أصدر مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي، التابع لمكتب المرجع السيد علي السيستاني، 245 كتابا حول الامام المهدي، كما في هذا الجدول
http://www.m-mahdi.com/list/index1-1.htm
وذلك في محاولة لأثبات وجوده وهويته، ردا على من يشكك بولادته في منتصف القرن الثالث الهجري
ولكن واحدا من تلك الكتب ، أو أحدا من المؤلفين لم يستطع الرد على كتاب (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) ولم يستطع تقديم دليل علمي تاريخي على ولادته.
يرجى الاطلاع على تلك الكتب، وردود أحمد الكاتب عليها، ثم الحكم على أحد الطرفين
هنا كتاب تطور الفكر السياسي الشيعي
http://alkatib.co.uk/0102.html
حـــــــــــوارات
أحمـــــــــــــد
الكــــــــــــاتب
مع المراجع والعلـماء والمفـكرين
حول كتاب: تطور الفكر السياسي الشيعي
السيد سامي البدري . السيد محمد الحسيني الشيرازي. السيد محمد تقي المدرسي. السيد مرتضى العسكري. السيد مرتضى القزويني. التيجاني السماوي. الدكتور محمد حسين الصغير. الكاتب السيستاني. الشيخ محمد باقر الأيرواني. الشيخ فاضل المالكي. السيد علي الحسيني الميلاني. الشيخ علي الكوراني العاملي. الشيخ جعفر كاظم المصباح. السيد كمال الحيدري. السيد نذير الحسني. الشيخ محمد حسين الوحيد الخراساني. الاستاذ المغربي إدريس الحسيني. محمد رضا الجعفري. السيد محمد محمد الصدر. الشيخ ناصر مكارم الشيرازي. الشيخ لطف الله الصافي. السيد محمد رضا الكلبايكاني. الشيخ حسن الصفار. الشيخ محمد مهدي الآصفي. السيد أمير محمد الكاظمي القزويني . الشيخ علي آل محسن. المهندس عالم سبيط النيلي . السيد سامي البدري . الأخت نرجس طريف.السيد محمد الحسيني الشيرازي. السيد محمد تقي المدرسي. السيد مرتضى العسكري. السيد مرتضى القزويني. التيجاني السماوي. الدكتور محمد ح
فهرس حوارات أحمد الكاتب
المقدمة
1- مع السيد سامي البدري
2- مع السيد محمد الحسيني الشيرازي
3- مع السيد محمد تقي المدرسي
4- مع السيد مرتضى العسكري
5- مع السيد مرتضى القزويني
6- مع التيجاني السماوي
7- مع الدكتور محمد حسين الصغير
8- مع الكاتب السيستاني
9- مع الشيخ محمد باقر الأيرواني
10- مع الشيخ فاضل المالكي
11- مع السيد علي الحسيني الميلاني
12- مع الشيخ علي الكوراني العاملي
13- مع الشيخ جعفر كاظم المصباح
14- مع السيد كمال الحيدري
15- مع السيد نذير الحسني
16- مع الشيخ محمد حسين الوحيد الخراساني
17- مع الاستاذ المغربي إدريس الحسيني
18- مع الشيح محمد رضا الجعفري
19- مع السيد محمد محمد الصدر
20- مع الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
21- مع الشيخ لطف الله الصافي
22- مع السيد محمد رضا الكلبايكاني
23- مع الشيخ حسن الصفار
24- مع السيد أمير محمد الكاظمي القزويني
25- مع الشيخ علي آل محسن
26- مع المهندس عالم سبيط النيلي
27- مع الشيخ محمد مهدي الآصفي
28- مع الأخت نرجس طريف
29 - مع الشيخ نعمة هادي الساعدي
30 - مع الشيخ جواد التبريزي
31- مع السيد صادق الحسيني الشيرازي
32- مع الشيخ حسين علي المنتظري
مع "الكاتب السيستاني" في كتابه: (المهدي المنتظر في الفكر الاسلامي):
منهج القياس والتأويل والاستدلال الافتراضي
كنت قد وجهت إحدى الرسائل ، من بين الرسائل الكثيرة التي أرسلتها الى العلماء والمراجع والمفكرين الشيعة، الى المرجع الديني الكبير السيد علي السيستاني، لمناقشة كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) وإعادة النظر في موضوع "وجود" الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) ولم أستلم منه ردا مباشرا، ولكن مؤسساته العلمية نشرت عددا من الكتب حول الموضوع، ومن بينها كتاب بقلم مجهول، وهذا ما يقلل من قيمة الكتاب العلمية، ولكنه يحمل توقيع (مؤسسة الرسالة) التابعة لمرجعية السيستاني، ولست أدري فيما اذا كان الكتاب بقلم السيستاني، أو أن السيستاني نفسه قد اطلع عليه أو وافق على نشره. ولكني سأصطلح على مؤلفه بـ: "الكاتب السيستاني" نسبة الى المرجع السيستاني.
وعنوان الكتاب هو: (المهدي المنتظر في الفكر الاسلامي). صدر في محرم الحرام 1417 هـ [1]
ومع ان الكتاب صدر عن مؤسسة علمية تعنى بشؤون الفكر والتراث والعقائد الدينية الاسلامية، وتهتم بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام، وتتبع إحدى أكبر المرجعيات الشيعية، وهي مؤسسة الرسالة التابعة لمؤسسة رافد، الا ان الكتاب لم يقدم جديدا في بحث موضوع (الامام المهدي) وانما كرر أو لخص ما كتب قبل ألف عام، لدى تأسيس المذهب الاثني عشري في القرن الرابع الهجري، من قبل "مشايخ الطائفة": الصدوق والمفيد والمرتضى والطوسي، من دون أي نقد أو مراجعة أو إعادة اجتهاد فيه، وقد اعتمد الكتاب المناهج المعروفة في عملية "إثبات" وجود الامام الثاني عشر، وهي:
1 – الاستدلال الغيبي
وهو اعتبار موضوع (الامام المهدي) من الغيب، الذي لا يجوز السؤال عن حقيقته ولا حكمته، وتسليم الأمر حوله الى الله. فقال (الكاتب السيستاني):"الايمان بالغيب جزءٌ من عقيدة المسلم إذ تكررت الدعوة قرآناً وسنّةً...وهذا الايمان بالغيب لا تصحُّ عقيدة المسلم بإنكاره سواء تعقَّله وأدرك أسراره وتفصيلاته أم لم يستطع الى ذلك سبيلاً، كما هو الامر مثلاً بالنسبة الى الايمان بالملائكة وبالجنّ وبعذاب القبر، وسؤال الملكين في القبر، الى غير ذلك من المغيبات التي ذكرها القرآن أو أخبر بها نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونقلها إلينا الثقاة العدول المؤتمنون، ومن جملة ذلك بل من أهمها قضية الاِمام المهدي الذي سيظهر في آخر الزمان ليملأ الأَرض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً ، فالمهدي قد نطقت به الصحاح والمسانيد والسنن فلا يسعُ مسلماً إنكاره، لكثرة الطرق ووثاقة الرواة ودلائل التاريخ والمشاهدة الثابتة لشخصه كما حقق في محلّه من هذا البحث". [2]
ويردف الكاتب ذلك بالقول:"إنّ نظرة واحدة في أحاديث المهدي الواردة في كتب المسلمين تكفي للجزم بتواترها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من دون أدنى تردّد...ولا يخفى أنّ القدر المشترك في جميع هذه الطرق إلى حديث أبي سعيد الخدري فقط دون سواه هو ظهور الاِمام المهدي عليه السلام في آخر الزمان". ويعترف الكاتب "بوجود الاختلاف في تلك الروايات التي تبدو متضاربة بعضها ببعض، حول نسب المهدي، الى درجة التناقض والتضاد، مما يشكل معوقا لتحديد هوية المهدي، بحيث يصعب على كثير من الناس ـ لاسيما أُولئك الذين ليسوا على اتصال مباشر بعلوم الحديث الشريف ـ معالجتها، مما يُسهّل ـ إلى حد بعيد ـ وقوع ضعيف الاِيمان منهم في شراك اللامهدويين سواء كانوا من المتسمّين بالاِسلام أو من المعلنين العداء لهذا الدين".
2- منهج القياس
ولكي يثبت (الكاتب السيستاني) صحة نظرية خروج المهدي في المستقبل، استعان بمنهج القياس على عقائد سائر الأمم والشعوب الاسلامية وغير الاسلامية، فقال:" إنّ فكرة ظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل والرخاء بظهوره في آخر الزمان، ويقضي على الظلم والاضطهاد في أرجاء العالم، ويحقق العدل والمساواة في دولته الكريمة، فكرة آمن بها أهل الأَديان الثلاثة، واعتنقتها معظم الشعوب. فقد آمن اليهود بها، كما آمن النصارى بعودة عيسى عليه السلام، وصدّق بها الزرادشتيون بانتظارهم عودة بهرام شاه، واعتنقها مسيحيو الاَحباش بترقّبهم عودة ملكهم تيودور كمهديٍّ في آخر الزمان، وكذلك الهنود اعتقدوا بعودة فيشنو، ومثلهم المجوس إزاء مايعتقدونه من حياة أُوشيدر. وهكذا نجد البوذيين ينتظرون ظهور بوذا، كما ينتظر الأسبان ملكهم روذريق، والمغول قائدهم جنگيزخان. وقد وجد هذا المعتقد عند قدامى المصريين، كما وجد في القديم من كتب الصينيين.وإلى جانب هذا نجد التصريح من عباقرة الغرب وفلاسفته بأنَّ العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزمام الاُمور ويوحّد الجميع تحت راية واحدة وشعار واحد، منهم: الفيلسوف الانجليزي الشهير برتراند راسل، والعلاّمة آينشتاين صاحب (النظرية النسبية)، والفيلسوف الانكليزي الشهير برناردشو حيث بشّر بمجيء المصلح في كتابه (الاِنسان والسوبرمان)".
وينتقل (الكاتب السيستاني) الى دليل آخر، هو:
3- منهج التأويل
فيقول: ان "استجلاء هذه العقيدة من الآيات المباركة منوط بمن يفهم القرآن حق فهمه، ولاشك بأنّ أهل البيت عليهم السلام هم عدل القرآن بنصّ حديث الثقلين المتواتر عند جميع المسلمين، وعليه فإنّ ماثبت تفسيره عنهم عليهم السلام من الآيات بالمهدي لابد من الاذعان إليه والتصديق به.
وفي هذا الصدد قد وقفنا على الكثير من أحاديث أهل البيت عليهم السلام المفسرة لعدد من الآيات المباركة بالاِمام المهدي. فمنها:"يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبى اللهُ إلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ ولَوْ كَرِهَ الكافِرُون". و "هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بالهُدى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ". و"وَمَن يَبْتَغ غَيْرَ الاِسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهْوُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ".
4- منهج الاستدلال الافتراضي
وهو ما يعبر عنه بالاستدلال الفلسفي (أو الاعتباري أو العقلي) الذي يعتمد على مجموعة أحاديث تشكل فلسفة الامامة الإلهية، وتحتم وجود "الامام المعصوم" دائما في الأرض، مثل حديث:"إني تارك فيكم الثقلين، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض" الذي يستفيد منه الاماميون: "ضرورة استمرار وجود إمام من العترة في كل عصر كاستمرار وجود القرآن الكريم" كما يقول (الكاتب السيستاني) الذي يرى فيه:" إشارة واضحة إلى عدم انقطاع متأهل من أهل البيت للتمسك به إلى يوم القيامة، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أمانا لأَهل الأَرض، ويشهد لذلك الخبر:في كلِّ خَلَفٍ من أُمتي عدول من أهل بيتي". إضافة الى حديث :"من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية". مما يدل في نظر السيستاني:" على وجود امام حق في كل عصر وجيل، وهذا لايتم إلاّ مع القول بوجود الاِمام المهدي الذي هو حق ومن ولد فاطمة عليها السلام كما تقدم". "ومما يؤيده:حديث: "إنَّ الارض لاتخلو من قائم لله بحجة" وعدم خلو الارض من قائم لله بحجة لايتم مع فرض عدم ولادة الاِمام المهدي عليه السلام". وكذلك أحاديث :"الخلفاء اثنا عشر".
ورغم ان هذا الدليل يعتمد على أحاديث نقلية، وتأويلات معينة، الا انهم يسمونه دليلا عقليا، لأنه ينطلق من نظرية الامامة، التي تبنى على تلك الأحاديث. ومع ان تلك الاحاديث لا تدل بالضرورة على ولادة ولد للامام العسكري، الا انهم يتوصلون الى ذلك عبر مجموعة أخرى من المقالات مثل ضرورة استمرار الامامة في أهل البيت بصورة عمودية، أي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب، وعدم جواز انتقالها الى أخ أو عم، أو ابن أخ أو ابن عم، والاعتراف بوفاة الامام العسكري وعدم رجعته الى الحياة مرة أخرى، وما الى ذلك من المقالات التي تفرد بها الامامية الاثنا عشري، وهو ما يؤدي بهم الى ضرورة افتراض وجود ولد للامام العسكري، حتى مع عدم وجود أي دليل حسي أو تاريخي عليه، وهذا ما يؤكد عليه (الكاتب السيستاني) حيث يقول:
- "لسنا بحاجة إلى ما يبين ولادة الاِمام المهدي ويثبتها تاريخياً بعد أن عرفنا اتفاق كلمة المسلمين على أنّه من أهل البيت، وأنّ ظهوره يكون في آخر الزمان، وعرفنا أيضاً النتيجة التي انتهى إليها البحث في طوائف نسب الاِمام المهدي، وهي أنّه لامجال للشك في كون المهدي الاِمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام، وهو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وانه حسيني الاَب حسني الاَُم من جهة فاطمة بنت الحسن السبط أُم الاِمام الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام.
وهذا يعني إنّ البحث عن ولادة الاِمام المهدي وبيان ثبوتها شرعاً بحث غير طبيعي لولا وجود بعض الملابسات التاريخية حول ولادته عليه السلام، كادعاء عمّه جعفر الكذّاب بعدم وجود خلفٍ لأَخيه العسكري عليه السلام، وقيام السلطة الحاكمة بتسليم تركة الاِمام العسكري بعد وفاته لأَخيه جعفر الكذاب أخذاً بادعائه الباطل فيما رواه علماء الشيعة الاِمامية الاثني عشرية أنفسهم ولم يروه غيرهم قط إلاّ من طرقهم، وفي هذا وحده كفاية للمنصف المتدبر، إذ كيف يروي الشيعة أمراً ويعتقدون بخلافه لو لم يثبت لهم زيف هذا الاَمر وبطلانه ؟!".[3]
5- منهج الاستدلال التاريخي
وبعد نفي الحاجة للاستدلال التاريخي على ولادة ابن الحسن العسكري، يعود (الكاتب السيستاني) الى استخدام ما توفر من "معلومات" تاريخية، فيقول:"إنَّ ولادة أي انسان في هذا الوجود تثبت بإقرار أبيه، وشهادة القابلة، وان لم يره أحد قط غيرهما، فكيف لو شهد المئات برؤيته، واعترف المؤرخون بولادته وصرح علماء الانساب بنسبه، وظهر على يديه ما عرفه المقربون اليه، وصدرت منه وصايا وتعليمات، ونصائح وإرشادات، ورسائل وتوجيهات، وأدعية وصلوات، وأقوال مشهورة، وكلمات مأثورة وكان وكلاؤه معروفين، وسفراؤه معلومين، وانصاره في كل عصر وجيل بالملايين. [4]
ثم ينقل (الكاتب السيستاني) مجموعة روايات عن "إخبار الاِمام العسكري بولادة ابنه المهدي عليهما السلام" مثل " الخبر الصحيح عن محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن إسحاق، عن أبي هاشم الجعفري قال: «قلتُ لاَبي محمد عليه السلام: جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن اسألك ؟ فقال: سلْ، قلتُ: يا سيدي هل لك ولد ؟ فقال: نعم، فقلتُ: فإنْ حدث بك حدث فأين اسأل عنه ؟ قال: بالمدينة. والخبر الصحيح عن علي بن محمد، عن محمد بن علي بن بلال قال: خرج إليَّ من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إليَّ من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده". ويقول:"المراد بعلي بن محمد هو الثقة الاَديب الفاضل ابن بندار، وأما عن محمد بن علي بن بلال فانه من الوثاقة والجلالة أشهر من نارٍ على علم بحيث كان يراجعه من مثل ابي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه، كما هو معلوم عند أهل الرجال".
ويضيف الى ذلك "شهادة القابلة بولادة الاِمام المهدي عليه السلام. وهي السيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الاِمام الجواد وأُخت الاِمام الهادي وعمة الاِمام العسكري عليهم السلام. وهي التي تولّت أمر نرجس أُم الاِمام المهدي عليه السلام في ساعة الولادة، وصرحت بمشاهدة الاِمام الحجة بعد مولده، وقد ساعدتها بعض النسوة في عملية الولادة، منهن جارية أبي علي الخيزراني التي أهداها إلى الاِمام العسكري عليه السلام فيما صرح بذلك الثقة محمد بن يحيى، ومارية، ونسيم خادمة الاِمام العسكري عليه السلام ". ويعقب على ذلك قائلا:" لايخفى ان ولادات المسلمين لايطلع عليها غير النساء القوابل، ومن ينكر هذا فعليه ان يثبت لنا مشاهدة غيرهن لاُمّه في مولده !".
ثم يقول:"هذا وقد أجرى الاِمام العسكري عليه السلام السُنّة الشّريفة بعد ولادة المهدي عليه السلام فعقَّ عنه بعقيقةكما يفعل الملتزمون بالسُنّة حينما يرزقهم الله من فضله مولوداً".
ويؤكد:"شهد برؤية الاِمام المهدي في حياة أبيه العسكري عليهما السلام وبإذن منه عدد من أصحاب العسكري وأبيه الهادي عليهما السلام، كما شهد آخرون منهم ومن غيرهم برؤية الاِمام المهدي بعد وفاة أبيه العسكري عليهما السلام وذلك في غيبته الصغرى التي ابتدأت من سنة (260 هـ) إلى سنة (329 هـ)، ولكثرة من شهد على نفسه بذلك سوف نقتصر على ما ذكره المشايخ المتقدمون وهم: الكليني والصدوق والشيخ المفيد والشيخ الطوسي. فمن تلك الروايات:ما رواه الكليني في اُصول الكافي بسند صحيح: عن العمري...[5]
ثم يقول:" ولا يخفى إن مقام السّمري مقام أبي القاسم الحسين بن روح في الوكالة عن الاِمام تتطلب رؤيته في كل أمر يحتاج اليه فيه، ومن هنا تواتر ما خرج على يد السفراء الاَربعة الذين ذكرناهم في هذه الروايات من وصايا وارشادات وأوامر وكلمات الاِمام المهدي عليه السلام . وهناك روايات أُخرى كثيرة صريحة برؤية السفراء الاَربعة كلٌّ في زمان وكالته للامام المهدي ... ولقد ذكر الصدوق من وقف على معجزات الاِمام المهدي ورآه من الوكلاء وغيرهم مع تسمية بلدانهم وقد أشرنا إلى بعضهم، وقد بلغوا من الكثرة حدّاً يمتنع معه اتفاقهم على الكذب لاسيما وهم من بلدان شتى". [6]
ويواصل حديثه فيقول:" كما شاهد الاِمام المهدي عليه السلام من كان يخدم أباه العسكري عليه السلام في داره مع بعض الجواري والاِماء، كطريف الخادم أبي نصر، وخادمة ابراهيم بن عبدة النيسابوري التي شاهدت مع سيدها الاِمام المهدي عليه السلام ، وأبي الاَديان الخادم، وأبي غانم الخادم وشهد بذلك أيضاً: عقيد الخادم، والعجوز الخادمة، وجارية أبي علي الخيزراني التي اهداها إلى الاِمام العسكري عليه السلام ، ومن الجواري اللّواتي شهدن برؤية الاِمام المهدي عليه السلام: نسيم، ومارية".
ثم يقول:"كان الاِمام الحسن العسكري عليه السلام حريصاً على أن لاينتشر خبر ولادة المهدي إلاّ بين الخلّص من شيعته ومواليه عليه السلام، مع أخذ التدابير اللازمة والاحتياطات الكافية لصيانة قادة التشيع من الاختلاف بعد وفاته عليه السلام، إذ أوقفهم بنفسه على المهدي الموعود مرات عديدة وأمرهم بكتمان أمره". [7]
6 – الاعتماد على علماء الأنساب
وكجزء من الاستدلال التاريخي على ولادة (الامام المهدي محمد بن الحسن العسكري)، يقوم (الكاتب السيستاني) بالاستشهاد بعلماء الأنساب في القرون اللاحقة ، مثل النسابة أبي نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان البخاري من أعلام القرن الرابع الهجري، الذي كان حياً سنة (341 هـ)، والسيد العمري (من أعلام القرن الخامس الهجري) والفخر الرازي الشافعي (ت 606 هـ)، والمروزي الازورقاني (توفي بعد سنة 614 هـ) وجمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عِنَبَه (ت 828 هـ) وأبو الحسن محمد الحسيني اليماني الصنعاني (من أعيان القرن الحادي عشر)، ومحمد أمين السويدي (ت 1246 هـ) والنسابة المعاصر محمد ويس الحيدري السوري.
7 – منهج الاستشهاد بالخصوم
وأخيرا يتبع (الكاتب السيستاني) منهج الاستدلال بأقوال الخصوم واعترافاتهم، فيقول:" هناك اعترافات ضافية سجلها الكثير من أهل السنة باقلامهم بولادة الاِمام المهدي عليه السلام، وهناك اعترافات اُخرى من علماء أهل السنة بخصوص كون المهدي الموعود بظهوره في آخر الزمان انما هو محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام الاِمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام".[8]
ولا ينسى (الكاتب السيستاني) في الختام، انتقاد أعداء الله وأعداء الاسلام الذين "حاولوا على مرّ التاريخ أن يُضعفوا العقيدة بالمهدي، وأن يُسخّروا الاَقلام المأجورة للتشكيك بها، كما كان الشأن دائماً في خلق وإيجاد الفرق والتيارات الضالّة والهدّامة لاحتواء المسلمين، وصرفهم عن التمسّك بعقائدهم الصحيحة، والترويج للاعتقادات الفاسدة مثلما حصل في نحلة البابية والبهائية والقاديانية والوهابية".[9]
ثم يقول:"إنّ مما تسعى إليه بُؤَر النفاق وبشكل دؤوب هو بحثها الحثيث بين صفوف المسلمين، لعلها تجد فيهم من تتلقفه وتحوطه برعايتها، وتمنحه الالقاب العلمية الكاذبة التي يَشْرَه إليها؛ لكي تتخذه مطيّة لاغراضها وبوقاً لدعاياتها عبر المجلات والمؤتمرات التي تندد بالاِسلام وأُصوله الشامخة، ولن تجد بغيتها إلاّ فيمن انحرف عن المحجة البيضاء، ورمى بنفسه كالطفل في احضان مربية حمقاء تسخّره لكل لعبة قذرة، كما نلحظه اليوم في تقريب سلمان رشدي و من على شاكلته، على أمل أن تجد سمومهم طريقها إلى كل جسد مسلم ضعيف".[10]
وهذا مما يقتضي بالطبع أن يكون ما يبثه (الكاتب السيستاني) ومن هم على شاكلته، ليس سوى الرحيق المختوم، أو المن والسلوى التي أنزلها الله على قوم موسى (عليه السلام). وكأن من يحاول إعادة النظر والاجتهاد في موضوع دعوى ولادة الامام الثاني عشر، قبل أكثر من أحد عشر قرنا، واستمرار حياته الى اليوم، ليس مسلما، ولا ينطلق من الحرص على الاسلام فضلا عن حب أهل البيت، وانما يحاول أن يشكل له فرقة جديدة ضالة ضد الاسلام والمسلمين. ولم يصرح (الكاتب السيستاني) باسم أحد حتى يعطي لنفسه الحرية الكاملة بتوجيه ما يشاء من السباب والشتائم والتهم والافتراءات دون أن يطالبه أحد بتقديم الدليل.
ولا أقول ان هذا أسلوب بعيد عن منطق العلماء، وانما هو بعيد أيضا عن منطق المتشرعة، ونوع من الإرهاب الفكري والإعلامي الذي يحاول منع أي أحد من إثارة الموضوع. وعلى أي حال فانه لم ينفرد به، وانما سبقه اليه آخرون ، ولحقه آخرون، وسوف يلجأ الى هذا الاسلوب آخرون، وخاصة عندما يعجزون عن تقديم الأجوبة الشافية الكافية وإسكات الأسئلة التي تكشف زيف أساطيرهم.
ولست أدري في الحقيقة من أين أبدأ في الرد على (الكاتب السيستاني)، ولكني أربأ بمؤسسة تدعي الانتماء الى العلم والدين والاجتهاد، أن تقدم دفاعا ضعيفا الى هذه الدرجة، مثل ما فعل أخونا (الكاتب السيستاني). وكنت أفترض بمؤسسة علمية تنتمي الى المرجعية الدينية، أن تأخذ دعوتي لمناقشة موضوع وجود الامام الثاني عشر، بقليل من الجدية والاحترام فتقيم ندوة علمية وتستمع الى الرأي الآخر، وتناقشه وتقدم ما لديها من حجج وبراهين، حتى تقنعه أو تقنع الأجيال الشابة المثقفة التي لا تسمح لنفسها بالتقليد الأعمى في الفروع فكيف بالأصول والعقائد، وذلك لأن أسلوب التهريج والإرهاب واللف والدوران لن يستطيع أن يمنع مسيرة التحرر والتجديد، ولن يفلح بالمحافظة على الخرافات والأساطير.
انني أعرف أن كثيرا من رجال الدين – على مر العصور- حريصون على مصالحهم المادية، التي تمنعهم من قول الحقيقة، وقد عانى منهم الأنبياء والمرسلون لكتمانهم الحقائق وتلاعبهم بالأديان، ولذلك حذر الله تعالى منهم قائلا:
" فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله، ليشتروا به ثمناً قليلاً، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون".[11]
"ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا، أو قال أوحي الي، ولم يوح اليه شيء، ومن قال سأنزل مثل ما انزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون". [12]
"فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته؟ انه لا يفلح المجرمون، ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض؟ سبحانه وتعالى عما يشركون".[13]
"هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بيِّن، فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا".[14]
"فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ان الله لا يهدي القوم الظالمين".[15]
"فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم انهم كانوا كافرين".[16] صدق الله العظيم
"إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون". [17]
"إن الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم" .[18]
ولذلك لم أكن أتوقع أن يهب رجال الدين، الذين يعيشون على "خمس الامام المهدي" للمبادرة بالاعتراف بحقيقة عدم وجوده، ولملمة "سفرة صاحب الزمان" التي يأكلون عليها، ولكني في الحقيقة لم أكن أتوقع أن يأتي ردهم متهافتا وضعيفا الى هذه الدرجة، وعنيفا الى هذه الدرجة، وهو ما يعبر عن ارتباكهم وخوفهم من افتضاح أمرهم وانهيار أساطيرهم.
ان محور موضوع كتابي كان يدور حول ولادة "محمد بن الحسن العسكري" الامام الثاني عشر، لدى الشيعة الامامية الاثني عشرية، والذي يشكل أساس نظرية الامامة الإلهية لأهل البيت. ولم يكن يدور حول موضوع المهدوية في العالم لا في الماضي ولا في المستقبل، وقد اتخذ صفة ثانوية بنسبة المهدوية اليه، وما لم نثبت وجوده أولاً، فان من العبث التحدث عن صفة الامامة أو المهدوية له.
وسواء كان الايمان بالمهدي العام جزءا من عقيدة المسلم أو لم يكن، وانه يحتاج الى أدلة شرعية أو لا يحتاج، فان هذا ليس موضوعنا، ولا يمكن الاستدلال بالأحاديث العامة حول المهدوية وخروج رجل مصلح في آخر الزمان، على ولادة ابن للامام العسكري، في أواسط القرن الثالث الهجري، وبقائه على قيد الحياة الى اليوم والى أن يظهر قبل قيام الساعة.
ومن هنا فانه لا يهمنا كثيرا سواء كانت أحاديث المهدي أخبار آحاد أو متواترة أو نطقت بها الصحاح والمسانيد والسنن، كما كان يقول (الكاتب السيستاني). الذي أتعب نفسه كثيرا بمحاولة الاستدلال على هذه الفكرة، قياسا على الأمم والشعوب المختلفة المؤمنة وغير المؤمنة، وحاجتها للمنقذ المخلص، فان دين الله لا يبنى بهذه الطريقة، وانما ينهض على أساس القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، وان إثبات ولادة انسان يعتمد على الأدلة التاريخية فقط.
أما منهج تأويل القرآن الكريم، الذي اعتمده (الكاتب السيستاني) في محاولته الاستدلال على ولادة ابن الحسن العسكري، فبالاضافة الى ضعف هذا المنهج، فانه لا يدل على مطلوبه، لأنه أيضا عام ويتحدث عن أشخاص سابقين، ولا علاقة له بالامام الثاني عشر المفترض، الذي لم تكن نظرية مهدويته قد وجدت بعد.
ونأتي الى الدليل الأقوى والأهم والأول الذي اعتمده القائلون بوجود الولد، في التاريخ، وهو ما يسمى بالدليل العقلي أو الاعتباري أو الفلسفي الافتراضي، الذي يقوم على أساس نظرية الامامة وضرورة وجود إمام معصوم في الأرض، والذي اعتمد عليه (الكاتب السيستاني) كثيرا، فان هذا الدليل، بالاضافة الى قيامه على أخبار آحاد ضعيفة، لا بشكل دليلا على ولادة أي انسان، ولا وجود "محمد بن الحسن العسكري". وذلك لأن الذين استدلوا بهذا الدليل، أضافوا اليه مقدمات أخرى، وهي ضرورة الاعتراف بوفاة الامام العسكري، وعدم رجعته، وعدم الوصية الى أخيه محمد، وضرورة انتقال الامامة بصورة عمودية، الى يوم القيامة، وأخيرا فانه ليس سوى عملية افتراض تعسفية وهمية بلا دليل.
ومن هنا فان الشيعة الامامية (الفطحية) الذين لم يكونوا يشترطون الوراثة العمودية ويجوزون امامة الأخوين، والذين كانوا يتبعون الامام الحسن العسكري، لم يقولوا بفرضية وجود الولد بعد وفاته، وانما قالوا بإمامة جعفر بن علي الهادي، كما ان الشيعة الاسماعيلية والزيدية يقولون باستمرار الأئمة من أهل البيت ولكن بشكل آخر، ولا يستنتجون من ذلك الدليل "وجود ابن الحسن".
وأما الاستدلال بأحاديث (الاثني عشرية) فانها بالاضافة الى اختلاقها وعدم وجودها في القرن الثالث الهجري، لا تدل بالضرورة على ولادة ابن العسكري، الا على طريقة الافتراض والظن والتخمين، ويمكن أن تنطبق على آخرين، اذا حسبنا مثلا، الامام زيد بن علي من قائمة الأئمة. كما فعل بعض الشيعة.
وهكذا يتهاوى أول وأقوى وأهم دليل قدمه المتكلمون (الاماميون الاثنا عشريون) على وجود الامام الثاني عشر "محمد بن الحسن العسكري" ، والذي كان يعبر عن أزمتهم الفكرية التي وقعوا فيها بعد وفاة الامام العسكري دون خلف، فاضطروا الى اختلاق ولد موهوم لا حقيقة له، لكي تستمر فيه الامامة الى يوم القيامة، كما اختلق فريق من الشيعة الامامية قبل مائة عام من ذلك التاريخ، اي في أواسط القرن الثاني الهجري، رجلا مشابها، قالوا انه المهدي المنتظر أيضا، وهو "محمد بن عبد الله الأفطح بن جعفر الصادق" وذلك بعد وفاة عبد الله دون خلف. وكان الأجدر بالفريق الذي اختلق الولد للامام العسكري، أن يعترف بالحقيقة ويسلم أمره الى الله، وينتقل بالامامة الى أخيه جعفر، كما انتقل الشيعة الفطحية من عبد الله الى أخيه الامام موسى الكاظم. واذا كان الشيعة الاثنا عشرية يتهمون ذلك الفريق الذي اختلق الولد الموهوم للامام عبد الله الأفطح، تهربا من الاعتراف بالحقيقة، فلماذا لا يراجعون أنفسهم ويعترفوا بالحقيقة؟
وفي الواقع ان معظم الشيعة في تلك الأيام اعترفوا بالحقيقة، وانصرفوا يبحثون عن قائد جديد لهم، ولم يتشبث بتلك الفرضية الوهمية، الا قليل منهم، كما اعترف بذلك مؤرخو الشيعة في القرن الرابع ، كالنعماني والصدوق، وقد عرضنا لأقوالهم في كتابنا، ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع. ولكن الغريب هو إصرار البعض على إغلاق ذهنه ورفضه للتفكير أو إعادة الاجتهاد والنظر في الموضوع بعد مرور أكثر من ألف عام على ذلك القول. والأغرب من كل ذلك أن يأتي رجل من صميم الحوزة العلمية (كالكاتب السيستاني) ليغمض عينيه ويقول:"لسنا بحاجة إلى ما يبين ولادة الاِمام المهدي ويثبتها تاريخياً .. وإنّ البحث عن ولادة الاِمام المهدي وبيان ثبوتها شرعاً بحث غير طبيعي"!!!
إذن ما هو الطبيعي؟
هل تَقَبُّل الأساطير بلا دليل هو الطبيعي؟
وهل التقليد الأعمى للمقلدين الذين يدعون الاجتهاد هو الطبيعي؟
ان الدليل التاريخي هو الدليل الوحيد والمعقول الذي يمكن بواسطته إثبات وجود انسان أو ولادته في التاريخ، وبما أن القول بوجود "الامام الثاني عشر" فرضية أسطورية وهمية لا حقيقة لها في الخارج، فان أصحاب هذه النظرية يحاولون التهرب من محكمة التاريخ، ويلجأون الى الافتراضات الفلسفية المتهافتة، ويغلفونها بغلاف العقل، أو يدعون أن ذلك من الغيب الذي يجب أن نؤمن به بلا سؤال ولا تفكير، أو يأتون بروايات مختلقة وإشاعات واهية وأحاديث كاذبة عن رؤية "ابن الحسن" عند الولادة وفي حياة أبيه، وفي عصر الغيبة الصغرى، وربما يحبكون قصصا عن رؤيته في هذا العصر، كما كان الإيرانيون ينشرون خلال الحرب مع العراق، عن مشاركة الامام المهدي في جبهات القتال. ولسنا ندري لماذا لم ينتصر (الامام المهدي) الموهوم على جيش صدام حسين؟
أجل هناك كثير من الروايات التي ذكرها الأولون والمتأخرون. ولكن ما هي قيمة تلك الروايات العلمية؟ وهل علينا تقبلها، بعد أن "اعتقدنا" بوجوده؟ أم علينا أن نحقق فيها وندرسها بدقة، لنتأكد فيما أذا كانت حقيقية أم اسطورية ومختلقة؟
ان من المفروض برجال الدين الحقيقيين الربانيين، أن يبادروا للكشف عن الحقائق وتقديمها الى الناس، وليس من مهمتهم تسويق الخرافات والأساطير باسم الدين.
يقول (الكاتب السيستاني):"إنَّ ولادة أي انسان في هذا الوجود تثبت بإقرار أبيه، وشهادة القابلة، وان لم يره أحد قط غيرهما، فكيف لو شهد المئات برؤيته، واعترف المؤرخون بولادته وصرح علماء الانساب بنسبه، وظهر على يديه ما عرفه المقربون اليه، وصدرت منه وصايا وتعليمات، ونصائح وإرشادات، ورسائل وتوجيهات، وأدعية وصلوات، وأقوال مشهورة، وكلمات مأثورة وكان وكلاؤه معروفين، وسفراؤه معلومين، وانصاره في كل عصر وجيل بالملايين". [19]
ونقول له: أحسنت..و بارك الله فيك، ولكن ما ذا نفعل اذا كان "والده" ينفي وجود ولد له في الظاهر؟ ولم نعرف "قابلة" تدعي الاشراف على ولادته؟
ولماذا أساسا شككنا بوجود ابن الحسن؟ وهل سألنا من قبل عن أية قابلة لأحد من الأئمة السابقين؟ أو لأي انسان معروف في التاريخ؟ وهل سألنا عن اسم أمه ويوم مولده؟ أليس لأن هذه الدعوى تخالف الأعراف والتقاليد والظواهر الطبيعية، وتتميز بنوع من الأسطورية والكتمان؟
إننا عندما نرى طفلا يحبو ويلعب في كنف أبيه، يحصل لنا علم بوجوده وهويته وبنوته له، ولا نشغل أنفسنا بالسؤال عن تفاصل هويته الا من باب الاستحباب، ولكن لماذا توقفنا في أمر "ابن الحسن العسكري"؟ الجواب: لأننا لم نر له أثرا، ولأنه نفى وجود ولد له في حياته، وأوصى بأمواله الى أمه، ولم يشر الى وجود إمام من بعده. وهذا ما أيده أهل البيت كأخ الامام العسكري جعفر بن علي الهادي، وان السلطان استبرأ جارية ادعت الحمل فلم يظهر عليها شيء، وهذا ما أدى الى تفرق شيعة الامام العسكري – حسبما يقول المؤرخون الاماميون- الى أربع عشرة فرقة، كلها قالت بعدم وجود ولد للامام العسكري، ما عدا فرقة واحدة هي الاثنا عشرية، التي استندت في قولها على بعض أدعياء النيابة الخاصة الذين بلغوا حوالي عشرين مدعيا، كان كل منهم يكذب الآخر، ويدعي النيابة الخاصة له، وهذا ما دفعنا للتشكيك بصدقهم جميعا، خصوصا وان قولهم يخالف الظاهر والمعروف من حياة الامام العسكري، وهو حجة شرعية وقانونية ، لا يجوز رفع اليد عنها الا بدليل علمي وشرعي قوي، وبشهادة أشحاص لا شبهة حولهم ولا مصلحة لديهم. وهذا ما لا نجده في أدعياء النيابة الخاصة كالنواب الأربعة وغيرهم، من الذين أصبحوا على مر التاريخ "ثقاة وورعين" لدى من اتبعهم، وأما من نظر اليهم بصورة محايدة ومستقلة، فقد توفرت لديه أسباب معقولة وشرعية للتوقف والبحث والتنقيب.
