الحالة العراقية.. مشكلة يقفز عليها الجميع
GMT 9:00:00 2006 الإثنين 11 سبتمبر
جمال الخرسان



--------------------------------------------------------------------------------


الاحتلال هو المسؤول عن:

الفدرالية وعن العلم وازماته المتجددة، عن تنافر المكونات العراقية وعن الفساد الاداري، عن مشكلات السنة والشيعة وعن تاريخ الصراع العربي الكردي وعن واقع الاصطفافات ذات اللون الطائفي او العرقي وعن هذه الفوضى التي تعم العراق... عنعنات كثيرة وطويلة جدا.

هذا هو خطاب العديد من النخب او الرموز السياسية العراقية والتي تكون قد افرغت ذمتها بمجرد القاء اللوم على ( الاحتلال )، وهنا تبدأ المشكلة التي تغيّب الحلول، فالكلام الطائفي او العرقي وظاهرة التخندقات هي اساسا متعلقة بعدم البحث الحقيقي في جذور هذه المسألة.. هي مسألة قديمة ولكنها لم تكن مطروحة بشكل منطقي يتناسب مع حجمها وحجم تداعياتها واستحقاقاتها الخطيرة، كما ان الكلام عن ان الاحتلال هو الذي خلق المشكلة او غذاها هو كلام غير دقيق ومن يذهب الى ذلك فهو متجاهل اساسا لمشكلة كانت ولازالت موجودة بين مكونات الحالة العراقية وان الذي يتفاجأ او يستغرب من ظهورها بالشكل التالي في الاونة الاخيرة لهو جزء من المشكلة ان لم يكن هو المشكلة بحد ذاتها، بمعنى ان القوة والدكتاتورية والطغيان سوف تلغي هذا الجو من الحرية والانفتاح الذي يؤشر دائما الى المشكلة وحينما لا تتوفر اجواء الحرية ويخيم القسر فلن تكون هنالك مشكلة بالاساس فلن نسمع عن طوائف ولا عن مكونات ولا عن جميع الاشياء الاخرى، وهذا بالضبط ما كان حاصلا في زمن حكومة صدام حسين، وان ما فعله الاحتلال ليس سوى توفير جرعة عالية من الحرية تسمح بشكل طبيعي جدا لبروز المشكلة وطوفانها على السطح، اذ ان كثيرين يعتقدون ان الدولة العراقية الحديثة لم تقم على وحدة المصير وولدت مشوّهة اصلا، فلم يشهد تأريخ العراق الحديث تقاسما للسلطة او مشاركة المكونات الاخرى في القرار السياسي العراقي، بل كان الحاكم دائما هو طرف واحد لابد ان يمسك بقوة ويضرب بالحديد والنار.

ان ما يثير الاستغراب هو ان الذين يلقون وابل غضبهم على مظلة الاحتلال هم انفسهم يطمأنون في تعاملهم للجانب الذي يطلقون عليه عنوان ( المحتل) ويرغبون في التعامل معه اكثر من اطمأنانهم للمكونات العراقية الاخرى وهذا بحد ذاته يعكس مدى ما وصلت اليه الازمة في البيت العراقي، بحيث اصبحت الفجوة كبيرة جدا و يصعب ردمها، كما ان المؤشر الاخر الذي يعكسه ذلك الواقع هو ان مشكلة العراق في اصعدتها المختلفة بما في ذلك الصعيد الامني هي بالاساس مشكلة عراقية عراقية الى حد كبير، وان تدخلات الاطراف الخارجية تقتصر على اذكاء وتغذية تلك الازمة.

فالمشكلة في الخطاب الطائفي والمتشنج للمكونات العراقية تعود اساسا لتشوهات الهوية العراقية، فهذه مشكلة قديمة ولكنها للاسف الشديد لم تكن عرضة لطاولات البحث، ومن يحاول البحث عن حلول لهذا الواقع العراقي المتردي عليه ان يبتعد عن محاولات الترقيع تلك التي لا تلغي المشكلة ولا تعد حلا جذريا لمشكلة كبيرة من هذا النوع، فالحلول تكمن فقط اذاما توفرت ارادة عند جميع المكونات العراقية في ان تبدأ صياغة هوية عراقية لدولة حديثة بعيدة عن ظروف واجواء البدايات التي كانت تحيط بتكوين الدولة العراقية في القرن الماضي والتي كانت مبنية على اسس خاطئة.

اذن باختصار:

فالمكونات العراقية تقف على ارضية هشة وتوجد حالة كبيرة من التنافر فيما بينها، هذا هو الواقع ومن لا يعترف بالمشكلة لن يستطيع على الاطلاق ان يكون جزءا من الحل.

جمال الخرسان

كاتب عراقي

mosaw