 |
-
إنهم ينتظرون ذبح شعب!
إنهم ينتظرون ذبح شعب!
GMT 18:00:00 2006 السبت 21 أكتوبر
نزار جاف
--------------------------------------------------------------------------------
مرة أخرى يحمي وطيس حرب"حبک المؤامرات"خلف الکواليس، ومرة أخرى يلوح في الافق بوادر شرب أنخاب"المصالح"على أشلاء القيم و المبادئ الانسانية، فالتقارير الواردة من القدس و تل أبيب و واشنطن، تؤکد سعي حثيث و دؤوب للعديد من وزراء و سفراء دول"عديدة"من المنطقة وهي تحاول إقناع إسرائيل و الولايات المتحدة الامريکية على إتباع سياسة جديدة من أبرز سماتها التنکر مرة أخرى لحقوق الشعب الکوردي تحت مسميات و يافطات مختلفة العناوين و الالوان.
أصدقاء و حلفاء الجمهورية الاسلامية الايرانية يسعون من جانب لثني واشنطن عن إتباع سياسة إثارة ورقة القوميات هناک وماتعنيها من خطورة حقيقية لا على النظام الاسلامي فقط وإنما حتى على وجود و خارطة الدولة الايرانية ذاتها، کما إن أصدقاء و"أشقاء"سوريا يسعون من جانبهم لإخراج الرئيس السوري و نظامه من المطب الذي علق فيه مقابل"نتازلات" و "إمتيازات"تقدمها دمشق عن طيب خاطر لإسرائيل و امريکا، أما أصدقاء و حلفاء"مثلث الموت"العراقي فهم لم يتورعوا حتى عن إجراء زيارات سرية للدولة العبرية و"التوسل" و"التشفع"بسلطانها لدى واشنطن کي تحمي العراق من تلک الغيمة"الشيعية"السوداء الداکنة التي تغطي سماء العراق(کما يصفونه مجاهدي حصد الانفس البشرية بدون إستثناء) ومن مخاطر تقسيم العراق"أو الخطر الکوردي کما يصفه مجاهدو آخر زمن"، وإسرائيل وإن أبدت لأکثر من مرة عن إمتعاضها عن الاتصال و التحاور معها سرا، لکنها وجدت نفسها هذه المرة أمام عروض مغرية فيها أکثر من مجرد"تنازلات" وهي تستحق منحها إهتمام غير عادي. بل وأن ذلک المظهر الحميم الذي ظهر به سفراء بعض من الدول العربية وهم يحيطون السيدة وزيرة خارجية إسرائيل في القدس قد بينت بوضوح المدى الذي وصل إليه "التهافت"لدى العديد من دول المنطقة في رهانها على الدور الاسرائيلي.
وقد تکون بوادر الفتور الامريکي من المشروع الفدرالي للعراق، بداية مشوار سياسي جديد لواشنطن قد تدعو لتحريک البيادق بصورة مغايرة للذي هي عليها الان، والحق إن هذا الموقف الامريکي قد جاء بعد محاولات إقناع کثيرة من الخطر الشيعي وإرتباطات العديد من القوى السياسية الشيعية بطهران، ومثلما إستفاد النظام الدکتاتوري السابق للعراق من التدخل الايراني في الانتفاضة العراقية و نجى بجلده من مصيره الاسود الى حين، فإن نفس السيناريو يتکرر حاليا ولکن بإشراف السيد حارث الضاري و المطلک، إلا أن هناک ثمة تغيير جوهري في المسألة تتعلق هذه المرة بسلب الشيعة تدريجيا مکتسبات تأريخية حصلوا عليها من جراء محاورات"خلف الکواليس"، ولو إن قادة "مثلث الموت" و صناعة الدمار من أجل المصالح"الطائفية"يجدون أن تحجيم الشيعة لايکفي وإنما يجب"لجم"الدور الکوردي المتصاعد في العراق و وضع حد فاصل و نهائي له. وعلى الرغم من تلک التصريحات التي أدلى بها السيد هوشيار زيباري وزير خارجية العراق وحاول من خلالها تبديد المخاوف من الفتور الامريکي تجاه الفدرالية، لکن الذي يجري خلف الکواليس هو أکبر بکثير من تطمينات السيد زيباري.
لکن هل إن إلتقاء مصالح قادة "مثلث الموت"مع مصالح واشنطن و تل أبيب يعني أن الخطر المحدق بأمريکا و إسرائيل قد ولى أو إنقشع نهائيا؟ هذا سؤال يجد الساسة الامريکيون و الاسرائيليون على حد سواء صعوبة کبيرة جدا في الاجابة عليها. إذ أن ذبح الشعب الکوردي مرة أخرى على ضريح المصالح الدولية هو أمر سوف يدعو الى إيجاد بؤر و مراکز لتوتر غير عادي خصوصا حين يجد الکورد أنفسهم مرة أخرى لا صديق حقيقي لهم سوى الجبل ويومئذ لن يکون لدى الکورد مايخافون عليه وإن مافعلته شراذم الموت التابعة لأقبية مخابرات دول المنطقة قد لا يکون شيئا يذکر قبالة الذي سوف تفعله أمة تتجاوز الاربعين مليون نسمة في سبيل حقوق تؤمن بها الى حد اليقين، کما إن الطائفة الشيعية التي وجدت نفسها تتنفس الصعداء لأول مرة عبر تأريخ معاناتها المرير، سوف لن تسکت أو تتقولب ضمن ذلک الإطار التأريخي الذي تعود الامويون و العباسيون و غيرهم على مشاهدتهم ضمنه، إذ أن لکل حدث حديث و لکل مقام مقال، فقد أفلت المارد الشيعي من قمقمه الوهمي وإن ملحمة کربلاء و تلک المجازر التي جرت ظلما بحق هذه الطائفة الاسلامية الاصيلة سوف تکون بمثابة معين روحي و حماسي يدفعهم لکي يقلبوا الوضع جحيما لکل فرقاء"اللمة".
وفي کل الاحوال، فإن التضحية بصداقة الشعب الکوردي و التفريط بإنظباط و إلتزام الطائفة الشيعية قبالة المتغيرات الدولية، سوف يکونان من أکبر الاخطاء التي ترتکبها الادارة الامريکية ومثلما إن الدور الامريکي الاسود في عام 1975، لم تکن عواقبه النهائية إلا المزيد من الازمات و المشاکل، فإن الخطأ الامريکي المرتقب في الالفية الثالثة سوف يکون نذير شؤم لن تجد له أمريکا مثيلا حتى في فيتنام!
نزار جاف
nezarjaff@gmail.com
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |