 |
-
سيادة الأيديولوجي... الغبي-حازم صاغيّة
سيادة الأيديولوجي... الغبي
حازم صاغيّة الحياة 2003/10/1
الدول العربية، في منظمة الأمم المتحدة وخارجها، تريد التعجيل في رحيل الجنود الأميركان عن العراق وتوسيع دور الأمم المتحدة فيه. فرنسا وألمانيا وروسيا تريد دوراً "مركزياً"، وليس فقط "حيوياً"، للأمم المتحدة في العراق. كل هذا ممتاز. لكن الأمم المتحدة توالي الرحيل عن العراق. لماذا؟ لأن المقاومة، بالجرائم التي ارتكبتها ضدها، ترحّلها. هل من يدين المقاومة هذه في العالم العربي؟ لا. معاذ الله.
إذاً: داخل الصوت الواحد تتعايش نبرة التهليل للمقاومة والمطالبة بالأمم المتحدة التي تطاردها المقاومة إياها!
للأسف: الولايات المتحدة، كائناً ما كان رأينا بقيادتها السياسية، لا يمكن أن تتعامل بجدية مع هذه الأطراف المعارضة لدورها. إنها لا تُضعف أميركا بل تقوّيها.
من ناحية أخرى: إيران ودول الاتحاد الأوروبي يُفترض أن تتقارب الآن حول العراق والوجود الأميركي فيه. مع هذا: رفض إيران مطالب وكالة الطاقة وتفتيشها يثير الريبة بطهران عند الاتحاد الأوروبي. أوروبا تلجأ الى التهديد بالمقاطعة الاقتصادية للجمهورية الاسلامية.
إيران تفعل ما فعلته أميركا بصورة مقلوبة: في الوقت الذي أرادت واشنطن أن تحارب صدام حسين فتـحت جبهة سياسية ضد الايرانيين. هذه السياسة ترتّـب عليها، بين أمور أخرى كثيرة، تنفير الشيعة العراقيين من أميركا، هم الذين يقال اليوم، بحق، إنهم من يملك مفاتيح العراق.
وفي الوقت الذي أرادت طهران أن تتصدى للولايات المتحدة في العراق، وجدت نفسها تصطدم بـ... أوروبا.
هذه بعض تجليات سيادة الايديولوجيا على السياسة على نحو غير مسبوق منذ انتهاء الحرب الباردة. أي: سيادة بذل أقصى الجهود الممكنة من أجل إحراز أكبر الخسائر الذاتية. يصح هذا في الشرق، عند المصابين بمسّ حب المقاومة على أنواعهم، وفي الغرب، عند المصابين بمسّ كره الارهاب.
يحصل هذا قبل ان يجف حبر السيد فرنسيس فوكوياما في وصف نهاية التاريخ وموت الايديولوجيا. للتذكير: فوكوياما نفسه صار محافظاً جديداً، أو على مرمى حجر منهم.
لهذا، وعلى هذه الخلفية، يصـعب الترحيب بعودة الولايات المتحدة الى اليونسكو، المؤسسة الثقافية - التربوية الأولى في العالم.
لوهلة، يسري شيء من الارتياح لانتهاء قطيعة دامت 19 عاماً بين تلك المؤسسة وبين أميركا. ولأن الأخيرة قد تنقذ اليونسكو المفلسة مالياً. ولأن اليونسكو اضطرت، تحت الضغط الأميركي، الى كبح أسوأ مواصفاتها العالمثالثية، كالفساد والزبونية والتخلف. لكن خطاب لورا بوش في باريس يريد إقناعنا بأن المهمة الوحيدة للثقافة والتعليم على نطاق العالم هي: مكافحة الارهاب. إنها، مرة أخرى، هيمنة الايديولوجي على حيّز جديد. وبالتالي: هيمنة الغباء والطريق الأقصر الى خسارة "يجنيها" الجميع. هذا من دون أن نقول شيئاً عن سياسة شارون التي تكافح الارهاب فتؤججه اشتعالاً، وسياسة الانتفاضة التي كلما أحرزت "مكسباً" عسكرياً ابتعدت، أكثر فأكثر، عن إنشاء دولتها.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |