قبل بضعة أيام توفي في طهران المجاهد (عامر الخفاجي) بعدما كابده مرض ما يسمى بـ ( أعراض حرب الخليج ) لأربع سنوات..
ينتمي (عامر الخفاجي) إلى سلك المجاهدين من أبناء العراق ، الصامتين المحتسبين أجرهم عند الله و ليس عند الإعلام ، و عرفته عن طريق ابن أخته من أخوة الدين. و لولا ذلك لما عرفته ، و لولا أن في قصته قدوة و عبرة لما ذكرتها هنا.
نذر (عامر الخفاجي) أن لا يتزوج حتى يسقط الطاغية صدام الذي أعدم أخيه في بداية الثمانينات. فر من جبهة القتال مع أيران و التحق بالمجاهدين في الأهوار ، أصيب مرتين برصاص طائرات عراقية تمشط الأهوار ، و مرة بأسلحة كيميائية. سلم نفسه إلى مستشفى على أثر انتهاء الحرب مع ايران و صدور عفو عن الفارين.
أخذ عنوة إلى جبهة القتال في حرب الكويت ليتعرض إلى قنابل الأمريكان ذات اليورانيوم المنضب. و منذ حرب الكويت و حتى تكسرت عظامه جراء ضعفها بالمرض ، قام بعدة عمليات ضد نظام البعث و منظماته الحزبية انطلاقاً من شمال العراق تارة و من الوسط تارة أخرى.
استدار إلى إيران بعد أن اشتد عليه المرض و خوفاً على إخوانه و أخواته من الأذى إن هو رجع إلى بغداد. تصور الأطباء أن مرضه السرطان ، لكنهم عرفوا بعد شهور أن أعراضه مشابهة لأعراض عراقيين آخرين من الجنوب. و بلغ به المرض حداً أنه كان إذا نزل من السلم تنكسر ساقه ، و إن ركب سيارة ينكسر عظمه لدى المطبات القوية.
كان همه مساعدة الناس حتى اشتهر عنه فيما مضى أنه كان يقضي حاجات الناس دون مقابل. لم ترى منه شكوى في يوم أو طلب لمعونة أحد ، بل كان هو من يخفف عبء الآخرين و حملهم ، و صبر و احتسب أجره ليوم الحساب.
قبل شهر ذهب اليه أخواه و إحدى خالاته و أخذوا معهم سيارة بك أب مع فراش و ثير و قناني دم و أوكسجين لحمله إلى العراق ، لكن أمر الله و لم يستطيعوا رفع الأجهزة عنه في المستشفى ، حتى طلبه الله إلى جواره.
شيع في طهران تشييعاً مهيباً من أخوانه العراقيين المجاهدين في جنوب طهران ، عاش فقيراً و مات فقيراً ، و كان همه كما ينقل عنه ابن اخته أن يبقى العراق خالصاً لنا من المجرمين ..
تغمده الله برحمته الواسعة ، و إنا لله و إنا اليه راجعون ..