كركوك الجميلة لم تتبدل كثيراً في القرنيين الاخيرين كما لم يتبدل خط القرى التركمانية الممتد على طول طريق الاعظم ولا القرى العديدة التي يقوم سكانها بالزراعة الديمية " الديم " والمعتمدة على المطر في السقي ، وكان النفوذ التركي يتغلغل في الاماكن التي فيها الدم التركي وتنتشر طياً اللغة التركية .

    اهم الوظائف الادارية في سنجق كركوك :-

    1- المتصرف : وياتي منصبه بعد الوالي حاكم اللواء او السنجق .

    2- نائب وبدأيت محكمه سى حقوق رئيسي ، أي " نائب القاضي ورئيس محكمة البداءة .

    3- محاسبه جى : المحاسب .

    4- - تحريرات مديرى ، أي مدير التحريرات .

    5- بدايت محكمه سى جزا رئيسى : رئيس محكمة الجزاء .

    6- مدعي عمومي معاونى ، معاون المدعى العام .

    7- تلغراف وبوسته مديرى : مدير البريد والبرق .

    8- دفتر خاقانى مأمورى : موظف الطابو " التسجيل العقاري " .

    9- اوقاف مأمورى : موظف الاوقاف .

    10- زراعت بانق صندوق مأمورى : موظف امين صندوق المصرف الزراعي .

    11- مكاتب ابتدائيه مفتشى : المشرف التربوي للمدارس الابتدائية12 .

    كركوك مركزاً لولاية الموصل : وفي سنة 1296 هــ / 1879 م انيطت ولاية الموصل الى فيضي باشا ، واتخذ فيضي باشا مدينة كركوك مركزاً للولاية . وتم نقل جميع اركان الولاية " هيئة موظفي الولاية من الموصل الى كركوك " . اغفل المؤرخون والكتاب وخاصة مؤرخي تاريخ العراق الحديث هذا الحدث التاريخي المهم واول من اشار الى هذا الحدث التاريخي هو الاستاذ الباحث المحامي عطا ترزى باشى ونشره في مجلة الثقافة الحديثة ، عددالاول ، مايس سنة 1954 . وقد ارخ ذلك الشاعر الكركوكي المعروف الحاج عبدالله صافي ، ببعض اشعاره التركية . منها البيت الاخير :

    گلدى بر مصلاوى تاريخك ديدى

    الــمدد اولــــدى ولايت شهرزور

    معناه : جاء امرؤ مصلاوى فأرخ ذلك قائلاً

    يا للمدد–ان شهرزور صارت ولاية .

    أي ان رجلاً من الموصل جاء يطلب العون وهوينادي ان كركوك اصبحت ولاية . ان الشطر الثاني من البيت يشير بدلالة الحروف الابجدية الى سنة 1296 هــ وبقيت حوالي اربعة سنوات مركزاً لولاية الموصل . وفي شهر صفر سنة 1300 هــ / كانون الاول 1298 الرومية اعيد مركز الولاية من كركوك الى الموصل ثانية .

    ففي العهد العثماني نشاهد كركوك مركزاً لوحدة ادارية وشملت شهرزور احياناً واتخذت في بعض الفترات مركزاً للايالة وتارة لواءاً مستقلاً احياناً بيد متسلم او المتصرف تابعة لموصل مرة ومنفصلة عنها .

    دخلت قوات الاحتلال الانكليزي الى مدينة كركوك بتاريخ 14 مايس 1918 م لاول مرة وانسحب الجيش العثماني من المدينة . وفي يوم 1 حزيران 1918 عاد الجيش العثماني الى مدينة كركوك مرة اخرى وطرد الجيش الانكليزي منها . ومكثوا فيها حوالي خمسة اشهر ونصف الشهر وبعدها اضطروا بتاريخ 9 كانون الاول 1918 ترك المدينة والانسحاب منها.

    فدخل جيش الاحتلال الانكليزي الى المدينة للمرة الثانية13 . وسميت هذه الفترة من قبل الاهالي في كركوك ، فترة السقوطين " أي سقطت المدينة مرتين بيد الاحتلال الانكليزي ". واغفل المؤرخون والكتاب هذا الحدث التاريخي المهم ولم يؤشر احد الى ذلك . وكذلك لأول مرة اشار الاستاذ الباحث عطا ترزى باشى في بحوثه الى هذا الحدث التأريخي المهم . في كتابه تاريخ الطباعة والصحافة في كركوك .

    في سنة 1918 م ، قررت سلطات الاحتلال البريطاني جعل " منطقة كركوك " منطقة مستقلة بذاتها . وتم تعيين الكابتن نوئيل حاكماً سياسياً لمنطقة كركوك . وقد وجهت له سلطات الاحتلال التعليمات الاتية " لقد عينت حاكماً سياسياً في منطقة كركوك اعتباراً من اول تشرين الثاني . وتمتد منطقة كركوك من الزاب الصغير الى ديالى ، والى الحدود التركية – الايرانية من الجهة الشمالية الشرقية . وهي تكون جزءاً من ولاية الموصل وان يكون هدفك اجراء الترتيبات اللازمة مع الرؤساء المحليين لأعادة الامن الى نصابه والمحافظة عليه في المناطق التي تقع خارج الحدود14 .

    وفي 3 ايار 1920 اعلن رسمياً انتداب الانكليز على العراق . وفي سنة 1923 جرى تقسيم ادارة كركوك الى لوائين كركوك – اربيل وظلت حقوق وواجبات الموظفين الاداريين حتى عام 1927 متخذة على اساس قانون ادارة الولايات العثمانية الذي استبدل بعد ذلك بقانون جديد لادارة الولاية . وبموجب هذا القانون تم تقسيم كل لواء الى اقضية ، والاقضية الى نواح واختير المتصرفون من بين الشخصيات العراقية ذات النفوذ ممن اشغلوا في فترة الحكومة التركية وظائف ادارية متقدمة . وقد عين فتاح باشا متصرفاً لكركوك في 1922- 1924 . وهو تركماني من اهالي طوزخورماتو .

    ويعتبر المتصرف رئيساً للمجلس الاداري في اللواء ، ويتكون من ثلاثة اعضاء رسميين هم مدير خزينة ومدير الطابو ومدير التحرير او كاتب الادارة المحلية في اللواء . واربعة اعضاء غير رسمين من الاهليين ومن وجهاء البلد تنتخبهم المجالس البلدية في الالوية وفي الاقضية . واختصاصه ان ينظر في القضايا التي يعرضها المتصرف او القائممقام ويتخذ بشأنها القرارات .

    ووضع الى جانب كل متصرف مفتش اداري انكليزي ، وقد استبدل هؤلاء المفتشون فيما بعد بمستشارين الانكليز وقد كان لدى المتصرف في الالوية الكبيرة مثل كركوك مستشاران انكليزيان .

    ان نظام الادارة المحلية هذا غالباً ما كان يساعد على بروز الاحتكاكات بين ممثلين السلطات البريطانية والادارة العراقية المحلية 15 .

    ذكرنا اعلاه ، جعل قوات الاحتلال الانكليزي ادارة كركوك ، ادارة خاصة ، وعلى اثر المجزرة عام 1924 في كركوك ، عقد مجلس الوزراء " وزارة الفريق جعفر العسكري الاولى " جلسة خاصة ، برئاسة الملك فيصل الاول في يوم 9 ايار 1924 . وبعد ان طرح وبحث هذه القضية من نواحيها المختلفة اصدر ثلاث قرارات ، ونص القرار الثالث جعل ادارة لواء كركوك كأدارة بقية الالوية ومنذ ذلك التاريخ أي من سنة 1924 اصبحت ادارة كركوك حسب قرار مجلس الوزراء كبقية الالوية العراقية تابعة لحكومة العراقية ( بغداد )

    جعل قوات الاحتلال الانكليزي ادارة كركوك وقسمه بشكل يخدم مصالحه السياسية ، حيث الحقت قضاء چمچمال والنواحي سنگاو و اغچلر الى كركوك من لواء السليمانية لتقليص منطقة نفوذ الشيخ محمود الحفيد وكذلك ليخدمه في قضية الموصل والقضايا السياسية اخرى انذاك . واصبحت التقسيمات الادارية بهذا الشكل :-

    1- يتألف لواء كركوك من 1- مركز قضاء كركوك وقاعدته في نفس مركز اللواء " مدينة كركوك " المتكون من نواحي التون كوبرى ، قره حسن ، شوان ، الملحة " الحويجة " .

    2- قضاء چمچمال : المتكون من المركز وناحية اغچلر وناحیة سنگاو .

    3- قضاء طوزخورماتو : المتكون من مركز القضاء وناحية داقوق وناحية قادركرم .

    4- قضاء كفرى : المتكون من مركز القضاء وناحية بيباز وناحية شيروانه .

    وفي سنة 1957 كانت ادارة كركوك متكونة من مركز القضاء والحق له 5 نواحي و250 قرية و318 قرية تابعة لقضاء كفري و202 قرية تابعة لقضاء چمچمال و234 قرية تابعة لطوزخورماتو . ويكون مجموع 4 اقضية و14 ناحية و1274 قرية .

    وبعد سنة 1968 تم تبديل ادارة العراق ، واحدثت محافظات جديدة لاسباب سياسية ولتطبيق سياسية تغير الديمواغرافي للمدن واصبحت عددها 18 محافظة . وفي هذه الفترة تم تبديل اسم اللواء الى التأميم . واطلقت كركوك فقط على اسم مركز المدينة .

    وفي سنة 1990 ولحد السقوط النظام ، أجري تغيرات وتقسيمات عديدة في أدارة كركوك وبسبب تطبيق سياسة تطهير العرقي في المدينة الحقت قضاء طوز خورماتو والنواحي التابعة له الى تكريت وقضاء چمچمال الى السليمانية وقضاء كفري الى ديالى واصبحت كركوك اصغر وحدة أدارية في العراق .



    هوامش :-

    1- Begmyrat GEREY , 5000 Y‎ll‎k Sümer – Türkmen Baًlar‎ , S, 19

    2- د. احمد سوسة ، حضارة وادي الرافدين .

    3- ليو اوينهام ، بلاد مابين النهرين ، 1981 .

    4- Musul – Kerkük ile ilgili Ar‏iv Belgeleri . s. 160 .

    5- ابن الاثير ، الكامل في التاريخ ، ج9 ، ص136 .

    6- Begmyrat GEREY , 5000 Y‎ll‎k Sümer – Türkmen Baًlar‎ , S, 19

    7- نوري عبد الحميد العاني ، العراق في عهد الجلائري ، بغداد 1983 ، ص51 .

    8- الدكتور مصطفى جواد ، كركوك في التاريخ ، مجلة اهل النفط ، العدد 4 ، السنة الرابعة 1954 .

    9- الدكتور مصطفى جواد ، مجلة الدليل ، العدد 5 ، 1961 .

    10- لونكريك ، اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ترجمة جعفر الخياط ، الطبعة الثالثة ، ص94 .

    11- نفس مصدر السابق ، ص55 .

    12- انظر سلنامة دولت علية عثمانية لسنة 1330 هــ ، استانبول ، ص 803.

    13- اوقات عطا ترزى باشى ، كركوك مطبوعات تاريخى ، ص85 .

    14- عبد الرزق الهلالى ، تاريخ التعليم في العراق في عهد الاحتلال البريطاني ، ص106 - 109 ، 1975 .

    15- البرت م . منتشاشفلي ، العراق في سنوات الانتداب ، ص77 .

    مركز الإعلام التركماني العالمي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    المشاركات
    230

    افتراضي

    حقيقة اصل كركوك


    سليم حيدر الموسوي



    تعتبر كركوك من اكثر المدن العراقية تركمانية من ناحية تاريخ القرون الاخيرة ومن ناحية التواجد التركماني في المدينة ومراكزها الحضرية ومن ناحية التأثير الثقافي وحضور اللغة التركمانية حتى بين غير التركمان من اكراد وعرب وسريان. رغم هذا فأن المشاريع القومية الكردوية تصر على اعتبار هذه المدينة جزءا من كردستان الكبرى، بل راحوا يطلقون عليها (قدس الاكراد) (وهذا يخفي قصدا
    خبيثا يعني ان العراقيين والتركمان ذاتا مثل الاسرائليين الذين اغتصبوا القدس)!! تاريخ كركوك منذ القدم كانت كركوك جزءاٌ من بلاد الرافدين. أقدم ذكر ورد لها باسم (ارابخا) في التقويم الجغرافي الشهير عن ممتلكات الملك سرجون الأكدي (253-2473) ق.م. هناك من يعتقد أن اسم -كركوك - أتى من السومرية بمعنى العمل العظيم ( كار-عمل، كوك= قح - عظيم). يبدأ تاريخ مدينة كركوك مع انبثاق-
    النار الأزلية عام 550 ق.م في العهد الكلداني. من المعروف أن هذه النار، التي لازالت حتى يومنا هذا في "بابا كركر" تتشكل من الغازات النفطية المنبعثة من باطن الأرض. منذ ذلك التاريخ بنيت المدينة تقديساٌ لهذه النار، وقريباٌ من الماء والكلأ المنتشر في المنطقة. وتحولت الى مركز لعبادة الاله "حدد" السامي العراقي. بعد احتلال الاسكندر المقدوني للرافدين عام 331 ق.م. تحولت المنطقة الى مركز لنشاط القائد الاغريقي سلوقوس الذي بنى فيها منطقة عسكرية سميت -كرخ سلوقايا- أي قلعة السلوقيين ومنها ربما أتى اسم "كركوك". في العصر الايراني الساساني، تحولت كركوك الى مركز رئيسي للمسيحية النسطورية السريانية التي انتشرت في بلاد الرافدين قادمة من سوريا. واطلق على اسقفية كركوك اسم- بيت جرماي - وقام الأباطرة الساسانيين بعدة مذابح شهيرة ضد النساطرة واشرسها في القرن الرابع الميلادي، راح ضحيتها عدة آلاف من السكان. في القرن السادس تمكن "يزيدن" أحد القادة السريان أن يكون أميراٌ على المدينة حتى سميت باسمه /كرخا
    يزيدن/. في كركوك بنيت واحدة من أقدم الكنائس في التاريخ عام 470 ميلادي، وظلت هذه الكنيسة حتى فجرها الاتراك بعد انسحابهم عام 1918. ويعتقد أن جامع النبي دانيال المعروف في المنطقة قد أقيم محل كنيسة نسطورية قديمة ظلت قائمة حتى عام1700 م. بعد تكوين ولاية الموصل عام 1879 تبعت كركوك هذه الولاية. عام1918 فصلت عن كركوك ثلاثة أقضية لتكوين لواء أربيل. أما بالنسبة للتركمان القاطنين في المنطقة فهم من بقايا عدة مجاميع بدأت تستقر منذ القرن الثامن قبل الميلاد واستمر مع السلاجقة والاتابكة والعثمانيين، وقد امتزجوا بالسكان السريان والعرب وحملوا ميراثهم الحضاري رغم تمايزهم اللغوي. علما بان اللغة التركمانية هي الشائعة بين سكان مدينة كركوك حتى بين غير التركمان من عرب واكراد وسريان. يبلغ عدد سكان كركوك حالياٌ النصف مليون تقريباٌ بنسب عددية شبه متقاربة من الأكراد والتركمان مع نسبة أكبر من العرب تزداد مع الأعوام بحكم سياسة التعريب التي اتبعتها الحكومات العراقية، بالإضافة الى بضعة آلاف من السريان الكلدان والنساطرة. نظرة موضوعية الى واقع وتاريخ منطقة كركوك* لقد أصبح الواقع القومي لمنطقة كركوك مدار تجاذب شديد اعترته للأسف حوادث عنف مأساوية. وقد دأب الكثيرون من سياسيي الأكراد ومثقفيهم الى محاولات اثبات أن كركوك لم تكن تحوي
    في أي يوم من الايام أغلبية تركمانية. ويستشهد هؤلاء عادة بمؤلفات ذات مصدر بريطاني، دبجت أثناء مفاوضات ولاية الموصل أعقاب الحرب العالمية الأولى أو بمؤلفات بعض الاكراد أنفسهم، كما لاحظنا أن معظم الكتاب الأكراد يستشهدون كحقيقة مسلم بها بمؤلف قاموس الأعلام لشمس الدين سامي، والذي يعتبرونه موسوعة تاريخية وجغرافية عثمانية مهمة. اذ ذكر فيه بأن ثلاثة أرباع أهالي كركوك هم من
    الكرد والبقية من الترك والعرب وغيرهم. وقد اعتمد الدكتور نوري الطالباني في مؤلفه الموسوم (منطقة كركوك ومحاولات تغيير واقعها القومي) نفس الاتجاه، فقد ذكر انه اعتمد في سرد المعلومات عن تاريخ المنطقة وماضيها وجغرافيتها وعلميتها الخالصة، تركية كانت أو عربية أو كردية أو غربية، واستطرد قائلا، بأن مؤلف الموسوعة العثمانية (قاموس الاعلام) هو المؤرخ التركي شمس الدين سامي الذي زار
    منطقة كركوك قبل قرن من الزمان ودون معلومات دقيقة عنها لا يمكن أن يكون مناصرا للكرد. وللحقيقة فأن المرحوم شمس الدين سامي ليس تركيا بل هو ألباني، ولد بألبانيا سنة 1226 للهجرة ودرس في المدرسة المتوسطة اليونانية في يانية، وتعلم التركية والفارسية والعربية على يد مدرسين خصوصيين، ثم انتقل الى اسطنبول وانصرف الى الصحافة فأسس جريدة (صباح) اليومية وبدأ يكتب القصص فالف قصة
    (معاشقت طلعت وفطنت) والتي نقض بها نظام الزواج في الدولة العثمانية، وألف قصة (ثورة كاوة الحداد على الطاغية ضحاك) فأبعد الى طرابلس الغرب. ولما عاد من المنفى انصرف الى تأليف القواميس اللغوية والاعلامية. وللحقيقة أيضا فأن المرحوم سامي لم يكن رحالة أيضا فهو لم يزر كركوك ولا بغداد التي كتب عنها وتشير الانسكلوبيديا الاسلامية بوضوح أن مواد القاموس مستقاة من كتاب Dictionnaire d histore et de geograpie universel لمؤلفه Bouillet في حين اعتمد المؤلف على بعض المراجع العربية والفارسية وبعض الوثائق والتقارير من الولايات العثمانية وغير المدققة لاضافة مواد عن المدن الشرقية والعثمانية التي لم يتناولها المؤلف المذكور. ولو أردنا الاعتماد على دقة معلوماته فان من الواجب اعتبار مدينة بغداد تركية بالكامل، فهو يذكر أن اللغة التركية في بغداد كانت في الدرجة الأولى وفي الدرجة الثانية العربية. ان أغلب المراجع الموثوقة تشير الى كون كركوك منطقة تركمانية خالصة، وان بدأ تغيير الواقع القومي لها من قبل الأكراد والعرب مؤخرا. ولعلنا نتخذ الطريق الأصح في الاشارة الى أي مصدر تركي وتركماني مهما بلغت قيمتها العلمية المعتمدة وهي تعد بالعشرات. وقبل الاشارة الى أية دراسة أو مرجع نشير أن الحكومة العراقية قد أقرت بهذه الحقيقة. كما جرى التنويه عنه في التصريح المصادق عليه من قبل المجلس النيابي بجلسته المنعقدة في الخامس من أيار (مايو) والموجه الى عصبة الامم ويتضمن تعهدات العراق الى مجلس عصبة الأمم كما وضعتها اللجنة التي ألفتها مجلس العصبة بقراره المتخذ في 28 كانون الثاني 1932. فقد اشار التصريح في مادته التاسعة، أن العنصر الغالب في قضائي كفري وكركوك (أي مدينة كركوك) هم العنصر التركماني، واعتمدت اللغة التركية واللغة الكردية الى جانب اللغة العربية كلغات رسمية. وليس هناك من يعتقد أن الحكومة العراقية وهي الحساسة كثيرا ازاء اللغة التركية، كانت ستقدم مثل هذا الاقرار والتعهد لأقلية لا شأن لها (انظر السيد عبدالرزاق الحسني "تاريخ الوزارات" الجزء الأول، وأيضا ساطع الحصري "مذكراتي في العراق" الجزء الثاني 1927- 1941 ود.وليد حمدي "الكرد وكردستان في الوثائق البريطانية"، ود.عزيز الحاج "القضية الكردية في العشرينات"، وعوني فرسخ "الأقليات في التاريخ العربي"). ويعرف المطلعون ان الحكومات العراقية المتعاقبة قد اعتمدت النسيج القومي للعرب والأكراد والتركمان منذ بدء نشأتها. فقد طبعت اللائحة الخاصة بالمسودة الأولى للقانون الأساسي في 1921 باللغات العربية والكردية والتركية
    والانكليزية. كما أصدر المندوب السامي البريطاني بلاغا نشره في مدينة كركوك فقط بعد أحداث مذبحة كركوك التي ارتكبها ثلة من الجيش الليفي في الرابع من شهر آيار 1924باللغة التركية فقط. ويعلل ذلك المؤرخ عبدالرزاق الحسني بكون اللغة التركية هي لغة أهل كركوك السائدة. علاوة على ذلك فقد طبع القانون الأساسي للدولة العراقية والصادر عام 1925 باللغة التركية اضافة الى اللغتين العربية والكردية. واقر (قانون اللغات المحلية) رقم 74 والصادر عام 1931 اجراء المحاكمات في المناطق التي تسكنها أغلبية تركمانية وعلى رأسها كركوك وأربيل باللغة التركية. كما تقرر بأن تكون الدراسة في المدارس التي يؤمها التركمان على الأغلب بلغتهم المحلية. وهي حقوق طبيعية سرعان ما اغتصبت كغيرها من مباديء حقوق الانسان في الوطن العراقي. ولعل من أبرز ما يفيد باقرار الحكومات العراقية لهذا المنحى، أن الصحيفة الوحيدة التي كانت تصدر في كركوك وتطبع من قبل رئاسة بلديتها كانت تنشر بالعربية والتركمانية فقط حتى عهد قريب. يورد ساطع الحصري في كتابه الموسوم (مذكراتي في العراق) وذلك في معرض تصادمه عام 1921 مع الكابتن ن.فاريل القائم باعمال مستشار وزارة المعارف آنذاك عندما رفض قبول وظيفة معاون مدير المعارف، أن فاريل أورد اقتراحا آخر حيث قال له: - "اذهب الى كركوك، تول وظيفة معاون مدير المعرف هناك. هناك يتكلمون التركية، وأنت تعرف التركية!".. وقد كرر فاريل اقتراحه على حيدر رستم، رئيس الديوان الملكي بحجة أن أهالي كركوك يتكلمون التركية. وقد أوضح خيري امين العمري والذي له دراسات وابحاث عديدة في تاريخ العراق الحديث في معرض السجال الذي كان يجري للحصول على عرش العراق، بأن كركوك تسكنها أكثرية تركمانية. (انظر، خيري أمين العمري "حكايات سياسية من تاريخ العراق الحديث" آفاق عربية للنشر والتوزيع، بغداد،ص66) كما تطرق فريق مزهر الفرعون، أحد قادة ثورة العشرين في كتابه (الحقائق الناصعة في الثورة العراقية سنة 1920 ونتائجها) الى التركيب القومي لمناطق العراق، فذكر أن الاقلية التي تسكن العراق والتي هي ليست بعربية الأصل والدم، تسكن الشمال وهم أكراد في لوائي السليمانية وأربيل، وأتراك في لواء كركوك وعدد قليل من الأرمن والأثوريين والنساطرة في لواء الموصل. كما اننا نرى عبدالمجيد حسيب القيسي وهو يصف نفسه في مقال نشرته له جريدة "الحياة" الصادرة في لندن بتاريخ 1 حزيران 2000في معرض رده على نقد نشر حول كتابه الموسوم (هوامش على تاريخ العراق السياسي الحديث - الأثوريون، مركز الموسوعات العالمية، لندن، 1999) يقول القيسي "بأن اهتمامه بدراسة تاريخ العراق السياسي الحديث قد بدأ قبل نحو خمسين عاما، وأنه يذكر في كتابه المذكور كركوك مدينة تركمانية تعود اصولها الى اصول تركية في حين تسكن بالقرب منها قبائل كردية شديدة البأس." في حين يورد الكاتب سيار الجميل في معرض التنوع السكاني في العراق وسكان الأقاليم فيما مفاده "أما اللغة التركمانية المنتشرة في أماكن معينة من شمال العراق، فقد استقطبت لها كل من كركوك في شرق دجلة، وتلعفر في غرب دجلة بقراهما ودساكرهما، وتعود هذه الجماعات السكانية في اصولها الى الدول التركمانية التي حكمت اجزاء من العراق". وبالرجوع الى المؤلف المشهور (اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) من تأليف ستيفن لونكريك (الذي شغل منصب الحاكم السياسي البريطاني في كركوك مدة ليست قصيرة، والم بالكثير من أحوال التركمان والقرى التابعة لها)، فانه يتطرق الى مواضع سكن التركمان فيقول: كانت بقايا الهجرات القديمة من التركمان متفرقة في تلعفر، وفي خط طويل من القرى على طريق الموصل من دلي عباس الى الزاب الكبير، وتمركزت أكثريتهم في كركوك الجميلة لم تتبدل كثيرا في القرنين الأخيرين، كما لم يتبدل خط القرى التركمانية الممتد على الطريق الأعظم، ولا القرى العديدة التي يقوم سكانها بالزراعة الديمية "الديم". وكان نفوذ التركي يتغلغل في الأماكن التي يكثر فيها الدم التركي، وتنتشر فيها اللغة التركية والمذهب التركي ! وقد عمد لونكريك الى التعريف بكركوك في هذا المؤلف فذكر ان لسانها هي التركية. ولو أمعنا النظر في كتاب أخر للونكريك (العراق الحديث من سنة 1900 الى سنة 1950، ترجمة وتعليق سليم طه التكريتي)، فانه يصف التركمان بالمزارعين من سكان القرى والذين لا يضمهم أي تنظيم عشائري، ويوجدون بأعداد في مدن كركوك وآلتون كوبري وأربيل وكفري، وفي قرى قره تبه، طوزخورماتو وداقوق وذلك على امتداد الطريق المتشعب بين بغداد والموصل، ويوجد عدد منهم في تلعفر في منتصف الطريق بين الموصل وسنجار. ويتطرق لونكريك الى اندماج العنصر التركماني في الحياة العامة عراقيا بعد تسوية قضية الموصل فيقول: لم يحاول التركمان في كركوك وكفري، وفي القرى التابعة لهما أية محاولة للخروج عن نطاق الغموض الذي كان له فائدته، فلم يثيروا أية مشكلة منذ أن تمت تسوية قضية الموصل. تذكر المؤلفة البريطانية سارة جراهام في كتابها الموسوم Sanctioning Sadam، The Politics Of Interverntion In Irak 1999))، ان محاولات تعريب منطقة كركوك وارغام التركمان والأكراد للهجرة من مناطقهم السكنية في كركوك والموصل قد بدأت قبل حرب الخليج الثانية بكثير. أما ديفيد ماكداول فيقول في كتابه (A Modern History Of The Kurds) فأنه يشير بدون مواربة في مقاله المسمى (التعريف بالمنطقة المتنازع عليها) في اشارة الى الخلاف المشهور حول عائدية الموصل الى أن التركمان يشكلون الأغلبية على طول امتداد الطريق الرئيسي التاريخي (ممر الحرير) والذي يمر من جنوب منطقة الموصل وفي أغلب المدن الواقعة عليه مثل تلعفر والتون كوبري وتازة خورماتو وطاووق وطوزخورماتو وكفري وقره تبه. وفي تقرير آخر يشير الطبقجلي الى مقرارات المؤتمر الأول للمعلمين التركمان المنعقد بتاريخ 5-2 شباط (فبراير) 1959 منوها بأن الأكراد لم يكونوا أبدا أغلبية في كركوك بل احتفظوا بوضع الأقلية دائما لحد تاريخه. ولو أمعنا النظر في الوثائق الرسمية البريطانية نرى الوثيقة المرقمة 371/134255 لوزارة الخارجية البريطانية تشير الى برقية صادرة من السفارة البريطانية في بغداد الى الدائرة الشرقية تذكر فيها كان أهالي كركوك يتكلمون التركية بنسبة بالغة. كما تشير وثيقة أخرى لوزارة الخارجية البريطانية برقم 371 /134212 والمتضمنة برقية سرية برقم 1286 في 12 آب (أغسطس) 1958 موجهة الى وزارة الخارجية، بأن منطقة كركوك فيها "أغلبية تركية". أخيرا وليس آخرا نود أن نذكر بأن الموسوعة البريطانية التي لا يشك أحد في جدية المعلومات الواردة فيها والخاضعة للبحث والتمحيص تشير بشكل لا مواربة فيه الى أن : ((كركوك في الأساس مدينة تركمانية ولو أن هناك من يتكلم العربية والكردية فيها أيضا)) ولو لاحظنا
    الطبعات المعدلة من الموسوعة المذكورة لرأينا أنها تشير الى كركوك ونسيجها القومي محتفظة بالتركمان في المرتبة الأولى. لقد توخينا في هذا البحث اثبات الحقائق المعروفة التي يعرفها كل من سكن المنطقة، وان كانت بعض الجهات تحاول بشتى الطرق اثبات العكس لأسباب سياسية واقتصادية أو نزعات تفردية يعلمها الجميع. اننا نرى الحل الأمثل في تكرار مقولة المواطنين التركمان الذين يدعون الى عراق موحد لا يطغي فيه عنصر على آخر، ولا يغتصب حق لصغير أو كبير وتكون فيه الغلبة للكفاءة واعتماد المنهج الصائب. الباحث الفلسطيني الامريكي القدير حنا بطاطو يشهد لتركمانية كركوك، وكذلك لعراقية اربيل "تقع كركوك، وهي مركز نفطي، على بعد 180 ميلا (280 كيلو مترا) إلى الشمال من بغداد. وكانت مدينة تركية* بكل ما في الكلمة من معنى حتى ماض غير بعيد. وانتقل الأكراد تدريجيا من القرى القريبة إلى هذه المدينة، وتكثفت هجرتهم إليها مع نمو صناعة النفط. وبحلول العام 1959 كان الأكراد قد أصبحوا يشكلون ثلث المدينة، بينما انخفض عدد
    التركمان إلى ما يزيد قليلا عن النصف. وكان الآشوريون والعرب هم بقية السكان اساساً، الذين يصل مجموعهم إلى حوالي 120 الف نسمة. وشهدت مدن تركية أخرى مثل أربيل، عملية مشابهة. ولقد تكردت (أصبحت كردية) أربيل نفسها الى حد كبير وحصل التغيير سلما. كتاب العراق - الثالث ص 224 *** حتى طارق عزيز يعترف بالهوية التركمانية لكركوك في الصفحة 163 من كتاب ( طارق عزيز. . رجل وقضية) لحميدة نعنع، يذكر طارق عزيز ما يلي ردا حول سؤالها : يريدون الحاق كركوك في المنطقة الكردية: "نعم، نحن منذ السبعينات كان موقفنا في القيادة واضحا، وهو أن كركوك لا تدخل ضمن منطقة الحكم الذاتي لأنها لو دخلت ستكون مرحلة للانفصال بحيث تدخل لعبة النفط والمؤمرات الدولية في قضية الوحدة الوطنية. اذا فبقاؤها خارج الحكم الذاتي هي ضمانة أن لا تكون هناك مؤامرات تقسيمية وهذا لمصلحة الجميع. تاريخيا كركوك ليست محافظة كردية. تذهبين الى المدينة فتجدين عربا وأكرادا وتركمانا، والطابع الغالب تركماني". عن كتاب (طارق عزيز. . رجل وقضية)، حميدة نعنع، بيروت، 2000 حقوق ومطالب التركمان يشكل التركمان الفئة اللغوية الثالثة بعد الناطقين بالعربية والكردية ويأتي بعدهم الناطقون بالسريانية (مسيحيون آشوريون وكلدان). بسبب غياب الإحصائيات الرسمية فإنه يصعب اعطاء رقم اكيد عن عددهم. لكن احصاء عام 1957 بين انهم يتجاوزون النصف مليون، وقد يبلغ عددهم الآن المليون ونصف، أي اكثر من 6% من سكان العراق. يقطن التركمان خصوصا في المحافظات الشمالية: (كركوك واربيل والموصل وتكريت، بالإضافة الى بغداد لكن تبقى مدينة كركوك هي الأكثر تركمانية حيث تسود فيها لغتهم حتى بين العرب والأكراد. ان مناطق تواجد التركمان تكاد ان تشكل الخط الفاصل بين الناطقين بالكردية
    والعربية. التركمان هم مسلمون ومنقسمون تقريبا مناصفة بين شيعة وسنة. هذه الخصوصية الدينية المذهبية منحتهم دينامكية خاصة مكنتهم من الإختلاط والتزاوج مع العرب والأكراد. هناك نسبة كبيرة من العوائل والعشائر العراقية "العربية" تعود الى اصول تركمانية او خليطة بين التركمان والعرب واحيانا مع الأكراد. ابرز هذه العشائر الكبيرة والمعروفة هم البيات ومنهم الشاعر العراقي المعروف عبد الوهاب البياتي. وقد انتجت مدينة كركوك الناطقة بالتركمانية ابرز مثقفي جيل الستينات (جماعة كركوك) مثل سركون بولص وجليل القيسي وفاضل العزاوي، حيث يتقن الكثير من مثقفي كركوك اللغة التركمانية (والتركية) ويقرأون بها. علما بأن اللغة التركمانية تشبه كثيرا اللغة التركية وكذلك الآذربيجانية، لكن الفرق يكمن في ان الأتراك تخلوا عن الأبجدية العربية وتبنوا الأبجدية اللاتينية، بينما تركمان العراق ابجديتهم هي العربية.

    salim_m4@hotmail.com

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني