شهد العامان المنصرمان تبوأ الاسلاميين مقاليد السلطه في العراق..
ففي البدايه كانت حكومه الجعفري الانتقاليه..ومن ثم الحكومه المنتخبه..
التي تربع على دست وزارتها المالكي...ويلاحظ ان الاثنان هما من القيادات
البارزه التي تشكل رأس الهرم في احد اعرق التنظيمات الاسلاميه واقدمها
خوضاً للصراع السياسي في العراق المعاصر"حزب الدعوه"..فما هي تجربه
الاسلاميين في الحكم؟؟ وماهو الوضع الذي يعيشه العراق في ظل حكمهم؟؟
نحن هنا نطرح تقييما لاداء الاسلاميين لكي نعرف هل ان هؤلاء هم من يستطيعون ان يحكموا العراق؟؟وهل يتمتعون بحنكه سياسيه معينه تعينهم
على ذلك..ام انهم ما زالوا رهيني مرحله وعقليه المعارضه؟؟؟
وانظلاقاً من هذه التساؤلات المشروعه حقاً ,والتي من حقي كعراقي-على الاقل-
ان اطرحها..جاءت هذه الرؤيه النقديه...
فنحن لو استعرضنا تاريخ العراق الحديث منذ تشكيل الدوله العراقيه..الحديثه لوجدنا صراعاً سياسياً بين الاحزاب التي تبوأت مركز السلطه في هذا البلد...
وكان رأس الحربه في هذه الصراعات هو الحزب الشيوعي الذي كان ناشطا ويتمتع بشعبيه كبيره ابان العهد الملكي وممثلا للتيار الوطني المناهض للحكم الاجنبي...وكان ان جاء العهد الجمهوري فصعد نجم الشيوعيين وجاء مدهم الاحمر..مفتتحاً عهداً قيض له ان يكون احمراً بلون
الرايه الماركسيه المستورده من الانموذج اللينني البلشفي..وكان لهذا المنجل المعقوف ان يتحول من رمز الى الخير والرفاه الى رمز للقتل وحز الرقاب..فكانت رايه مشؤومه بحق افتتحت عهدا دمويا ودولابا دميا في بغداد منذ عام 58 وما زال هذا الدولاب يدور بدوراته اليوميه ليحصد في كل يوم المزيد من ارواح العراقييين الابرياء...بعد ذلك بدأت حركه جديده..
الا وهي حركه المد القومي الذي توج بمجي عارف للسلطه وقتله وتنكيله بالشيوعيين وانعكاسات ذلك على الشارع العراقي...فالشارع العراقي ما بين المد الاحمر والجزر القومجي قد عاني الامرين من قتل واضطهاد وتشريد وملاحقه..حتى انقشع ذلك العهد الاسود وسقطت هذه الانظمه الكارتونيه على يد امريكا في عام 2003 ليبدأ عهدا جديد اسموه بالعهد الديمقراطي!!!!
ومن مفارقات هذا العهد ان جاء بالاسلاميين الى السلطه..بعد ان كان هؤلاء الاسلاميون لايؤمنون اصلاً بالديمقراطيه ويعتبرونها من"بدع الغرب الكافر.."..المفارقه ان هؤلاء الاسلاميين الذين يؤمنون بالحل القومي والذين كانوا يعادون التوجهات الديمقراطيه اصبحوا الآن من دعاتها وممن يدبجون المقالات في التسبيح بحمدها وتقديسها...فكان ان اصبح الكل يردد هذه الكلمه"الديمقراطيه"في عزف جماعي ممل ومكرور وسخيف الى حد الغثيان...
وجاء الاسلاميون للسلطه بقياده الجعفري والمالكي فهل كان عهدهم يختلف عن العهود السابقه.؟؟؟
الجواب يكمن في استعراض وتقييم الاداء الحكومي لهاتين الحكومتين
عندما جاء الجعفري للسلطه افتتح عهده هذا بكارثه جسر الائمه والتي راح ضحيتها الف عراقي كانوا يرومون عبور هذا الجسر لاداء مناسك الزياره
وكان الحل الاسلاموي لهذه الكارثه ان اسبغ القاب الشهداء وشرع بالتحشيد لحمله تبرعات لاسر اولئك الشهداء والتي وصلت الى مليارات الدولارات..ولكن بقي مصير هذه الاموال مجهولا لحد الآن؟؟فلا احد يعرف اين ذهبت واين صرفت؟؟بما فيهم اسر الشهداء انفسهم الذين قبضوا مليون دينار عراقي زهيد ثمنا بخسا لارواح ابنائهم...
ثم مالبثت ان حدثت تفجيرات براثا..الشهيره والتي راح ضحيتها العشرات
وكالعاده تمت عمليه تمييع المسأله وتغفيل الرأي العام عن الاداء الحكومي..
ومن ثم توج الاداء الامني الهزيل لهذه الحكومه بتفجيرات سامراء التي اشعلت فتيل الحرب الطائفيه في العراق..
كان رد الفعل على هذه التفجيرات ان قامت مليشيا جيش المهدي"ويذكر ان الجعفري هو المسؤوال الاول عن اقحام هذه المليشيا لمؤسسات الدوله
والشرطه "بردود انفعاليه ازاء هذه الجريمه..فكان ان ارتكبت جرائم اخرى
بمهاجمه المساجد السنيه واحراقها بالكامل...ومن ثم انفلت الوضع..
استغل السنه هذه الحادثه واخذوا يبثون من على الفضائيات صور الجوامع المحروقه هي والمصاحف..والعبارات التي كتبت على هذه الجوامع
التي تؤيد مقتدى..واستغل ذلك في التحريض على الشيعه في العالم السني..
فكان ان قام علماء الوهابيه بالسعوديه بالتحريض لاغاثه اهل السنه بالعراق..والاغاثه طبعا تكون على طريقه ارسال مزيد من الانتحاريين الى العراق..وكان السنه العراقيون ان قاموا باستقبال هؤلاء والعمل معهم وايوائهم في مناطقهم حتى ينتقموا لانفسهم مما فعله جيش المهدي بهم..
فاستعرت الحرب الطائفيه التي نعيش اوارها اليوم مابين هذين الفصيلين..
ومما يؤاخذ على الدكتور الجعفري هو امور:
1- عجزه وعجز حكومته عن تدارك الفتنه وؤدها قبل ان تحصل وكان الشيعه يستصرخون بتحرير مدينه سامراء من زمر الارهاب..ولكن للاسف لم تكن للحكومه اذن صاغيه
2- الزج بعناصر مليشيا جيش مقتدى في الشرطه والسماح لهم بممارسه
المظاهر المقتدائيه في هذا السلك..فكان مما لايستغرب عنك ان ترى وانت تتجول في شوارع بغداد ان تشاهد سيارات الشرطه تحمل صور مقتدى وتبث اغاني جيش المهدي وبصوت صاخب وكأنه تحدي للناس-على اسبيل المثال اهزوجه ايلاكون لو بيهم زود ذوله احنه جيش الموعود..واهزوجه مو كلمن ركب علمهره خيال بس ال الصدر يا نعم الرجال- ولا يخفى ان هذه المظاهر تستفز السنه كما تستفز الشيعه المثقفين والملتزمين دينيا..وتؤدي الى المزيد من الاحتقان وكهربه الاجواء
3- غض النظر عن ردود فعل جيش المهدي ازاء التفجير والسماح لهم بالنزول الى الشوارع حاملين اسلحتهم الخفيفه والمتوسطه على مدار ثلاث ايام
4- التراخي الغير مسؤول مع المناطق الارهابيه وعدم تنفيذ اي هجوم ضد تلك المناطق..
الا اننا بأزاء ذكر هذه الامور يجب ان نقوم بذكر الايجابيات فمن هذه الايجابيات:
1- افتتح الجعفري عهده بشن الهجمات على المناطق الارهابيه وتنفيذ خطه البرق التي نجحت الى حد كبير في استعاده امن بغداد لشهرين على الاقل..
وكان الفضل الاكبر في نجاح هذه الخطه هو الاداء الرائع والمتميز لوزير الداخليه الاسبق المهندس باقر جبر الزبيدي الذي اثبت كفائه على صعيد العمل التخطيطي والميداني..ولكن هذا الوزير وللاسف قيدت صلاحياته بعد اشهر قليله ارضاءا لمجاملات الجعفري للقاده السياسيين للسنه العرب كالدوليمي والهاشمي ومن لف لفهما..بل حتى وصل الامر الى يتم اختطاف اخته واخوه من قبل هؤلاء
2- تحرير مدينه تل اعفر من زمر الارهاب عبر الحمله العسكريه الناجحه التي قام بها الجعفري وشجاعته الميدانيه في الذهاب الى تلك المدينه اثناء العمليات
3- كسر الحاجز النفسي بين الحكومه والانبار عن طريق مبادره الدكتور الرائعه بزياره الفلوجه واعاطائهم مبلغا من المال..ولكن هذه الزياره لم ترق للكثيرييم وخصوصا ابناء التيار الصدري..
ومن ثم جاء المالكي....
فكان ان ابتدأ عهده بتحرير خمسه الاف ارهابي سني واطلاق سراحهم من السجون تحت يافطه"المصالحه الوطنيه"..ومن ثم هذا التراخي والترهل الامني الذي تشهده بغداد الآن..في كل يوم يتم العثور عما لايقل عن مائه جثه مقتوله ومشوهه الملامح..ومن ثم التطور النوعي الذي حققه الارهاب عن طريق قفزه نوعيه في عمليات الخطف..فأصبحنا نسمع عن عمليات الخطف الجماعي لخمسين ومائه ومائه وخمسين شخصا من الابرياء المساكين الذي يعملون موظفين في دوائر الدوله..وتتم هذه العلميات في وضح النهار وفي اشد مناطق بغداد اكتضاضا بالزحام المروري وفي ظل صمت حكومي مطبق...وتطور الامر فالتفجيرات زادت والانتحارين فرخوا والخطف تزايدت وتيرته واخذ مشهد تبادل قذائف الهاون بين المناطق السنيه والشيعيه مشهدا يوميا واخذ ت عمليات القنص التي تقوم بها الفرق المدربه من الارهابيين مشهدا مألوفا للمواطنين..ومن ثم استشرت ظاهره التهجير بشكل خرافي ...اما عن الفساد الاداري فحدث ولاحرج..ونحن لانريد ان نقوم بفتح ملفات الآن حتى لايتشعب الحديث ويخرج عن طريقه الذي ابتغيه له...فهذا ما جرى في حكومه المالكي..
والسؤال الذي اود طرحه الآن:
هل يستمر الشارع العراقي بتأييده للحكم الاسلامي والقوائم الاسلاميه بعد كل هذه الويلات التي جرتها عليهم عمليه انتخاب الاسلاميين؟؟؟
سؤال وددت طرحه على الاخوه الموجودين هنا في الشبكه باعتبارهم يمثلون شريحه مهمه من الشعب العراقي الا وهي شريحه المثقفين راجيا من الجميع التناقش بهدوء والابتعاد عن العصبيات الضيقه
والسلام عليكم.