اقدم موضوعا لمناقشة افكار تخص وطننا، ارجو المشاركة بدون قص ولصق وبدون شتائم او تسقيطات وا ممارسة دور الوصاية الالهية، فقد انكشفت هذه البضاعة واصحابها، وآن لنا ان نتعلم الحوار والتعايش.
في البداية ولرفع الالتباسات، اشير الى ان الاحزاب الشيعية لاتعني الطائفة الشيعية ولاتمثلها، بالرغم محاولات الاحزاب الدينية بشكل عام لسرقة تمثيل طائفتهم وإعطاء الانطباع انهم " هم نفسهم" الطائفة.
منذ دخول القوى الدينية السياسية الشيعية وميليشياتها المسلحة وفرض سيطرتها مستغلة الفراغ السياسي الناشئ، بدأ يزداد اعداد عناصرها واتباعها كالفطر، غالبا بسبب كونها اصبحت "رب العمل" البديل والوحيد بعد سقوط وفرض حل اجهزة الدولة العراقية...
منذ البداية كانت قيادات الاحزاب الشيعية، الى جانب قيادات علمانية عراقية جزء لايتجزء من الكادر الامريكي الذي اخذ على عاتقه تصميم العراق الجديد، الامر الذي اتاح لهم الفرصة لإدخال فكرة "إجتثاث البعث" كجزء من حل الدولة واجهزتها ومنظماتها..
ماذا يعني "إجتثاث البعث" ماهي دواعيه، وكيف تم إستغلاله؟
في دول المنظومة السوفيتية، نجد انه وبعد سقوطها المدوي، لم يجري ملاحقات الاعضاء السابقين ولم يجري هذا الهرف الذي جرى ولازال يجري في العراق.. نفس الامر حدث في المانيا النازية ....فلماذا نحن مختلفين؟؟
بالتأكيد كان حزب البعث حزبا فاشياً شوفينياً وشمولياً ديكتاتورياً، ويمثل نظرية ذات جذور نازية، كما ان قادته ارتكبوا جرائم كبيرة بحق معارضيهم السياسيين واتباعهم بغض النظر عن مذهب هؤلاء المعارضين او قوميتهم...إضافة الى ذلك فقد ارتكب قادة البعث جريمة تحطيم الحياة السياسية الطبيعية في العراق وعززوا تقاليد الخضوع وتآليه الاشخاص والولاء العشائري ونشروا الفساد الضميري وفساد الذمة وأقاموا المحاكم الصورية وانتهكوا القانون الذي وضعوه بأنفسهم واقصوا الشعب العراقي عن إدارة دولته...
ومع ذلك، ماذ يعني إجتثاث البعث، ماهي دواعيه وكيف تم إستغلاله واقعيا؟؟
ان الدول المجاورة العربية والغير عربية لاتعطي نموذجا افضل بكثير من النموذج التاريخي الذي تسير عليه المجتمعات الشرقية النائمة. نحن نرى ان القانون وحقوق الانسان وحقوق المرأة وحقوق المواطنة والحقوق السياسية تنتهك في جميع الدول المجاورة للعراق بدون إستثناء وبدرجات متفاوتة، بالرغم من ان اغلبها لايحكمها حزب بعث ونظريته.
ان الديكتاتورية في منطقتنا ليست اختراعا بعثيا، حتى يمكن القول انه يكفي إجتثاث البعث من اجل النجاح في إبعاد خطر الديكتاتورية والاضطهاد، فبرامج الاحزاب الدينية الجديدة تضمن بالضرورة إضطهاد او تمييز او الدعوة للاضطهاد والتمييز او الاقصاء والقمع والدعاية للخضوع وفرض القيم والمنطلقات تماما والى حد بعيد مثل البعث ولكن هذه المرة تحت ستار رفع القرآن على الحراب على طريقة معاوية الشهيرة وتحت وهم الادعاء بان قبولهم بالانتخاب تجعلهم ديمقراطيين.
ولاتخفي بعض الحركات والاحزاب الدينية اهدافها لبناء دولة الشريعة، تماما على الطريقة الوهابية او الايرانية وبنفس الروح والممارسات التي من حيث الجوهر لاتختلف عن اساليب صدام وطرقه..ولنا في ذلك ايران والسعودية نموذجا..
بالرغم من ان رفع شعار " إجتثاث البعث" جرى من الاطراف الشيعية والكردية بالدرجة الرئيسية إلا اننا نرى ان المواقف الكردية تختلف اختلافا كبيرا عن ممارسة القوى الشيعية، إذ تفتح القيادة الكردية اراضيها لكبار الضباط العراقيين الهاربين من فرق الموت الشيعية التي انطلقت منذ اللحظات الاولى لدخولها العراق الى وضع اللوائح عنهم والبدء بإصطيادهم وتصفيتهم تحقيقا لطلب ايراني بالثأر منهم لحربهم ضدها... وبالرغم من ان الاكراد قد عانوا معاناة جماعية من البعث إلا انهم نظروا بتعقل الى المسألة، فماهي اسباب ممارسات قادة الاحزاب الشيعية؟؟؟
ان قادة الاحزاب الشيعية استغلوا القانون للوصول الى عدة اهداف:
1- تصفية البنية المنظمة الوحيدة التي يمكنها ان تشكل لهم مصاعب في الامتداد
2- من خلال " القتل" خلق كادر قادر على تنفيذ جميع المهات ونشر الرعب
3- تحقيق فراغ في كوادر إدارة الدولة، لملئه بعناصرهم بهدوء
4-إجبار اعضاء البعث الشيعة على الالتجاء اليهم والحصول على براءة.
5- ترديد قصة المظلومية وجعلها الخلفية الاخلاقية لحقهم بتبرير وتغطية الانتقام والثأر، الامر الذي يجعل الاحزاب الشيعية "قائدة" اوركسترا النواح الشرعية.
6- خلق اساس وتاريخ لشعور التميز والانفصال وبالتالي التحشيد والتمثيل والقيادة.
7-وسيلة جاهزة للابتزاز والتسقيط لجميع المناهضين من داخلهم ومن خارجهم.
8- وسيلة لمنع القوى الاخرى من إعادة تنظيم نفسها برموز جديدة وعلى اسس غير دينية.
من هنا نرى ان الاحزاب الدينية لاتحاول الالتزام بتعريف محدد لتعبير " إجتثاث البعث"، الامر الذي اوقع السلطة الرسمية بمآزق اجبرها على إعادة صياغة مواقفها والقبول بإعادة البعثيين السابقين الى الدولة وفصل مبدأ " إجتثاث البعث" كمفهوم فكري عن الاشخاص، ليس فقط لعدم واقعيته ولكن ايضا لكون هدف الاحزاب الشيعية منه قد تحقق الجزء الاكبر منه ولم يعد يخيفها او يعيقها إعادة صياغته.
واليوم نجد ان البعثيين الشيعة قد اصبحوا بقدرة قادر داخل الاحزاب الدينية، بل وحتى من قادتها ولم يعد " الاجتثاث" والاتهام بالاجتثاث موجه إلا للشخصيات المعارضة، إضافة الى المقاومة المسلحة العلنية التي توضع جميعها في خندق واحد الى جانب اقذر ممثليها: الوهابية...
من هنا نرى ان الاحزاب الدينية تستغل قانون " إجثاث البعث" من اجل تسييدها، وليس من اجل ان تتعلم منه الابتعاد عن الاضطهاد والتمييز والعنصرية واحترام الرأي الاخر واحترام القوانين والدستور والمؤسسات الشرعية وعدم الالتجاء الى الفرض والوصاية والتعسف والفساد....
ان الاحزاب الاسلامية بشكل عام لايمكنها ان تخلق نظاما ديمقراطيا، بالرغم من انها دائما على استعداد لإستغلال الديمقراطية للوصول الى السلطة والاستئثار بها ومصادرتها لحساب ممثلين الله على الارض وبمساعدة المؤسسة الدينية وإقصاء الانسان...
فهل ستعلق المشانق من جديد...بعد بضعة سنوات؟؟