عمر والتشيع)...النوايا والمضامين
عبد الستار البيضاني
من الضروري ان نتذكر عند قراءتنا كتاب (عمر والتشيع) للكاتب حسن العلوي،انه لايُنتظر من كتاب واحد ان يحل إشكاليات عمرها أكثر من أربعة عشر قرناً، ويكاد ينقطع الأمل بذلك عندما تكون هذه الإشكالية ذات طابع ديني،ونعتقد ان هذا لم يكن غائباً عن تفكير العلوي لذلك يصف كتابه بانه " سباحة فوق نهرٍ عريض وصعودا على جذعٍ طويل، وبحثاً في بستان الأفاعي والعقارب عن مفقودٍ بين البساتين والماء"، ولكن، ما الذي يدفع الكاتب الى ركوب مغامرة لايمكن الخروج منها بدون لسعات العقارب وعضات الأفاعي،وربما السقوط من قمة نخلة عيطاء قد تؤدي الى تشوهات أوعوق في جسده إن لم تؤدِ الى موته؟!..وكاتب بمكانة ومستوى حسن العلوي يدرك هذا جيداً ولن يفكر ابداً بان يكون كتابه من تلك الكتب التي تدخل مناطق المسكوت عنه لأثارة الفرقعة الإعلامية، لذلك ننظر الى الكتاب بوصفه محاولة على الجبهة الأعلامية والفكرية لتفكيك عوامل الحرب الطائفية التي أقتربت كثيراً من أبواب العراقيين في الأشهر الماضية، وتفسيرنا هذا لنوايا الكاتب لاينسينا الكثير من الأسئلة التي تشوش علينا هذا التفسير،خاصة تلك التي تثيرها طريقة نشر الكتاب والترويج له من قبل بعض الفضائيات، فضلاً عن الأسئلة والملاحطات التي يثيرها مضمون الكتاب.وبرغم طغيان الجانب التاريخي على المضمون فالعلوي ليس فقيهاً دينياً لكي يعطي أراء بقضية دينية خلافية عمرها أكثر من 1400 سنة تناسلت الخلافات حولها وتشظت حتى ضاع علينا جوهرها، فلانتوقع ان يترك الملايين من المسلمين رجال الدين الذين يتبعونهم ويسيرون خلفه مهما أعطته القضائيات من وقتها، لكن هذا لايمنع من ان يفعل الأنسان أي شيء يعتقد انه ينفع وطنه مادمنا فسرنا النوايا بالنحو السالف.
والحالة بهذا الحدود من التصور جيدة ومهمة فضلاً عن محاولتها إزالة التشويهات التي لحقت بشخصية الخليفة عمر بن الخطاب، ولكن لايمكن ان ننتظر منها نتائج آنية، فهي مثل المعركة قد تفتح ثغرة بجدار المحضور او المتراكم من التصورات والتفسيرات الدينية والتاريخية، ولكن الطريقة التي قُدم فيها الكتاب والتغيير في موقف العلوي السياسي بعد ان فقد الأمل بتولي منصب سفير العراق بدمشق ،ومنهجه في تناول المضامين كلها تشكل أسساً لتصور نوايا ودوافع مغايرة قد تجعل الكتاب يعطي مردوداً عكسياً ربما يلقي بالعلوي من قمة(العيطاء) التي فاخر بإعتلاء قمة جذعها!.
فما حصل عليه هذا الكتاب من ترويج في الفضائيات قبل وبعد صدوره لم يحصل عليه اي كتاب عربي او أجنبي، وهذا الترويح والإعلانات ليس بدوافع تجارية بل العكس تماماً إذ أن العلوي ظهر في أكثر من فضائية يسرد فصول كتابه مما جعله متاحاً للجميع، وبأمكان أي شخص الحصول عليه مجاناً من أكثر من موقع الكتروني كما تم تداول نسخه عبر الرسائل الألكترونية الشخصية بكثرة، كيف حدث هذا؟..وهل يمكن ان ننظر ببراءة الى هذه الطريقة في توزيع ونشر الكتاب؟،بمعنى ان العلوي لم يكن وحده يقف خلف كتابه، وإذ نتوصل الى هذا الأستنتاج نتساءل من هو إذن الذي يقف خلف هذا الكتاب؟.
وقد يعزز هذه الشكوك اعتماد المؤلف على بعض المظاهر الأجتماعية التي انقرضت ويفسرها بطريقة خاطئة تزيد الأحتقان الطائفي بدلاً من أن تقرّب الأفكار، ومنها مايطلق عليه عند بسطاء الشيعة(فرحة الزهرة)، وظاهرة تجسيد شخصية (عمر) في بعض المناطق الشيعية، ففرحة الزهرة مناسبة تتلخص بإعتقاد البعض من العامة انه بعد شهر صفر فرحت فاطمة الزهراء لأن المختار الثقفي أخذ بثأر ولدها الحسين عندما قتل قتلته ومنهم الشمر بن ذي الجوشن وحرملة ولم تفرح بسبب مقتل عمر بن الخطاب كما يدعي العلوي!،وان الشخصية التي يجسدها العامة بشكل كاريكاتيري في الشوارع هي ليست شخصية عمر بن الخطاب وإنما شخصية عمر بن سعد الذي قاد معركة الطف ضد الحسين وأصحابه، ويصر المؤلف على هذا الخطأ عندما يذكر أهزوجة (أكل وألبس جديد وألعن عمر ويزيد) التي كان يرددها الأطفال في بعض المناطق كلما أكلوا ثماراً جديدة ولا أدري كيف فاتت المؤلف وهوالمفكر الرصين العلاقة المعروفة بين عمر بن سعد ويزيد بن معاوية وعدم وجود أية علاقة بين يزيد وعمر بن الخطاب؟..ومن ثم مالداعي لذكر ممارسة للسذج من الناس أختفت منذ نهاية الستينيات ولم يعد يتذكرها اي من الأجيال الجديدة في أي منطقة من العراق؟!..وهنا نسأل هل اننا بذكر هذه التفاصيل وبهذا الوقت سنحقن دماء العراقيين بالبحث عن المشتركات أم اننا سنهدر الكثير من الدماء بإضافة أفتراءات جديدة تضاف الى الإفتراءات التي تساق على الشيعة والسنة معاً؟...المساحة لاتسمح بإيراد الكثير من الملاحظات ، لكني لاأمتلك إلا القول :حتى أنت ياحسن العلوي تصفي حساباتك السياسية من خلال الطائفية؟! .