من بلد الى الثورة مرورا بالديوانية ...مسيرة حكومة
يجد المتتبع للاحداث في العراق نفسة في حيرة كبيرة لما حدث ويحدث على لصعيدين الامني والسياسي خاصة في الاسابيع الخيرة والذي ربما تتطلب تطوراتها مراجعة الكثير من المتبنيات الاجتماعية والفكرية بل وربما العقائدية حتى ولو ان هذا الامر الاخير اي الجانب العقائدي امر شخصي محض وان تبدله او عدمه لايعني بحال من الاحوال الوصول الى حالة مرضية من قبل الجميع بل لاينبغي ذلك اصلا لان الايمان حالة وجدانية خاصة لايمكن التاثير فيها .
منذ ثلاثة اسابيع تعاني مدينة بلد الشيعية من حصار تكفيري حقود لم يبدا الان وانما كان منذ اول يوم خفف البسطال الامريكي وطئته عن المهزومين بعدما تفكر العم سام بالسبب الذي حدى بخير البشر الى التركيز على الاخلاص والامانة والوفاء وهو يخاطب الاعراب الذين هم اشد كفرا ونفاقا واجدر ان لايعلموا حدود الله محاولا ان يجعل منهم امة مرحومة تاكل من فوق رؤؤسهم ومن تحت ارجلهم .
وبلد هذه مدينة صغيرة وادعة عرف عن اهلها الطيبة والسلام يقطنها مابين 100000الى 120000 مواطن شيعي مع بضع عائلات من الاخوة السنة العرب والاكراد يمكن التعرف على اسمائهم واعمارهم بسؤال شيخ من شيوخ بلد الطيبين في فترة احتساء استكان واحد من الشاي في مقهى باب السور او مقهى محسونة الشهير ، يحيط بهذه المدينة الصغيرة قرى ونواحي يسكنها العرب السنة من كل جهاتها ،وكما ان بلد محاصرة بطوق من الاخوان السنة من كل الجهات فان القرى السنية المحيطة لها امتدادات واسعة مع المدن السنية الكبيرة والتي كانت تستحوذ على السلطة والسلاح والاموال لسنين عجاف طويلة فضلا عن ما لديهم هم اي سكان هذه القرى من اليد الطولى في مؤسسات اللانظام المقبور الى درجة انهم يملكون الاسلحة المتوسطة في عهد ابن العوجة ،وربما هنا يمكننا ان نتفهم السبب في ان القوات الامريكية قد تركت مخازن الاسلحة من دون محاولة السيطرة عليها عندما دخلت الى العراق لتحريره من الاحتلال البعثي البغيض ولايشك عاقل في ان قوات التحالف كانت على علم بكل مواقع ومخازن الاسلحة واعدادها وكيف لا وهي قد دخلت الى غرفة نوم الرئيس الذي لم انتخبه يوما ، نعم ربما يكون السبب هو معرفتهم بضرورة ان يكون عند الطرف الاخر سلاح ليدافع عن نفسه به ويبدوا انهم كانوا يفكرون بشكل مثالي عندما اعتقدوا ان الناس ستشكر لهم فعلهم ويبدوا انهم لم يطلعوا على تعاليم الرسول الصادق الامين ولم يتفكروا بالسبب الذي جعل هاتين الصفتين اول الاسس التي انطلق منها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
حوصرت بلد منذ اول يوم للتحرير ومورس تجاها القتل الطائفي البغيض وليس المثال الوحيد على ذلك تفجير اربعة سيارات مفخخةعند غروب شمس يوم رجبي مرجب لاستقبال شهر الله من العام الفائت عندما كان الناس يستعدون لشهر ضيافة الله بشراء التمر حفاضا على سنة حبيب الله محمد صلى الله عليه واله فراح ضحية تلك الاعتداءات اكثر من 200 برئ .
و كان ان منع الناس وعلى مدى السنوات الثلاثة الماضيه من حرية التنقل بين مدينتهم والمدن الاخرى حتى ان كثيرا من اهاليها نسوا معالم بغداد المدينة التي كانوا ومازالوا تربطهم بها اكثر من رابطة ليس اقلها التناسب بين عوائلها واعتمادهم على اسواقها في حركتهم التجارية بدا من بيع الفواكه والخضار مرورا بشراء الحبال وانتهاءا بزيارة عيادة الدكتور عبد السلام خلف فضلا عن استخدام كراجاتها لغرض الوصول الى النجف وكربلاء المقدستين وغيرهما من مدن الوسط والجنوب القابع على النفط الذي تفتقده بلد كما تفتقده مدن العراق الاخرى .
قبل ثلاثة اسابيع تقريبا قام المجرمون بالغدر بسبعة عشرة عاملا من عمال البناء كانوا في ديارهم ليبنو لهم دارا يحتمون به من حر الصيف وبرد الشتاء ويتقاضون هم على ذلك اجرهم كيما يعيش افراد عوائلهم بكرامة هي حقهم الطبيعة وليست منة او مكرمة من احد ، غدر بهم المجاهدون ذبحوهم ومثلو بجثثهم ، فكان ان حصلت تداعيات خطيرة جدا منها تشديد الحصار على مدينة بلد ورميها بقذائف الهاون على مدى اسبوعين او اكثر وبمعدل من 10 الى 15 قذيفة في اليوم راح ضحيتها في يوم واحد ثمانية اطفال كانوا يلعبون كرة القدم في ساحة ترابية مليئة بالحصى والزجاج المكسر حفاة وبدشاديشهم تماما كما يفعل الاطفال في سويسرا التي لم اسمع يوما عن شعبها انهم بالوا على النفط اكثر من ستة الاف سنة يفتخرون بها لياتي المحتل الانكليزي ويستخرجه لهم ، .
حوصرت مدينة بلد وقتل الناس فيها وقصف الناس بالهاونات والحكومة العراقية لاتحرك ساكنا بل ربما لاتدري.
ناشدنا صرخنا باعلى اصواتنا استنجدنا بالجميع دون جدوى .
قام الناس بترتيب صفوفهم وتحركوا فلم تكلف الحكومة العراقية نفسها باكثر من ارسال مئتي عسكري بسلاح خفيف ليكونوا هم الاخرين عالة على المدينة المحاصرة في غذائها ومائها .
وبينما كانت مدينة بلد الشيعية تعاني ماتعاني ولاتزال حصل ان خرج بعض الغوغاء ليقوموا باعمال تخل بالامن والنظام في مدينة الديوانية الامنة فما كان من الحكومة برئيس وزرائها ووزرائها الا ان هبت لمعالجة الموقف لا بل ان القوات البريطانية اعلنت استعدادها للتدخل في حال طلبت الحكومة العراقية منها ذلك ،بل وقام رئيس الوزراء ووزير الداخلية بسفرات مستعجلة الى النجف لاسترضاء من يرون ضرورة استرضائة من اجل ترتيب الوضاع بشكل اقرب مايكون الى وضع قدر على ثيافي من خشب فوق نار لايخمدها الا التراب ، فكان ولله الحمد ان هدأ الوضع هناك على الاقل حتى الان .
وبينما لازالت مدينة بلد محاصرة والعدو يهدد الناس ويتوعدهم بل ويهددهم بتهديم ضريح السيد محمد ابن علي الهادي عليهم السلام كما فعلوا مع ضريح ابوه واخوه في سامراء وبينما الناس لاتجد من ينقذها مما هي فيه الا جهود ابنائها الذين احتفلوا بالباذنجان الذي حصلوا عليه بعد ان حرروا الطريق الواصل بين بلد ومخرجها الرئيس في منطقة محطة بلد كانت القوات الامريكية تحاصر مدينة الثورة تلك المدينة المضلومة التي يذكر جزءا من تاريخها بتاريخ مدينة سان بطرس بورج التي صارت يوما مدينة لينين غراد ثم صارت يوما مدينة ستالين غراد ثم عادت اليوم لتكون كما هي مدينة سان بطرس بورج الا ان الفرق بين الثورة التي لم اراها الا في التلفزيون ومدينة سان بطرس بورج التي لم اراها هي ايضا الا في التلفزيون ان الاولى ابدلت الصور بالصور واما الثانية فقد ابدلت الصور بساحات للعب الاطفال ، بينما كانت مدينة بلد تعاني ماتعاني ولاتزال كانت القوات الامريكية تحاصر المدينة الفقيرة الا من العمائم فهبت الدولة كل الدولةمن رئيس وزرائها الى وزرائها الامنيين وغير الامنيين بل ان الائتلاف العراقي الموحد الذي اعطاه اهالي بلد اصواتهم غفلة قام الجميع ليتحركوا لنجدت مدينة الثورة المضلومة وخيرا فعلوا والله فان هذا ماينبغي ان يفعلوه ونحن بهذا معهم.
لكن السؤال الان لم هذا التجاهل لبلد ولاهالي بلد ، هل ياترى قرر المتصدون للعمل السياسي التخلي عن هذه المدينة ،هل قرر الائتلافيون التضحية بمدينة يزيد سكانها عن 100000 انسان لاغراض لانعرفها ، ثم لماذا لايكون الكلام صريحا ويقولوا للناس يااهل يثرب لامقام لكم بها ، وما هو المتحصل من قتل الابرياء بهذه الطريقة التي لاتخلوا من التأمر ؟
سؤال نوجهه لمن يحب ان يتحدث مع نفسه بصراحة ولو لمرة واحدة
باسم البلداوي