[align=justify]
اسم البرنامج: مقابلة خاصة
مقدم الحلقة: أحمد صالح
ضيف الحلقة: رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي
أحمد صالح: أرحب بكم مشاهدينا الكرام ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مقابلة خاصة، أهلاً بك .
بالتأكيد هي البداية: لماذا استعجلتم في إعدام صدام حسين؟
نوري المالكي: في الحقيقة الظروف التي يمرّ فيها البلد، وحجم الشائعات التي أطلقت، وحالة الإرجاف والإرباك التي يمكن أن تحصل فيما لو حصل شيء بالنسبة لإعدام صدام، هي التي دعتنا إلى ضرورة حسم الموضوع وإنهاء هذا الرجل الذي هو في حياته فتنة وفي موته فتنة، فالاستعجال كان بلحاظ الظروف الأمنية وليست لأهداف أخرى، ولتطمين ضحايا وعوائل الشهداء على أن ما تردد من تصريحات لبعض محامي الدفاع أو بعض السياسيين عن وجود صفقة أو وجود اتفاق معين بين دولة وصدام، أو بين الحكومة العراقية ودولة أخرى، وهكذا، لا بد أنكم سمعتم الكثير من الدعايات أحدثت إرباكاً عند الناس وكادت أن تحدث شيئاً غير مقبول، لذلك كان التعجيل هو خدمة لضبط الأوضاع الأمنية وإحداث الاستقرار والاطمئنان لدى عوائل الشهداء والضحايا والعراقيين جميعاً، حينما يرون هذا الرجل يأخذ الجزاء الذي يستحق.
ملاحظات المالكي على تنفيذ الإعدام
أحمد صالح: ما ملاحظاتكم على التنفيذ خاصة بعد ظهور أو تسريب الصور، صور الإعدام، وظهور بعض الهتافات باسم السيد مقتدى والصلوات على محمد وما رافق ذلك الموضوع؟
الإعدام جرى وفق ضوابط والتزامات دستورية، لم تكن هناك أي مخالفة دستورية في عملية الإعدام، والوثائق التي قدّمت في عملية الإعدام موجودة، وبإمكان من يرغب أن يرى الوثائق التي قدّمت. وضمن سياقات قرارات المحكمة أيضاً جاء الإعدام
نوري المالكي
نوري المالكي: ابتداءً أحب أن أقول بأن الإعدام جرى وفق ضوابط والتزامات دستورية، لم تكن هناك أي مخالفة دستورية في عملية الإعدام، والوثائق التي قدّمت في عملية الإعدام موجودة، وبإمكان من يرغب أن يرى الوثائق التي قدّمت. وضمن سياقات قرارات المحكمة أيضاً جاء الإعدام. ولكن أنا أستغرب أيضاً لهذه الضجة الكبيرة التي غطّت على جرائم هذا الرجل عبر 35 سنة، وكأنه أصبح الشهيد، لأنه قد صوّر، أولاً المحامون ورجال القانون لا يجدون نصّاًَ يمنع التصوير أساساً.
فهو ليست مخالفة قانونية ولا مخالفة دستورية أن يصوّر وهذا موجود حتى في أوروبا حينما يعدم رجل قد ارتكب مجازر بحق ضحايا يحضرون ذوي الضحايا ويلعنون الذي ارتكب الجريمة، نحن لم نعمل هذا، ولم نعرّض الرجل إلى إهانة، إنما الذي حدث من تصوير على نمطين: نمط الحكومة صورت وهذا الذي ظهر في شاشات التلفزيون من أجل طمأنة الناس أن التنفيذ قد حصل فعلاًَ. أما الذي حصل الثاني في التصوير هو في الحقيقة فعل مخالف، ونحن لم نرضَ هذا أبداً، ولذلك شكلنا لجنة تحقيقية واعتقلنا وحققنا وسينال الذي قام بالتصوير أو بالهتافات جزاءه، مع أنها ظاهرة فردية، وليست مسيّسة، وليست مخطط لها، وليست مقبولة من قبلنا أبداً لأننا سلكنا سلوكاً طبيعياً في محاكمة صدام وإعدامه من أجل أن نعطي صورة للعالم بأننا لم نتعامل بالطريقة التي تعامل بها صدام مع الذين قدّمهم إلى مشانق الإعدام، قدّمنا صورة بأننا نلتزم بالدستور ونتمسك بآلياته وبحدوده ونلتزم بالقيم أيضاً، لأننا حينما كان بين أيدينا أمرنا بتغسيله وتكفينه واحترامه، ولم يتعرض وهذا ما شهد به حتى أقاربه الذين حضروا لاستلام جثته، بل ونحن نعلم بأن إعطاء الجثة قد يسبب حالة من الفوضى، ولكن مع ذلك احتراماً للميّت أعطينا الجثة إلى ذويه بكل تقدير وتكريم، وأخذوا الجثة وعملوا ما عملوه وأنتم ترون، وهذا في مقابل ما كان يجري حينما يعدم أي شخص عند صدام حسين يأخذون أجور طلقات أو العتاد الذي يقتل به الشخص وتمنع عائلته حتى من البكاء، بل يجبرون العوائل إلى الحضور في ساحة الإعدام وعلى النساء أن تهلهل وتزغرد وعلى الرجال أن يصفّقوا لعملية الإعدام وهم يرون أبناءهم يصعدون أعواد المشانق أو يقتلون بالرصاص.
هذه كلها لم تحصل، الذي حصل مخالفة فردية غير معتمدة، نحن لا نقبل أن يحصل أي تجاوز، ولا نريد أن نعطي للمسألة أي بعد طائفي، لأننا نعتقد أن صدام ليس محسوباً على طائفة، ولا توجد طائفة في العراق ولا قومية إلا وأخذت نصيبها من العذاب والإعدام، صحيح هناك قوميات ومذاهب تحملت عبئاً أكبر من جرائمه، ولكنه كان في نفس الوقت لا يشرّف أحداً أن يدعي أن صدام يمثّله وأن الذين تباكوا على صدام قد سجلوا في تاريخهم نقطة سوداء أن الذي يتباكى على صدام يتباكى على مجرم يشهد القاصي والداني - وأنا أجد تصريح السيد الأمين العام للأمم المتحدة الجديد الذي قال بأنه ينبغي أن لا تنسى جرائم الرجل - هو الأصدق والأمثل للتعامل مع هكذا مجرمين، أما الذين تحدثوا سواء كانوا عراقيين أو عرباً دفاعاً عن صدام بالحقيقة قد وضعوا في تاريخهم نقطة سوداء أنهم يدافعون عن مجرمين قتلة في مقابل شعوب بريئة قتلت بالأسلحة الكيماوية وقتلت في المقابر الجماعية وحمامات الدم والإعدام.
أحمد صالح: دولة الرئيس تحدثت عن تفاصيل تسليم الجثة وبالتأكيد كان هناك طلب وطلب مقابل، منكم ومن الوفد الذي جاء لاستلام الجثة، هل جرى التأكيد على مسألة أين سيدفن وخاصة المكان الذي دفن فيه أصبح وكأن هناك مقام مشيّد مسبقاً للرجل؟
نوري المالكي: أنا ما أعرف في الحقيقة ولكن يقال أن هذه مقبرة لعائلته، وحينما طلبوا الجثة، قلنا لهم: لا ندقق في أين يدفن، وطلبوا أن تكون هناك فاتحة لمدة ثلاثة أيام قلنا لا نمانع، ولكن أخذنا عليهم عهداً بأن لا تتحول المسألة إلى قضية إثارة أعمال عنف وشغب، لأننا سنتعامل حين ذاك برد فعل قوي في مقابل الذين يقومون بمظاهرات وهتافات، ومع ذلك تعاملنا بضبط النفس كثيراً من أجل أن لا تحصل تداعيات على خلفية إعدامه.
حول الدور الأميركي في الإعدام
أحمد صالح: كثيرة هي الروايات التي طرحت حول موضوع التوقيت والاستعجال بإعدام صدام حسين، وهناك كلام يقال أن السفير الأميركي في بغداد طلب منكم التأجيل ولو لأسبوعين، فما مدى تأثير الدور الأميركي في هذه القصة؟
نوري المالكي: في الواقع هذه قصص تنسج كثيراً. المحكمة حكمت، وحققت قبل أن تحكم، وكانت عراقية، والقضاة عراقيون، ولم يكونوا من طائفة واحدة، وإنما من مكوّنات الشعب العراقي الموجودين الذين صدّقوا على الإعدام، والجانب الأميركي لم يكن له دخل لا بقرار الإعدام، ولا بقرارات المحكمة، ولا بقرارات التنفيذ، إنما حصلت رغبة عبّر عنها السفير الأميركي بأنه يطلب تأجيل الإعدام عشرة أيام أو أسبوعين، فنحن في الحقيقة رفضنا للأسباب التي ذكرتها في مقدمة الكلام، لأننا لا نريد أن نبقي باباً للمشكلة مثار بشكل دائم ربما يتطور وربما يصل إلى الغاضبين من صدام حسين إلى حالة من التظاهر مطالبين الحكومة بالتنفيذ، حصل طلب ولكن نحن بالحقيقة رفضنا لهذه الخلفية الأمنية.
أحمد صالح: طيب يعني ليس من باب نظرية المؤامرة الشائعة، ولكن هناك من يعتقد أن تسريب هذه الصور كان مقصوداً، سيما أنه يعتمد بهذه الرواية أو بهذه التكهنات أن المكان الذي نفّذ فيه الإعدام هو ضمن منطقة أو ثكنة عسكرية أميركية كبيرة، وربما تسريب هذه الصور يشكل رسالة مفتوحة لمن يريدون أن يرسلوا له الرسالة.. الأميركيين؟
نوري المالكي: لا، في الحقيقة التحقيقات مالتنا ما أوصلتنا لمثل هكذا نظرية، والشخص الذي قام بها شخص عفوي ساذج، ولكنه موتور من صدام ونظام صدام، وقام بالعملية وهو يتصور أن لاشيء في مثل هكذا فعل، وقام بتوزيعها على أصدقائه عبر أجهزة الموبايل، ويبدو أن أحد الذين وصلتهم على أجهزة الموبايل هو الذي قام بإيصالها إلى الفضائيات، أما هذا الشخص لم يكن قاصداً ولم يعرف أن مثل هكذا عمل ربما يشكّل مخالفة لأوامر الحكومة.
أحمد صالح: طيب، دستورية التنفيذ وتوقيع هيئة الرئاسة وعدم دراية بعض الزعماء العراقيين، وكثيراً ما نقل حول هذا الموضوع هل لنا أن نفهم الصورة؟
نوري المالكي: أنا ما أعتقد أنه هناك بالدستور أو قانون الإعدام ينبغي أن يخبر كل القادة السياسيون، إنما الجهات التي لها دخل في عملية الإعدام ينبغي أن
تعلم، وهي بين السلطة التنفيذية بشقيها رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، أما رئاسة الجمهورية فكان لديهم تصوّر على خلفية استشارة قانونية، بأن هذه المحكمة التي أقرّها الدستور بقانونها، وقانونها يقول أنها لا تحتاج أحكامها إلى مصادقة هيئة الرئاسة لأن الأحكام قطعية، ولا يحق لأحد تخفيف الحكم أو إلغائه أو تأجيله، وهو أن ينفّذ خلال فترة شهر، لذلك قدموا هذه الرؤية - هيئة الرئاسة - بموجب المادة الفلانية من الدستور، وبإشارة المادة الفلانية من الدستور، أن قضية إعدام صدام لا تحتاج إلى مصادقة هيئة الرئاسة لأنه لا تأثير لها، وقد قدموا رسالة بهذا الشأن، موقّعة من قبل هيئة الرئاسة قالوا بأن التنفيذ لا يحتاج مصادقة أعضاء هيئة الرئاسة على أصل قرار الحكم، هذا الجانب انتهى، وتحقق الجانب الدستوري منه. الجانب الثاني هو إصدار مرسوم من قبل الحكومة وقد صدر المرسوم من قبل الحكومة، الكل يعلم وأؤكد لك مرة أخرى بأن المعنيين يعلمون، صحيح ليس الوزراء يعلمون، ولا أعضاء مجلس النواب يعلمون، وهذا ليس من الضرورة، وليس من شروط عملية التنفيذ، حينما تنفذ المحكمة أو وزارة العدل عملية الإعدام أن يعلم كل من هو في الدولة، إنما الأطراف المعنية يجب أن يعلموا وقد علموا بذلك، وقلت لك بأن هذه الورقة جاءتنا من هيئة الرئاسة موقّعة، وقلنا لهم نحن نريد أن ننفذ الحكم الليلة، وكان التواصل حتى مع السيد نائب رئيس الجمهورية الدكتور عادل عبد المهدي وهو في الحج.
أحمد صالح: هل أفهم من هذا الطرح أن الكل يعلم - من المعنيين - أن الكل من يمثل هذا التمثيل السني الشيعي الكردي من الرئيسيين كان يعلم بالتنفيذ؟
نوري المالكي: نعم.
أحمد صالح: طيب، لوّحتم بمواقف قد تتخذ، ومواقف جديدة قد تتخذ إزاء دول ندّدت أو استنكرت تنفيذ الإعدام بحق صدام حسين، ولكن بعد فاصل، مشاهدينا [أحمد صالح: أعزائي المشاهدين هذه عودة مرة ثانية، ولقاؤنا الخاص مع الدكتور نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، دكتور ما مدى قدرة بغداد برأيك لمواجهة المجتمع الدولي أو هذه الدول التي خرجت منها صيحات تندد بتنفيذ الإعدام؟
نوري المالكي: للإنصاف ينبغي أن نقول: هناك بعض الدول لم يصدر عنها رسمياً عملية تنديد، وإنما عبر وكالات أنباء، وتصريحات بعض أشخاص معنيين أو بعض الذين تضرروا بإعدام صدام من مواطني هذه الدولة أو تلك، نعم هناك مجموعة دول أعلنت رسمياً وأقامت الحداد على صدام، هذه بالحقيقة قد وجّهت إساءة بالغة للدولة العراقية عموماً، وللشعب العراقي وبالذات للشهداء والضحايا الذين سقطوا على يد هذا الجلاد، إذا استمرت هذه الظاهرة سواء كانت في الأساس على خلفيات سياسية أو طائفية أو عرقية، أو إذا استمرت في عملية التصدي مستفيدة من ورقة إعدام صدام التي لا تضرنا أبداً، لو تحدثت كل العالم عن إعدامه، يكفي أننا أقمنا القانون ونفذنا الدستور ولم نتجاوز على أحد، وأدخلنا الفرحة وإن كانت بسيطة على عوائل الشهداء والضحايا الذين يملؤون العراق من الشمال إلى الجنوب، إذا استمرت هذه المواقف السياسية لا تتصور بأن العراق لا يملك أوراقاً للتبادل بالمثل مع الدول التي تصرّ على الإضرار بالمسيرة السياسية، ولدينا أكثر من وسيلة لمواجهة حالة الاعتداء.
نهاية صدام وأثرها على المصالحة
أحمد صالح: نهاية صدام صفحة أردتم أن تقلبوها مع صفحات العام المنصرم، ولكنكم عدتم وطلبتم من معارضيكم أن يستثمروا هذه الصفحة لبداية جديدة أو ربما استثمار هذا الموضوع في المصالحة الوطنية؟
نوري المالكي: المصالحة بالنسبة لي هي شيء إستراتيجي غير قابل للتراجع أبداً، لأنها الآلية والوسيلة والمركب الذي دائماً أعبر عنه الذي ينبغي أن يركب فيه العراقيون حتى يصلوا إلى الشاطئ الآخر شاطئ السلام. لذلك في سياستي أن لا تتأثر المصالحة بأي حدث كان، ولا تتغير النوايا والأهداف التي نريد أن نحقق من خلال عملية المصالحة، ومن خلال ما انعكس علي من الكثيرين أن إعدام صدام لم يؤثر على رغبتهم بالدخول في العملية السياسية، حتى البعثيين الذين عبّروا بطريقة واضحة حينما أعدم صدام ما كانوا يريدون أن يقطعوا الصلة مع الحكومة، فكانت تعبيراتهم على الموضوع فيها شيء من رغبة التوقف عند حدود معينة، بل بعضهم أكثر من ذلك بعث لنا وقال أن إعدام صدام يفتح أمامنا الطريق للدخول معكم في العملية السياسية، أحب أن أوضح شيئاً في هذا الخصوص، ربما هو ضروري جداً أن يفهم البعثيون ويفهم العراقيون ويفهم العالم. نحن في الحقيقة الآن حينما نقاتل القتلة في مقدمة الذين نقاتلهم هم أعضاء حزب البعث من الصداميين الذين شاركوا هذا النظام في جرائمه، وهؤلاء يتحركون بمختلف الأساليب من أجل إشاعة أجواء القتل، لكن حينما ننظر إلى هذه الشريحة العريضة الذين انتموا إلى حزب البعث ونحن كعراقيين نعلم أن الكثير منهم قد دخلوا الحزب اضطراراً وكرهاً، إما لحفظ نفسه، أو عرضه أو وظيفته، أو هو رجل ضعيف واستضعف في العراق من قبل السلطة، ولم يتمكن من المغادرة أو المقاومة، وهؤلاء هم الشريحة الأكبر والأعرض في حزب البعث. لذلك حينما نتحدث عن التسامح مع حزب البعث، نتحدث عن تسامح ورغبة لقاء وتعاون مع هذه الشريحة الأكبر التي تشكل 90% إن لم يكن أكثر من حزب البعث هم الذين اضطهدوا والذي أكرهوا على الانتماء إلى حزب البعث، ولم تتلطخ أيديهم بدماء الناس.
أحمد صالح: بعد الانتهاء من ملف صدام حسين وقبيل قرار الإستراتيجية الأميركية الجديدة في العراق كان لديكم حديث استمر لساعتين مع الرئيس جورج بوش فيديو كونفرنس، فهل لنا بمعرفة ما دار في ذلك الحديث؟
نوري المالكي: يمكن أن أجمل ما كان أساسياً وجوهرياً في الحديث، هو الأبعاد التي تتناولها أو الخطوط العريضة التي تتناولها السياسة الجديدة التي تقتضي عملية الإسراع في بناء القوات المسلحة العراقية وتجهيزها، الإسراع ودعم أمن بغداد من أجل استقرار الأوضاع الأمنية في بغداد بما تحتاج هذه العملية، دعم الحكومة في جهدها الاقتصادي من أجل تطوير الخدمات، وقد عبّر عن استعداده لتقديم الدعم اللازم، إضافة إلى الحديث عن الأوضاع السياسية التي تعيشها المنطقة على خلفية إعدام صدام أو على خلفية التصريحات التي حصلت وعلى خلفية بعض الممارسات التي تقوم بها بعض الدول من خلال عملية التدخل في الشأن الداخلي العراقي وكيفية معالجة هذا الموضوع، والمقترح في تشكيل مؤتمر إقليمي في بغداد لدعم الحكومة العراقية، في الحقيقة هذه هي الأفكار بشكل عام، أراد أن يعبّر من خلالها عن استمراره والتزامه بعملية الدعم، ورغبته في رؤية انتصار قريب على الإرهاب في بغداد، ورؤيته ورغبته أن يرى أيضاً الحكومة العراقية بما تحتاج إليه وبمساعدة من المجتمع الدولي عبر العهد الدولي الذي ينتظر أن يعقد لدعم العراق، وإسقاط الديون عن العراق، ورؤية التطور الحاصل في مجالات الاقتصاد والخدمات.
أحمد صالح: إذاً هي رؤية أو إستراتيجية جديدة ستكون مرتكزة على الجانب الأمني والسياسي والاقتصادي، ولكن أين يكمن نجاح هذه الإستراتيجية الجديدة للأميركيين في العراق برأيك؟
نوري المالكي: أنا في الحقيقة أتحدث عن إستراتيجية الحكومة العراقية أولاً، لكن الموضوع حينما نتحدث عن الإستراتيجية الأميركية لا بد وأن نعرف بأنها مرتبطة بإستراتيجية الحكومة، وإستراتيجيتنا في الحكومة قائمة ليس على أساس جانب واحد من جوانب العملية، الحكومة ليست ذات بعد واحد وهو الجانب الأمني، إنما تتحرك بالأبعاد الأخرى بنفس القوة، الجانب الاقتصادي لدينا جهد مكثف وطموحات كبيرة سنراها خلال هذا العام وقد تحقق الكثير من هذا الجهد، وفي الجانب السياسي أيضاً لدينا جهد كبير، على المحيط العربي والدولي والإسلامي، والمحلي الداخلي أيضاً لدينا فكرة المصالحة من أجل لَمّ الشمل وجمع الكلمة إضافة إلى الجانب الأمني الذي نعتقد بأننا ينبغي أن نطوّر قدراتنا الأمنية بشكل سريع لمواجهة التحديات التي لم تعد داخلية فقط، وإنما مع الأسف الشديد أصبح لها امتداداً وعمقاً إقليمياً، وهذا ما نتحدث عنه دائماً ونحذر من استمرار عملية التدخل بالشأن العراقي، إذاً الإستراتيجية التي نتحدث عنها أو التي يقال عنها في الجانب الأميركي نعم هي إستراتيجية تخصّ الجانب الأميركي فيما يريد أن يتعامل مع هذا الملف، سواء بالبقاء طويلاً أو قصيراً، تقديم الدعم، تقديم رؤى وتصورات، ولكن هذه المسألة مرة أخرى ترجع وتدخل ضمن إستراتيجية الحكومة العراقية فيما تريد أن تعمل.
أحمد صالح: لهجة حديثكم وأنتم تعلنون عن خطة جديدة لأمن بغداد أو جاهزية الخطة الجديدة تبدو مشيرة إلى أن هذه الخطة ستكون مختلفة عن بقية الخطط، وأنت تعلم كثيراً ما تم الحديث عن خطط سابقة أمنية جرت للعاصمة العراقية وصولاً إلى الوضع الحالي، على ماذا تراهنون في هذه الخطة الجديدة؟
نوري المالكي: الخطة التي نتحدث عنها اليوم هي ليست خطة جديدة بكل معالمها وتفصيلاتها، إنما هي الخطة السابقة، ما بدا فيها من إيجابيات وما بدا فيها من سلبيات أُخذ بنظر الاعتبار وطوّرت، لأننا استطعنا من خلال الخطة السابقة أن نحصر الإرهاب في مناطق محددة، ونحصر طريقة التعامل، ونهيئ مستلزمات معينة لم تكن هناك موجودة وكافية، لذلك انتقلنا إلى دور آخر في عملية التطوير وهذا ما نتحدث عنه عن الجاهزية هي الأفكار المطوّرة للخطط المستمرة والمتصاعدة في عملية التصدّي للجانب الأمني.
أحمد صالح: ولكن الكل يدرك أن الجماعات المسلحة هي التحدي الأول لهذه الخطة، وبالتالي التحدي الأول لأداء الحكومة الأمني، وأنت تعلم أن غالبية هذه الجماعات المسلحة لديها أحزاب وأحزاب ممثلة بالبرلمان وفاعلة في بعض الأحيان، كيف ستتعاملون مع هذا الموقف؟
نوري المالكي: من يمنح غطاءً رسمياً أو شرعياً لأي مجموعة قاتلة هو في الحقيقة يحمل معولاً يهدم به هذا البلد. لذلك بدت عملية الاصطفاف جبهتين في الجانب السياسي، جبهة تؤمن بالنظام السياسي والحكومة وضرورة إنجاح التجربة بمعالمها الجديدة، وهذه هي الجبهة الأعرض والأكبر والأوسع، وجبهة ما زالت متلكئة مترددة تضع قدماً هنا وقدماً هناك، تمارس دوراً هنا ودوراً هناك تخرج على شاشات التلفزيون معارضة للعملية السياسية، تمارس عملاً في الميدان فيه تحدٍّ للدولة، هذا عمل غير مقبول أبداً، وقد أخذ بنظر الاعتبار في هذه الخطة، وقد قلت صريحاً بأن على جميع كل.. على كل الشخصيات السياسية والقوى والأحزاب أن تمتنع عن التدخل بشؤون الجيش والشرطة والخطة الأمنية، ولن نسمح لأحد التدخل.
أحمد صالح: كيف؟ وهذه الكيف تبرز بقوة في بعض المناطق؟ دعنا نتحدث بصراحة أكثر دولة الرئيس، بعض المناطق هي ذات صبغة سنية أو شيعية أو تشكل معاقل لبعض المسلحين السنة أو الشيعة، وأيضاً الأدوات التنفيذية أو القوات الأمنية عندما يتحدثون عن وزارة الدفاع، البعض يصبغهم بصبغة سنية، وعندما يتحدثون عن وزارة الداخلية يصبغوهم بصبغة شيعية، لا أعلم دقة التفاصيل، وهنا السؤال كيف سيتم التعامل مع هذا الموضوع بالتحديد؟
نوري المالكي: سنحاسب وسنبقى نلاحق كل الذين يتعاملون بانحياز للطائفة التي ينتمي إليها أو يقوم بأعمال عدوانية متجاوزة على الطائفة الثانية التي لا ينتمي إليها، وإنما كلامنا معهم ومع الضباط جميعاً أن يلتزموا بحدود الإجراءات القانونية، أن ما يراد له أن يصاغ جيش سنة وشرطة شيعة أو بالعكس، هذا انتهى، لأن.. أو الطرفين الجيش والشرطة سيكونون شركاء في كل العمليات في كل القواطع في كل المديريات والمناطق.
أحمد صالح: في نهاية هذه المقابلة الخاصة شكراً لك دولة الرئيس وشكراً لكم مشاهدينا الكرام على حسن إصغائكم.
نوري المالكي: شكراً جزيلاً لكم.
أحمد صالح: شكراً جزيلاً.[/align]