النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    3,507

    Cool الدوحة : الطاووس والزرازير-الطراطير...........................

    الدوحة : الطاووس والزرازير



    كتابات - المحامي سليمان الحكيم



    لم تكن دعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى اجتماع قمة دول الخليج العربي , إلا اتساقا مع النهج الأميركي في التعاطي مع النظام الإيراني , وبالذات بعد أن أصبح الملف النووي الإيراني موضوعا تجري بين دفتيه صفقات ومساومات وتسويات إقليمية ودولية . وبكل الحسابات,العسكرية منها والسياسية والإقتصادية , ويوما بعد آخر , يبدو الحل العسكري الأميركي ضد إيران مستبعدا خاصة بعد صدور تقرير رسمي من المخابرات المركزية الأميركية يوم أمس , مؤداه أن إيران قد أتلفت برنامجها النووي في سنة 2003 , متعظة برأس الذئب العراقي الطائر. وقد أدارت الدولة الإيرانية صراع الإرادات هذا باقتدار مشهود وبالدهاء الفارسي المعهود , فهي قد ماطلت أولاً في اتخاذ أية خطوة مهما كانت ضئيلة تلبي فيها المطالب الدولية , وخاضت سلسلة قياسية العدد من المباحثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية, ومع الإتحاد الأوروبي, فكسبت وقتا لا يقدّر بثمن في رصّ أجهزة الطرد المركزي , وتثبيت صفقات نووية ونفطية مع روسيا والصين ,وبذلت جهدا دبلوماسيا استثنائيا لتأكيد ما تدعيه عن الطابع السلمي لأهدافها النووية , وعرّضت ثانياً القوات الأميركية والبريطانية في العراق وأفغانستان لأيام عصيبة عبرإرسالها فيضاً من الأسلحة والعبوات الناسفة المتطورة , والتمويل السخي لكل من رفع سلاحا ضد الأميركان وحلفائهم ,وضاعفت وتيرة جهدها العسكري في تصنيع الصواريخ بعيدة المدى , وتطوير القطعات البحرية القادرة على إغلاق مضيق هرمز والضغط على باب المندب , ملوّحة بقدرتها على قطع شريان الحياة النفطي عن الغرب , واستعرضت صنوف قواتها المسلحة في مناورات لم تهدأ منذ سنوات ثلاث , ورعت منظمات حماس وحزب الله والجهاد والقاعدة وجيش المهدي وفيلق بدرومنظمة ثأر الله وبقية الله وحركة طالبان, وعززت علاقاتها بالأنظمة المناوئة للغرب مثل فنزويلا وسوريا . إنها باختصار أمسكت بكل ورقة قد تنفع ليوم التفاوض وسمّنت كل ثور قد يصلح للذبح في يوم المساومة , واشترت كل ما يصلح للبيع في يوم التعاهد .

    وإذا كان مستطاعا فهم عملية الشدّ والجذب التي تدور بين إيران والولايات المتحدة , فإن حضور الرئيس الإيراني وسط ملوك وأمراء الخليج العربي في لقاء القمة , يبدو - على غرابته - مستهجنا ومهينا وغير ضروري . فهو مستهجن لأنه سابقة تؤشر إلى مشاركة إيران في صنع القرار العربي أو على الأقل في اكتساب مقعد مراقب في مؤسسة رسمية عربية ولاسيما أن سيف التهديد الإيراني بحرق موارد الثروة النفطية العربية , وتدمير البنية التحتية لدول الخليج العربي ,في حال توجيه ضربة أميركية إلى منشآتها النووية , لا يزال مسلطا ولم يتم سحبه . وهو مستهجن لأن إيران - الشاهنشاهية بالأمس والمسلمة حاليا - لم تتوقف عن دعاواها السمجة بضم دول عربية إلى امبراطوريتها , وما زالت مصرّة على احتلال الجزر العربية الثلاث التابعة لدولة الإمارات , وتمادت عقب نزعها لتاجها الملكي و ارتدائها للعمامة السوداء , في قمع واضطهاد عرب المحمّرة وتنفيذ أحكام الإعدام بحق العشرات من مناضليهم , وتهجيرهم من أرضهم من أجل تفريس تلك الأرض العربية .

    وتثير بلادة ملوك وأمراء الخليج العربي الدهشة بأكثر مما تدعو إلى الغضب , فهم يعرفون قبل غيرهم , أن سياسة الاسترضاء تجاه دولة مثل إيران , هي غير ذات جدوى , بل إن مثل هذه السياسة لم يكن لها يوما وجود في علم التفاوض السياسي , ولا في صراع الإرادات , ولا في حسابات موازين القوى . وهم يعرفون أيضا أن المشروع الاستراتيجي الفارسي لم يتغير منذ سقوط دولة كسرى قبل ألف وأربعمائة سنة ونيف , وهدفه إحياء امبراطورية قورش الفارسية الممتدة من وسط أفغانستان وحتى بلاد الشام المشاطئة للبحر الأبيض المتوسط مرورا بالخليج العربي و العراق ولم يتبدل هذا الثابت الإيراني على مرّ العصور وتوالي القرون , و قد استمر النزوع القومي الفارسي موجّها رئيسا للسياسة الإيرانية سواء كانت تحت حكم امبراطور متوّج , أوتحت تسلّط كاهن معمم ! ولعل في مغزى قصة المناضل الثوري جلال الدين الفارسي ما يسلّط الضوء على عمى التعصب القومي الفارسي , فالرجل كان من المناضلين ضد نظام شاه إيران , وقد تعرّض للإعتقال والتعذيب في عهده , ثم أدّى دورا قياديا إلى جانب الإمام الخميني في الثورة التي أسقطت النظام الملكي في شتاء 1979, وعندما تقدّم لترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية الأولى , جرى شطب اسمه بقرار من الإمام الخميني شخصيا , وكان التبرير الذي قيل له , أن جدته لأمه وإن كانت شيعية المذهب, فإنها أفغانية الأصل !

