 |
-
بيان الفتوى والمرجعية لآية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (الحلقة االثالثة)
بيان المرجعية والفتوى لآية الله العظمى السيد صادق الشيرازي
امتداد تاريخي وديني وسياسي للمرجعية الشيرازية في عراق الرافدين
(القسم الثالث)
* يوسف البحارنة
yousifalbaharenah555@yahoo.com
الشيعة في العراق:
(نريد احياء تجربة الشيخ الطوسي في ايران وتجربة السيد ابن طاووس في العراق)
منذ أكثر من 700 سنة والطائفة الشيعية التي كانت ولا تزال تمثل الغالبية السكانية في العراق , تعيش مهمشة تماما في الحكم .
هذا بالاضافة الى أنها قد عانت من حرب طائفية سياسية وعنصرية شنعاء مورست ضدها . بالاضافة الى ما عانته القومية الكردية التي هي الاخرى عانت مثل هذه الممارسات البغيضة ورأينا بأم أعيننا كيف تعرضت الطائفة الشيعية للسحق من قبل نظام صدام , الى جانب الويلات والتنكيل والحرب الكيمياوية التي تعرض لها الأكراد في شمال العراق , وحلبجة خيرشاهد حي على الظلم والارهاب والاستبداد في عراق الرافدين .
لقد كان بامكان الطائفة الشيعية أن تتعاون مع الاستعمار والقوى الأجنبية والدول الكبرى وتحصل على مشاركة فعالة في الحكم والنظام السياسي في العراق , .خصوصا أيام الاستعمار البريطاني في أوائل القرن العشرين , الا أنها وايمانا منها بالدين والوطن ووحدة المصير مع الطائفة السنية والحكومة العثمانية قامت بمحاربة الاستعمار البريطاني .
وقد دخلت المرجعية الاسلامية الشيعية الى جانب الشعب في ثورة العشرين بزعامة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي الشيرازي قدس سره لمقاومة البريطانيين , حيث اصطدمت المقاومة الشيعية مع الاستعمار في البصرة وبالتحديد في منطقة الشعيبة , وكان المجاهدون الشيعة يطلقون الشعارات الثورية وهم يهجمون على القوات البريطانية ويقولون:"الطوب أحسن لو مقواري" . هذا في الوقت الذي كان يذكر كامل الجادرجي زعيم الحزب الوطني الديمقراطي في مذكراته بما مضمونه أن الشيعة كانوا يحاربون الاستعمار البريطاني في منطقة الشعيبة في نواحي البصرة , وكنا نحن نحي الليالي السمر والحمراء في بغداد ونسمع مدافع القوات البريطانية , وننتظر قدومهم .
وعندما دخل البريطانيون بغداد بعد سقوطها في العام 1916م قاموا بتأسيس حكومة انتداب بريطانية تعاون معهم العراقيون الذين كانوا تابعين للحكومة العثمانية وقامت بريطانيا بتعيين عبدالرحمن النقيب وهو قاضي القضاة في العراق في زمن العثمانيين كأول رئيس وزاراء عراقي في حكومة الانتداب .
وهكذا أصبح خيركم في الاسلام خيركم في الجاهلية , وكانت نتيجة وقوف الشيعة الى جانب الحكومة العثمانية ومحاربتهم الاستعمار البريطاني أنهم رغم المذابح التي حصلت بحقهم , الا أن النتيجة كانت أنهم خسروا دورهم في ادارة البلاد
وفي التاريخ السياسي المعاصر للعراق , وأعطوها على طبق من ذهب الى الذين كانوا وكما أسلفنا يحييون ليالي السمر والليالي الحمراء في بغداد من الذين كانوا ينتظرون قدوم الاستعمار البريطاني .
لذلك فان الشيعة وعلى الرغم من تفهمهم للدور الأميركي الاستعماري القذر الذي يريد الهيمنة والسيطرة على العالم بما فيه العراق وثرواته وخيراته النفطية واحكام الهيمنة الأميريكية عليه , والوقوف الى جانب اسرائيل لخلق موازنة سياسية وعسكرية جديدة في المنطقة بعد تعثر عملية السلام العربية الاسرائيلية , هذا الموقف الذي خلق تذمرا عاما وعارما في منطقة الشرق الأوسط , الا أن شيعة العراق وعلى رأسهم قوى المعارضة الشيعية والوطنية والعلمانية ترى أنها لن تكرر التجربة المرة التي بدأتها أيام الاستعمار البريطاني , ولن تصبح الطائفة ولا قوى المعارضة جسورا للغير لكي يحكموا العراق من جديد كما حكموه قبل أكثر من 80 عاما .
وان الشعب العراقي خصوصا الطائفة الشيعية والمعارضة العراقية الشيعية في الوقت الحاضر وفيما يخص احتمالات الحرب والتغيير القادمة في العراق , فانهم لن يقفوا الى جانب النظام الديكتاتوري في العراق ضد الولايات المتحدة الأمريكية . وان تكرار تلك التجربة المرة أيام الاستعمار البريطاني يعني بقاء الحكومة كما هي عليه وتهميشا آخر لدور الشيعة في تاريخ العراق السياسي . وحتى أن القومية الكردية تجانب في مواقفها الطائفة الشيعية وتؤمن بضرورة التغيير السياسي في الخارطة السياسية للعراق ومجيء نظام سياسي تعددي يحترم كل الطوائف والقوميات وينبذ الطائفية السياسية والعنصرية نبذا تاما , وأن لا يكون هذا النظام نظاما ديكتاتوريا كما هو الحال ببقاء نظام البعث العراقي برئاسة صدام حسين .
وعلى الرغم من أن الغالبية الشيعية في العراق لا ترى الوقوف أمام الولايات المتحدة الأميركية في حربها وصراعها مع النظام العراقي , ولكنها ترى أن الغزو التتري يختلف عن الغزو الأميركي الجديد , وهي قلقة جدا من قيام الولايات المتحدة بالمجيء بحكم عسكري يخلف الحكم العسكري والديكتاتوري لنظام صدام , لذلك فهي ترى مع علمائها ومرجعيتها الدينية والسياسية بأنه يجب على الشعب العراقي القيام بنهضة وثورة شعبية تطيح بنظام الديكتاتور والمجيء بحكم ديمقراطي تعددي تحترم فيه ارادة الشعب العراقي وتمكنه من الادلاء برأيه في ظل انتخابات حرة ونزيهة لينتخب نظامه السياسي بعيدا عن الهيمنة الأجنبية وحراب العسكر.
كما أن السيناريو الجديد الذي أعلن عنه صدام حسين باعلانه عن العفو العام ما هو الا ارتياع خوف هذا الديكتاتور الطاغي من طبول الحرب القادمة وخشيته من سقوطه , لذلك فانه أصدر هذا العفو العام , الذي لم يشمل الكثير من علماء الدين والمجاهدين وحرائر العراق , وما هو الا خدعة اعلامية , وان على صدام حسين أن ينتنحى عن السلطة فورا وأن يسمح باجراء انتخابات حرة تحت اشراف الامم المتحدة لكي يختار العراقيون النظام الذي يرتأنونه , وتعيش المنطقة في وئام وسلام ,بعيدا عن المؤامرات والتدخلات الأجنبية . والشعب العراقي ينتظر اللجظة اليوم قبل الغد للخلاص من السجن الكبير المتمثل في نظام القمع والارهاب الصدامي , لينطلق في رحاب الحرية والتقدم . وان اعتقال أبناء الشعب العراقي بمختلف فئاته من قبل نظام الطاغية صدام حسين كان ممارسة للزور والعدوان وعنوانا للانتهاك الصارخ لحقوق الانسان في العراق منذ مجيء هذا النظام على السلطة .
ان الشيعة وهم الأكثرية السكانية في العراق ويجب أن يساهموا في الحكومة الجديدة التي ستخلف نظام الرئيس العراقي صدام حسين , بما لهم من تاريخ جهادي ونضالي , وبما لهم من أكثرية سكانية داخل العراق يجب أن تحترم في النظام القادم . وكون الطائفة الشيعية في العراق تمثل الأغلبية السكانية التي مورست بحقها أنواع الطائفية السياسية المقيتة وهمشت تعميشا مقصودا في المشاركة في الحياة السياسية وصياغة القرار السياسي العراقي , فان الظروف السياسية الراهنة هي ظروف مهيئة للمعارضة العراقية والحالة الشيعية في العراق لتأخذ مكانتها الطبيعية في أي تغيير قادم .
لذلك وعلى الرغم من معرفتهم بالنوايا الأميركية السيئة والقذرة – على حسب قول بعض السياسيين المهتمين بشئون العراق – في الهيمنة على العالم الاسلامي وفرض الارادة الأميركية , الا أنهم ونتيجة للاعتبار بالتاريخ المرير لهم مع الاستعمار والقوى التي جاء بها بعد احتلاله العراق في أوائل القرن العشرين , فانهم يفضلون أن يمارسوا تجربة الشيخ الطوسي في ايران والسيد ابن طاووس في العراق أيام الغزو التتري بقيادة هولاكوا. حيث اتفق الشيخ الطوسي مع التتار وتعاون معهم ووعدهم بخدمتهم فيما يتعلق بعلم النجوم وغيرها , شريطة حفظ التراث الشيعي والاسلامي وعدم حرقه واتلافه وبصورة ذكية استطاع أن يجمع الكتب الاسلامية ويؤسس الحوزات العلمية , كما استطاع أن يهديهم الى الاسلام وأصبحوا مسلمين .
كما أن السيد ابن طاووس رضوان الله تعالى عليه قد تفاهم مع هولاكوا قائد الغزو التتري في العراق , حيث
قائد الجيش التتري الغازي بجمع العلماء واستفتائهم قائلا:"أيهما أفضل الحاكم الكافر العادل أم الحاكم المسلم الجائر " .. فأفتى المرحوم السيد ابن طاووس"بأن الحاكم العادل الكافر خير من الحاكم المسلم الجائر" , وقد قام بقية العلماء الشيعة بوضع خطوطهم تحت خطه الشريف والمبارك وأيدوه . كان هذا في منتصف القرن السابع الهجري .
أما الآن فان المرجعية الدينية والسياسية في العراق سواء فيما يتعلق بالمرجعية السياسية للقضية العراقية والتي يتصدى لها آية الله السيد محمد باقر الحكيم والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق , أو التي يتصدى لها اتحاد القوى الاسلامية المستقلة , وبقية فصائل المعارضة الاسلامية الشيعية والوطنية والديمقراطية , يعاضدهم في ذلك اتحاد القوى الكردية , فانهم يرون ضرورة اسقاط الديكتاتورية في العراق ومجيء حكم ديقمراطي تعددي حر تحترم فيه كل الطوائف والقوميات والمذاهب , وتلغى فيه أنواع الطائفية السياسية والعنصرية .
لذلك نرى الى جانب المرجعيات السياسية لحركات المعارضة الاسلامية الشيعية في العراق , فان المرجعية الدينية والسياسية في العراق
والتي كما أسفلنا في مواضيعنا وبحوثنا السابقة بأنها مرجعية تمثل الامتداد الطبيعي , التاريخي والديني والسياسي في عراق الرافدين , والتي خلفت المرجع الراحل الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي رضوان الله تعالى عليه للتصدي للمرجعية الدينية والسياسية للطائفة الشيعية في العراق , قد أفتت هي الأخرى بضرورة الجهاد لانقاذ الشعب العراقي من نظام الجور والطغيان في عراق الرافدين , حيث أفتى وأصدر بيانا في هذا الخصوص سماحة المرجع الديني المجدد آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله , بعد أن استفته قوى المعارضة العراقية المستقلة حول الأوضاع الجارية في العراق ودور الشعب العراقي في هذه المرحلة الراهنة , فقد أصدر سماحته بيانين في هذا الخصوص طالب برفع الظلم والطغيان عن الشعب العراقي , واقامة حكومة حرة تعددية تحترم فيها القوميات والطوائف وضروة انقاذ الشعب العراقي من الظلم والديكتاتورية .
