 |
-
من دعائم العنف في العراق
من دعائم العنف في العراق
لايخفى بأن السلم الاهلي , يصنع من مشتركات التعايش داخل المجتمعات ، ويصاغ بمقتضى القناعات التي يفرضها جوهر التنوع في المعتقدات والاعراف والرؤى الفكرية والاديان على تضارب حللها ومللها ، وفي اطار رؤية واقعية ترتقي بخصوصية الانسان في الحياة ...ومن هذا المفهوم , نما نمط التعايش في العراق منذ القدم الى مستوى من التلاحم الذي انتج النهضة الحضارية المبكرة في وادي الرافين .
غير ان ماكنة التطورالتي طحنت عناصر الطبيعة بهدف التحديث ، اوجدت ثقافات مسايرة طبعت لدى الانسان ايضا ، سلوكيات , اضرت بتركيبته الفطرية ، وحفزت لديه ، الى حد كبير ، نزعة الانا والعدوانية ، وقد يكون الحكام اكثر تعاطيا لهذه النزعة ، لانها تسوق برامجهم التي تعزز التسلط والسيطرة على مركز القرار ... والعراقيون من الشعوب التي ابتلت بعنت هكذا نوع من الحكام الطغاة الذين عاثوا ، طوال قرون بالارض الفساد وانتهجوا ابشع السياسات التي اتاحت لهم اسقاط النظرة المعسكراتية داخل المجتمع ، وطوعت الاعلام الذي يسر ترويج مفاهيم( المؤامرات ، المخططات العدوانية ....الخ) لاشاعة اجواء الخوف وخيوط التهمة بين الناس .
وبالرغم من ذلك ، لم تتفتت الارادة الوطنية والعقائدية للانسان العراقي ، مثلما لم تتفكك وحدة المجتمع او تنحل اواصره ... ولكن ، يصح القول بأن سياسة هؤلاء الجبابرة ، تمكنت من غرس بذور التسلط وبث ثقافة الرعب بين الجماهير , الامر الذي شجع الساسة في العقود الاخيرة الى توظيف ظاهرة الانقياد في صناعة الدكتاتورية ، وتوطيد دعائم صيرورتها بمنهجيه غير مسؤولة ، اتخذت الصبيان ، في معسكرات القتل ، وسيلة تدعم مسيرة الهوان والطواعية والعنف داخل المجتمع ، مما مهد الطريق نحو النزوح عن القيم النبيلة تجاه تلك التي تقوض دعائم البناء الانساني المتطلع نحو الحرية والتعايش ... فكان وليد هذا الواقع المأساوي ، جيلا يرثى لوعيه وسوء ادراكه الذي اوقعه في احضان التطرف الديني والسياسي على حد سواء .
وفي ظل اشراقة التغيير، وانبثاق نور الحرية ، سرعان ما تقهقرت هذه المنظومة الهرمة , واستجابت , امام الممارسات الانسانية للحياة الجديدة , بردة فعل , اظهرت مدى الانتكاسة والمكابرة ومحاولة اثبات الوجود بأخلاقية مهووسة بالاجرام لكي تخفي رأسها كالنعام ، وتضبب واقع الحياة المشمسة التي ترفض الظلام , ولذلك لم تتباطئ عن التلحف بالحزام الناسف ، ولم تتورع ، كما عهدت ، في رمي الاطفال وقودا للنار .
وليس ذلك الا ارتعاشة تنتاب العاجزين عن رؤية الحياة وهي خاوية على عروشها البوليسية ، مثلما يعتري السمكة من هيجان يائس داخل شبكة الصياد... ولذلك يفسر الحزام الناسف هنا ، على انه وسيلة لانتحار الازمة النفسية التي تعصف بالذين فشلوا بالتحاور مع النفس ، ولم يمتلكوا الروحية التي تخاطب مشاعر الثكالى والايتام ، ولربما يكون هذا الانتحار ، وداعا خائبا ، لرحلة التسلط التي تبددت تحت شمس الحرية الساطعة .
طالب آل طاهر
التعديل الأخير تم بواسطة طالب ال طاهر ; 29-11-2006 الساعة 18:47
سبب آخر: العنوان لموضوع اخر ...مع اعتذاري الشديد
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |