يدعى رئيس الصدريين السابق عبد الستار البهادلي، إلا أنه لكثرة خروقاته، وفضائح ما كان يفعله في المحاكم الشرعية الصدرية، وما حصل لطلبة كلية الهندسة، أثناء قيامهم بسفرة طلابية في ربيع 2005، على يد جماعته وبأوامر منه أعفي من رئاسة التيار الصدري، إلا أنه ظل متنفذاً. لديه سيارة جديدة من موديل بي أم دبليو، وهو شيخ معمم، ومعروف أنه يتعاطى الكحول، ويلبس أيضاً الكفن ويخطب في صلاة الجمعة. صعد البهادلي في أيام الفوضى العارمة، بُعيد سقوط النظام، وقد استغل أرضاً وأقام عليها حسينية، وإلى جانبها أقام منزلاً يشبه القصر. وكان قبل ضمه إلى التيار الصدري راقصاً، وهو من خريجي معهد الفنون الجميلة، وتدور شبهات حوله، وقد سجن أيام صدام لقضايا أخرى غير السياسة، ثم أُطلق سراحه بطريقة غامضة.
وللصدريين حسينية يقيمون فيها صلاة الجمعة في منطقة الجبيلة، ويستعرضون عددهم خارجها في صلاة الجمعة والمناسبات الدينية، فيقومون بقطع الطرق، وتضطر السيارات إلى اتخاذ طرق ملتوية لكي تتفاداهم. ويشاع بالبصرة أن عناصر منهم بيدها مفاتيح تهريب الكحول والمخدرات، وأحدهم مسؤول في محافظة البصرة. يخرج الصدريون عادة في دوريات لتأديب الشارع، ويتدخلون بشؤون الناس بطريقة فظة، بحجة المحافظة على الامن وضبط الأخلاق، إلا أن الحقيقة انهم هم المشكلة. أعدادهم الحقيقية غير كثيرة، لكنهم يتصرفون كإسلاميين أهل سلطة.
كان سلام المالكي وزيراً للنقل عن الصدريين، وهو شخص يبدو هادئاً، إلا أنه حمل وزارة النقل وزراً ثقيلاً، عندما قام بتوزيع المنازل على موظفي الميناء الخاصين بجماعته، أي أنه كان يوزع وظيفة ومنزلاً للموظفين المحسوبين عليه، بينما مازال عدد كبير من الموظفين السابقين ينتظرون فرصتهم منذ سنوات طويلة. أخذ المالكي يلح للحصول على منزل علي حسن المجيد، عندما كان قائداً للجنوب بالبصرة، وهو قصر كبير، ولا ندري إذا كان حصل عليه أم لا! وكان المالكي يعمل في مخبز (شلاع)، ورغم دراسته للغة إلا أن درايته في الترجمة محدودة جداً. وبعد توزيره على النقل والمواصلات باتت تأتيه الهدايا إلى داره، بما لا يقدر بثمن. ولديه حماية بالبصرة وأخرى ببغداد، ويدعي أنه يحضر للدكتوراه.
وما يفعله الصدريون بالبصرة يفعلونه أيضاً في مناطق الجنوب الأخرى، فلم يعكس الإعلام حقيقة ما حصل في محافظة ميسان بين جيش المهدي والشرطة. وعندما سأل المحافظ عادل مهودر، وهو صدري وآمر سرية في جيش المهدي، مدير الاستخبارات العسكرية عن عمليات الاغتيال الكثيرة في المحافظة، قال له: "أنا أعرف القتلة". ويقصد الصدريين أنفسهم. وفي اليوم الثاني وضعت له قنبلة في مكتبه وفجروه. وما كان من جماعته إلا الذهاب إلى مكتب الصدر، وقتلوا نائب مدير المكتب، فتفجر الوضع واستباح جيش المهدي المدنية بأسلحة متطورة، جديدة ليس من أسلحة النظام السابق التي أصبحت قديمة وغير فاعلة. وبعد ذلك صدرت أوامر لمقتدى الصدر أن يتوقف القتال، فما كان من جماعة جيش المهدي في ميسان رفض الأمر، وإطلاق أهزوجة ساخرة بمقتدى نفسه: "السيد جندي بجيش المهدي وسرحناه". أي أن مقتدى لا أمر له علينا، وهذا يفيد في أن الفروع تحولت إلى أصول، وليس هناك من كابح للهياج.
أحد شوارع البصرة
من جهتها شرطة البصرة متوزعة بين الجهات الإسلامية المتنفذة: المجلس الأعلى، والفضيلة، والصدريين. ومما يُذكر أن عناصر من ضباط الشرطة اغتيلوا لأنهم كشفوا عن سرقات النفط، الخاصة بحزب الفضيلة، منهم: عقيد بأبي الخصيب، وآخر ضابط كبير في منطقة التنومة. ومعلوم أن المحافظ محمد مصبح الوائلي هو رئيس اللجنة الأمنية، ويعرف تحركات الدوريات جيداً، ومن كشف عن صهاريج تهريب النفط! ومن المفارقات أن المحافظ يقيم الآن في منزل مهرب النفط المعروف في أيام صدام حسين موفق القيسي، والأخير متواجد بدبي حالياً.