ان المرجعية الدينية اليوم والتي هي الامتداد الطبيعي لحركة المرجعية التي أسسها الامام الشيرازي قدس سره في كربلاء , والتي قامت بمحاربة الأفكار الانتقائية والهدامة لحزب البعث العفلقي العراقي , قد شخصت اليوم دورها ومكانها في التغييرالسياسي القادم في العراق , ونظرا لدراستها للتاريخ وخصوصا التاريخ المعاصر والمرير فانها لم تقف الى جانب الديكتاتورية في العراق , بل طالبت برحيلها واقامة نظام سياسي جديد يحترم حقوق الطائفة الشيعية , بما فيها بقية الطوائف والقوميات والمذاهب , والقضاء على الطائفية السياسية وحكومة الأقلية التي حكمت العراق لاكثر من ثمانين عاما.
ان المرجعية الدينية والسياسية في العصر الحاضر والتي قد تمثلت اليوم في آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله, وآية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دامت بركاته , الذي هو من أسرة دينية عريقة في العراق , حيث أنها ترعرت في كربلاء المقدسة ولها تاريخها الجهادي والنضالي في تاريخ العراق الديني والسياسي , وحملت راية الجهاد منذ اليوم الأول لنزو حزب البعث على السلطة في العراق , وشخصية المرجع الديني المجدد آية الله المدرسي معروفة للقاصي والداني بمواقفها التاريخية , خصوصا فيما يتعلق بالقضية العراقية , حيث أن سماحته يرى أن الغزو التتري الذي حدث في منتصف القرن السابع الهجري , يختلف عن الغزو الأميركي الجديد الذي يريد أن يأتي بالعسكر وفرض هيمنة نظام عسكري قد يكون أكثر ديكتاتورية من النظام الحالي , وان المعارضة العراقية في لوقت الذي تصب كل جهودها الذاتية من أجل اسقاط نظام الديكتاتور صدام بالاعتماد على نفسها وشعبها , فانها ترى أن معالجة القضية العراقية لا يمكن الا باحترام ارادة الشعب العراقي في تقرير مصيره بعد رحيل النظام الظالم في بغداد .
كذلك فان بقية المرجعيات الدينية الشيعية داخل العراق وخارجه , بالاضافة الى المرجعيات السياسية لفصائل المعارضة الشيعية والتي تمثلت في بقية المرجعيات السياسية الشيعية والتي لها دور تاريخي ونضالي على الساحة الداخلية والاقليميةوالدولية في العراق , ان كل هذه المرجعيات تصر اصرارا تاما على ضرورة اسقاط نظام الرئيس العراقي وايجاد عراق موحد وتعددي , بعيدا عن الهيمنة الأجنبية , وان المرجعيات الدينية الشيعية داخل العراق اذا ما سكتت فانها للخوف الذي يراودها , وتلك التي أفتت فانها فتاواها جاءت تحت طائلة التهديد والاكراه .
ان الامبريالية الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميريكة عندما تفكر في اسقاط نظام صدام حسين , فانها لا تفكر في مصلحة المعارضة العراقية أوالشعب العراقي , ولا تفكر في كيفية احترام ارادة علماء الدين والمرجعيات الدينية في العراق , وانما تفكر في كيفية حفظ مصالحها الاقصادية والسياسية والاستراتيجية في المنطقة , لذلك فان على الشعب العراقي أن يتحمل مسئولية التغيير للنظام العراقي من الداخل عبر نهضة وثورة شعبية تطيح برأس النظام الحاكم في بغداد لكي لا يقع العراق فريسة القوى الأجنبية.
ان بيان الفتوى لسماحة المرجع الديني المجدد آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله جاء في وقت مناسب حيث عالج حالة الاحباط واليأس التي كان الشعب العراقي يعاني منها , خصوصا المجاهدين العراقيين وبقية فصائل المعارضة التي كانت تنتظر من المرجعية الدينية توضيحا لها وبصيرة لمسيرتها , فجاءت هذه البيانات للمرجعية بلسما لهذه الشفاه التي كانت تنتظر بصيص الامل لوقوف المرجعية الدينية الى جانبها , خصوصا وأن رأس النظام العراقي الطاغية صدام حسين قد قام بالضغط على مرجعية النجف خصوصا آية الله العظمى السيد السيستاني وآية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظلهما باصدار فتاوى تحت الضغط والارهاب والتهديد بالقتل , ومكرهين تدعو الى مقاومة التدخل الأميركي في العراق .
وقد أعلنت القيادات الاسلامية الشيعية العراقية ومن ضمنهم العلامة السيد محمد بحر العلوم بأن هذه الفتاوى قد استصدرت تحت الاكراه والتهديد بالتصفية والقتل .
أن التعددية السياسية هي البديل الحضاري لانهاء معاناة العراق , كما أن الهواجس من المشروع الامريكي تقتضي دراسة متعمقة للوصول الى نتيجة تحافظ على استقلال العراق وكرامة شعبه , كما أن الحالة الشيعية في العراق مدعوة للتوحد , وأن على فصائل المعارضة العراقية التلاقي والانفتاح على بعضهم البعض وتذليل الخلافات والاتفاق على مشروع سياسي موحد للمرجعية الدينية والسياسية في العراق , توحد فيه هذه الفصائل وهذه القوى خطابها السياسي ووحدة مواقفها من أي مشروع سياسي لمستقبل العراق السياسي ويكون لها برنامجا عمليا متكاملا متفقة عليه بعد عملية التغيير القادم لنظام صدام .
ان ترتيب البيت الداخلي الشيعي كما قلنا في بحوث ومقالات أخرى حول هذا الموضوع خصوصا في مقالاتنا وبحوثنا حول المرجعية الدينية والسياسية للحركة الاسلامية الشيعية في العراق , هو ضرورة يؤمن بها كل العراقيون الشيعية وهي هاجس كل القيادات الاسلامية الشيعية المخلصة , التي ترى أن احتكار القرار السياسي للقضية السياسية هي فكرة خاطئة من الأساس , لن تخدم مصحلة الطائفة الشيعية , وان الابتعاد عن الحزبيات والأنانيات الضيقة والانفتاح على الجميع وانتهاج سياسة التلاقي هي خير من التقاطع والانزواء والاستفراد بالساحة والقرار السياسي للحالة الشيعية .
ان النظام العراقي الذي يدعو لمقاومة الغزو الأمريكي والهيمنة الامبريالية كان بالأمس وقبل عقدين من الزمن هو الحليف القوي للولايات المتحدة في مواجهة ثورة الشعب العراقي وانتفاضاته وتطلعاته السياسية حيث , تعاون مع الولايات المتحدة لشن حرب ضارية وضروس وحرب استنزاف فرضها على الجمهورية الاسلامية في ايران التي كانت فتية آنذاك للتخلص من أزمته الداخلية مع الشعب العراقي وخوفه من احتمالات التغيير في العراق .
فقد قام رأس النظام العراقي الذي كان يتصدى حينها نائب رئيس الجمهورية العراقية , بانقلاب أبيض على رئيس الجمهورية آنذاك أحمد حسن البكر وتسلم منصب رئيس الجمهورية والامانة العامة لحزب البعث وقيادة مجلس الثورة , وعزل أحمد حسن البكر ورفاقه الحزبيين , خصوصا الموالين لسوريا , ومن ثم قام بتصفيتهم جسديا والتمهيد مع الولايات المتحدة والدول الغربية والاتحاد السوفيتي وبقية دول المنطقة لشن حرب استنزافية كان هدفها اسقاط النظام الاسلامي الفتي في ايران . وكان يومها صدام قد ادعى بأنه قائد الأمة العربية والمدافع عن حقوقها وأمجادها وأنه يقود جيش القادسية ومعركة القعقاع , بينما كان المدافع الأول عن المصالح الأميركية وعميل الولايات المتحدة وحليفها القوي في المنطقة , حيث تلاقت مصالح النظام العراقي ودول العالم ومنها أميركا وقاموا بالوقوف أمام النهضة الاسلامية النامية في أواخر عقد السبعينات , حيث استمر هذا الوقوف وهذه الحرب الشعواء حتى أوائل عقد التسعينات .
نعم لقد لعب النظام العراقي الديكتاتوري في العراق دور المحارب الجيد المتمكن أمام الحركة الاسلامية المتنامية في ذلك الوقت وسجل تاريخا حافلا من العمالة والخدمة للولايات المتحدة الأميركية . ولأن ارادة الله سبحانه وتعالى وسننه في الكون ثابته وهي مجازاة الظالم على ظلمه في هذه الدنيا قبل الآخرة حيث قال سبحانه وتعالى :"الظالم سيفي , أنتقم به وأنتقم منه" .
فكما أن النظام الحاكم في العراق قام بتصفية الحركة الاسلامية الشيعية ورموزها وعلمائها ومراجعها وعلى رأسهم الامام الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه مع أخته العلوية بنت الهدى , اضافة الى كوكبة من شهداء الثورة الاسلامية في العراق وشهداء كثيرين من أبناء الطائفة الشيعية وبقية القوميات العراقية كالاكراد والتركمان والأشوريين وحتى من أبناء الطائفة السنية .
كما قام باغتيال المفكر الاسلامي الكبيرآية الله السيد حسن الشيرازي قدس سره في بيروت والعلامة السيد محمد مهدي الحكيم في الخرطوم عاصمة السودان وما قام به من قتل مراجع ومجتهدين في الحوزة العلمية في النجف الأشرف من آل المرجع الديني الامام الحكيم والشهيد الامام السيد محمد الصدر الملقب بالصدر الثاني مع ولديه , وغيرهم , كما أنه قد قام بنصب أعواد المشانق للمعارضين السياسيين وأبناء الشعب العراقي الذين كان ولا يزال يأخذهم بالضنة والتهمة كما كان يقوم بهذه السياسة معاوية بن أبي سفيان , فان الله أراد أن ينتقم منه شر نقمة ويريه نتيجة أعماله في هذه الدنيا قبل الآخرة , وها هي رياح التغيير قادمة لازالة واقتلاع جذور الديكاتوروالديكتاتورية من بلاد الرافدين .
ان القضية الأساسية لوقوف الولايات المتحدة الأميركية والدول الكبرى وبقية الدول الرجعية في منطقة الشرق الأوسط الى جانب نظام الرئيس العراقي قبل أكثر من عقدين من الزمن هو وجود المصالح المشتركة بين هذه الأنظمة والنظام البعثي العراقي , حيث أصبح هذا النظام من حيث يدري أو لا يدري , لكننا نرى أنه كان يعلم بكل عمق وادراك بأنه جسر عبور قوي للمصالح الدولية , لذلك وبعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية , فان النظام العراقي قد فهم اللعبة تماما وأن مهمته قد انتهت , وقد كان يعاني حينها من أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية خانقة بعد خروجه من حرب استنزاف كلفت العراق المليارات وأصبح العراق مديونا للدول بمئات المليارات من الدولارات , اضافة الى أزمته السياسية الخانقة , لذلك قرراحتلال الكويت ظنا منه أن باستطاعته أن يتعامل ويتقاضى بها مع الولايات المتحدة الاميركية والدول الغربية ودول المنطقة التي تخلت عنه وعن تقبل دفع ديونه , لرفع العجز الحاصل في ميزانية العراق وارتفاع الديون الباهضة , بعد انتهائه من حربه المفروضة على الجمهورية الاسلامية في ايران .
ولكن غاب عن بال رئيس النظام العراقي بأن شهر العسل في العلاقات الامريكية والغربية ودول المنطقة قد انتهى لتبدأ سياسة مصالح جديدة في منطقة الشرق الأوسط يكون ضحيتها نظامه الذي فقد بريقه وامكانية بقائه لانتهاكه الصارخ لحقوق الانسان وقيامه بحرب أدانته فيها الأمم المتحدة وطالبته بدفع غرامة لجارته ايران .
لقد قامت الولايات المتحدة مع دول العالم بالتخلي عن صدام حسين لكي تنسى شعوب العالم وخصوصا شعوب العالم العربي والاسلامي الظلم الذي لحق بها من جراء الديكتاتورية التي فرضتها الحكومات الأميركية وحكومات الدول الغربية السابقة على منطقة الشرق الأوسط . لقد أثارت الحرب العراقية الايرانية أسئلة كثيرة في أذهان الشعوب الاسلامية بعد انتهائها , لذلك قامت الدول الغربية والامبريالية بحرف أنظار هذه الشعوب بالهائهم باعطاء الضوء الاخضر لصدام لاحتلال الكويت ومن ثم قيامهم بحرب عاصفة الصحراء لطرده من أراضيها وتكرار الكرة تلو الكرة في حروب على نظام صدام من أجل تدمير البنية التحتية للاقتصاد العراقي , وهدم الترسانة العسكرية له وتدمير الأسلحة الاستراتيجية وأسحلة الدمار الشامل والبيولوجية التي يمتلكها صدام حسين , بالاضافة الى تدميرالمؤسسة العسكرية العراقية التي أصبحت تهدد أمن اسرائيل وأمن واستراتيجية الولايات المتحدة في منطقة الخليج والشرق الأوسط .
لذلك وبعد أن أصبح عميلها المطيع مشاكسا ومعاندا ولجوجا , يعمل خلاف رغبتها وارادتها فانها سعت على احتوائه وتضعيفه شيئا فشيئا تمهيدا لاقصائه من الحكم والمجيء بحكومة جديدة خلفا لنظامه القائم الذي أصبحت ورقته محروقة وغير مرغوب من دول الجوار.
لقد ساعدت أحداث 11 سبتمبر من تصنيف نظام الرئيس العراقي من الأنظمة التي ترعى الارهاب , وان تصنيف أميركا لنظام صدام حسين بأنه أحد الأنظمة الراعية للارهاب قد تكون له الكثير من الصحة , هذا النظام الذي كان يخنق كل نفس شريف وثوري أصبح اليوم يدافع عن الثورية والثوريين ونصيرا للقضية الفلسطينية , وينبري وزير خارجيته ناجي صبري بعد لقائه مع رئيس جمهوريةايران السيد محمد خاتمي مطالبا اياه بالموافقة على اقتراح تكوين وتشكيل جبهة ثورية ثلاثية بين ايران والعراق وسوريا للوقوف أمام الولايات المتحدة وأطماعها في العراق والشرق الأوسط , وكأنه يريد أن يضحك على الذقون وكأنه قد نسي أو تناسى وقوفه بالأمس مع الولايات المتحدة للقضاء على النظام الاسلامي وشنه لحرب دامت لأكثر من 8 سنوات نيابة عن الولايات المتحدة.
ان الله سبحانه وتعالى أراد الانتقام من صدام في دار الدنيا قبل دار الآخرة وأن شيعة العراق لن يقفوا ولن يتصدوا لأي تغيير قادم في العراق ولكن يقفوا الى جانب نظام الرئيس العراقي صدام حسين وأن رأيهم هو ذهاب النظام الديكتاتوري وتشكيل حكومة تعددية دينية وسياسية وايجاد دستور ثابت يقرر المصالح لكافة أبناء الشعب العراقي , ويلغي كافة أنواع الطائفية السياسية والعنصرية والقومية ويقوم بارساء علاقات حسن جوار مع جيرانه بما يحفظ مصالح العراق السياسية والاقتصادية.
كما أن حصول الشعب العراقي على هامش من الحريات والديمقراطية والحرية هو ضمانة للشعب العراقي من أجل أن يحكم نفسه بنفسه ولن يرضى بالعنجهية والغزو والقواعد الأجنبية أو بتنصيب حاكم عسكري على الشعب العراقي .
كما أن السيمفونية التي لا زال النظام العراقي يعزف عليها من أن الولايات المتحدة تريد اسقاط نظام صدام لتنصب حاكم عسكري على العراق كما تحدثت عنه مجلة نيوزويك , وكولن باول وزير الخارجية الامريكية ما هو الا سياسة تنازع بين القوى الكبري , فرنسا والولايات المتحدة , وان الرئيس بوش قد نفى هذه الادعاءات , لذلك فان أباطيل النظام العراقي وادعاءته قد ذهبت وسوف تذهب هباء وسدى , وأن الشيعة في العراق وعلى رأسها المرجعية الدينية والسياسية لن تقف الى جانب الديكتاتورية للنظام العراقي لتخسر مستقبل العراق كما خسرته قبل أكثر من ثمانين عاما مضت .
=)
يوسف البحارنة
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |