صرح الاباء (نعي ورثاء الحكيم "قدس")
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير خلق الله اجمعين محمد وآله الاطهار الميامين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا (ع).وبعد
اليوم اركانُ الهدى قد هُدّمت---------اليوم شمل المسلمين موزعُ
الله اكبر الله اكبر الله اكبر يا لها من فاجعة ويالهولها من كارثة وثلمة في جدار الاسلام والمذهب فاليوم قد اُشخصت الابصار وتاهت العقول وتلعثمت الالسن في الافواه وعمَّ الصمت الزمان والاوان فقد افلُ نجمٌ من نجوم الحق وسكت صوتٌ من اصواته الصادحة وهدأ بركانٌ من براكينه الثائرة وانتهى ولم ينتهي دربٌ من الكفاح والبطولة الحسينية والجهاد المضني ,انتهى وتوقّف بغدر ومكر ومين وحقد وضغينة وحسد ,
لقد اغتالوا الحكيم.اه يا قلب فهل لدمعك ثمة سبيل وهل لالمك ثمة عويل وهل لجراحك اندمال ,كيف وقد اصابوك في سويدك وبسهمهم المسموم وغيّبوا عنك عنوةً صرحاً من صروح الاباء ومناراً للحق والحقيقة والشهادة والثورة والكفاح.
سيدي ايها الحكيم الغائب الحاضر البعيد القريب يا من حملت لواء كربلاء وثأر الحسين ومضيت على بصيرةٍ من امرك حتى اتاك اليقين ونهجت نهج من سبقك من آل الرسول (ص) في التضحية والبطولةوالفداء, قد فعلوا النفر الضّال من ناصبين وحاقدين وموتورين, بعثيين وقاعديين ,متطرفين وسلفيينواعداء الاسلام والمذهب فعلتهم الحقيرة المشينة في وضح النهار وامام اعين العالم وانت انت ذاك الجبل لم تهتز ورحّبت بالشهادة وعانقت حتفك رغم انوفهم وذاب جسدك الرقيق في لهيب نيرانهم وتطايرت اشلائك الى شتا الارجاء لتعلن عن هويتك التي طالما انكرها البعض وشكك فيها النفر الضّال,فانت انتصرت اخيراً وانت رسّخت هذا الفداء الذي ظلّ يتقلّب في اصلابك حتى بلغتَ منه موردا.واقولها لهم ذوي القلوب المريضة هم ارادوا ان ينالوا من وحدة العراق وكرامته وعزّته بان استهدفوك لما تمثله من قبسٍ تهتدي لضوءك كل المُقل ومنبع يرتوي بعذب مائك كل العطاشى وشخصٍ تجتمع فيك وتلتقي كل الاطياف وترضى بحكمك وامرك وحكمتك وبعد نظرك ,فهم ان ارادوا ان يحطّموا هذه الوحدة وهذه العرى المتأصّلة في شعبنا فأبشرهم بأنهم قد فشلوا فشلاً ذريعاً لانهم ليس فقط زادوا من ترابطنا وتجّمعنا ووحدتنا بل وزادوا من قوّتنا وكرهنا لهم وبغضنا ايّاهم وابتعادنا عنهم هؤلاء القتلة المأجورين الم يعلموا ان الشهادة هي التي كان يبحثُ عنها الامام الفقيد؟وهم بذلك قد قدّموها له (بأذن الله تعالى) بدون ان يعلموا وبغبائهم وقلّة معرفتهم وادراكهم لنهج وبطولة كربلاء وايثار الحسين (ع) وسبيل الشهادة وطريقها المُعطّر العبير والمنثور بازهار الجنّة ,
فهنيئاً لك سيدي الشهادة والخلود والمكوث جوار ارحم الراحمين وجوار اجدادك النبي وآله الاكارم الاطهار (ع) وتعساً لهم ولنا غيابك عنّا وفقدنا ايّاك ,سيدي يا ابن رسول الله (ص) ان كانت للصحائف اعين وفم لتكلّمت ونطقت ولهجت بالحق وهي تراك مرسوما عليها وترى دموعي تنساب كالقطر وانا اضمّنها ايّاك وانعاك على اسوارها وان كان لهذا الجهاز مشاعراً لبكى معي وانَّ عليك وعلى ثلة الشهداء الذين سقطوا معك ولواساني وشاركني حزني وجرحي العميق الغور.
سيدي الحكيم تقبّل مني هذه الابيات والتي كتبتُها على عجالةٍ من امري اذ لم تتوقف دموعي عن النزول ولم يتورّع قلبي عن الاعتصار ومع هذا آليت الاّ ان اهدي لروحك الطاهرة ونفسك الابية الحسينية المكرّمة ايّاها لتتقبلها مني بقبولك الحسن وابثُّ فيها شكواي الى الله وادعوه ان يصبّرنا ويواسينا على فراقك الاليم
وهذه ابياتي......
احقّاً تغيّب عنّا الحكيم؟----------------------الن نرى صرح الاباء مقيمْ؟
احقّاً مضى لحياض الخلود؟------------------وخلّفَ شعب العراق يتيمْ؟
الن نستمع لهدير البحار؟--------------------وصدْح الطيور وهمْس النجومْ؟
الى الله نشكو الاذى والفراق-----------------ونحمل هذا المصاب الاليمْ
ونحمل آلامنا صابرين------------------------بقلبٍ كسيرٍ وروحٍ تهيمْ
فيا ابن الرسول وحزْن البتول-----------------وصبْر الحسين وحلْم القسيمْ
بكتكَ العيون وما في الصدور-----------------وهل يُبريءُ الوجدُ تلك الكلومْ؟
فُديتَ وانتَ شراعُ الفداء---------------------لفلك النجاة وخلقاً تميمْ
اذا اغتالك الشرُّ نصب العيون----------------فأن لك القلب دار النعيمْ
وأن حاول اللحدُ ان يحتويك------------------فأن بجسمكَ عزَّ الأديمْ
كرهتَ المكوث رهين الحياة------------------فكنتَ كقبرٍ يسيرُ عظيمْ
وسرتَ بدرب نجيعِ الدماء--------------------فهابكَ كلُّ عتيٍّ رجيمْ
فأنتَ زرعتَ ونلتَ الثمار---------------------وهم زرعوا والحصادُ صريمْ
هنيئاً لروحك هذا الجوار---------------------وتعساً لهم بجوارٍ عقيمْ
سيبقى يفتّشُ عنك اليراع---------------------ويبقى يحللُ فيك الرقيمْ
وتبقى معينا لنهر الفداء----------------------ودرباً لنهج العُلا مستقيمْ
وفي الختام والالام تعصرني وتدمي مقلتي لا يسعني الاّ ان اتوجه بالعزاء الى صاحب الزمان الامام الحجة المنتظر(عجّل الله تعالى فرجه) والى الرسول الاكرم(ص) والامام امير المؤمنين (ع) والسيدة الزهراء البتول (ع) والحسن والحسين (ع) والائمة الاطهار من ذرية الحسين (ع)اجمعين والى شعب العراق الحبيب والأمة العربية الغالية والاسلامية العظيمة ,عظّم الله تعالى اجور الجميع ومنحنا الصبر والسلوان على هذه الفاجعة وهذه الثلمة التي اصابت الدين واسكن الامام الشهيد فسيح جنّاته وتقبله بقبولٍ حسن وتقبّل شفاعته فينا يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون الاّ من اتى الله بقلبٍ سليم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخوتي الاعزاء.
اخوكم
رد مع اقتباس