ومن المؤكد أن الفضيلة تمتلك إمبراطورية تهريب النفط، ويعد كل من محمد العريبي، وأحمد العريبي من أهم العملاء. وإلى جانب سرقة النفط الخام يُسرق النفط المصفى أيضاً، وتمت عمليات اغتيال عديدة للموظفين المراقبين لها، وأخذوا يستخدمون الصبية للبيع خارج المحطات الخاصة.
ومعلوم أن مدير شرطة البصرة من المجلس الأعلى، وهو عبد الله الموسوي، وكل التعينات تأتي عبره، ويبدأ التعيين برتبة نقيب، وهذا ما حصل أيام صدام حسين، حيث الترفيعات والترقيات بلا حساب للبعثيين. كانت صورة أحد أخوة المحافظ، وهو من مرشحي الانتخابات الأخيرة، تعرض في مراكز الشرطة، كونه من لصوص المنطقة المعروفين بسوابقهم، وينحدر من عائلة معدمة جداً. لكن، حالياً تبدل الحال وأصبحت العائلة من العوائل الثرية في البصرة، وذلك عبر كثرة الرشاوي والفساد المالي. وعلى سبيل المثال أن تبديل (رزات) باب الدائرة، الذي لا يُكلف أكثر من ثلاثة آلاف دينار عراقي، سُجلت التكلفة على الدولة بملوني دينار، وقس على هذا المستوى!
وجمعت الأموال أيضاً عن طريق ما يسمى بالمساطحة، وتعني تأجير الأرض أو البنايات الخالية من الدولة، واستغلالها لمدة 25 عاماً أو أقل أو أكثر، ثم استغلالها وأخذ الإيجارات عنها. وعمليات المساطحة هي من شأن المحافظ، مثل أخذ الدكاكين في منطقة الدكير في العشار، الواقعة خلف مقام الإمام علي بن أبي طالب بالبصرة قرب أسد بابل، وهي أكثر من عشرين دكاناً استولى عليها المحافظ بمبلغ زهيد، بينما قيمتها تُقدر بالمليارات. وكانت للمحافظ خلافات مع إيران، لكنها سويت في مابعد، واصبح تعامله مع الدولة الإيرانية مباشرة، لاعلاقة للحكومة العراقية به.
هناك أكثر من تنظيم وتجمع للعشائر، وتعرض هذه العشائر خدماتها على الأحزاب الإسلامية، لتقوم بواجب الاستقبال والتوديع أمام الكاميرات، وبأجور مدفوعة. ساهمت آخر مرة في الاحتفاء بعمار الحكيم حيث توقف العمل في دوائر البصرة، ثم أذاعت محطة الفرات: جماهير الزبير والبصرة تحتشد لاستقبال السيد عمار الحكيم. ويسمى عمار في مجالس البصريين، البعيدة عن عيون الأحزاب الدينية، بعمار التكريتي. وحسب المعلومات أن أنظف حزب ديني هو حزب الدعوة الإسلامية، إلا أنه بلا قاعدة جماهيرية، ويعتمد في تواجده على التيار الصدري. ويذكر أن الحزب الشيوعي العراقي رفض استلام حصة من النفط مما يوزع على الأحزاب، التي لها تمثيل في المحافظة.
ومن غير حزب الله، الذي يترأسه كريم ماهود المحمداوي، وشيع عن نفسه أنه أمير الأهوار أو بطلها، هناك حزب الله آخر متصل بالمجلس الأعلى وبإيران مباشرة، ومهمته الاغتيالات، وأجر عملية القتل للرأس الواحد، 150 دولاراً. وقد رد بعض التابعين له عما سيتحمله من جهنم لقتله الأبرياء، قال: "القتل بذمة المُكلف به وليس بذمة القاتل". وهنالك تنظيم الانتفاضة الشعبانية (15 شعبان)، انتفاضة 1991، التي سيطرت على النادي الأرمني بعد طرد الأرمن منه، ولديهم لجنة أمنية تستدعي الناس لأخذ الأموال تحت حجة مطاردة البعثيين. إضافة إلى هذه الجماعات هناك دائرة الجرائم الكبرى، ولا تعرف لها هوية وخارج سيطرة الدولة، وهي مرتبطة بإيران لشؤون التجسس والتخريب. يرتدون الملابس الحكومية ويتحركون في السيارات الحكومية أيضاً. وآخر جريمة قاموا بها في حي الأصمعي (الموفقية)، عندما قتلوا ثلاثة رجال وامرأة، ولم تأتهم سيارة الإسعاف إلا بعد أربع ساعات.
ويعرف مسؤول دائرة الجرائم الكبرى بأبي (مُوَّير) حتى يشاع بالبصرة "إذا قال أبو مُوَّير يعني قال العراق"! ومعروف بالبصرة أنه صادر شاحنة تحمل شراب الويسكي، وبعد أخذ حصته تظاهر أنه يكسر القوارير. ويستخدم أبو مُوَّير الهاتف كوسيلة اتصال مع جماعته لتنفيذ عمليات الاغتيال. وسلاحهم سلاح إيراني حديث، ليس له علاقة بالسلاح العراقي، ولا بسلاح الجيش العراقي السابق، كما ان ارتباط دائرة الجرائم بالصدريين والمجلس الأعلى معروف بالبصر