 |
-
نبيه بري الناطق بالشهادات الخمس
جورج ناصيف
بكثير من الجدارة، بكثير من الهدوء، بكثير من الرحابة، بكثير من الامتلاء، يتقدم الرئيس نبيه بري ليشغل موقع القائد الشيعي اللبناني بامتياز، متجاوزا موقعه الرئاسي، فائضا عن نفسه، صورة عن ذلك المواطن الشيعي المشتهى من جميع اللبنانيين
منذ أشهر، بعد ارتفاع النير السوري عن الرقاب، راحت صورته تنجلي من خلف السحب: رجل الاعتدال والحوار والتواصل بين حركة "أمل" و"حزب الله"، بين الثنائية الشيعية وسائر الافرقاء، بين الاكثرية والاقلية في مجلس النواب والحكومة، بين الرئاسة الاولى والرئاسة الثالثة، بين المسيحيين والمسلمين عموما، بين لبنان وسوريا، بين لبنان والعالم العربي، بين نبيه بري القائد الشعبي ونبيه بري المسؤول الثاني في تراتبية الدولة.
لم يشهد انفصاما في شخصيته، ولا تخاصمت لبنانيته مع عروبته، ولا شيعيته مع السنية العربية. لم يرتحل من نقيض الى نقيض، ولا انقلب على ذاته، ولا أنكر بعضه بعضا، بل تفتّح ما كان فيه مكتوما، وانحلّ ما كان عارضا، واستقام ما كان ناتئا.
لم يذهب الى قم ليكون شيعيا، ولا ارتهن الى السعودية ليكون عربيا، ولا بايع واشنطن ليكون ديموقراطيا او استقلاليا.
كان كل ذلك، جالسا في تاريخ الشيعة الاثني عشرية، في بطاح جبل عاملة، في حضن الامام المغيب السيد موسى الصدر، متوسدا الامام الاوزاعي، متكئا الى مرفقي الامام محمد مهدي شمس الدين، ولولا هذا الجلوس لما كان هذا القيام بالقيادة.
في خطابه الاخير في صور، نطق بالشهادات الخمس:
- أشهد ان لبنان كيان نهائي، له الولاء مرفوعا بعد الله.
- أشهد ان الشيعة لم يخرجوا على العروبة يوما، ولا على الدولة.
- أشهد ان التناغم، لا التناطح، هو المرتجى بين مؤسسات الدولة، وهو رجاء كل العباد.
- أشهد اننا نبتغي العبور من السلطة الى الدولة.
- أشهد أن لبنان منذور ليكون أرض الحوار بين الحضارات.
صلبا من غير كسر، معتدلا بلا رخاوة، مؤالفا بلا تلفيق، استطاع من ليس سليل البيوتات الدينية او الزمنية، أن يجعل من نفسه وموقعه شرطا لكل التئام وطني، مستدعيا الجميع الى بيت الطاعة الوحيد، طاعة لبنان.
لكأني أبصره، وهو الجالس على أريكة لبنان، يدخل في عملية تناضح وتثاقف مع "حزب الله"، فلا حركة "أمل" تبقى حيث هي، ولا "حزب الله" يلبث على ما كان، بل هو التلاقح المتبادل: أن تضخ في شرايين الحزب شحنة لبنانية بلا أي اختلاط، وان تضج في شرايين حركة "أمل" دم المقاومة الطهور لا دم الطمث الطائفي الوسخ. أن تعيد تدثّر الحركة بعباءة الامام المغيب، وأن تكرس استواء الحزب في مدار الجذب اللبناني.
من هذا التلاقح، تطلع لنا شيعيته لبنانية فتية، ناهضة بلا استعلاء، تعقد القران بين الدولة والمقاومة، أبواها الشرعياني نبيه بري والسيد حسن نصرالله.
تبقى كلمة: لست جاهلا بما على ثوب أي سياسي لبناني من إثم التاريخ. لكن أحدا ليس بلا دنس، في دنيا السياسة وفي الدنيا كلاً، والفارق هو بين من اشتط ثم عاد، ومن راح يوغل في الضلال ولا يرتدع.
لذلك استحق نبيه بري، بعد طواف طويل، ان يرأس مجلس نواب الأمة، رئاسة المستحق الغيور على لبنان غيرة أمل البيت، وأهل البيت.
... وبلغة الارثوذكس، نبادره: أكسيوس. (والتعريب متروك لعميدنا غسان تويني...).
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |