بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..
لقد انعم الله تعالى نعمة الاستشهاد على السيد الشهيد الصدر الثاني، وهذا طريق المؤمنين الصابرين المجاهدين في سبيل الله والدين. فماذا فعل هذا الشهيد المظلوم حتى يتهم بهتانا وظلما وجورا وهو حيا" مجاهدا متصديا للطاغوت وحتى بعد استشهاده. ان مافعله هو التصدي لقيادة الامة واعادة حقها المسلوب وهدم جدار الصمت والعزلة المطبقة التي استمرت لسنوات طويلة. انه سار بمنهج اجداده الاطهار من الائمة وسلوكهم، حيث قال ذات مرة ( فاذا كثر الفساد في المجتمع فعلى العالم ان يظهر علمه والا فعليه لعنة الله ).
ان جوهر النظرية السياسية والنظام السياسي في الاسلام هو ان الاصل ان الولاية العامة في المجتمع الاسلامي ان تكون للامة، الامة هي ولية امرها وصاحبة الحق في الخلافة العامة اي تحكم نفسها بنفسها على اساس القواعد الدستورية وفق الشريعة الاسلامية، وتكون مهمة الفقهاء والمراجع هي المراقبة اي )الشهادة على الامة ) وبهذا يتم التكامل بين الخلافة والشهادة في المجتمع. وهذا ماسعى اليه الامام الشهيد الاول محمد باقر الصدر (رض) وجاء ليكمله الشهيد الصدر الثاني. وقد رأى الشهيد محمد الصدر امامه خيارين: اما ان يكون منزويا وفق تقاليد الحوزة القديمة وترك الامة تواجه مصيرها لوحدها امام جبروت الظلم والطغيان . او التصدي المباشر للطاغية واسقاطه وتولي زعامة الامة واعادة حقها . فختار الخيار الثاني بعد ان ايقن تماما ان لاوجود لمن يقوم بهذه المهمة الصعبة للغاية . وعليه فقد عمل وبهدوء على مجمل امور كي يمكن له المواجهة ومن اهمها اولا بناء قاعدة جماهيرية عريضة من خلال بناء جسور الثقة بالمرجعية وبناء جيل شجاع مؤمن مجاهد مستعد للشهادة من اجل الاسلام والمذهب ، كذلك اعادة الثقة الى الامة بنفسها كونها قادرة على العمل والتحدي .. اضافة الى احياء المرجعية الرشيدة التي كان الشهيد الصدر الاول يقودها ويتبناها ، هذه المرجعية التي لم يسبق لها في التاريخ الحوزوي الوجود. فبدأ بحملته النقدية على الحوزة القديمة التي نعتها ( بالمرجعية الصامتة ) من باب نقد الذات ان صح التعبير وهذا ما اثار حفيظة بعض المراجع حفظهم الله وبدوء عدائهم له ولخطه، ثم بدأ ببناء المرجعية الرشيدة من جديد وتصديه لها والتبشير بها وانفتاحه على عموم الناس وفق العدالة الاجتماعية. لقد عمل الشهيد الصدر الثاني على فصل الامة عن النظام الحاكم عندما بدأ بناء المجتمع المدني الذي يملك مؤسساته ورموزه الثقافية والتربوية واعادة حقها المسلوب. هذا يعني انه سار في طريق الصدام بينه وبين السلطة الباغية ، لقد عمل على بناء المجتمع المستقل وعمل على التصدي على قيادة هذا المجتمع حتى التحرير، وزرع روح الجهاد والايمان لدى ابناء الامة من خلال اقامة صلاة الجمعة التي كانت ممنوعة على الشيعة ، فقد كانت تحديا للنظام منذ عام 1997 لحين استشهاده مع نجليه..
اقام المحاكم الشرعية الاهلية مقابل المحاكم التي انشئتها سلطة صدام.. كذلك اعلان تصديه وليا لامر المسلمين وفصل ولاية المسلمين بأمرته تاركا ولاية الدولة لصدام واعوانه وبهذا الفصل خطوة ذكية للغاية حيث ان نتائجها ستؤدي الى افراغ ولاية الدولة وجعلها معزولة خاوية لامعنى لها بدون شعب ، في الوقت الذي كان يبني فيه قيادته الشرعية للمجتمع . لكن قدره وقدر الشعب العراقي شاء على ان لايكتمل هذا المشروع بسبب تصفيته جسديا من قبل النظام عام 1999 ظنا من النظام بهذا العمل المشين انه سيقضي على هذا الفكر...
واليوم جاء من يكمل هذا المشروع وفق نفس النهج بعد سقوط الطاغية ، وهو ابنه السيد مقتدى الذي اختارته الجماهير الموروثة عن الصدرين ، رغم ان السيد مقتدى قد يكون قليل خبرة ومازال في البحث الخارج في دراسته وقد لايستطيع المضيء بنفس السلوك القيادي لوالده واساليب تطبيقه الا ان هذا المشروع الذي كنا ننشد اليه قبل سقوط نظام صدام وراح ضحيته الشهداء من اجل اقامته وتحقيقه ناهيك الى ان بعض الاحزاب والحركات والتيارات والشخصيات العلمائية تتخذ في منهجها وسلوكها مدعيتا بفكر الصدر ايديولوجيتا لها .. فما بالك اليوم يقف نفس هؤلاء موقف العداء ممن يريد تحقيق مايبغي الناس اليه ، ويشنون ابشع الهجمات الشرسة ضده بحملة منظمة متعددة التسميات ويرمونه بوابل من الاتهامات والاكاذيب على الرغم من ان جماهير الامة هم من اتخذوه قائدا لهم. انا ارى ان هاجس الخوف في صدور هؤلاء هو الذي دفعهم للعداء واتخاذ موقف مناهض ضد السيد مقتدى وتياره لان البساط سيسحب من تحتهم في حالة وجود هذا التيار الكبير..
والان وقد ولى نظام صدام بدون رجعة بفضل الله تعالى وارادته وجاء بديله الاحتلال الامريكي الذي هو وجهان لعملة واحدة بفضل القوى السياسية المتواجدة خارج العراق..
اليس الاجدر بنا ان نحقق مانصبوا اليه بعيدين عن التعصب والانزلاق واخذ العبرة من اخطائنا الماضية واخطاء غيرنا ونتوحد قلبا وقالبا ونتجاوز كل الخلافات لاجل عين العراق الحبيب... ام انه نثير الفتنة والتمزق بيننا . وانا هنا لست بصدد فضح الامور فالامور اصبحت واضحة للعيان، ولكن اود القول بان الفرصة مازالت قائمة وان كان السيد مقتدى وهو ابن العراق لايفقه كثيرا فالاولى بنا ان نتحرك عليه ونوحد الصف والكلمة ، حيث انه وتياره عانى الكثير وهم في الداخل ولم ينعم بالراحة وقدم الكثير من التضحيات ....... فبالحوار والنقاش الهادىء البناء البعيد عن المصالح الدنيوية ، والعقل النير والقلب المفتوح وخلع ثياب الانانية والابتعاد عن روح التسلط والانفة.. سنصل الى ابهى الاحوال ونحقق الاماني المنشودة.
اخي القاريء الكريم.. اترك لك التفكير والخيار في الحكم، ولكن ارجوا ان تفكر بأنصاف وعمق وتجرد وتعقل ونكران ذات والبحث عن مسبباة ، ولمصلحة من هذا العداء واثارة الفتنة........................ والسلام.
محمد الصدر