وعندما راجعنا التاريخ، وسألنا علماء الشيعة الامامية الاثني عشرية السابقين، ممن عاشوا في القرون الأولى (كالقرن الثالث والرابع والخامس ) عن أدلتهم العلمية على وجود الولد للامام العسكري، قالوا بصراحة وأمانة: أن لا دليل تاريخي لديهم، وانما هم يعتمدون على الافتراضات الفلسفية، بالدرجة الأولى، وانما يأتون بالروايات التاريخية (أو الاشاعات) من باب المساندة والتعضيد، والا فانهم يعرفون أن تلك الروايات أوهى من خيوط العنكبوت، وانها لا تقاوم النقد التاريخي العلمي، وكما قال السيد المرتضى علم الهدى:" إن الغيبة فرع لأصول إن صحت فالكلام في الغيبة اسهل شيء وأوضحه ، إذ هي متوقفة عليها ، وان كانت غير صحيحة فالكلام في الغيبة صعب غير ممكن". أو كما قال أيضا عبد الرحمن بن قبة الرازي :" لا نتكلم في فرع لم يثبت اصله ، وهذا الرجل (ابن الحسن) الذي تجحدون وجوده ، فانما يثبت له الحق بعد أبيه .. فلا معنى لترك النظر في حق أبيه والاشتغال بالنظر معكم في وجوده ، فإذا ثبت الحق لأبيه ، فهذا ثابت ضرورة عند ذلك بإقراركم ، وان بطل إن يكون الحق لأبيه فقد آل الأمر إلى ما تقولون ، وقد أبطلنا ". ولم يقل المرتضى ولا ابن قبة الرازي ولا الشيخ المفيد ولا الشيخ الطوسي ولا غيرهم: أنهم يستطيعون إثبات وجود "ابن الحسن" بالطرق التاريخية، والروايات الضعيفة والمختلقة التي نسجها الأخباريون فيما بعد. [20]
كما لم يعتمد الشيعة الذين آمنوا بوجود الامام الثاني عشر، على أقوال النواب الأربعة أو غيرهم ممن كان يدور حولهم، وانما اضطرارا واستنتاجا وانسجاما مع نظرية الامامة، والا فانهم كانوا يشككون بصحة ادعاء النواب الأربعة والعشرين الآخرين، ولذلك فقد كان هؤلاء يدعون اجتراح المعاجز والمعرفة بعلم الغيب، وهذا ما كان يرفضه الشيعة ولا يصدقونه منهم.
ولكن مشكلة "العلماء" المعاصرين أنهم لا يريدون الاجتهاد، ويفضلون التقليد الأعمى، ويدعون الصحة لأحاديث كان يضعفها السابقون، ولو أنهم درسوها بصورة محايدة ، ولم يقلدوا فيها من سبقهم، لعرفوا مكامن الضعف فيها، ولم يحكموا بصحتها أبداً.
وعموما ، فان من يريد دراسة روايةٍ أو راوٍ، لا يمكن ان يقلد في تضعيفه أو توثيقه الآخرين، خاصة اذا كانت هنالك شكوك جدية حوله، وانما يجب عليه، كما هو معروف في علم الرجال، أن ينظر اليه بصورة محايدة ومستقلة. وبالنسبة لرجال تلك المرحلة "مرحلة الغيبة الصغرى" التي ادعى فيها بعض أصحاب الامام العسكري، وجود الولد له في السر، ونيابتهم عنه، ثم قلدهم من جاءهم بعدهم وبنى على توثيقهم، لا يمكن التسليم بصدقهم ولا صحة ما يروونه، اعتمادا على توثيق أتباعهم، فان أتباع كل مذهب ضال أو منحرف يوثقون مشايخهم ويقدسونهم، ولذلك لا بد من دراسة أحوالهم بصورة مستقلة، والنظر اليهم بعيدا دعاوى التلاميذ والأتباع.
وبكلمة أخرى: ان الشك فيهم معقول وضروري لمعرفة الحقيقة، خاصة وانهم المتهمون باختلاق تلك الأسطورة، وترويج الإشاعات، وبالتالي فلا يمكن الاعتماد على رواياتهم حول رؤية ابن الحسن واللقاء به، ونقل الأحاديث والزيارات والتواقيع عنه.
ان المشكلة الكبرى في مسألة وجود "الامام الثاني عشر" تكمن في أننا لم نرَ أحداً، وانما سمعنا همسا مريباً وحكايات سرية، تخالف الظاهر، وقوانين الشريعة الاسلامية، وقد مرت قرون وقرون ولم يظهر ذلك الولد المزعوم. واذا كانت هذه القضية مسألة عقائدية ومهمة جدا، فان طريق إثباتها لا يمكن ان يتم بهذه الطريقة السرية الغامضة، فإن الله تعالى لا يمكن أن يحتج على البشر بإمام مستور كالشبح لا يرى بالعين.
