الواشنطن تايمز :التطرف الأميركي دفع الشبان المسلمين الى اعتناق قيم "الوهابية" المتزمتة!!
واشنطن-الملف برس
هاجمت صحيفة "الواشنطن تايمز" ما أسمته "القيم الوهابية الرجعية المحافظة التي تروّج لها حكومة المملكة العربية السعودية" وقالت إن الحكومة السعودية تنشر "نظرتها المتزمتة الهجومية" عبر الزمالات الدراسية التي توفرها لطلبة دول الشرق الأوسط كمصر، ودول إسلامية كبيرة أخرى في العالم كاندونيسيا. وأوضحت الصحيفة أنّ حروب بوش ضد الدول الإسلامية شجعت الشبان الى الانعطاف عن الأفكار الديمقراطية التي تدعو اليها الولايات المتحدة.
وأشارت "الواشنطن تايمز" في مقال تحليلي كبته المعلق السياسي "آن سيورايانا" الى نتائج استفتاء مهم أثبت أنّ 75 بالمائة من سكان الكرة الأرضية يعارضون سياسات الولايات المتحدة وغزوها العراق. وشددت الصحيفة على أنّ انسحاب القوات الأميركية من العراق قد يعيد ثقة (جمهورالعالم المسلم) بالولايات المتحدة الأميركية. ودعت الى تطبيق إستراتيجيات تتضمّن حواراً بناء متنامياً بين المسلمين والغرب، يساعد في حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، ويكثف التبادل الإنساني بين المجتمعات، ويفتح في الولايات المتحدة فرصاً تعليمية أكبر للزعماء المسلمين المستقبليين.
وذكـَّر المحلل السياسي في "الواشنطن تايمز" بتجربة العلاقة السابقة مع المجتمع الأندونيسي المسلم قائلاً: لا أحد يشك في أنّ الولايات المتحدة لعبت دوراً كبيراً في مساعدة اندونيسيا بتوطيد ديمقراطيتها. وبدأت ذلك في السبعينات، عندما قدّمتْ الحكومة الأميركية مـُنحاً وزمالات دراسية لزعماء المستقبل من الأندونيسيين للدراسة في أحسن الجامعات الأميركية. وبعد العودة الى وطنهم، نشر الطلبة القيم الديمقراطية التي تعلموها في الولايات المتحدة، وفيما بعد قاتلوا من أجل هذه القيم، لتدخل في حيز الممارسة في أندونيسيا، مصممين في الوقت نفسه على اسقاط نظام سوهارتو 1998.
وقال إن ّالحكومة الأميركية والمؤسسات الأخرى ساعدت أيضا، وبنشاط الحكومة الأندونيسية لإعادة بناء البلد. وفي دعمها لنظام ما بعد سوهارتو، كما ساهمت بشكل كبير في التحضير لانتخابات حرة وعادلة سنة 1999. ووضعت الانتخابات الناجحة قاعدة قوية لأندونيسيا، البلد الأكبر في العالم بعدد مسلميه الذين يناهزون 240 مليون مواطن، تطمح أغلبيتهم الى تعزيز القيم الديمقراطية الجديدة الناشئة.
إنّ المساعدة العظيمة من الولايات المتحدة –يقول المحلل السياسي في الواشنطن تايمز- أقنعت الأندونيسيين، وبرّرت لهم توجههم لجعل أميركا مرجعية في متابعة انتقالهم الديمقراطي، وبشكل خاص لإن الديمقراطية الأميركية هي الأقدم في العالم. ثم جاءت أحداث الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 التي سببت الشكوك وسط الإندونيسيين، وألقت ظلالها على نشطائهم الديمقراطيين والإسلاميين التقدميين، بصدد اعتماد النموذج الأميركي. وخـيبت حرب بوش على الإرهاب، وغزوه العراق آمال الأندونيسيين. وبشكل أساسي –تؤكد الصحيفة- استنكر المسلمون الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من ديسمبر، وكانوا جاهزين للتعاون مع الحكومة الأميركية للقتال ضد الإرهابيين. ولكنْ عندما استـُعملت كلمة "الحرب الصليبية" لأول مرة في خطاب للرئيس الأميركي، شعر المسلمون أنهم حوصروا.
وشددت الصحيفة على إنّ الهجوم على العراق عزل المسلمين أكثر فأكثر. فكان الرد الأولي للمسلمين، أنّ أميركا هاجمت بلداً إسلامياً ثم تكاثفت المعارضة بعد أنْ استـُخدمت التبريرات لغزو العراق البلد ذي السيادة الكاملة. واكتشف المسلمون فيما بعد ان حكومة الولايات المتحدة تضلل الناس بقولها أن صدام حسين كان يخزن أسلحة التدمير الشامل المتطورة، ولهذا يجب أن يسقط. وفي الحقيقة ثبت أن هذه الأسلحة غير موجودة بعد أنْ نجح الغزو الأميركي. ودافعت إدارة بوش عن احتلالها أيضاً، وعدّته عملية لتحرير العراقيين من نظام صدام حسين الاستبدادي. تقول الصحيفة إنّ كل هذا أدى إلى أنْ يطرح المسلمون في العالم أسئلتهم المحرجة: لماذا يعمل زعيم العالم الحر والديمقراطي على تحرير العراق فقط؟ لماذا لا يحرر سوريا، أوالمملكة العربية السعودية، وأقطار أخرى تقاد أيضا من قبل حكومات اتوقراطية مطلقة مستبدة؟.
وأكدت الصحيفة أنّ المعارضة الإسلامية شـُجعت من قبل المجتمع الدولي الذي يشاركها مشاعر العداء للأميركان. وقد أظهر استبيان أجرته مؤسسة "كلوب سكين" لصالح Bbc في وقت مبكر هذه السنة، أن شعبية الولايات المتحدة في العالم في السنتين الأخيرتين انحدرت بشدة. وأجمع حوالي 75 بالمائة من أصل 26 ألف إنسان في العالم جرى استفتاؤهم على عدم الموافقة على السياسة الأميركية حيال العراق، فيما قال حوالي 50 بالمائة من هؤلاء أنّ الولايات المتحدة تلعب الآن دوراً سلبياً بشكل رئيس في العالم. وشملت ردود الاستبيان هذه أوربا، أفريقيا، وآسيا (بضمنها أندونيسيا)، أفريقيا الجنوبية، والشرق الأوسط.
ويثبط هذا التوجه عزيمة مسلمين تقدميين وناشطين ديمقراطيين في العالم بأسره- كما يرى المحلل السياسي للواشنطن تايمز- فقد ربطت الولايات المتحدة نفسها بالدعوة الى الديمقراطية، لكنّ السياسة الفوضوية الخارجية لها، تؤثر عكسياً في الكفاح لتعزيز القيم الديمقراطية في أندونيسيا. ويمكن أن يكون تأثيراً خطراً في المستقبل. فالناس الذين يفقدون الثقة بالولايات المتحدة قد ينقلبون الى طريق آخر، يعتقدون أنه يكون مفيداً اكثر. وقال إن الهجوم على العراق ربما يؤدي فقط الى تفاقم شكوكهم الثابتة بالقيم الغربية، ويقودهم الى الانعطاف نحو قيم أخرى، التي تشمل القيم الوهابية الرجعية المحافظة جدا التي ترّوج لها حكومة المملكة العربية السعودية.
وترى "الواشنطن تايمز" أنّ النظرة السعودية المتزمتة والهجومية –حسب تعبيرها- انتقلت من خلال الزمالات الدراسية التي تمنحها لجامعات في الشرق الأوسط كمصر وغيرها، وكان للأندونيسيين نصيب فيها، وتحوّل هؤلاء بشكل متزايد نحو التمسك الديني الذي يـُرى في العدد المتنامي من النساء اللواتي يرتدين الحجاب، وكذلك ميل الشبان الى تأييد الأحزاب المحافظة، بضمنها Pks حزب العدالة والإزدهار. ففي انتخابات سنة 1999 أدلى فقط 1.36 بالمائة من أصل 106 ميلون بأصواتهم لصالح الحزب اليميني. وبعد خمس سنوات، ارتفعت نسبته بشكل حاد الى 7.34 بالمائة من أصل 113 مليون صوت. إن برنامج الحزب المضادة للفساد، قد تكون وراء بناء هذا العدد في انتخابات 2004، لكن ميل الأفكار المحافظة الإسلامية (خاصة بين صفوف الشباب) يجب انْ تدخل في الحساب.