من حق صاحب اية نظرية ان يطرحها كما يشاء ، ولكن ليس من حقه ان يفرضها على من لا يؤمن بها بالطبع ، وقد حاول السيد الحائري حفظه الله ان يفرض نظريته على حزب الدعوة عندما كان يحتل منصب (فقيه الحزب) في بداية الثمانينات ، فلم يقبل الحزب منه ذلك وطلب منه الاستقالة حتى يتقدم باستفتاء الى الامام الخميني رحمه الله ، عبر وكيله ونائبه ذلك الوقت الشيخ المنتظري ،فرفض هذا الطلب وقال للحزب ما معناه انه لن يحتاج الى تعيين ممثل للامام الخميني في حزب الدعوة ،وان عملهم مشروع بما فيه الكفاية.
وارى ان السيد الحائري ينظر الى امر الولاية من جانب واحد ، عندما يقول:
(لو أنّ ذاك الفقيه المبسوط اليد استعدّ لإدارة الاُمور وتحديد المواقف الاجتماعيّة في ذاك البلد الإسلاميّ الآخر إمّا صريحاً وإمّا بنصب وليّ لذاك البلد فالمصلحة الإسلاميّة تقتضي وحدة الولاية حفظاً لوحدة الاُمّة الإسلاميّة وموآقفها وتماسك صفوفهم وتراصّها.
أمّا لو رأى الفقيه المبسوط اليد بسبب وآخر أنّ المصلحة الإسلاميّة لا تقتضي التدخّل المباشر في جزئيّات الاُمور وتحديد المواقف الاجتماعيّة التي لابدّ منها للبلد الآخر ولم يعيّن أيضاً وليّاً لذاك البلد فعندئذ وفي طول هذا الموقف يحقّ للفقيه الآخر المعترف بمرجعيّته في ذاك البلد التصدّي للاُمور وملء الفراغ.)
دون ان ينظر الى موقف ورأي الشعب الآخر (العراق مثلا)
ويبدو انه ينطلق في ذلك من ان شرعية ولاية الفقيه نابعة من السماء او من نيابته العامة من الامام المهدي ، وليس من الانتخاب بواسطة الشعب، فاذا استعد ذلك الفقيه المبسوط اليد في بلد اسلامي ان يدير الأمور في بلد آخر اما صريحا واما بنصب ولي لذلك البلد فانه يستطيع ، برأيه ، دون ان يتحدث عن انتخاب الشعب في البلد الآخر لذلك الولي او قبوله بتعيين نائب له فيه ، فلو رأى الامام الخامنئي اليوم مثلا ان ينصب نائبا له في العراق او ان يحكم العراق بصورة مباشرة ، فان السيد الحائري لا يرى في ذلك مانعا.
وبما ان الخامنئي لم يعين أحدا ، فان السيد الحائري يعتقد انه قد ملأ هذا الفراغ ، ومن حقه ان يحكم العراق ، او يعين له نائبا (الاشكوري) ليدير العراق ، دون ان يرى ضرورة لأخذ رأي الشعب العراقي حتى يصبح حاكما شرعيا بصورة قانونية ، فهو يعتقد انه منصب من قبل الله او الامام الغائب الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) بالنيابة العامة التي يقال انه اعطاها للفقهاء.
ولذلك يعتقد ان الشرعية الدستورية الدينية تنحصر فيه وفي مكتبه وممثله في النجف (الوسيط بيننا وبين الاُمّة في تلك الأحكام في الحال الحاضر هو مكتبنا في النجف الأشرف بإشراف سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيّد نورالدين الحسيني الإشكوري"حفظه الله"، وكلّ من عداه ممّن يفترض بشأنه تمثيلنا تتحدّد مشروعيّته في رأينا بقدر اتّباعه لهذا المكتب.) اما من لا يرتبط بمكتبه وممثله فلا مشروعية له في رأيه.
ولو افترضنا ان الحكومة العراقية القادمة لم ترتبط به ولم تأخذ اذنا منه ، فانها سوف لن تحظى بالشرعية.
هذا هو فكر ولاية الفقيه المبني على نظرية النيابة العامة عن الامام المهدي للفقهاء، والتي لا تعترف بشرعية الامة وحقها في الشورى والانتخاب. ومشكلة هذا الفكر انه يفترض في كل من ادعى الفقه ، سواء في ايران او العراق ، انه يتمتع بالشرعية السماوية والفقه العميق والعدالة التامة ، ولا يقبل ان يناقش في مدى صدق تلك الشعارات على الواقع ، فضلا عن المناقشة في اصل نظرية ولاية الفقيه او وجود الامام الغائب المفترض (محمد بن الحسن العسكري) ويرفض ربط النظرية بمدى ايمان الشعب بها او ايمانه بشخص هذا الفقيه او ذاك ، فكل فقيه لديه شرعية ويحق له تطبيقها اينما يشاء! وتوزيعها لمن يشاء!
أحب في الله من يبغضني في الله