رام الله - من محمد هواش والوكالات:

مع إعلان حال التأهب القصوى في اسرائيل في ذكرى مرور 40 يوماً على اغتيال القيادي في "حزب الله" عماد مغنية، أبدى وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك قلقه من التهديدات المتصاعدة للحزب، مؤكداً الاستعداد لمواجهة اي ضربات محتملة، وسط تقارير عن احتمال ضرب تل أبيب ووضع سيناريوات لذلك تلحظ مشاركة سوريا وايران وإطلاق صواريخ منهما، وصولاً حتى إلى توقع عدد القتلى الاسرائيليين. وأوردت صحيفة "هآرتس" ان اسرائيل تطور نظاماً لاعتراض الصواريخ باللايزر لمواجهة صواريخ "حزب الله" أو تلك التي تطلق من داخل الأراضي الفلسطينية، وأشارت إلى ان المفاوضات في شأن صفقة لتبادل الأسرى مستمرة.
وقال باراك: "إن إسرائيل تتعامل بجدية مع تهديدات حزب الله بشن عمليات انتقامية"، مشدداً على ان "الوضع حساس للغاية والأخطار فى تزايد مستمر, ولذلك يجب أن نفتح أعيننا جيداً ونتجاوز هذه الأخطار".
ودعا عبر الاذاعة العامة السكان إلى "اخذ الحيطة والحذر"، مؤكداً ان "اجهزة الامن والاستخبارات الاسرائيلية مستعدة لمواجهة التهديدات بشن هجمات وضربات ينفذها حزب الله".
واستبعد المسؤول الكبير في وزارة الدفاع الاسرائيلية عاموس جلعاد ان يفتح "حزب الله" "جبهة الشمال" باطلاق صواريخ كاتيوشا على شمال اسرائيل. وكان المدير السابق للاستخبارات العسكرية اهارون زئيفي فركش تطرق خلال الايام الاخيرة عبر وسائل الاعلام الى امكان ان يسعي "حزب الله" الى اغتيال باراك او مسؤولين آخرين في وزارة الدفاع. ورفض جلعاد التعليق على هذا الامر، مكتفياً بالقول: "يجب التفكير في كل شىء، ولكن بطريقة سرية".


تعزيز التأهب

وفي المقابل، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر عسكرية اسرائيلية اقتناعها بأن "حزب الله سينفذ عملية ثأر لاغتيال مغنية سواء في اسرائيل او في العالم من شأنها ان تؤدي الى معاودة المواجهة مع اسرائيل في جنوب لبنان"، غير انها "لن تنفذ في الايام القريبة". ومن السيناريوات "التي تخشاها دوائر الامن الاسرائيلية، عملية خطف جنود على خط الحدود، المس بضباط كبار في قيادة المنطقة الشمالية، تسلل الى بلدة اسرائيلية، تسلل الى منشأة استراتيجية عسكرية وما شابه". واضافت :"إنهم في قيادة المنطقة الشمالية يستعدون لهذه الامكانات، اذ تعززت حال التأهب في الجبهة الشمالية".
وفي رأي دوائر قيادية في الجيش الاسرائيلي، ان "حزب الله" في واقع مركب، "فمن جهة يعيش إرباكاً كبيراً بعد تصفية مغنية وتضييق حرية العمل عليه، ولكن من جهة اخرى لا تزال لديه القدرة على تنفيذ عمليات مثلما فعل في الماضي".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "منذ الحرب على لبنان، عُين في حزب الله قادة جدد". ونسبت إلى مصادر امنية ان "مستوى الردع الذي لاسرائيل حيال سوريا ولبنان هو الذي يمنع الأطراف من القيام بعمل متسرع". وقالت هذه المصادر إنه "في عملية التفكير والاعداد لحزب الله للثأر لمقتل مغنية، يأخذ في الحسبان ان لا يدفع المنطقة الى التدهور نحو الحرب. ذلك ان حزب الله ليست له أي مصلحة في الظروف الحالية في لبنان لأن يدفع اسرائيل مرة اخرى الى ضرب السكان الشيعة في الجنوب وضرب المصالح العسكرية والاقتصادية لحزب الله والايرانيين في جنوب لبنان".


قصف تل أبيب

وأوردت "يديعوت أحرونوت" تقريراً "سرياً مفزعاً" عن احتمال قصف "حزب الله" منطقة تل ابيب. وقالت إن "صورة الحرب المقبلة تبدو هكذا، مئات القتلى، وآلاف الجرحى، ووابل من الصواريخ على غوش دان والتجمعات المدنية (وسط اسرائيل)، والشلل التام لمطار بن غوريون، وقصف الطرق بلا انقطاع، ووقف الكهرباء القطرية مدى ساعات طويلة وانهيار امدادات المياه الى مناطق كاملة".
وأضافت ان "شبكة اقتصاد الطوارئ (وهي هيئة حكومية مكلفة تولي الاوضاع الطارئة) نشرت اخيراً بين كل الوزارات الحكومية والسلطات المحلية (والسفارات) تقريرا سرياً يفصل سيناريوات حربية مختلفة. ويدور الحديث عن سيناريوات قاسية جداً، بعضها يثير القشعريرة، وضعت كجزء من دروس حرب لبنان الثانية كي يتمكن الاقتصاد المدني من الاستعداد لها ومواصلة الاداء حتى في الاوضاع الأشد صعوبة".
وأشارت الصحيفة إلى ان "الوثيقة السرية لا تدعي التنبؤ بالضرورة بما سيحدث، بل ترمي الى ان تشكل خط توجيه للاستعدادات". ويُتوقع ان تمتد الحرب شهراً و"ستشارك فيها سوريا (في قتال على جبهة هضبة الجولان)" وسيطلق "حزب الله" آلاف الصواريخ نحو الجليل وحيفا وصواريخ بعيدة المدى نحو غوش دان (في منطقة تل أبيب).
ووفق هذا السيناريو، "ستدخل ايران ايضا الى هذه الصورة القاتمة، ولكن ليس من خلال تفعيل سلاح غير تقليدي بل فقط باطلاق عدد محدود من صواريخ أرض – أرض باليستية من اراضيها. وباستثناء وابل الصواريخ يصف السيناريو هجمات جوية على اهداف عسكرية واستراتيجية، ضرب منشآت بنى تحتية، محاولات خطف مواطنين، جنود وغيرهم".
وفي الحرب الافتراضية التي تضمنها السيناريو، سيقتل مئة إلى 230 مدنياً، وسيصاب 1900 إلى 3200. في حال تعرض اسرائيل لهجوم بالسلاح الكيميائي مثل غاز السارين او غاز الخردل، سيرتفع عدد القتلى والجرحى الى نحو 16 الف شخص.


تبادل الأسرى

في غضون ذلك، نشرت "هآرتس" ان المفاوضات في شأن صفقة تبادل اسرى مع "حزب الله" مستمرة على رغم اغتيال مغنية، "لكن التقدم فيها قليل". ونقلت عن مصادر امنية اسرائيلية ان "اسرائيل كفيلة بأن توافق على تحرير سجناء فلسطينيين في مقابل معلومات ينقلها حزب الله عن الجنديين الاسرائيليين عودي غولدفاسر وإلداد ريغيف"، وان "زعماء في (حركة المقاومة الاسلامية) حماس يعرقلون تقدم المفاوضات في شأن صفقة تحرير الجندي جلعاد شاليت بسبب الخلافات الداخلية في المنظمة". وسمت من هؤلاء رئيس المكتب السياسي في "حماس" خالد مشعل الذي يعرقل المفاوضات التي تتم بوساطة مصرية، وقد اختلف مع القيادي العسكري في الحركة احمد الجعبري.
وكانت اسرائيل عارضت مبدئياً طلب "حزب الله" ادراج سجناء فلسطينيين في صفقة تبادل الاسرى. وعلى رغم التغيير في موقفها، فإن المصادر أكدت ان "حزب الله لا يزال يطالب بتحرير سجناء لبنانيين او فلسطينيين كشرط مسبق لنقل اشارة الحياة من الجنديين"، ويتمسك خصوصاً بتحرير عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار.


نظام لاعتراض الصواريخ

وقالت "هآرتس" ان هيئة الصناعات العسكرية الاسرائيلية تعمل منذ سنتين، بناء على طلب من وزارة الدفاع الاسرائيلية، على تطوير نظام يستطيع اعتراض الصواريخ من النوع الذي يطلقه الفلسطينيون في غزة منذ سنوات، أو التي استخدمها "حزب الله" اثناء الحرب الثانية على لبنان، وذلك باستخدام اللايزر الصلب بدل شعاع اللايزر الاساسي الكيميائي الذي يستخدم حالياً في نظام الاعتراض الصاروخي الاميركي "ناوتيلوس".