ان المجتهدين في كل مكان وزمان يبحثون السند قبل المضمون، فهل بحث (الكاتب السيستاني) سند تلك الروايات التي استشهد بها حول ولادة ابن الحسن؟ وهل عرف ما هو سند حكاية القابلة؟ ومن رواها؟ ومتى؟ وفي أي كتاب؟ وهل كان صحيحا؟ أم مجرد أشاعة؟
وهل من العلم والاجتهاد والتقوى، القاء الكلام على عواهنه وتضليل العوام والسذج والبسطاء، بالقول ان المؤرخين اعترفوا بولادته؟ من هم أولئك المؤرخون؟ وعلى أساس اعترفوا؟ وما هي أدلتهم؟ وهل يجوز لنا تقليد المؤرخين بصورة عمياء؟ أو تقليد علماء الأنساب في القرون اللاحقة؟ وهل نأخذ ديينا من هؤلاء الحشويين؟ أم من الفقهاء والمجتهدين والباحثين العلميين؟
ثم ما هي فائدة "اعتراف" بعض الحشويين من الصوفية، الذين يقول (الكاتب السيستاني) انهم من علماء أهل السنة، بوجود (الامام مجمد بن الحسن العسكري) اذا لم يقدموا لنا أي دليل على وجوده؟ وهل يجوز تقليدهم في هذا الشأن؟ واذا كانوا حقا يؤمنون بما يقولون، فلماذا لم يصبحوا شيعة إثني عشرية؟ ولماذا يرفضون أساس مبدأ الامامة؟
ان مشكلة (الكاتب السيستاني) في الحقيقة، تكمن في أنه يتلبس مسوح العلم والاجتهاد والدين، وهو يقلد في أهم أصل من أصول دينه، ويرفض الاجتهاد، بل ويحرم الاجتهاد على الآخرين، ويريد منا أن ننام على الخرافات والأساطير الموروثة، التي أصبحت منبعا لا ينضب للثروات اللامشروعة، وقاعدة لنشوء ديكتاتوريات جديدة باسم الدين.
اننا ندعو (الكاتب السيستاني) الى التفكير قليلاً فيما يقول، ونسأله سؤالا واحدا؟ ونطلب منه أن يجيبنا جوابا واحدا :هل كانت ولادة ابن الحسن المدعى، علنية؟ أم سرية؟
فاذا كانت علنية، كما يقول في رواية له [21].. فلماذا إذن الادعاء بأنها تمت بالسر، و أنه الامام العسكري لم يبلغ الا عددا صغيرا من خاصته؟ وانه اضطر الى نفي وجوده أمام الناس في الظاهر، خوفا على حياته من العباسيين؟.
واذا كانت سرية، كما يقول في رواية آخرى [22]، فلماذا الادعاء إذن بأن الامام العسكري أخبر الكثير من أصحابه من الخدم والجواري والأصدقاء بمولده حتى أنه عقّ عنه، وأراه الى المئات؟ وأنه صلى على أبيه أمام الناس؟ وأنه كان يستقبل الوفود ويأخذ الأموال منهم، وأنه كان يعيش في دار أبيه في سامراء؟
ألا يوجد تناقض في ذلك؟
ألا يدعونا ذلك الى التفكير وإعادة النظر والاجتهاد بصورة مستقلة؟
لقد آمن الشيعة قرونا من الزمن بوجود الامام الثاني عشر، وانتظروه طويلا ليخرج ويقيم دولة الحق، وكانوا يحرمون خلال انتظاره إقامة الدولة الاسلامية لأنهم كانوا يشترطون العصمة والنص في الامام، ولكنهم تحرروا من هذه النظرية فيما بعد، وابتدعوا نظرية (ولاية الفقيه) أو النيابة العامة للفقهاء عن الامام الغائب، ثم قال الشيعة بعد ذلك بولاية الأمة على نفسها وبجواز النظام الديموقراطي، وتصدى المرجع السيد علي السيستاني (حفظه الله) للدعوة الى إقامة النظام الديموقراطي في العراق، بعد سقوط نظام صدام حسين، متخليا بصورة عملية عن الفكر الامامي المثالي الوهمي غير القابل للتطبيق، ولم يعرف عنه اشتراط العصمة أو النص في الامام ، أي رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، بل لم يعرف عنه اشتراط الفقه والعدالة بالمعنى الأخص. مما يدل على حدوث تطور كبير في فكره السياسي، وانفصام الذين يدعون الانتساب اليه كصاحبنا (الكاتب السيستاني) الذي يدعي الانتماء الى حوزته والعمل في مرجعيته.
وهذا ما يدل على أن الأمة تسير في واد، وان الماضويين ينامون في واد آخر.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - كتاب المهدي المنتظر في الفكر الاسلامي. المؤلف والناشر: مركز الرسالة للدراسات والبحوث.
http://www.rafed.net/books/aqaed/mahde/mahde1.html#1
العنوان: ايران ـ قم ، بداية شارع سمية ، ص. ب 737 / 73185
الهاتف: 7732013 251 0098 ، الفاكس 7730020 251 0098
البريد الالكتروني resala@rafed.net
[2] - ص 162
[3] - ص 105
[4] - ص 107
[5] - ص109
[6] - ض 115
[7] - ص 119
[8] - ص 120
[9] - ص178
[10] - ص 179
[11] - البقرة 79
[12] - الانعام 93
[13] - يونس 17 - 18
[14] - الكهف 15
[15] - الأنعام 144
[16] - الأعراف 37
[17] - البقرة 159
[18] - البقرة 174
[19] - ص 107
[20] - المرتضى، رسالة في الغيبة، ص 2، والصدوق، اكمال الدين، ص 54
[21] - يقول (الكاتب السيستاني):"هناك روايات أُخرى كثيرة صريحة برؤية السفراء الاَربعة كلٌّ في زمان وكالته للامام المهدي ... ولقد ذكر الصدوق من وقف على معجزات الاِمام المهدي ورآه من الوكلاء وغيرهم مع تسمية بلدانهم وقد أشرنا إلى بعضهم، وقد بلغوا من الكثرة حدّاً يمتنع معه اتفاقهم على الكذب لاسيما وهم من بلدان شتى، ويواصل حديثه فيقول:" كما شاهد الاِمام المهدي عليه السلام من كان يخدم أباه العسكري عليه السلام في داره مع بعض الجواري والاِماء، كطريف الخادم أبي نصر، وخادمة ابراهيم بن عبدة النيسابوري التي شاهدت مع سيدها الاِمام المهدي عليه السلام ، وأبي الاَديان الخادم، وأبي غانم الخادم وشهد بذلك أيضاً: عقيد الخادم، والعجوز الخادمة، وجارية أبي علي الخيزراني التي اهداها إلى الاِمام العسكري عليه السلام ، ومن الجواري اللّواتي شهدن برؤية الاِمام المهدي عليه السلام: نسيم، ومارية".ص 115
[22] - ويقول:"كان الاِمام الحسن العسكري عليه السلام حريصاً على أن لاينتشر خبر ولادة المهدي إلاّ بين الخلّص من شيعته ومواليه عليه السلام، مع أخذ التدابير اللازمة والاحتياطات الكافية لصيانة قادة التشيع من الاختلاف بعد وفاته عليه السلام، إذ أوقفهم بنفسه على المهدي الموعود مرات عديدة وأمرهم بكتمان أمره". ص 119