كلمة شكر وأمتنان



كتابات - د.عامرة البلداوي


لا يملك العراق ألا أن يقدم كل آيات الشكر على اهتمام العالم بقضيته والتفاتهم إلى مظلوميتة وانتباههم إلى دماء أبناءه التي أغرقت الشوارع وقطع أجسادهم المتناثرة فوق أسطح المباني المحروقة جراء انفجار السيارات المفخخة . شكرا أيها العالم المتحضر على التفاتاتكم الكريمة فمن لجنة الكونغرس الأمريكي حول العراق إلى لجنة جامعة الدول العربية حول العراق ...... إلى قرارات طائفية لمنع الطائفية ... وقرارات إملائية ... وقرارات عوراء تنظر بعين واحدة إلى بلد جريح مزقتهُ تدخلات دول الجوار التي جاءت تريد حلولاً للعراق . فمن غريب ما جاء في اجتماع وزراء الخارجية العرب واللجنة العربية الخاصة بالعراق أنها لم تكن عربية وإنما شاركت فيها دول جارة غير عربية وهي تركيا فأذا كان الاجتماع لدول الجوار لماذا تشترك تركيا فقط وإذا كان للدول العربية فلماذا تشارك دول غير عربية . تحت أي عنوان تشارك تركيا مثلاً ولا تشارك إيران أليس الدولتان من دول جوار العراق وكان بأمكان الاجتماع أن يشرك الدولتين المعنيتين بأمن العراق!! . ولماذا جاء مقترح الأمين العام لجامعة الدول العربية طائفياً متعلقاً وناظراً بعين الاهتمام لتحقيق مطالب جهة دون أخرى؟ ففي ذات الوقت الذي يطلب فيها التخلي عن الطائفية يأتي معبراً عن مطالب السنة في العراق ومدافعاً عن شعاراتهم المعلنة في كل محفل وهو رفض الفدرالية وموضوع اجتثاث البعث . وبعد أن كان الهاجس الوحيد في المنطقة وأولوية دول العالم فضلاً عن دول الجوار هو تنظيم القاعدة ومكافحة الإرهاب أصبح التصدي للمليشيات وحلها أولوية قصوى. والأغرب بل والأنكى من ذلك هو المطالبة بأعادة النظر في بنود الدستور بهدف توسيع المشاركة السياسية لجميع مكونات الشعب العراقي دون تغليب مصالح فئة أو مجموعة على بقية الأطراف . ولا ادري هل كان عمرو موسى مراقباً لما حصل في العراق منذ سقوط النظام السابق؟ هل كان مزاحاً أن يخرج ملايين العراقيين ليشاركوا في انتخابات أفرزت أكثرية لطرف على بقية الأطراف؟ فهل يريد عمرو موسى تغيير الخريطة البشرية العراقية؟ ألا يشاهد من خلال جميع القنوات الفضائية الملايين المتدفقة إلى كربلاء كلها تهتف ياحسين!؟ ألا يتذكر عمرو موسى كم عمل صدام قتلاً وتهجيراًً وتسفيراً بهذا الطرف ولم يستطع أن ينقص منه شيئاً ولا يغير من عواطفه وأهميته في العراق .....

وَمنْ كان قد أغلق الباب بوجه َمنْ يريد أن يشارك في العملية السياسية ولكن جميع هذه الأطراف المشاركة ستبقى برغم كل َمنْ يريد عكس ذلك أقليات لأترقى إلى أهمية وفعالية وحضور ومشاركة وتأثير الشيعة في العراق ....



هذا الواقع لا بد أن يفهمهُ الجميع ولا يتدخلوا فيما يريد أهل العراق التصالح عليه وبناءه بينهم فقد ولى إلى الأبد الزمن الذي تهمش فيه أكثرية العراقيين ليقفوا متفرجين على ثرواتهم كيف تنهب في حقائب وفود الدول المجاورة .. ولى الزمن الذي يدفع العراقيون مبالغ تطوير وأعمار وتأهيل جميع الدول ليبقى الأكثرية من أبناءه جياع مشردين ومهجرين .

كما اقدم الشكر لدعوة أبو الغيط إلى تطوير قوات الجيش والشرطة في العراق على أسس غير طائفية وقد أغمض أبو الغيط عينيه عن حكومة العراق التي تعمل جاهدة على تطهير القوات الأمنية من مظاهر التسييس ودعوتها الجادة والملموسة في كل محفل لمنع التحزب في قوات الجيش والشرطة وهذا ليس دفاعاً عن نظام أو حكومة ولكن هذا شأن داخلي نعالجهُ في داخل العراق أم أن البناء غير الطائفي للجيش لا يكون ألا من خلال العودة إلى جيش لم يكن ُمعبراً حقيقياً عن جميع أبناء الشعب العراقي ومارس كل أنواع القتل والتعذيب والتشريد في حقهم .

وأكثر ما أود الشكر عليه هو المطالبة بتسوية سياسية تقدم فيها جميع الأطراف العراقية تنازلات متبادلة ولهذا فلتبحث جميع الأطراف العراقية عما تقدمه من تنازلات في مقابل ما تريده من الأطراف الأخرى لتكون المعادلة متساوية ... أما أن يطلب الجميع ويبتلى طرف واحد لتلبية الطلبات فهذا على طريقة عمرو موسى لن يكون ومعنى المصالحة المفهوم في القانون والشريعة هو عقد يحظى بقبول جميع الأطراف المتعاقدة لا يكون فيه غالب ولا مغلوب وبحجم ما يتنازل طرف عن شيء يتنازل الطرف الآخر وعلى هذا الاساس لاتوجد قاعدة تقول أن الأكثر عدداً والأكبر سناً والأعلى مقاماً لا بد أن يتنازل أكثر ولا توجد قاعدة تقول أن سيد القوم خادمهم و لا يوجد حكم لأكثرية لا تهدر فيه حقوق الأقليات بل هو حكم للجميع فليقدم الجميع ما يساوي التضحيات وما يكافأ التنازلات التي تجرعها العراقيون على مر السنين وليعطي كل طرف على قدر ما يأخذ ولينظر عند ذاك فعل عمرو موسى وغيره من المحبين للعراق ماذا فعلوا بالعراقيين ولينظروا عند ذاك أثمان تدخلهم في شؤون العراقيين فشكراً لهم وألف شكر .



amirabald@yahoo.com