    ومن الغريب حقا , ألا تشير دولة الملالي الفرس - وهي بحسب دستورها حامية المذهب الجعفري - بكلمة واحدة خلال اللقاءات الرسمية مع مسؤولي دول الخليج العربي, إلى الاضطهاد الطائفي الذي يعانيه الشيعة في الإحساء والقطيف وسائر المنطقة الشرقية السعودية , ولا إلى القمع الذي يتعرض له الشيعة في البحرين وهم الذين يشكلون أكثر من 80% من مجموع السكان, بل أن الدولة الفارسية الحامية للمذهب الجعفري , عمدت إلى تزويد حركة طالبان وتنظيم القاعدة , بالمال والسلاح وبالدعم اللوجستي برغم أنهما والغان إلى الأعناق بالدم الشيعي ,وذلك بتوظيفهما في خدمة أهدافها السياسية في سياق صراعها مع الولايات المتحدة الأميركية .

    وإذ يبدو حضور الرئيس الإيراني لمؤتمر قمة عربي , مهينا , فلأن هذا الحضور قد جلب معه ثقلا عسكريا يتمثل بمليوني جندي في الجيش الإيراني وفي الحرس الثوري , وخمسة آلاف قطعة مدفعية مختلفة الأعيرة , ومئات الصواريخ من شتى المديات , وثلاثة آلاف دبابة ومدرعة , ومئات الطائرات والسفن الحربية والغواصات , وأسلحة كيماوية وجرثومية , وفوق ذلك كله تجربة حربية دامية طالت ثماني سنوات مع العراق , في حين أن ملوك وأمراء الخليج العربي قد حضروا وقد رابطت خلفهم جيوش هي بفرق الكشافة أشبه , وبرغم أكوام السلاح التي أجبروا على شرائها من الترسانات الأميركية والغربية , فإن تجربتهم العسكرية تتلخص بمقاومة دامت لنصف ساعة في الكويت عقب دخول الجيش العراقي لأراضيها , وبقصف جوي من الطيران القطري لأهداف مدنية عراقية في عام 1991, وبقطع الطرق و تأمينها حول الحرم المكّي عندما اقتحمه - مدّع من نوع آخر بالمهدوية - وهو جهيمان العتيبي في العشرين من تشرين الثاني من سنة 1979, في حين تولت قوات فرنسية وأردنية تحرير الكعبة من رجاله ! وكذلك بدا الرئيس الإيراني في ظل هذا التوازن للقوى وكأنه طاووس يتصدر مجلسا للزرازير !

    ويبدو أخيرا , حضور الرئيس الإيراني لهذه القمة غير ضروري لسببين : الأول منهما , غياب الرؤية السياسية لدى أصحاب الجلالة والسمو فيما يتعلق بالمطالب العربية من إيران وبالتالي غياب إرادتهم في الضغط عليها , فهم غير معنيين بعرب المحمّرة ولا بالجزر الثلاث المحتلة ولا حتى بالاضطهاد الواقع على الايرانيين السنّة , في حين أن الرئيس الإيراني قد حمل معه إلى القمة العربية مطالب أمن يتعين على دول الخليج العربي مراعاتها في علاقتها مع الولايات المتحدة الأميركية , ومطالب تعاون اقتصادي ونفطي , مؤكدا بذلك أن هذه المنطقة هي مجال حيوي لإيران باعتبارها القوة الأعظم في الإقليم . والسبب الثاني , أن المصالح البترولية الأميركية , وفوائض أموال البترول العربية في المصارف الأميركية , وأهمية الممرات المائية الحيوية الممتدة من مضيق هرمز وحتى قناة السويس عبر باب المندب , والقواعد الأميركية في السيلية والعديد القطريتين , و القاعدة الأميركية في الظهران - برغم النفي الرسمي السعودي - والقاعدتين البحرييتين الأميركية والبريطانية في البحرين , كلها كفيلة بحماية بلاد هؤلاء الملوك والأمراء , بل أن أنظمة حكمهم مكفولة الصلاحية ضد أي تغييرداخلي , وإلى الحد الذي تقتضيه المصلحة الأميركية . ولكن هذا كله لا ينفي أن ملامح التسوية القادمة بين الامبراطورية الأميركية وبين إيران , سوف تدور حول تعاون إيران وقبولها باللعبة الأميركية على مساحة الكرة الأرضية , مقابل تسليم الولايات المتحدة بانفراد إيران باللعبة الصغرى على مساحة الإقليم .



    5-12-2007

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الدولة
    AUSTRALIA
    المشاركات
    552

    افتراضي تعيش وتاكل غيرها طركاعة

    انا متاكد انك لم تقرا من المقال الا العنوان الذي اعجبك وتصورت ان مضمون المقال متناسبا مع عنوانه الذي اثلج صدرك ولو تعيد قرائته لاخر ستكتشف المضمون من بين السطور صحيح توجد انتقادات عديدة للنظام الايراني ولكن هناك فرق بين سموم البعثيين الذين اصبحوا يلعبون ويرتعون في مرعى كتابات وبين النقد البناء . طركاعة تعيش وتاكل غيرها

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني