النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    1,658

    افتراضي إنْ كان قد كَسَر الخليفة ضلعها**فاليوم قد كُسرت لفاطم أضلع

    الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على خير الانام محمد وآله الطاهرين ومن دعا بدعوته الى يوم الدين ...

    لا نريد التوقف كثيراً مع ذكرى‏ سيدة النساء عليها السلام لئلا يطول بنا المقام وتأخذنا الشجون وتغمرنا الزفرات والآلام. لأنّ هذا خارج إطار المقصود من هذا البحث المقتضب وانما وددنا الإشارة والإشارة العابرة فقط إلى‏ هذه‏ الذكرى‏ الأليمة لكي نجعل من استحضار صاحبتها أو استذكارها - سلام اللَّه‏عليها - محطة استنهاض عظيمة للمسلمين في الاقتداء بهذه الزوجة العظيمة والأم الكريمة والثائرة الطاهرة، فكراً وسلوكاً، عبادةً وزهداً، تضحيةًوجهاداً، وكيف أنها -رضوان اللَّه عليها -(استقت بالقربة حتى‏ أثرّت في صدرها، وطحنت بالرحى‏ حتى مجلت يدها، وكنست البيت حتى‏ اغبرّت ثيابها، وأوقدرت ‏النار حتى‏ دكنت ملابسها...)(1)

    وكيف أنها كانت ترتدي عباءة (مخيطةً من اثنى‏عشر مكاناً)(2) وهي بضعة المصطفى‏ وزوجة المرتضى‏ التي كان زوجها يَعرف‏ الطريق بل الطرق الى‏ (كنوز الذهب ومنابع العسل المصفّى‏) (3) - كما روي عنه -سلام اللَّه عليه، ولكنه أبى‏ لها ولنفسه ذلك، وكان بإمكانه أن يفرش تحت قدميهاما فُرش لغيرها من بنات كسرى‏ وقيصر، بل أن يضع بين يديها أكداس الذهب‏ والفضة، ويجعلها بمستوى‏ زوجات كسرى‏ ونساء قيصر بلا حسيب أو رقيب، أو أكثر من ذلك لو شاءت وشاء...

    نعم، لا نريد التوقّف عند مظلوميتها فقط، ونرفع هذه المظلومية شعاراً للمزايدة على اخوتنا في الدين والمذهب ولا أن نحاسب الماضين منهم أو نعاتب الحاضرين فنهشّم ذات بيننا وننبش ما دفنته السنين الأليمة الخالية التي‏جرحت قلب الزهراء، وكيف رحلت تبثّ حزنها وهمّها الى‏ اللَّه ضد من آذاها وغصب حقها و هدّد بحرق بيتها، ولكننا نتوقف مع عظمة هذه المرأة الخالدة في‏سلوكها وأخلاقها وكيف أنها أطعمت عابر سبيل طعام طفليها وتركتهما يبكيان(كأنهما فرخان منتوفان) وهي تقول: (كيف أردّ الخير وقد نزل ببابي) (4) وكذلك‏كيف أختارت النوم على جلد كبش أو حصير، وكيف لم يزد مهرها عن درع‏ بثمن زهيد، وكيف أطعمت الطعام على حبّه (مسكيناً ويتيماً وأسيراً) ودعت ‏للجار قبل الدار وهي تقول: (نعم يا ولدي...الجار قبل الدار)، وكيف تبرّعت‏ بعقدها الوحيد في عتق رقبة، وفهمت إشارة أبيها في قلادة أو عقدٍ استعارته‏ وتزيّنت به يوم عيدها فخلعته وبعثته اليه (صلى‏ اللَّه عيه وآله وسلم) وهو على ‏المنبر حتى‏ راح صلى الله عليه وآله يقول فيها: (لله أبوها...فداها أبوها...)وغير ذلك الكثير الكثير مما لا يسع المجال لبحثه أو الاستطراد فيه ومما يدعونا لأن نقف إجلالاً وإكباراً لهذه المرأة العظيمة والأم العظيمة التي قال أبوها فيها أيضاً أنها : (أم‏أبيها... يرضى‏ الله لرضاها ويغضب لغضبها) سلام الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ...

    نقول، يجب أن يكون إحياء ذكرى‏ سيّدة النساء وفقاً لهذه القيم العظيمة، وألاّ يقتصر على محور المظلومية التأريخية رغم أن مظلوميتها كانت موجعة فعلاً وان الجرأة على بيتها كانت صارخة لحدّ الكارثة، وإنّ التجاسر بل الجسارة على‏دارها كانت جسيمة، ونؤكّد أنه يجب ألا تُستدرّ الدموع فقط على (الضلع)وقصة (الضلع) وحكاية (الضلع) ويجري أو يُجرى‏ الاحتراب حولها وداخلهإ وفيها، بين أبناء البيت الواحد والإنتماء الواحد، وأنْ لا يجري توظيف هذه‏ الرواية وسيّدتها إلى‏ ما يُبعد الناس عن واقعهم وهمومهم ويسحبهم الى‏ متاهات‏التاريخ وأقوال البطّالين من المؤرّخين والمؤرّخات،(5)

    وإنما أن تُستنزف‏ الدموع على عظمة هذه المرأة النموذج في حركتها على أرض الواقع، أي حُسن‏تبعلّها وصبرها وجهادها و(عباءتها)(6) وعبادتها وتضحيتها وكفاحها وإيثارها ومواساتها لبنات جيلها في جشوبة العيش ومكاره ‏الدهر، حتى‏ صارت بحق سيدّة لنساء العالمين وأمّاً للمؤمنين، وقدوةً وأسوةً لأهل الأرض أجمعين...

    سلام على الزهراء، مرّة أخرى‏، يوم وُلدت في أجواء الوحي وحضن‏ الرسالة، ويوم عاشت مفجوعة مظلومة، مهضومة الحق مضيّعة القدر، وسلام‏عليها يوم توفّت شاهدة شهيدة حيث أضحت آهة مكلومة ودمعة ساخنة ومصداقاً صارخاً في العطاء والتضحية، يسخر من كلّ أدعياء أودعيّات(الشأنية) المعطوبة ممن لم يستطعن أو لم يجهدن أنفسهن أنْ يقتدين بها وإنْ ادّعين ذلك زوراً وإفكا...

    نعم، إن مظلومية الزهراء - سلام اللَّه عليها - في هذا السياق كانت مُرّة وكبيرة، ولكنّ فجيعتنا بها أصبحت أكبر وأشدّ، حين صارت هذه الحوراء الخالدة بل صُيّرت شعاراً صاخباً للحزن المزيّف، وعنواناً مفجعاً للتوظيف‏ المخطط، ولافتةً دامية أو مدمّاة للاستهلاك الإعلامي أو السياسي المدروس‏ اللئيم...(7) نعم....

    إنْ كان قد كَسَر الخليفة ضلعها****فاليوم قد كُسرت لفاطم أضلعُ‏
    أفترتضي الزهراء فتنــــة مفتنٍ‏****هو باسمها يبغي ولا يتورّعُ‏
    فيصيب قلب بناتها بسهامه‏****ويقول عن حق البتول أدافع(8)
    ولقد تكلّم شاهد من أهلها****أن القضية خلفها من يدفعُ‏
    فبدت خفايا ما يُشاع فانما****هي ضجّة من خلفها متبرّعُ‏
    حاقت بنا كالنار نأكل بعضنا****وعدوّنا بخصامنا يتمتّعُ(9)

    ـــــــــــــــــــ المصادر ـــــــــــ
    1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 43 : ص 88
    2) المصدر السابق ج 43 : ص 88
    3) قال سلام اللَّه عليه: (و لو شئتُ لاهتديتُ الطريق الى مصفّى‏ هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القزّ ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي الى‏ تخيّر الأطمعة ولعلّ في الحجاز أو اليمامة من‏لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع...) نهج البلاغة ج 3 : ص 71
    4) بحار الأنوار ج 43 : ص 73
    5) لسنا هنا بصدد نفي أو إثبات قصة الضلع هذه ونترك ذلك للمؤرخين والمحققين وأصحاب ‏الاختصاص.
    6) إذ تنقل هذه الرواية المنسوبة الى سلمان الفارسي وكيف أنه حين رآها بعباءتها تلك قال:
    (واحزناه ، بنات قيصر في السندس والحرير وابنة محمد عليها شملة صوف خَلِقة خيطت من اثني عشرمكاناً...) و تقول كتب السيرة أن النبي (ص) رأى‏ يوماً فاطمة عليها كساء من أجلّة الإبل وهي‏ تطحن بيدها وترضع ولدها ، فدمعت عيناه (ص) وقال: (يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة) فقالت - سلام اللَّه عليها : (يا رسول اللَّه ، الحمد لله على نعمائه والشكر له على آلائه...)وبذلك نزلت سورة الكوثر - راجع بحار الأنوار المجلسي ج‏43:ص‏73
    7) راجع كتاب (طريقة حزب اللَّه في العمل الإسلامي) للشيخ علي الكوراني الطبعة الاولى‏ص‏160 وكيف تدخّلت السفارة البريطانية في طهران في تمويل مجلس عزاء حسيني وإلزام خطيبه‏ بالحديث عن مظلومية الزهراء فقط وكسْر ضلعها وإسقاط جنينها فقط، أي تحريضه على صبّ‏ الزيت على النار وتصعيد الخلاف الطائفي المعروف المصطنع والمفتعل بين السنّة والشيعة واذكاء نيران الحرب بين الدولة العثمانية والصفوية التي كانت مشتعلة بينهما آنذاك.
    8) إشارة الى انشغال بعض أدعياء ودعيّات الدفاع عن الزهراء بترفهنّ وقصورهنّ‏وموائدهنّ وسفراتهنّ وترْك بنات الزهراء في فاقة وفقر وعوز يستصرخ كل ذي ضمير حي.
    9) القصيدة للشاعر ماجد العصامي وقد قالها في أجواء الحصار على الشعب العراقي‏وفي ظروف المهجر الصعبة التي كان يمرّ بها أبناء وبنات الزهراء - سلام اللَّه عليها- .
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2003
    المشاركات
    1,538

    افتراضي

    احسنت أخي قيصر الركابي على هذا المقال الذي جاء في الوقت المناسب حيث المزايدات على ظلامة الزهراء قد دخلت العراق من البوابة الشرقية من الشيعة الذين يبعثون الدينار العراقي المطبوع تزويرا واستبداله بالدولار الشيطاني الكبير ويصرفون على قضية الزهراء الى حد الغلو وذلك برفع شعار السلام على محسن بن علي ابن ابي طالب ويخفون شخصية الزهراء العالمة العارفة الام لوالدها وغيرها من الجانب القيادية والنموذجية للمراة المسلمة ولغيرها

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني