سياسة الأخوة الكورد في العراق ( تريد أرنب أخذ أرنب تريد غزال أخذ أرنب)

أرض السواد :زهير الزبيدي



الملاحظ للسياسة الكوردية بعد سقوط الصنم ، بدأت لتستمر لحد الآن وللأسف الشديد بين مبهمة وغامضة، ووضوح يشوبه عدم الثقة وعدم الأرتياح من حلفائهم التأريخيين في الكثير من ألأحيان. فمن تهديد بالأستقلال، ومن تصريحات استباقية للأجهاض على قانون، الى انتزاعات لحقوق وهمية بتوسيعات لمناطق يدعون انها ( كوردستانية ) وكوردستان لاتتعدى مدينة السليمانية، حيث ليس كلمن تكلم الكوردية كوردي، تماما ليس كل من تكلم العربية عربي، أو أتقن الأنكليزية انكليزي.

ونحن هنا عندما نتطرق لهذا الجانب الغامض في دهاليز السياسية العراقية ليس هدفنا بخس حقوق الشعب الكوردي، أو الغاء حقه بالوجود كما كان يتعرض له ابان الحقب الماضية في القرن العشرين،أو ما يتعرض له التركمان والكلدآشوريين وغيرهم على يد الأكراد اليوم، لكننا نقول: ينبغي على كل عراقي يطلب الحق لنفسه في عراق اليوم، أن يؤشر لأي خلل يرتكبه شريكه في هذا الوطن لاسيما التجاوز على حقوق الآخرين، الذين لهم نفس الحق وان كانت تلك الجهة أقلية لاتمثل الخمسين ألف، أو تمثل حي في أي مدينة عراقية، فالدستور العراقي يكفل الحقوق للعراقيين بالتساوي..

وعندما وضعنا عنوانا لمقالنا لمثل ـ والمثل يضرب ولايقاس ـ انما نريد أن نؤكد ان الطريقة التي يصر الأخوة الكورد بالتعامل بها مع باقي العراقيين ، تضر الشعب الكوردي أكثر مما تضر باقي العراقيين، فالعراق دولة من أعماق التأريخ، بل يمكن أن يقال عنها الدولة الأولى في التأريخ، ولم يستطع محتل أو طامع بها ، اقليمي كان أو مما وراء المحيطات والبحار، أن يلغيها من الخارطة، فكيف اليوم والعراقيين يخرجون من تحت ظلم نظام عادى العراقيين جميعا، ولم ينتصر لفئة على حساب أخرى الا لنفسه وحاشيته ومن يبدي الطاعة العمياء له وحده، وعلى حساب الناس أجمعين وليس على حساب العراقيين وحدهم.

ومشكلة العلم العراقي وما يدور حولها من لغط هذه الأيام، انما هي واحدة من تلك السياسيات التي يتبناها الأخوة الكورد وسوف لن تنتهي الا يحققون أهدافهم التي انطلقوا لاجلها.( وعندما نذكر العلم هنا ليس حبا بهذا العلم ولكننا من أوائل المطالبين بتبديله ) وللأسف يكذبون كل مرة ويصدقون كذبتهم وحدهم ـ وعذرا للتعبير فهم هكذا ولابد من تسمية الأشياء بمسمياتها ـ لقد كذب السيد مسعود كذبته عندما قال سنحترم العلم الذي يقره البرلمان، واننا لم نتحرك الا بسبب وجود فراغ دستوري، وصدقه السيد الطالباني عضو مجلس الرئاسة وتبعه الدكتور برهم صالح الذي اراد أن يخرج بوجه أكثر بياضا من رئيس تحالفه السيد الطالباني حيث قال ، نحن لم ننزل علما للعراق انما رفعنا علما له، وهذا كذب صريح وواضح وفاضح، حيث لم يرفع العلم العراقي القديم الا جلال في حكومة السليمانية ثم جاء مسعود لينزله بغد توحيد الحكومتين في السلمانية وأربيل، ليبقى السيد مسعود على اصراره القديم، ويغطي خطأه بوجود فراغ دستوري والدستور واضح في هذا المجال.

لم يكن الأكراد وحدهم من ذبحوا تحت هذا العلم، انما الشيعة من سبقوهم بذلك. واذا كان الأكراد قد رفعوا السلاح بوجه النظام مرة، وتصالحوا معه مرة أخرى، وأخرى استعانوا به على أخوانهم من الكورد (وقبّله) السيد مسعود البرزاني، فان الشيعة قتلوا دون ذنب اقترفوه الا لانهم شيعة، وقتلهم جاء بجرم اقترفه النظام بضربة استباقية لهم، لأنهم أخافوا الغرب فكريا، فيضر بمصلحة أسيادهم الذين نصبوهم لهذا الغرض.

اذن لم يكن فراغا دستوريا، انما ثبت في الدستور بأن يوضع علما جديدا ونشيدا وطنيا وشعارا، مكان التي كانت في عهد النظام المقبور، وهناك أولويات للبرلمان انجازها قبل العلم والشعار والنشيد ، فما دام هناك ارهابا فلا داعي لتضييع الوقت في الأشياء الثلاثة وقد تأخذ وقتا وجدلا ونحن لسنا بحاجة لجدل أكثر من الدائر في الشارع السياسي الآن، وقد يعطي المبرر لأؤلائك المتعذرون بأعذار شتى وشاهدنا غيرت المطلك وحثالات البعث. وكأن دوافع القرار ـ هذا الذي يعتبر انتهاكا للدستور حيث لايعطي الصلاحية لرئيس أي اقليم اخذ القرار بالرموز الوطنية ـ كأن المراد منها اثارة الشارع العراقي من جديد لتمرير مسألة كركوك، واليوم خانقين. فهم عرفوا كيف يلعبون في أوقات الأزمات عندما يحدث اختلاف بين شركائهم العرب بالوطن.

لكننا لو تذكرنا تصرفات الكورد تجاه السيد الجعفري، والكذب الذي ساقوه ثم اعترفوا به متعذرين باسباب غير مبرره له، ربما كان العذر أسوأ من الذنب ـ بعد تحقيق ازاحته من حقه، هو نفس الأنتهاك للدستور الذي لم يعطي صلاحيات لاي عضو من أعضاء مجلس الرئاسة، لكن السيد الطالباني تدخل تدخلا ضرب الدستور بالصميم، واليوم يتجاوز كل صلاحياتها وهو يريد التدخل بكل شاردة وواردة، يتراس كل اجتماع دون أن يخوله الدستور باي صلاحية، بل يتجاوز أحيانا ليس على صلاحيات رئيس الوزراء بل حتى على صلاحيات الوزراء أنفسهم، وما مثله السيد الطالباني أمام وزيرة خارجية بلير بأنه الآن يرفع العلم وهو يشير له بيده، انما هو ضحك على ذقون الشعب. والا فهل يريد أن لايرفع العلم في بغداد ورئاسة مجلس الوزراء كتابها واضح بأن يرفع على كل شبر من أرض العراق فأين الفراغ الدستور اذن .

وكما قلنا في عنوان المقال ، سافر السيد الجعفري الى تركيا وهي زيارة مكملة لزيارة سابقة ، زعلوا الأخوة وقال وقتها الدكتور عثمان كيف يذهب الى تركيا ونحن الأكراد لدينا حساسية من الأتراك، وبهذا يريد أن يرهن العراق للمصالح الكوردية بعيدا عن المصلحة الوطنية، لكن نراهم اليوم يصمتون صمت الأموات عندما سافر السيد طارق الهاشمي الى تركيا ماكثا فيها أسبوعين بحالهما، ولا ندري بأي صلاحية سافر هذا الآخر وماذا كان يفعل هناك، فلو كان واحدا من الأئتلاف مكث هذه المدة في ايران فهل صمت الباقون هذا الصمت.

كذبوا على السيد الجعفري متهمينه بعدم وفاءه بما تعهد عليه بخصوص كركوك، ولم يرسل الأموال المخصصة لازالة آثار التهجير ، لكن السيد الجعفري، لترفعه على الرد لانشغاله بأمور واضحة كما قال وقتئذ، الا أنه خرج على الأعلام وعرض كل ما هو مطلوب منه ووفق قانون ادارة الدولة السابق، وبجانبه السيد طالباني ساكت ويرمقه بنظرة الحقد الدفين حتى قال لا مشاكل بيننا انها ذهبت مع الريح، ثم ظهر أن التقصير جاء متعمد من مجلس المحافظة التي يسيطر عليها الكورد بالتزوير الذي جرى في الأنتخابات وكلنا عرفناه.

نحن لانريد أن ننبش الماضي القريب، ولدينا مشروع مصالحة وطنية، لكن كان على القادة الكورد ـ ان هم احترموا المصالحة ـ ان يؤجلوا العلم الى وقته المناسب وان لايثيروا مثل هذه الأمور التي يستغلها صالح المطلك ورهطه الذين ينحبون على فارهم المهزوم، ورأينا ما حصل . لكن يبدو أن الأخوة الكورد اتخذوا هذا القرار المخالف لمواد الدستور وافتعلوا أزمة ليمرروا منها أمورآن آوان تحريكها وهي بحاجة الى أزمة:

أولا : شاهدنا كيف رفض الكورد افتتاح جلسات البرلمان بالقرآن الكريم وقد احتج الدكتور فؤاد معصوم على ذلك معتذرا باعذار لاتمت للديمقراطية بصلة، الا أنهم فشلوا أمام الأكثرية.

ثانيا : قد يريد الأخوة الكورد بهذا القرار الأستباقي التأكيد على رفع كلمة الله أكبر ليضيفوا الى انجازاتهم انجازا آخر ، يعطيهم المساحة الكافية لتوطيد العلاقة بينهم وبين شركائهم في مناطقهم من الشيوعيين والمسيحيين ولاننسى أن السيد جلال ماركسي رغم أن حقوقهم داخل اقليمهم قد حفظها الدستور.

ثالثا: ثارة الفتنة مرة أخرى بين السنة والشيعة، واعطاء مساحة واسعة من الوقت، وأخرى للتحرك فيها لعرقلة مساعي المصالحة لتمرير مشكلة كركوك، التي صوت على انظمامها الى أقيلمهم مجلس محافظتها ، والتعجيل بخانقين التي تحتضن هي الأخرى خزينا من النفط ، هذا اذا عرفنا ان الأكراد يؤسسون الى كونفدرالية ـ وهم الآن كذلك ـ لتسهيل عملية الأنفصال دون خلق مشاكل معقدة على حدود هنا وحقوق هناك.

اعتقد ان العلم ليس مشكلة لدى الأخوة الكورد، انما أزمة حركوها للأسباب التي ذكرناها.

ونقول للأخوة الكورد ان ما يتحقق من انجاز هو ليس للشعب الكوردي، انما لتحقيق أحلام قيادات، طالما حلمت بامبرالطوريات صغيرة، فيها الأقلية المتخمة والشعب الجائع، وهذا ما لمسناه من زيارتنا للسليمانية وأربيل في أبريل الفائت، وان ما تتحركون من أجله معروف لدى الأنسان البسيط، فضلا عن المثقف.

على ألأخوة الكورد أن يفهموا ويهضموا،ان أي دولة تقام على أرض عراقية قد تدوم سنين لكنها لاتمتلك عناصر ومقومات الدوام، وهذه اسرائيل أمامكم، والأندلس وامارات بني أمية، والتأريخ شاهد على ما نقول. فالتئموا بوطن اسمه العراق يكون أكثر ضمانة لاجيالكم التي لاتفكرون بها، ولاننسى ايران وتركيا فاذا استطعتم تأسيس بذرة كوردستان الكبرى في العراق، فالفرس والترك لايملكون عاطفة الشعب العراقي تجاهكم ولننظر فان غدا لناظره قريب.

ولابد من الأشارة الى أن الأخوة الكورد تأتي تصريحاتهم وفق ضوء أخضر انكلو أمريكي، وضوء أحمر عكسه، ولنا على ذلك شواهد وحوادث، منها انقاذ حازم الشعلان من اسقاط الحصانة البرلمانية تمهيدا لاعتقاله، واقصاء الجعفري بذلك التجاوز على الدستور، وعلى العهود التي قطعوها مع الأئتلاف رغم مشاركة بعض مكونات الأئتلاف معهم، وأن لايصدقوا أنهم أقوياء اليوم، ومتحالفين مع القوى العظمى، فالأمريكان والأنكليز طالما استعملو دولا أوراق ضغط على الآخرين لتحقيق مآربهم، وعندما تتحق أهدافهم يتملصوا من كل مواثيقهم وعهودهم وصدام دليل على ما نقول، فكيف اذا كانوا أحزابا في وطن واحد موحد.