 |
-
بدأت حرب الاعلام العربي ضد الصدر...بلد الصدر لعبدالرحمن راشد
عبدالرحمن راشد يكتب عندما تأمره السلطات السعودية ويبدو ان اجتماعات الضاري مع المسؤولين السعوديين بدأت ثمارها هذا أولا
ثانيا :التخوف من انقسام العراق هي الحجة التي تباكى عليها النظام الرسمي العربي ومازال يتباكى في عملية ابتزاز لاي تغيير قادم للانظمة العربية المتهرئة
__________________________________________________ __________________
بلد الصدر
بعد ايام من إطاحة الاميركيين بتمثال صدام ونظامه في بغداد قتل طعنا بالسيوف اشهر رجل ديني عراقي معارض في الخارج السيد عبد المجيد الخوئي. مات في النجف في اول يوم من منفاه. تلك الجريمة البشعة تاريخيا كانت اول معركة عراقية عراقية بين المنتصرين. كانت أول مؤشر على المستقبل المظلم الذي طالما حذر منه نظام صدام وخوف به خصومه من ان اسقاط النظام يعني حربا بين كل الطوائف والقيادات، على كل شبر في العراق، وانه بقسوته الضامن الوحيد لوحدة العراق واستقراره.
بكل أسف نبوءة صدام بالاقتتال اكدها السيد مقتدى الصدر قبل ثلاث سنوات في العاشر من ابريل يوم صفّى حسابه ضد خصمه الخوئي في صحن المسجد. مقتدى من اسم غير معروف للخارج الى جزء أساسي من المشهد العراقي السياسي المضطرب حتى اليوم. تنبأ مراقبو الشأن العراقي بأنه سيقود ثورة من الشباب والفقراء وسيكون مفاجأة العهد الجديد. وبالفعل صار سببا في الاضطراب.
ادخلت جماعاته الخوف في كل مكان حيث عاركت ضد الحكومة، وهاجمت مناطق شيعيه منافسة، وذبحت المئات من السنة، واغتالت بعثيين قدامى، واستمرت تشتبك مع الاميركيين. ومع أن السيد الشاب كان شوكة في طريق الجميع إلا ان احدا لم يحاول الوقوف في وجهه بشكل حازم إلا في وقت رئيس الوزراء الأول اياد علاوي الذي تحداه في عقر داره وفي نفس الوقت هاجم التكفيريين في الفلوجة السنية. وباستثناء المداهمات الامنية العراقية والعسكرية الاميركية الصغيرة فقد بقي السيد مشكلة لا احد يعرف كيف يمكن علاجها. احد اعوانه السابقين الذي تخلى عنه يعتقد ان المواجهة مع الصدر آتية لأن الأكثرية صارت تراه مشكلة، والبعض الذي يدافع عنه يقول ان مقتدى شخصيا لا يسيطر على اتباعه الذين ينفذون عمليات اجرامية لصالح أطراف داخلية وخارجية وهو يضطر للدفاع عنهم كلاميا.
تذكرته عندما قرأت تصريحا منسوبا للصدر قبل اسبوعين يعلن فيه انه يتبرأ من أي من اتباعه يقتل الغير بلا حق. كلام يشرع قانون الغاب ولا ينفيه بدليل انه قبل يومين برر جرائم احد منسوبيه من قادة فرق الموت الذي ذبح اشخاصا في منطقة سنية في بغداد مدعيا بانه ضد مجرمين تكفيريين، وهو كلام يلغي الحكومة ويؤكد على خطورته. وعندما هاجمت القوات العراقية وكرا لجماعة الصدر تدير فرقا للموت سمى القوة الحكومية العراقية بالفرقة القذرة وزعم ان جماعته يدافعون عن انفسهم!
والصدر ربما هو من افتتح القتل السياسي يوم طعن رجاله الخوئي، لكنه لم يعد وحده يمزق العراق بالتقاتل. عدد كبير من الجماعات طائفية العداء، او ذات ثأر شخصي لا يرتوي من الدم، او القاعدة الارهابية، او عصابات مستأجرة. ومنذ ان اتضح للجميع ان جريمة تصفية رجل بحجم الخوئي ذهبت بلا عقاب عم شعور بأن القتل اهون ذنبا من اللصوصية. فقد دافع عن الصدر في البداية متطرفو السنة والبعثيين وأضفوا عليه القاب الوطنية الى أن استدار عليهم. لم تعد المشكلة حصرا في اشقياء مدينة الصدر بل صار بلدا من الاشقياء من مختلفي الطوائف والانتماءات السياسية.
alrashed@asharqalawsat.com
التعليــقــــات
صلاح الامين، «نيوزلانده»، 31/10/2006
مع بالغ الاحترام لما ذكره الكاتب احب توضيح ان عبد المجيد الخوئي ليس عراقيا وكذلك والده والكل يعرف ان الاب الخوئي هو مقيم في العراق وليس بعراقي الأصل والجنسية.
علي الفضلي، «فرنسا ميتروبولتان»، 31/10/2006
ألم يكن الصدر مدعوما من قبل الدول العربية ؟
ماذا كان يفعل الشيخ احمد الكبيسي مع مقتدى الصدر ؟
ألم تدفع الدول العربية بإتجاه عدم معاقبة الصدر وأنصاره على جريمة إغتيال السيد عبد المجيد الخوئي ؟
لمذا هذه الهجمة الشرسة الآن على مقتدى الصدر ؟
سيف ذو الفقار، «الولايات المتحدة الامريكية»، 31/10/2006
ربما أنا لا أتفق مع ما يفعله الصدر، ولكن لا يوجد هناك دليل واحد ضده في قضية اغتيال السيد الخوئي. للأسف أن السيد الصدر غرته الأضواء وهو لا يزال في المهد وتبعه المسترزقون وأميو العراق. الصدر ظاهرة شاذة للنمط الشيعي ولا يستطيع لها أن تتكرر إلا في بلد مثل العراق حين تنقلب فيه الموازين.
موحد اكرم، «كندا»، 31/10/2006
أتفق مع ما جاء به مقال الأستاذ عبدالرحمن الراشد لكن باتفاق معظم رجال المقاومة العراقية فإن السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله كان أعظم رجل دين معارض لحكم صدام طيلة أكثر من عشرين عاما بل فقد سبعين فردا من أسرته بينهم ستة من أشقائه ، وإن كان ذلك لا يهون من مقتلة السيد عبد المجيد الحكيم فنأمل أن تكون الحكومة العراقية قادرة على محاسبة الجناة أيا كانوا ولأي جهة يحسبون ....
ahamed ali، «المملكة العربية السعودية»، 31/10/2006
صدقت في ما قلت ولطالما تساءلت ما الذي يمنع إصدار أمر بالقبض على الصدر نتيجة لجريمته تلك فهو لا يقل عن صدام المحاكم بقتل 140 شخصا قبل أكثر من عشرين عاما، الصدر وصل هذا الرقم بالتأكيد وبالتالي يستحق ان يقف احد ضده تماما كما حصل مع صدام فهو لا يقل خطورة عنه، أما الرئيس علاوي فهو افضل من مر على العراق في الفترة الحرجة هذه وقد عرف مكامن الخلل الصدر والمتطرفين السنة وهاجمهم مباشرة ولو أعطي الفرصة الكافية لطهر العراق منهم.
سالم عتيق، «الولايات المتحدة الامريكية»، 31/10/2006
وماذا كنت تتوقع يا أستاذ عبد الرحمن في ظل الاحتلال وما أفرزه من فتنة وفوضى هدامة وغياب للثقة وتجاهل للقانون وتجاوز للسلطة خاصة من قبل المليشيات المذهبية والطائفية، ناهيك عن العناصر الإرهابية، فالكل يتمادى بغيه في قتل الأبرياء الذين حرم الله قتلهم، غير ذلك وأسوء (بلد من الأشقياء).
نضع كل من كان السبب أو ساهم أو تواطئ في تمزيق لحمة العراق الوطنية بيده سبحانه وتعالى فهو جلت عظمته وقدرته نعم المولى النصير.
أسعد الطيب، «المملكة العربية السعودية»، 31/10/2006
الموت مكتوب على الجميع وكل يأخذ دوره وكما يقول المثل بشر القاتل بالقتل والأمور في بداياتها وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
خليل برواري { النرويج } 31/10/2006، «النرويج»، 31/10/2006
نعم استاذ راشد بعد مقتل السيد مجيد الخوئي الرجل المعتدل تنبأ الكثير من ان هناك فكر مغالي متشدد ولكن كما ذكرتم لم يتصدى لهذا الفكر اي شخص، الكل تجنب المواجهة مع عصابات مقتدى , الذي يعتبر ان الهيمنة على البيت الشيعي هو أولى بها. بالامس قتلوا عضو البرلمان العراقي عن قائمة التحالف الكوردستاني{ محمد سنكاو} وايضا نحن لم نحرك ساكنا مما يجعل مقتدى يتشجع ويتمادى في غطرسته وعنجهيته ان لم يقم البيت الشيعي بوضع { ضوابط } له هم يتحملوا وزر اعماله.
د. مروان عسلية، «مصر»، 31/10/2006
هذا ما يحصل عندما يقدس الشخص ويوضع زعيما لتاريخ وماضي من سبقوه من اهله لا من اجل كفائاته القيادية والشخصية.
قيصر شبلي، «الولايات المتحدة الامريكية»، 31/10/2006
أعتقد انّ عبد المجيد الخوئي كان مطلوبا من قبل النجفيين، كونه صادر ثروات الفقراء الشيعة في النجف والعراق والعالم الاسلامي لحسابه، وهذه القصة معروفة عند النجفيين. أما بخصوص السيد مقتدى الصدر , فهو رجل , فرع اصله من بركان ثوري لعمّه وابيه , الصدريين العراقيين اللذان لهم كلّ التقدير والاحترام الوطني والديني , اما عن المرحلة , فأعتقد انّها مرحلة احتلال , وللسياسيين والكتاب مايقولون , لكن الشعب العراقي وحده له الحقّ في ان يقدر قيمة مقتدى الصدر والشيخ حارث الضاري .
Jaafar tajer، «التشيك»، 31/10/2006
اللحظات الحاسمة
سقط صدام في (حفرته), فخرج العراق من (بئر الظلمات), التي وُضع فيها طيلة خمس وثلاثين سنة, وتنفس العراقيون الصعداء, وبدا للحظة أنهم يعودون دفعة واحدة إلى التاريخ, الذي أُخرجوا منه. قرص الكثيرون أفخاذهم ليتأكدوا أنهم ليسوا في حلم, وبالتالي لم تطل ساعات استعادة الوعي كثيراً, فكان أن أشرع سينمائيون عراقيون في بحر رحلة العودة إلى الوطن المُستعاد, وتحولت رحلات العودة, بعد مرور السنوات الطوال, إلى رحلات استكشاف, للعراق الذي كان غارقاً في ظلمات المجهول, مسوراً برجال البعث والمخابرات, والتعتيم, والقتل.
ريا العراقي، «السويد»، 31/10/2006
أشد على أياديك وأتمنى لك النجاح دوما.
د. هشام النشواتي,CA، «المملكة العربية السعودية»، 31/10/2006
المنطقة سبقت هتلر في العرقية والطائفية والقتل والارهاب فالقيادة الدينية بالوراثة ولو أنها تحمل اللون الأحمر (دماء الأبرياء) والسؤال: ما هو الفرق في الاجرام بين البعث الديكتاتوري والمليشيات الطائفية?
-
«صحيفة مكة».. النحر العراقي سياسي لا طائفي!
تضمنت «صحيفة مكة» التي وقعها فقهاء عراقيون من السُنَّة والشيعة مؤخراً، عشر وصايا: المسلم مَنْ شهد الشهادتين ظاهراً. حرمة دماء المسلمين. حرمة دور العبادة. القتل على الهوية فساد في الأرض. تجنب ما يذكي الطائفية. نصرة المظلوم. التعاون على البر. تذكير الحكومة بواجباتها. تأييد المصالحة الوطنية. المحافظة على استقلال العراق. وبطبيعة الحال، لا تمتلك منظمة مسالمة مثل منظمة المؤتمر الإسلامي على أكثر من التذكير الأخلاقي، والدعم المعنوي. وأهم ما في الصحيفة أنها وقعت عند جدار الكعبة، وهي أقدس بقعة باتفاق المسلمين، وما تبقى يُترك للضمائر.
حسناً فعل القائمون على مؤتمر مكة أنهم أبعدوا التباحث في المقالات الخلافية، فلو أثيرت لاحتاجت إلى سيف نادر شاه (1747 ميلادية) لمجرد طرحها، مثلما طرحت في مؤتمر النجف (1743) للتوافق بين المذهبين. وهذا ما أخاف الشيخ عبد الله السويدي (ت 1790) عندما انتدبه والي العراق العثماني أحمد باشا (ت 1747) ليقوم بمهمة التحكيم في المؤتمر بين رعايا الامبراطورية الأفشارية: شيعة إيران، وسُنَّة ما وراء النهر والأفغان. ولا نعلم بحقيقة مذهب نادر شاه سوى أنه من قادة الصفويين الأشداء قبل تنصيبه شاهنشاهاً أو ملك الملوك. وإذا كان سُنَّياً، فيمكن تمثله بالسلطان صلاح الدين الأيوبي، وكان أحد قادة الفاطميين، ثم تمكن وحول مذهب مصر إلى السُنَّة. لم يحضر بين المؤتمرين، بالنجف آنذاك، عراقيون، لا من الشيعة ولا من السُنَّة، ما عدا الشيخ السويدي الذي حضر محكماً. كان ذلك قبل 263 عاماً، وما زال المذهبان يحاولان التعايش، في ظل استلابات سياسية لأهل المذهبين ضاق طين الأرض لكثرة ضحاياها، فكل الدماء سالت لأغراض شاه صفوي وسلطان عثماني، وإلا، لا جعفر الصادق ولا أبو حنيفة أمرا أتباعهما بتجريد السيوف.
كان مطلب نادر شاه من المؤتمر التخفيف من تصلب التشيع الصفوي، واحتواء مذهبي امبراطوريته بعد اعتراف عثماني بالمذهب الجعفري مذهباً خامساً. ولما توج ملكاً أصدر أمراً مطولاً «يدعو فيه أهل إيران إلى استعمال السلاح وتعلم المعارف والمواخاة مع السُنَّيين» (تاريخ إيران، نشر 1898 بموافقة مظفر الدين شاه). وأُتفق أن يلغى ما ثبته إسماعيل الصفوي من سب الشيخين وزيادة الولاية في الأذان، وغيرها من موجبات المواخاة. واختتم المؤتمر بصلاة جامعة في مسجد الكوفة. لكن، صاحب تلك المبادرة، تنكيل بزعماء التشيع الصفوي فاضطربت مناطق من بلاد فارس عليه. وما هي إلا سنوات ويُقتل نادر شاه، على يد الأفغان، وتنتهي المحاولة. لتظهر أشهر ياقوتة من ياقوت تاجه في تاج فكتوريا ملكة بريطانيا (تاريخ إيران)، ولربما للأخيرة مأرب في قتله، لأن تقارباً قوياً كاد يحصل بين بلاد فارس وبلاد عثمان.
إلا أن الشيخ عبد الله السويدي، الذي أسعدته موافقة الجميع على نتائج المؤتمر، توقف عند الصغائر قياساً بعظمة المواخاة. فعندما دعي إلى الصلاة الجامعة، تتويجاً لاختتام المؤتمر، رفض أن يصلي بمسجد الكوفة، لأمور فقهية عزاها للإمامين أبي حنيفة والشافعي. إلا أنه حضر مع نادر شاه لسماع الخطبة، التي أعجبته، ماعدا تلفظ الخطيب اسم الخليفة عمر بن الخطاب بالكسر وليس بالفتح، على اعتبار صرف الاسم يضمر التقليل من الشأن، لذا اعتبرها الشيخ دسيسة. ثم اعترض على كيفية الصلاة، وأنها لم تؤد حسب تقاليد المذاهب السُنَّية، حتى طلب تأديب إمام الصلاة! وغيرها من الجزئيات (مؤتمر النجف، من مذكرات السويدي).
عموماً، يشي موقف الشيخ باستحالة بحث الأمور الأُصولية والفرعية في مؤتمر يُراد منه المواخاة، بقدر ما يُكتفى بالمشتركات. وهذا ما تنبه له القائمون على مؤتمر مكة، وتركوا مسائل الخلاف من أُصول وفروع.
أرى أن الشهادتين وما يتعلق بهما من مسائل إيمانية، ناهيك من تاريخ التعايش والشراكة بالوطن، كافية لإطفاء نار الطائفية بالعراق إن كان جوهرها طائفياً بالفعل! لكن، الخلاف ليس بين الطائفتين، والذين حضروا، من العراقيين، يعرفون جيداً أن النحر العراقي على الهوية يتم بفعل أحزاب وكيانات سياسية غلفت نوازعها السياسية بقشور الطائفية. ولا يخفى أن الهياج الطائفي بفعل سياسي أو طلب زعامة يمتد إلى قرون من الدس لتجنيد الأتباع تحت بيرق المذهب، وأولى الدسائس أتت من فقهاء الأحزاب، يوم تبنوا مصطلح الفرقة الناجية.
ولا نبتعد كثيراً، فالخلاف المغذى، من سياسي، شق طريقه إلى داخل المذهب الواحد أيضاً وبقوة، فمجرد أن تقدم أحد الشيوخ برأي مغاير بالفروع لا بالأُصول، وظهرت فرقة عُرفت بالشيخية، صدرت فتوى القتل بحق الشيخ أحمد الأحسائي (ت 1825)، حتى هرب إلى الحجاز، ومات هناك! وكم مجلس حكم عُقد لإعدام تلميذه كاظم الرشتي (ت 1843)! وهذا ما حصل بين فريقي الإخباريين والأصوليين الشيعيين. قتل في رواق الحضرة الكاظمية الميرزا محمد الأخباري (1816)، وسُلمت جثته للغوغاء للتمثيل بها، وكذلك فعل الشيخيون بخصومهم (آل الطالقاني، الشيخية، والخالصي (ت 1963)، علماء الشيعة والصراع مع البدع والخرافات). وجرت داخل المذهب السُنَّي المعارك الحامية الوطيس بين الحنابلة والشافعية ببغداد. وحصل أن سحب القاضي أبو عبد الله محمد البلاساغوني (ت505هـ) إمامة جامع دمشق من الشافعية، وسلمها للحنفية، وقال: «لو كان إليَّ الأمر لأخذت الجزية من الشافعية» (سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان). إنه صراع الآراء والزعامات يقود الأتباع إلى المهالك.
