 |
-
مفاهيم ضبابية ...الطائفية نموذجا ....غريبي مراد ..كاتب جزائري
مفاهيم ضبابية...الطائفية نموذجا؟؟
م.غريبي مراد عبد الملك - 10.02.2007 - 12:08 am
بقلم :م.غريبي مراد عبد الملك *
إن المراجعة الحصيفة للمنظومات الفكرية و البناءات الثقافية و المسارات النقدية في الفضاء السوسيوثقافي الجزائري، ترشد صاحبها إلى إكتشاف ظاهرة التخمة النفسية في صياغة الآراء و الأفكار و المشاريع التجديدية ، وهذا ما جعل من الإيديولوجية هي الحاكم الرئيسي و المنسق الأساسي للخيارات و التوجهات الإصلاحية على حساب البناءات الثقافية الأصيلة و الموضوعية التي ترتكز على الإبستيمولوجيا...
و لعل هذا التصور ليس غريبا لوجود ما يبرره موضوعيا من نفاق و تواطؤ سياسي و تخلف ثقافي و هشاشة اجتماعية و اضمحلال اقتصادي للأفكار كما للثروة ، حيث اكتسحت الأمراض الباراسيكولوجية العقول و القلوب و الدروب المسماة ظاهرا بالتنويرية و التجديدية ...
فعلى سبيل الواقعية و المثال الحي الطائفية ، واحدة من المشكلات المعقدة التي تعاني منها العديد من المجتمعات الإسلامية كالعراق و لبنان و البحرين و السعودية و السودان و فلسطين المحتلة و باكستان، هذا المرض النفسي –أساسا- العضال، كيف ينظر أهل الفكر و الأدب و الشعر و الدين و السياسة و النفس و الاجتماع و الثقافة في بلاد بني مزغن إلى هذه المشكلة-الطائفية- العويصة و الخطيرة؟
بادئ ذي بدء الطائفية كمفهوم هي ذات علاقة بالمجتمع الإنساني ككل تتحرك في خطين : خط الفكر و خط العاطفة ، و محل نشوئها في المجتمعات التقليدية ذات التشابك الغير متجانس و القابع في النحن النرجسي و ليس في النحن العقلائي...
ففي خط الفكر تعني الطائفية خلافات في الآراء الإعتقادية و النظريات الشرعية ،بينما في العاطفة تعني الإنشداد و التعصب و الانغلاق على الذات الجمعية ، حيث يلتقي هذا التعصب الجمعي بعنوان الدين فيصبح تعصب ديني أو بعنوان المذهب (السياسي أو الديني أو الاقتصادي) فيصبح تعصب مذهبي ، كما في حال اتصاله بعنوان العرق أو القوم أو الطائفة ينتج تعصب عرقي ، قومي أو طائفي...وهذا الخط لديه إرتكازية محورية على العقل الجمعي السلبي حيث يغلب الهوى على أداء العقل ...
و هناك بعد آخر يتعلق بالخلاف في الرأي و وجهات النظر و حول القضايا و المسائل الفكرية العامة و الخاصة ذات التداول في أغلب مجالات الحياة، وهذا البعد يتحرك في اتجاهين:
1-الموضوعية
2-الذاتية
في الموضوعية الخلاف أمر طبيعي لأنه يرجع إلى الاختلافات العلمية النابعة من الاختلاف في المنهج أو الاختلاف في النظرة و هذا موجود في كل مجالات الفكر الإنساني، وهو بطبيعته لا يوجه و لا يوحي بخلاف طائفي...
أما الاتجاه الآخر، الذاتية فمعظمه متأثر -عن وعي أو بدون وعي- بالعصبيات...
و بناءا على ما تقدم من إشارات لمناحي عنوان الطائفية ، نخلص إلى أن مشكلة الطائفية –القاتلة- لابد لاجتثاثها أن نبدأ بمعالجة مرضي الذاتية كثقافة ميتة و التعصب كأيديولوجيا بدائية.
ولاشك أن مثل هذه القضايا و غيرها يلاحظ دائما عند إثارتها و محاولة الإجابة عنها في فضائنا الثقافي الجزائري وجود خط متشدد يقدم الموقف الرافض تماما في كل قضية من شأنها تفعيل المعنى الإنساني المبني على التواصل الثقافي لإرساء أطر التعارف بين بني الإنسان ، خصوصا و أننا في زمن العولمة التي لا ترحم من تقوقع و تعصب للوهم و استسلم للخوف الأيديولوجي و القلق الثقافي ...و هناك خط مغلوب على أمره يفضل الصمت السلبي ، ومنطقة الفراغ في هذا كله تتمثل في الموضوعية التي توحي بعدم وجود وسط في تشخيص و معرفة و علاج مثل هذه المشكلات المعقدة إلا فيما ندر كالتمويه الإعلامي و التجهيل الثقافي ، وهذه الحال هي قمة المأساة الثقافية في الجزائر أم النبلاء ...
كانت وقفة نقاشية مقتضبة لإحدى المشكلات الراهنة التي أصبحت تهدد بنيتنا الفكرية و الثقافية قبل بنائنا الإجتماعي و رشدنا السياسي ، سنحاول تشخيص شبكتها المفاهيمية المتناثرة و ذات العلاقة بعدة أمراض نفسية و فكرية، معتمدين في ذلك على بصائر القرآن و السنة و النظريات الاجتماعية العلمية الحديثة كما نسعى للتعمق في أخطارها المحدقة في وقفات قادمة بإذن الله...
فبدون الوقفات الفكرية و الأخلاقية المسؤولة و الإشارات التربوية الثاقبة ، سنستمر في تكرار أخطاء الأجيال الماضية، ولن تنفعنا خطط التنمية إذا لم ترتكز هذه التنمية على الإنسانية و المعرفة و الثقافة ...
* كاتب و باحث إسلامي جزائري
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |