شيعة العراق بين نجاح المالكي وعدمه
إن مستقبل أي بلد ما يتوقف على المكون الرئيسي فيه و مدى تفاعله السياسي والاجتماعي والاقتصادي
والثقافي وهكذا بقية المجالات ،والطائفة الشيعية المكون الرئيسي للتركيبة السكانية للعراق تقف اليوم
على أبواب مرحلة جدية ومفصل مهم في أرساء مستقبل البلد من خلال توفر الفرصة لهم بعد العملية
السياسية التي رافقتها انتخابات برلمانية لدورتين بينت الوجه الحقيقي لتوجهات هذا الشعب بالرغم من الضغوطات والفلترات التي وضعتها السفارة الامريكية في العراق لتخفيض النتائج بما يتلائم مع خطة السفير والادارة الامريكية لخروج النتائج بطريقة اللاغالب ولامغلوب
لحاجة في نفسها مازالت تتفاعل حتى هذه اللحظة وربما تستمر لامد لايوقفه الا الوقفة الوطنية الشجاعة.
لقد شهد العراق تهميشا واضحا لهذه الطائفة منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي
كعقوبة لما قام به علماء هذه الطائفة من تصديهم للغزو البريطاني وتكبيده الخسائر الفادحة أنذاك والتي
مازالت أثارها واضحة في طريقة التعامل بين سياسي ومخططي التاج البريطاني والطائفة الشيعية في
العراق وكثيرا ما دفعت هذه الاثار على شكل نصائح قدمتها الادارة البريطانية للبيت الابيض .
ولم تقتصر هذه السياسية على التهميش السياسي بل شمل عملية تفقير المناطق ذات الكثافة الشيعية من
خلال إهمالها وعدم تأسيس المشاريع الاستراتيجية العملاقة فيها ،على خلاف المناطق الاخرى.
واستمرت الحكومات المتعاقبة على هذا المنوال باستثناءالاعوام التي ترأسها الزعيم عبدالكريم قاسم
بعد نجاحه بانقلاب وثورة تموز عام 1958 التي أثارت المحيط العربي والغربي ضدها بسبب التوجه
الجديد لزعيم العراق وتم القضاء على الجمهورية الاولى بانقلاب أسود أعاد سياسة التهميش الانتقائي للعمل مرة اُخرى.
إن الاصطفاف الشيعي يبدو مطلوبا حتى هذه اللحظة وربما لاعوام قادمة وهذه ليست موجهة ضد
الطوائف الاخرى إلا بالقدرالذي يعيد التوازن في هذا البلد ليسير جميع أبنائه في عملية البناء والرقي .
وربما تُفهم للوهلة الاولى بانها دعوة طائفية ولكنها ليست بالمفهوم المقيت للطائفية التي تهضم حقوق
الاخرين وتتجاوز عليهم وإنما هي دعوة حضارية يأخذ كل ذي حق حقه بما يستحقه لتعيش جميع
مكوناته متقاسمة لخيراته ومشاركة في بنائه .
وبعد الانتخابات فازت كتلة الائتلاف الوطني العراقي بالانتخابات العراقية وانتخب المالكي رئيسا
للحكومة بعد إعتراض غير مبرر من الاخرين على مرشحها الشرعي (ابراهيم الجعفري) وانحناء الائتلاف لذلك تم اسناد الامر الى المالكي الذي واجه ومازال حملة إعلامية وإرهابية وسياسية من إجل إسقاطه وإفشال مشروع الائتلاف برمته وهو أمر لابد من الالتفات إليه
حيث أن المالكي لايُمثل نفسه بل يُمثل الائتلاف بكل مكوناته ويُمثل الطائفة الشيعية كلها وإن لم ينتخبه الكل كما إنه يمثل كل العراقيين الشرفاء.

الطائفة الشيعية كلها وإن لم ينتخبه الكل كما إنه يمثل كل العراقيين الشرفاء.
وإن من يُحاول تفسير الامور بغير هذه الطريقة فهو في صف المتآمرين ،حيث لاحيادية في الحرب
ولايمكننا في هذه الاجواء أن نجد تفسيرا آخرا له!!.
ومن هنا تحاول الدوائر المعادية للعراق اسقاطه وإظهاره بالمظهر الواهن لاعادة العراق الى سنوات
القهر والتهميش وإعادة الاوضاع الى ما قبل التاسع من نيسان عام 2003.
ومن هذا المنطلق فإن أي تفتيت وزعزعة لكتلة الائتلاف وكذلك إرباك توجهات المالكي في حركته
التي أسماها (فرض القانون) والتي اُسميها إثبات الوجود إن جازت لي التسمية حيث تمثل التحدي
للدوائر الامريكية المتحالفة مع المحيط العربي الحانق على التجربة العراقية الجديدة.
والمالكي يمثل حجر الاساس لبناء مجتمع عراقي متوازن تتساوى فيه الطوائف من حيث كثافتها السكانية
بالحقوق والواجبات .
وهو يمثل حجر الاساس لانطلاق الطائفة الشيعية في العراق الجديد بما يتناسب وحجمها وتاريخها
الوطني .
وإن سقوط المالكي يعني سقوط الهيكل على الجميع بلا استثناء وعودة للسياسية التبعية للاخر وعودة
سياسية التكميل للعدد ليس إلا.
وإننا لانستطيع تفسير إي حركة معطلة بحسن النية من كافة الاطراف المحلية والعربية والدولية وإنما
هي سياسة عدوانية ضد العراق لايمكن لنا تجاهلها .
واننا لايمكننا كعراقيين ان نتعامل بحسن النية مع التحركات المريبة لاي طرف سياسي داخل الائتلاف
وخارجه في العراق وخارج العراق وان في الحرب لامجال لحسن النوايا والعراق تُشن عليه أشرس
انواع الحروب الاجتثاثية حيث يستهدف الانسان لمجرد انه انسان يعمل ويسعى من أجل قوت يومه
حرب يقودها ظلاميون لايتحملون رؤية النور العراقي ينبلج في سماء العالم الحر ، حرب تقودها
قوى شريرة لاتريد الخير للعراقيين تسمتد جذور العداء من تاريخ العراق القديم والحديث.
وإن نجاح المالكي عملية (إثبات الوجود) تعني نجاح العراق واستقراره واعطاء الفرصة للطائفة الاكثر
كثافة في العراق من إظهار الوجه الحضاري والتاريخي لها وللعراق ككل .
إن نجاح المالكي ببساطة يعني ولادة العراق الجديد عراق ليس فيه تهميش ،عراق خال من تغليب الاقلية
على الاكثرية أو تغليب منطقة على بقية مناطق العراق.



عبدالامير علي الهماشي