بيان سماحة آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي



حول الاحداث الجارية في العراق


بسمه الله الرحمن الرحيم
(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ َعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)

الحالة القائمة في كثير من المحافظات العراقية منذ عدة أيام من المواجهات المسلحة وإراقة دماء الأبرياء، وإشعال نار الفتنة، وتعطيل الأسواق والدوائر والمستشفيات والخدمات العامة، والأمن. . حالة خطيرة ومؤسفة، تُسرّ الأعداء المتربصين بنا بالسوء والشر، وتسيء للمخلصين من ابناء الامة، وتعرض المكاسب التي جنتها جماهير امتنا في العراق للحضور والتصدي وتحدي الإرهاب، والتضحية خلال هذه الفترة لخطر حقيقي.

إن الحكومة القائمة اليوم في العراق تمثّل رأي جمهور الناس وإرادتهم وهي حصيلة محن ومأساة طويلة مر بها الشعب العراقي ثلاثاً وثلاثين سنة.
وإضعاف هذه الحكومة وإرهاقها بالمشاكل والفتن لا يخدم أحدا من أبناء هذا الشعب المخلصين لقضيته، على اختلاف توجهاتهم السياسية والمذهبية.
والمستفيد من هذه الفتن هو الاحتلال الذي يجد في هذه الفتن فرصة ذهبية لإحكام مواقعه العسكرية والسياسية، وتبريراً لحضوره الواسع في العراق، وحزب البعث والعصابات السياسية التي اعتادت القفز على المواقع، وتغييب الأمة وجماهير الشعب عن حقوقها السياسية، بالتفاهم مع أنظمة الاستكبار العالمي وتمكينها من مفاصل القرار، ومن ثرواتها وقضاياها السياسية والاقتصادية.


الأمر الذي عشناه وعرفناه خلال ثلاث وثلاثين سنة: إن هذه العصابات تجد في هذه الفتن فرصة لاستعادة مواقعها السياسية والاقتصادية والعسكرية وتستفيد منها، وتعمل على إثارتها وإشعال نار الفتنة. وهناك من يتطوع لخدمتهم مجاناً من داخل صفوفنا.
وقد رأى الناس بالعيان على شاشة بعض هذه الفضائيات من يصب الزيت على النار، ويعمل لتوسعة دائرة هذه الفتن، ويدعو إلى إسقاط الحكومة التي تمثل إرادة الناس، وقامت بعد عذاب ومحنة طويلة، ويدعو إلى إدخال العنصرية والحالة العرقية التي حاربها الإسلام طويلاً في ديننا

إن الواجب الشرعي يفرض على المسؤولين في كل مواقع المسؤولية أن يعطوا اهتماماً كثيراً بمطالب الناس الذين تمثلهم هذه الحكومة، وأن يتعاملوا مع كل الفئات والجماعات السياسية المخلصة باحترام واهتمام، ولا تدع الأمر إلى ان تتحول هذه المطالب إلى فتن واضطرابات في الشارع العراقي.

إن هذه الجماعات التي نعرفها بالنزاهة على اختلاف توجهاتها السياسية جزء من مكونات ساحتنا، وقد عانوا من الاضطهاد والعذاب ما عاناه كل شرائح الشعب خلال فترة تسلط حزب البعث على مقاليد الامور في العراق.

ونحن نطلب من المسؤولين في الدولة الإصغاء إلى مطالبهم والتلبية لمطالبهم المشروعة على قدر الإمكان فهي من موقع المسؤولية تمثل كل الشرائح والجماعات والتيارات المخلصة في ساحتنا من دون استثناء.

وأدعو عامة الفئات والجماعات السياسية والتيارات السياسية النزيهة والمخلصة ومن يمثلهم في البرلمان، الى ان تعضد الهيئة الحاكمة في إقرار الأمن والاستقرار السياسي في العراق، وتتعاون معها بإخلاص وجدّ.

تذكروا أيها المؤمنون محنة ثلاث وثلاثين سنة طالت هذا الشعب بكل شرائحه، من دون استثناء، واعلموا ان العصابة التي حكمت العراق بالنار والحديد لم تنته بعد، وأنها ترصد الفرص للعودة إلى مواقع الحكم التي سلبها الله تعالى منها.

واعملوا جميعاً - حكاماً ورعايا - للمحافظة على الأمن والاستقرار السياسي في العراق، لئلا نفسح المجال بأيدينا لأن يستحكم الاحتلال الامريكي مواقعه في بلدنا وتعود عصابات البعث التي عاثت في الارض فساداً إلى مواقعها في الحكم مرة أخرى.
وكونوا جميعا يدا واحدة مع المرجعية الراشدة المتصدية في المحافظة على الامن والنظام والاهتمام بامور الناس ومصالحهم ومطالبهم وتسديد الحكومة ونصحها.
وليتق الله الذين يصبون الزيت على النار في هذه الفتنة لغايات شخصية صغيرة، وتستغلهم الفضائيات لإثارة الفتنة وإشعال الحرائق في هذا البلد.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




محمد مهدي الآصفي



النجف الاشرف
في 20 ربيع الاول 1429هـ