ستستمر الأحزاب الدينية في تحشيد الأتباع باسم المذهب، وتحت شعارات حقوق الشيعة وحقوق السُنَّة، والطائفتان لا حقوق لهما، عند الرؤساء من أهل القصور، سوى القتل على الهوية، والحرمان من الكهرباء. فمن مصلحة هذا الكيان أو ذاك الحزب أن يبقى الشيعة بحاجة للحماية، ومن مصلحة أن يدفع بالسُنَّة إلى التمترس والعصبة. وإلا لو اتجه العراقيون، بسُنَّتهم وشيعتهم، إلى تأسيس أحزاب عراقية وطنية، لن تبقى غلبة لزعامات الطوائف وأمراء الحرب. وكتحصيل حاصل، لا يهم زعامات الطوائف أمرَ صحيفة، ولو شهد عليها جدار الكعبة، إذا ما تقاطعت مع مآربها؟ أقول: لو رجع الأولون إلى الحياة، الذين يحشد بأسمائهم بسطاء الناس، وأكدوا أن لا خلاف، وهم مصطلحون، لأنكر المتأخرون عليهم بفتاوى تكفير. لأن جوهر الحال هو: «قطع الورايد ولا قطع العوايد». وأوضح من ذلك: «قطع الأعناق، ولا قطع الأرزاق». أليست الطائفية أخصب الأرزاق في بلاد كثيرة الطوائف والأعراق!
r_alkhayoun@hotmail.com
-
-
السلام على من اتبع الهدى
يكفي انهم عرب
وليسوا هم فرس ولا مجوس
-
وعليك السلام لاننا نتبع الهدى
اما العروبة فنحن عرب والحمد لله وعروبتي أو عروبتك لاتزكيني ولاتزكيك
وما نحن بصدده لاتتعلق بما تذكره عبدالرحمن الراشد او غيره يكتب ما تمليه عليه الدولة التي هو موظف فيها ليس الا
-
نموذج آخر
مشكلة الاعلام العربي هي الرؤية بعين واحدة فقط
__________________________________________________ _________
الحالة العراقية: «بين وثيقة مكة» .. وحقائق الميدان
كانت مبادرة منظمة المؤتمر الإسلامي بعقد مؤتمر للمصالحة العراقية في مدينة مكة المكرمة نابعة من دافعين: الأول حسن نيات من قام بتبني الفكرة ومن قام برصد الإمكانيات والجهود لدعمها، والثاني الشعور باليأس والإحباط جراء تدهور الوضع الأمني والإنساني في العراق، والرغبة في عمل أي شيء قد يساهم في إنقاذ الموقف قبل الانهيار الكامل والمدمر للدولة العراقية. ومن هنا، لا يمكن للمرء إلا أن يبارك هذا الجهد، على الرغم من إدراكنا أن هذه المبادرة قد جاءت متأخرة عن موعدها مع فهمنا وتقديرنا لأسباب هذا التأخير والتردد. ولكن ليس من المنطقي تحميل هذا الجهد أكثر مما يحتمل، أو الذهاب بعيداً في التوقعات لما يمكن أن يترتب على «وثيقة مكة» من نتائج بشأن وقف الاقتتال الدائر في العراق. فباعتراف الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، فإن الإنجاز لا يتعدى تبني الوثيقة، خصوصاً أنها تفتقر إلى آلية للتنفيذ والمراقبة على نحو يلزم جميع الأطراف من دون استثناء باحترام بنودها.
هناك ثلاثة أطراف رئيسية مباشرة مسؤولة فعلياً عن إهدار الدم العراقي في كل يوم بل وفي كل ساعة من دون قيد أو رادع. وهذه الأطراف الثلاثة تتمثل بعناصر المليشيات المسلحة التي أمست عملياً تتحكم في الشارع العراقي وفي أرواح المواطنين وممتلكاتهم، وقوات الاحتلال الأمريكي ومن يساندها من حلفائها، وأخيراً قوات الجيش والشرطة العراقية المؤسسة حديثاً، والتي تقف في وسط المعادلة، وهناك طرف رابع لا يقل خطورة وفتكاً عن الأطراف الثلاثة الأخرى، والذي يتمثل بالعصابات الإجرامية المنظمة التي برزت على السطح منذ بداية الاحتلال، والتي يتعاظم دورها في عملية التدمير المبرمج للدولة والمجتمع، مستغلة حالة الانفلات الأمني الشامل، حيث صارت تمارس نشاطها اليومي في خطف وقتل المواطنين من دون رادع أو رقيب.
وإذا نظرنا إلى الأطراف الثلاثة المسؤولة بصورة رئيسية عن ممارسة العنف علي الساحة العراقية ومدى تأثير وثيقة تحريم سفك الدماء العراقية في مواقفها أو سلوكياتها، فسنُواجـَـه بحقيقة مروّعة ومؤلمة تعمق حالة اليأس والإحباط التي نعيشها كل يوم عبر مراقبة المآسي التي تجري على أرض العراق. فقوات الاحتلال الأمريكي لن تكون معنية، لا من قريب ولا من بعيد، بوثيقة إسلامية أُقرت من قبل علماء الدين الإسلامي في رحاب مكة المكرمة. فمن يحاول متابعة سلوك قوات الاحتلال خلال الأعوام الثلاثة الماضية يجد أن هذه القوات، وبإقرار قياداتها ومن خلال متابعة الجزء اليسير من الفضائح التي تم الكشف عنها، كانت مسؤولة عن مقتل الآلاف بل مئات الآلاف من المواطنين العراقيين الأبرياء على اختلاف انتماءاتهم. فهذه الوثيقة من دون أدنى شك لن تشكل رادعاً قانونياً أو معنوياً لنحو مائة وثمانين ألف جندي أجنبي موجودين على أرض العراق، ويتمتعون بالحصانة القانونية الكاملة من سلطة القوانين العراقية، وحتى من سلطة القوانين الدولية الخاصة بحالات الحرب أو التي من المفترض أن تحكم تصرفات القوات المحتلة.
والطرف الثاني المسؤول عن العنف وسفك الدماء في العراق هو قوات الجيش والشرطة العراقية التي تم إنشاؤها خلال العامين الماضيين، فهي أضعف من أن تقوم بدور فاعل ومؤثر في حفظ الأمن والنظام، وذلك لأسباب عديدة لا يتسع المجال للخوض فيها. وإذا كان يمكن تفهم أسباب استمرار ضعف الجيش والشرطة العراقيين، إلاّ أن هناك حقيقة مؤلمة تؤكدها تقارير عديدة، عراقية وغير عراقية، كما تدل عليها الشواهد على الأرض، وهي أن بعض تشكيلات الجيش والشرطة العراقيين قد تم اختراقها وبدرجة خطيرة من قبل مليشيات طائفية وعرقية متطرفة أو من قبل مجموعات إجرامية بدءاً من أعلى المستويات القيادية فيها نزولاً إلى عناصرها الميدانية. وهذه التشكيلات المخترقة أمنياً وسياسياً لا يعنيها مصلحة الوطن واستقراره أو أمن المواطن أو حرمة دمه. فمرجعياتها العليا تكمن في قيادات المليشيات وبعض القوى الطائفية أو العرقية المتعصبة التي لا تأتمر بأمر الدولة. ومن هنا، فإن المصالح الطائفية أو العرقية الضيقة هي التي تتحكم في سلوكيات هذا الجزء من عناصر القوات المسلحة في استباحة دماء المواطنين أو اعتقالهم العشوائي أو اختطافهم أو إرهابهم وتهجيرهم القسري. وهذه الجماعات التى تتصرف وفق برنامج سياسي محدد لا يمكن أن تكترث بما حدث في مكة المكرمة، ولن تعير أي اهتمام لوثيقة تحريم سفك الدماء وتحريم الاقتتال المذهبي. وإن لم يتم التعامل بصورة حازمة وجدية مع هذه العناصر التي لوثت بفكرها الطائفي المتزمت وسلوكياتها الوحشية القوات المسلحة وأجهزة الشرطة العراقية، فإن «الإرهاب المتستر بمؤسسات الدولة» سيستمر، وستبقى الدولة أو جزء مهم منها يتحمل مسؤولية مباشرة عن استمرار سفك دماء العراقيين الأبرياء. وهنا، يجب أن نذكر أن الحكومة العراقية قد اكتشفت مؤخراً، وبعد مرور ثلاث سنوات، وفي وحدتين أمنيتين فقط أن هناك ما يقارب ثلاثة آلاف من عناصر المليشيات (وهو مجموع عناصر الوحدتين) قد تم توظيفهم في صفوف قوات الشرطة العراقية وأنهم كانوا يتسلمون أوامرهم من قيادات المليشيات، لذا تم اتخاذ القرار بالاستغناء عن خدماتهم أو نقلهم لمهمات أخرى. وهنا، لا يسع المرء إلاّ أن يتساءل عن حجم الاختراق الحقيقي وعن طبيعة العلاقة بين القوات المسلحة الجديدة وقيادات المليشيات؟
وفي ضوء استعراض موقف الطرفين السابقين، يتعين التمعن في موقف الطرف الثالث، وربما هو الأكثر أهمية، والمتمثل بالمليشيات الطائفية أو العرقية المسلحة وتحديد ردود أفعالها المحتملة على «وثيقة مكة». فعراق اليوم يمكن وصفه بحق، وبكل أسف، بأنه «دولة المليشيات». وانطلاقاً من هذه الحقيقة، فمن المرجح أن «وثيقة مكة» لن تكون ملزمة لهذه المليشيات لا قانونياً ولا أخلاقياً، ولا سيما أن تصعيد الاقتتال والتناحر الطائفي أو العرقي هو أساس إنشاء هذه المليشيات وأساس بقائها وازدهارها، ومن ثم فإن تبني وتصعيد هذا النوع من الصراع يشكل مهمتها الأساسية، فهذه المليشيات، في ظل غياب سلطة الدولة وهيبتها، لا تستمد «شرعيتها» من الدولة الغائبة، ولكنها صنعت «شرعيتها» في مطبخها الطائفي أو العرقي، وذلك عبر الادعاء بأنها تحمي وتدافع عن مصالح طائفة معينة أو قومية معينة في ظل ظروف انهيار الدولة ومؤسساتها. ومن هنا، فإن الورقة الطائفية أو العرقية تبقى مبرر وجودها وبقائها، ولذلك فهى لم تشارك، ولم ترغب في أن تشارك، في اجتماعات مكة، وبالتالي فهي ليست ملزمة بها لا من قريب ولا من بعيد. وعلى الرغم من كثرة حديث الحكومة العراقية عن حل الميلشيات، فإن أجهزة الدولة ومؤسساتها لا تزال أضعف من أن تقوم بهذا الأمر، فحل الميلشيات يحتاج إلى دولة قوية تكون قادرة على فرض سيادتها وهيبتها عبر احتكار حق الاستخدم المشروع للعنف من ناحية، وتوفير ضمانات احترام حقوق مختلـِـف الأعراق والطوائف ضمن مفهوم واحد للمواطنة من ناحية أخرى، وكلا الأمرين لا وجود له على أرض الواقع.
فالمليشيات الكردية (قوات البشمركة) التي يُعتقـَـد أن عدد أفرادها يبلغ سبعين ألف مقاتل، والتي قامت ومنذ اليوم الأول بدعم القوات الأمريكية وتسهيل مهمة غزو البلاد واحتلالها، توظف اليوم عضلاتها في ممارسة وإنجاز مهمة «التنظيف العرقي» الخطرة والمبرمجة، والتي تسير قدماً في شمال وشمال شرق البلاد، تمهيداً لتحقيق الهدف القادم عاجلاً أو آجلا والمتمثل بإعلان الدولة الكردية المستقلة والعمل سريعاً على استغلال ظروف البلاد غير الطبيعية لتوسيع الرقعة الجغرافية لـ «الدولة المنتظرة»، وضمان مواردها النفطية، وذلك من دون وجه حق أو أسس قانونية أو شرعية، ضاربة عرض الحائط بسلطة الدولة المركزية. وهذه المليشيات التي تتلقى أوامرها من عائلتين كرديتين فقط، هما عائلتا السيد البرزاني والسيد الطالباني، تقوم بعمليات عنف منظم حسب الحاجة لخدمة الهدف الأسمى سالف الذكر. ومن المفارقات أن القيادات الكردية تنفي عن تشكيلاتها المسلحة صفة المليشيات، وتؤكد أنها «قوات مسلحة رسمية». لذا، فإن «وثيقة مكة» لا تعني المليشيات الكردية، وهي ماضية، من دون هوادة، في تنفيذ عملية «التطهير العرقي» التي جاءت بعد إنجاز عملية «التزوير الانتخابي»، بهدف تغيير التركيبة السكانية للمناطق المختلطة قسراً وإرهاباً.
أما المليشيات التي تتسربل برداء المذهبية الشيعية فعددها كبير. وبعيداً عن مليشيات الأحزاب والجماعات الشيعية الصغيرة، التي برزت مؤخراً على ساحة العنف الطائفي كمليشيات حزب الفضيلة أو عصابات «ثأر الله» و«انتقام الله» وما شاكلها، فإن هناك ثلاث مليشيات شيعية كبيرة تتمركز في معظم أرجاء البلاد وتتمثل بمليشيات فيلق بدر، والتنظيمات المسلحة لحزب الدعوة الإسلامي، ومليشيات جيش المهدي. فمليشيات فيلق بدر التابعة لعائلة السيد عبد العزيز الحكيم (وتمثل الجناح العسكري لتنظيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق)، أما التنظيمات المسلحة لحزب الدعوة الإسلامية، فقد تم تشكيلها في بداية الثمانينيات وبالتحديد مع تصاعد المواجهة العراقية ـ الإيرانية، ليس لخدمة مصالح الطائفة الشيعية في العراق بل لخدمة هدف انتشار الثورة الإيرانية، ثم لدعم المجهود العسكري والاستخباري الإيراني خلال أعوام الحرب مع العراق. وكان من الطبيعي أن ترتبط هذه المليشيات بصناعها وداعميها بصلات وروابط لا يمكن فصمها بسهولة. فعلى مدى سنوات طويلة، تجاوزت ربع قرن من الزمن، كانت المرجعية الأساسية لهذه المليشيات وقياداتها العسكرية والسياسية تتمثل بقيادات استخبارية إيرانية وقيادات قوات الحرس الثوري الإيراني. ومن يعُدْ إلى البيانات والبلاغات العسكرية الرسمية التي أصدرتها هذه التنظيمات العسكرية خلال سنوات الحرب، والتي تجاوز عددها المئات، يجدْ أن دعمها للمجهود الحربي الإيراني كان شغلها الشاغل.
أما مليشيات «جيش المهدي»، فقد ظهرت بعد فترة وجيزة من وقوع العراق تحت الاحتلال، وهى تتكون في أغلبيتها العظمى من مجموعة من الشباب قليلي الخبرة، والذين يتضخ من ممارساتهم أنه لا يعنيهم الدين ولا الطائفة. وكان غرض إنشاء هذه المليشيات أصلاً هو فرض سيطرة عائلة الصدر على «البيت الشيعي» في العراق، فاتُهمت أولاً بعملية التصفية الجسدية للمنافس المتوقع السيد عبد المجيد الخوئي ورفاقه والتمثيل بجثثهم في أكثر المواقع قدسية لدى الشيعة في مدينة النجف، ثم قامت بفرض حصار مسلح على مقر المرجعيات الشيعية التقليدية طوال أسابيع عدة، ومن ضمنها مقر إقامة المرجع الأعلى للطائفة آية الله العظمى السيد علي السيستاني. وكان هدف مليشيات الصدر هو توظيف الإرهاب لتأسيس قيادة السيد مقتدى الصدر وعائلة الصدر كممثل وحيد لمصالح الطائفة الشيعية، والحد من نفوذ العائلات الدينية الأخرى، ومن ثم السيطرة على زمام السلطة في الدولة. ومن الواضح ارتباط هذه بالمصالح الاستراتيجية العليا للدولة الإيرانية من ناحية، والمصالح الذاتية، السياسية والمادية، لهذه المليشيات والمتمثلة بفرض السيطرة على الدولة وخيراتها من ناحية أخرى، تمنعانها من القبول بمحتوى «وثيقة مكة». فالتخلي عن الورقة الطائفية سيعري هذه المليشيات من «شرعيتها»، فهي لا تملك شيئاً آخر يضمن استمرار وجودها ودورها وتأثيرها في التطورات السياسية في الدولة غير تصعيد التناحر والاقتتال المذهبـي.
ويقف على الطرف الآخر مجموعة ثالثة من المليشيات، وهي تتكون من عدد غير محدود من المجموعات المسلحة السنية التي برزت على الساحة بعد الاحتلال، والتي يساهم بعضها في إراقة الدم العراقي على الأسس المذهبية، كمثيلاتها من المليشيات الأخرى. وهذا الصنف من المليشيات يمكن تصنيفه إلى قسمين رئيسيين: المليشيات العراقية التي تدّعي «الشرعية» عبر مقاومتها للاحتلال الأمريكي، وترى أن حق مقاومة الاحتلال حق شرعي تصونه القوانين الدولية، وتحاول التملص من مسؤولياتها عن الاقتتال المذهبي. والصنف الثاني يتمثل بمليشيات تنظيم القاعدة ومن يدعمها، والتي تجاهر علناً بمسؤوليتها عن إراقة دماء المواطنين العراقيين والقتل والإجرام بناءً على الانتماء الطائفي، فمجموعات تنظيم القاعدة بعناصرها العربية أو العراقية تجد في الاقتتال الطائفي شرعية لوجودها، وتسعى جاهدة لدفع البلاد إلى أتون الحرب الأهلية، التي ستضمن موقعاً دائماً وآمناً لها على أرض العراق، وربما تعينها على إقامة دولتها العنصرية المتطرفة. لذا فإن «وثيقة مكة» لا تعنيها ولن تغير من سلوكها القائم على الإمعان في القتل على أساس الهوية الطائفية، وأكثر من هذا فهي تمارس العنف ضد كل من يقف في وجهها دون اعتبار للانتماء الطائفي. وإذا نظرنا إلى ادعاءات مليشيات الجماعات السنية المسلحة العاملة خارج إطار تنظيم القاعدة، بكونها غير مسؤولة عن عمليات القتل الطائفي، وأنها تمارس المقاومة ولا علاقة لها بالإرهاب، وأنها تحتفظ فقط بالمسؤولية عن قتل ما يزيد على ألفي عنصر من جنود الاحتلال، إلى جانب قتل «عملاء الاحتلال»، كما تصفهم هذه التنظيمات، من السياسيين المتعاونين وأعضاء الحكومة العراقية والعاملين في القوات المسلحة، نجد أن من الصعوبة إعفاء هذه المجموعات السنية العراقية المسلحة من مسؤولية القتل الطائفي، ومن مسؤولية حمام الدم الذي يغرق فيه العراق اليوم. فإذا كانت هذه المليشيات والجماعات المسلحة السنية حريصة حقاً على مستقبل البلاد ووحدتها وأمن المواطن واستقرار الوطن، فإن عليها واجباً ومهمة بالعمل والتدخل الجدي لإيقاف ممارسات تنظيم القاعدة وأعوانه التي تسعى إلى تعزيز الفرقة الطائفية واستباحة الأرواح والمقدسات من دون قيد ديني أو أخلاقي.
إن «وثيقة مكة» ببنودها العشرة تـُعـَد وثيقة للمبادئ الإسلامية العليا وسجلاً للقيم الأخلاقية والإنسانية التي قام على أساسها الدين الإسلامي الحنيف. وقد جاءت الوثيقة لتقول: إن العنف والقتل والاعتداء باسم الانتماء الطائفي أمور ليست من الإسلام في شيء. ولكن الواقع الميداني المؤلم في العراق يبدو بعيداً كل البعد عن هذه المبادئ. فالأطراف التي تمارس العنف اليوم على الساحة العراقية، بجميع مشاربها وأطيافها، لها أهدافها ومراميها الخاصة والمحددة، وعنصر الغيرة على الوطن والمواطن لا يدخل في حساباتها. كما أن لها مرجعياتها السياسية والدينية التي تمارس رسم السياسة بمعزل عن القيم العليا للدين الإسلامي أو محتوى «وثيقة مكة». فهذه المليشيات تعيش بنشوة وإغراءات السلطة من خلال ممارسة القوة والعنف بعيداً عن سلطة الدولة وسيادة القانون، بالإضافة إلى نشوة النفوذ السياسي وحتى الاعتراف الدولي، وتخطط كل منها إما لفرض السيطرة الكاملة على الدولة وخيراتها، أو الاستحواذ على جزء من الدولة لتأسيس دولتها الطائفية أو العرقية والتمتع بخيراتها. وإذا كان المتفائلون ينتظرون خيراً من إقرار «وثيقة مكة»، إلا أن المصالح على الأرض أقوى من الوثائق، وإن الواقع الميداني المرير والمرعب على أرض العراق هو الحقيقة. ومن هنا، فإن أمن واستقرار العراق ضرورة أساسية للأمن والاستقرار الإقليمي والخليجي بالذات، ولا يمكن النظر إلى أمن العراق بمعزل بعد الأمن الإقليمي، ولذا يتعين على جميع الأطراف الإقليمية والدولية الحرص على أمن واستقرار العراق، فدولة تُحكم من قبل المليشيات لن تكون إلا عبئاً وخطراً على جميع الدول المجاورة وعلى الأمن والاستقرار الدوليين.
ومن هذا المنطلق، فإن نزع سلاح المليشيات وتفكيك هيكليتها العسكرية والسياسية لا يمكن إنجازه من دون ترسيخ مؤسسات الدولة، وإعادة تشكيل القوات المسلحة العراقية لتصبح القوه الضاربة في وجه الذين عبثوا بأمن البلاد ووحدتها، فالأمن أهم من الديمقراطية، ولا ديمقراطية من دون أمن. على أن يتم دعم أي مجهود في هذا الاتجاه بقرار من مجلس الأمن الدولي، يستند إلى الفصل السابع من الميثاق يطلب من جميع الدول الإقليمية الالتزام بقرار حل المليشيات ويلزمها، تحت طائلة العقوبات، بالتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للعراق والتخلي عن دعمها واستغلالها لهذه المليشيات. فمن دون قوة جبارة تستمد شرعيتها من دورها في إنقاذ الوطن والمواطن من براثن المليشيات وتقوم على الأرض بحل ونزع سلاح هذه المليشيات وتصفية عناصرها، إذا دعت الضرورة، فلا أمل في بناء عراق موحد وآمن وديمقراطي.
* كاتب سعودي ورئيس
مركز الخليج للأبحاث
التعليــقــــات
muhamad omar، «هولندا»، 30/10/2006
يقول الله في كتابه المحفوظ(ولايجرمنكم شنئان قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى) معظم من حملهم الكاتب المحترم المسؤولية عن قتل الابرياء هم في حقيقة الامر جاءت افعالهم كرد فعل على من اسس لذلك الاجرام وتبناه قولا وعملا والمنظور عيانا من خلال الوسائل التكنلوجية التي لاتقبل التكذيب واعني بهم فلول القاعدة وفلول الصداميين الذين خسروا سلطانهم في كل من العراق وافغانستان ولهذا لجأوا الى استيراد الاف الانتحاريين الذين فجروهم وقتلوا بهم عشرات الالاف من العراقيين، هل ينسى الكاتب خطابات الزرقاوي التحريضية واعماله الاجرامية؟ ومن كان يحتضن الزرقاوي هل هم المليشيات الشيعية ام مخابرات صدام واجهزته الامنية الذين رفعوا الرايات السلفية واطالوا اللحى، واذا وجد الناس ان الأميركان والحكومة العراقية عاجزان عن ايقاف هذا الاجرام فهل يحق لاحد ان يساويهم بالقتلة لانهم يدافعون عن انفسهم؟ اليست هذه تسوية بين الجلاد والضحية؟ هل تخفى على احد السيارات المفخخة واين تنفجر يوميا، اذا اردنا حقا ان نساهم في ايقاف هذه المجازر فعلينا ان لانساوي بين القاتل او البادئ بالعدوان مع الضحية لان في ذلك تضييعا للحقوق.
احلام مجيد، «ماليزيا»، 30/10/2006
احسنت قولاً يااستاذ بوصفك الصورة العراقية الحقيقية بكل معانيها وتفاصيلها بشكل دقيق، الا اني اريد ان اضيف الى قولك ان ما موجود من جماعات مسلحة سنية... ولا اقول ميلشية... لانها تقاتل المحتل الغاصب اينما كان على ارض العراق .. هي جماعات ليست بالحجم المادي والمعنوي ولا بالثقل السياسي الذي تحظى به المليشيات الشيعية من ايران تحديدا.. فتلك الجماعات السنية معتمدة على الله وعلى ما تحصل عليه من مغانم حربية لمقاتلة العدو.
ماجد الخالدي، «المملكة العربية السعودية»، 30/10/2006
الأستاذ عبد العزيز بن صقر، لقد وفقت إلى حد بعيد في استعراض المشهد الميداني لكارثة تداعيات الإحتلال، وإن هارون الرشيد ألزم الأمين والمأمون بالعهد والميثاق في قلب الكعبة وأعد لذلك خيرة فقهاء عصره والنتيجة كانت اقتتال الأخوين وقتل أحدهما للآخر!.
بالنسبة للقوة الجبارة التي تقترحها فإنها موجودة وتعمل على طرد الإحتلال وآثاره ليلاً و نهاراً وهي المقاومة الوطنية بمختلف تشكيلاتها -وعلى رأسها الجيش العراقي فخر الجيوش العربية بلا مبالغة- المخالفة لكل أعمال الإرهاب والتنكيل بالعراق وإنسان العراق من مختلف المجموعات المسلحة ذات الأجندات والغايات السياسية المرتبطة بتطلعات إيران المعروفة في المنطقة. لن يحرص أحد على الوطن مثل أهله ولذا أضم صوتي إلى ما تدعو إليه من التمكين لأهل العراق المخلصين من إنقاذ العراق العربي قبل أن ينفتح صندوق باندورا وتنطلق شروره في كل مكان لا قدر الله.
عمر عبدالله عمر، «المملكة العربية السعودية»، 30/10/2006
وثيقة مكة لا شك أنها جهد مشكور عليه ولكن كما ذكرت الأمر الواقع مختلف فالعراق أصبح ساحة صراع لكافة القوى فالاستخبارات الاميركية والبريطانية والاسرائيلية والايرانية والسورية وغيرها تتصارع على أرض العراق, ولا يخفى على أحد النفوذ الايراني الواضع على المليشيات الشيعية فهم من زودهم بالأسلحة والتدريب وكافة أنواع الدعم وأصبحت هذه الميليشات بمختلف اسمائها تعمل لصالح اجندة ايران, و معروف من أتى على ظهر الدبابة الأميركية ومن ثمة أصبح في سدة الحكم فهل بمثل هؤلاء نثق وهل مثل هؤلاء سيسيرون بالعراق إلى الأفضل, حتما سيكونون أول المغادرين في حالة إذا ما غادرات القوات الأجنبية العراق, للأسف هذه المليشيات الصفوية هي من هجرت العراقيين وعملت على التصفية الجسدية وللأسف بعد أن يعذبوا أسوء من تعذيب القوات الغازية فبعضهم يتم حفر أجسادهم بالثاقب الكهربائي والاخر تقلع عيونهم و اخرون يحرقون ..., وواضح في هذا السلوك مدى الحقد والكره الذي ملئت به القلوب في حين لم يكن ذلك سابقا.
صاحب السامي، «ليبيا»، 30/10/2006
أعتقد أن كثيرا من الأمور ملتبسة عند الكاتب فهو بعيد كل البعد عن الواقع العراقي ويبدو أنه يعتمد على بعض الأخبار التي تصله من هنا وهناك. لم يشهد العراق أي تصفية بعد سقوط صدام واستمر ذلك حتى يوم الجمعة التي قتل فيها الشهيد محمد باقر الحكيم مع 80 من المصلين قرب ضريح الإمام علي وحتى بعد ذلك بفترة لم يكن هناك أي اقتتال أو رد فعل محسوس، لكن بعد زيادة الجرائم بحق العراقيين وخصوصا الشيعة وبمباركة من واجهات سنية محلية وإقليمية كان لابد من الدفاع عن النفس. وكان رد الفعل محدودا في إطار القضاء على العناصر الإرهابية وخصوصا القادمون من وراء الحدود والذين يمولون من قبل مؤسسات تعمل في دول الخليج خاصة. ولكن بعد أحداث تفجير قبة الإمامين العسكريين خرج الامر بعض الشيء عن ارادة القيادات الشيعية ومع ذلك لم يتعد الأمر احتلال خمسة مساجد سنية وبعض الجرحى التي ضخمتها القيادات السنية لتقف إلى جانب المعتدي قلبا وقالبا. ولا زال الأمر على هذا الحال إلى يومنا هذا فلن يتجاوز عن القتلى من السنة إذا صح التعبير بضع مئات مقابل عشرات الآلاف من الشيعة وجلهم قتلوا من قبل التكفيريين والصداميين وكذلك الحال بالنسبة للتهجير القسري. وفي اعتقادنا أن وثيقة مكة مهمة جدا لأنها سترفع الغطاء وتعري الجهات التي تدعم وتقف وراء كل المآسي التي يعيشها الشعب العراقي.
مروان ازاد، «الامارت العربية المتحدة»، 30/10/2006
من الواضح أن الكاتب العزيز ينظر الى الموضوع بعين واحدة مغمضا عينه الاخرى عن حقيقة أن أساس ومصدر العنف والتقتيل على الارض العراقية هو الجماعات السنية المسلحة التي تتالف من عصابات النظام السابق والقتلة الذين نشأوا في ظل الاجهزة الامنية للزمرة الصدامية. هؤلاء هم من بدأ في اهدار الدم العراقي واستحلى فكرة تدمير العراق لجعله بلدا غير قابل لان يحكم ما داموا ليسوا هم من يحكمونه.
عبد الله ال حمد، «استراليا»، 30/10/2006
ان الناظر للحالة العراقية لا يجد الا ان يقول ان الكاتب قد اصاب كبد الحقيقة في تحليله للواقع العراقي. ولن تفيد تبريرات البعض لما يجري في العراق من تقتيل لاهل السنة من الافلات من المساءلة التأريخية والقانونية والمعنوية. فقد تجاوزت اعداد القتلى من اهل السنة المائة الف وناهز عدد المهجرين منهم المليون وقد تم تدمير الكثير من مدنهم الرئيسية. ان ما تقوم به المليشيات الطائفية ليس ردة فعل انما هو فعل مبرمج يتناغم مع مخطط تقسيم العراق وقتل هويته العربية والاسلامية الصحيحة.
)
-
 المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي الهماشي
مشكلة الاعلام العربي هي الرؤية بعين واحدة فقط
ليست الرؤية بعين واحدة بل أنه ضمير الامة الخايس ..
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |